باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)
TT

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)

اقترح باحثون أن رجالاً من شعوب الأنجلوسكسون، في القرن السادس الميلادي، ربما سافروا من بريطانيا إلى شرق البحر المتوسط ​​وشمال سوريا للقتال في الحروب، مما يلقي ضوءاً جديداً على مدافنهم الأميرية.

وقد خلص جون سيمبسون، أحد كبار أمناء المتحف البريطاني، وهيلين جيتوس، وهي باحثة في جامعة أكسفورد، إلى أن بعض العناصر الغريبة التي جرى التنقيب عنها في مناطق ساتون هوو وتابلو وبريتلويل البريطانية، وفي مواقع أخرى، تعود أصولها إلى شرق البحر المتوسط ​​وشمال سوريا، ولا يمكن أن تكون وصلت إلى بريطانيا بوصفها سلعاً تجارية تقليدية، كما كان بعض الباحثين قد اقترح.

وقال سيمبسون إن «الأدلة الدامغة» تشير إلى أن الأفراد المدفونين بتلك المواقع شاركوا في الحملات العسكرية البيزنطية في شمال بلاد ما بين النهرين، خلال أواخر القرن السادس، ومحاربة السلالة الساسانية، وهي سلالة إيرانية قديمة.

وأشار سيمبسون إلى أن الاكتشافات من مواقع مختلفة تشمل أشياء منخفضة القيمة؛ مثل الأختام الشخصية الساسانية، والدراخمات الفضية، والتي تتحدى «النظرة التبسيطية إلى حد ما» القائلة إن كل ما هو غير محلي جاء إلى هذه الشواطئ من خلال التجارة البعيدة.

تشتمل الاكتشافات دروعاً وملابس ركوب الخيل مدفونة مع هؤلاء الأفراد على تصميمات من أصل أوراسي، وأخرى كانت تُرتدى على نطاق واسع في الشرق البيزنطي وعبر الإمبراطورية الساسانية.

قال سيمبسون: «هذه الاكتشافات وضعت الأمراء الأنجلوسكسونيين وأتباعهم في مركز الصدارة، في واحدة من آخِر الحروب الكبرى في العصور القديمة المتأخرة. لقد خرجوا من إنجلترا المعزولة إلى سهول سوريا والعراق، في عالم من الصراع والتنافس بين البيزنطيين والساسانيين، أعطت المعركة هؤلاء الأنجلوسكسونيين تجربة أكثر عالمية بكثير مما كانوا يتخيلونها».

وأضاف أن هذه الاكتشافات تعطي «بعداً دولياً لتلك المواقع الأثرية، وتدحض الاعتقاد السائد بأن الأنجلوسكسونيين كانوا منعزلين نوعاً ما» في بريطانيا.

قال سيمبسون: «لقد اعتدنا جميعاً النظر إلى مواضيعنا من داخل تخصصاتنا الأكاديمية، أو من داخل الحدود السياسية الحديثة. الشيء المهم هو اكتشاف ما يبدو في غير مكانه، ومن ثم شرح ماهيته وكيف انتهى به الأمر هناك».

وكشفت الحفريات في ساتون هوو، في سوفولك ببريطانيا، عن مدفن أنجلوسكسوني غني داخل سفينة يبلغ طولها 27 متراً، وهو أحد الاكتشافات الأثرية الأكثر إثارة في المملكة المتحدة. وشملت كنوز هذا المدفن فضيات بيزنطية.

وفي تابلو، في باكينجهامشير ببريطانيا، كانت بقايا رجل يرتدي سترة ركوب الخيل على الطراز الأوراسي من بين الاكتشافات. وفي بريتلويل، في إسيكس أيضاً ببريطانيا، جرى العثور على غرفة دفن بها إبريق نحاسي يصور القديس سرجيوس في حلية دائرية على الطراز الساساني، من بين مصنوعات يدوية أخرى.

وقال سيمبسون؛ وهو أيضاً متخصص بالسلالة الساسانية، متحدّثاً عن اكتشاف هذه الحلية: «إن الحلية اللؤلؤية الموجودة على إبريق بريتلويل فريدة من نوعها وتشير إلى أنها صُنعت في الشرق، في ورشة عمل ساسانية».

وأضاف: «إن الروابط الشرقية لسُترات المحاربين في بريتلويل وتابلو، إلى جانب تصميم مشابك الكتف من ساتون هوو، تعزز فكرة أن هؤلاء الأفراد الذين عادوا من سوريا، كانوا أكثر انسجاماً مع الموضات العتيقة المتأخرة لمجتمع نخبة المحاربين البيزنطيين والساسانيين».

زجاجة فخارية من ساتون هوو - الفخار الوحيد من المدفن بأكمله - حيّرت العلماء لفترة طويلة؛ لأنها لا تشبه أي شيء موجود في شمال أوروبا. وقال سيمبسون إن هذه الزجاجة الفخارية نموذجية للفخار الذي جرى إنتاجه في هذه الفترة بشمال بلاد ما بين النهرين (العراق اليوم)، وأنه يعتقد أنه يحتوي على زيت معطّر من تلك المنطقة.

تقود الأدلة الخبير سيمبسون إلى استنتاج أن هؤلاء المحاربين الأنجلوسكسونيين خدموا في عهد الإمبراطور تيبيريوس الثاني، وخليفته موريس، الذي سجل في كُتيّبه العسكري أن «البريطانيين» كانوا جيدين في القتال «في الغابة».

وعندما سُئل عن سبب تورط الأنجلوسكسونيين في حروب البيزنطيين، اقترح سيمبسون فرضية أن مشاركتهم كانت «مزيجاً من المغامرة والأجر». وقال: «كان البيزنطيون يقومون بالتجنيد في جميع أنحاء أوروبا الغربية، من أجل نموذج جديد لجيش متنقل».


مقالات ذات صلة

الحجيلان يكشف حدود الدور الفرنسي في تحرير المسجد الحرام

خاص الحجيلان يكشف حدود الدور الفرنسي في تحرير المسجد الحرام play-circle 01:52

الحجيلان يكشف حدود الدور الفرنسي في تحرير المسجد الحرام

في الحلقة الأخيرة من مذكراته، يوضح رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان، حقيقة الدور الفرنسي في جهود تحرير الحرم المكي الشريف من مجموعة جهيمان العتيبي.

بندر بن عبد الرحمن بن معمر (الرياض)
خاص الملك فيصل (غيتي) play-circle 01:51

خاص الحجيلان: اتُهمت بـ«إيواء الشيوعيين» فرد الملك فيصل بتكليفي وزارة إضافية

في الحلقة الثالثة من مذكراته، يروي رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان كيف دعمه الملك فيصل بعد اتهام «شخصية كبيرة» له بـ«إيواء الشيوعيين» في وزارة الإعلام.

بندر بن عبد الرحمن بن معمر (الرياض)
خاص الملك سعود خلال إقامته في أثينا (غيتي) play-circle 01:16

خاص الحجيلان: الملك خالد طلب مني قراءة بيان خلع الملك سعود

في الحلقة الثانية من مذكراته التي تنفرد بها «الشرق الأوسط»، يروي رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان ملابسات إذاعته البيان التاريخي بخلع الملك سعود.

بندر بن عبد الرحمن بن معمر (الرياض)
خاص الحجيلان مترجماً خلال لقاء الملك عبد العزيز ووزير الخارجية الإسباني في أبريل 1952 play-circle 01:12

خاص «الشرق الأوسط» تنفرد بمذكرات الحجيلان: ترجمة لقاء للملك المؤسس أول درس تلقيته

لأكثر من عشر سنوات، ظلت الأوساط الثقافية والإعلامية السعودية والعربية تتداول قرب صدور مذكرات رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان. «الشرق الأوسط» تنفرد بها.

بندر بن عبد الرحمن بن معمر (الرياض)
الولايات المتحدة​ خلال عملية التصويت في أحد مراكز الاقتراع خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية سنة 2020 (رويترز)

​كيف صوتت الولايات الأميركية في انتخابات الرئاسة على مدى ربع قرن؟

تكشف القراءة التاريخية لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ ما يقرب من ربع قرن عن 36 منطقة شبه حصينة يفوز بها دائماً أحد الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري»

شادي عبد الساتر (بيروت)

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
TT

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)
ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض» المنتظر أن يشارك في النسخة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي، المقرر انطلاقها يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

وأظهر «التريلر» الدعائي للفيلم، الذي تقوم ببطولته ياسمين رئيس مع أسماء جلال، اسم رئيس كمنتج شريك في الفيلم مع المنتج محمد حفظي بأولى تجاربها في مجال الإنتاج الفني، وهو الفيلم الذي كتبته وتخرجه جيلان عوف، فيما تدور الأحداث حول قصة فتاتين تُضطر إحداهن للبحث عن فستان زفافها عشية العرس، لكن رحلة البحث تتحول لرحلة من أجل اكتشاف الذات.

تقول ياسمين رئيس إن خوضها للتجربة ارتبط بقوة المشروع والسيناريو الذي اطلعت عليه، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أنها اتخذت القرار لإعجابها بالفكرة والمعالجة وطريقة تقديمها، مشيرة إلى أن رغبتها في خروج الفيلم للنور ورؤية الجمهور شخصية «وردة» التي تقدمها بالأحداث في الصالات السينمائية جعلها تنخرط كشريكة في الإنتاج لدعم المشروع.

ويشيد الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين بخطوة ياسمين رئيس للمشاركة في الإنتاج، معرباً عن أمله في أن يتجه الفنانون للانخراط في تجارب إنتاجية تقدمهم بشكل مختلف.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «كثيراً من الفنانين خاضوا تجربة الإنتاج وقدموا تجارب مهمة سينمائياً، سواء فيما يتعلق بالأدوار التي قدموها أو حتى بالقضية التي تناولوها، منهم الفنان الراحل فريد شوقي الذي خاض تجربة الإنتاج بفيلم (جعلوني مجرماً) الذي تسبب في تغيير القوانين وقتها».

وياسمين رئيس ليست الممثلة الأولى التي تخوض تجربة الإنتاج هذا العام، فقد سبقتها الفنانة هند صبري بمشاركتها كمنتج فني لمسلسلها «البحث عن علا 2» الذي انطلق عرضه الشهر الماضي على منصة «نتفليكس».

هند وظافر في مشهد من «البحث عن علا 2» (نتفليكس)

ويملك عدد من الفنانين شركات إنتاج في الوقت الحالي أو شركاء فيها مع آخرين من بينهم أحمد حلمي، ومنى زكي، ومحمد هنيدي، وإلهام شاهين، بالإضافة إلى بعض صناع السينما، منهم المخرجان رامي إمام وطارق العريان، بالإضافة إلى المؤلف صلاح الجهيني.

وأوضح الناقد المصري محمد عبد الخالق أن «مشاركة الفنانين في الإنتاج لا يكون الهدف منها ضخ الأموال فحسب، ولكن مرتبط برغبة الممثل في تقديم التجربة بمستوى وشكل معين ربما لا يلقى الحماس من المنتج بحماس الممثل نفسه الذي تكون لديه حرية أكبر بالعمل عندما يكون منتجاً أو شريكاً في إنتاج العمل الفني».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هند صبري قدمت هذا النموذج في مسلسل (البحث عن علا) بجزأيه، فلم يكن ذلك مرتبطاً بضخ الأموال في الإنتاج بقدر اهتمامها بمتابعة جميع التفاصيل الفنية الخاصة بالعمل، من الكتابة والتصوير والنقاش مع الكتاب بمنظور الممثلة والمنتجة وصولاً لتسليم الحلقات وبدء عرضها».

وخاضت الفنانة إلهام شاهين تجربة الإنتاج من خلال عدة أفلام؛ أبرزها «يوم للستات» الذي حصد العديد من الجوائز في المهرجانات التي شارك بها، لكن إلهام أكدت في تصريحات تلفزيونية سابقة أن تجربة الإنتاج جعلتها تخسر على المستوى المادي بسبب اهتمامها بأدق التفاصيل، رغم تصريحها بمساندة زملائها لها بتخفيض أجورهم في الأعمال التي أنتجتها.

وأكدت إلهام أن الخسائر التي تعرضت لها على المستوى الإنتاجي كانت سبباً في عدم قدرتها على إنتاج أعمال أخرى كانت ترغب في تقديمها من بينها فيلم «حظر تجول» الذي استمر معها لمدة عام، ولم تستطع إنتاجه إلى أن تحمست له شركة أخرى قامت بإنتاجه.

ويختتم محمد عبد الخالق حديثه بالتأكيد على أن «مشاركة الفنانين في العملية الإنتاجية أمر إيجابي؛ لأنهم سيكونون قادرين على تقديم أعمال فنية تبقى في ذاكرة السينما والدراما، دون التركيز على الربح المادي».