مصر: وصلة رقص في ساحة مسجد «محمد علي» الأثري تفجر انتقادات

على هامش عقد قران ابنة مذيعة شهيرة

ساحة مسجد محمد علي بالقلعة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ساحة مسجد محمد علي بالقلعة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: وصلة رقص في ساحة مسجد «محمد علي» الأثري تفجر انتقادات

ساحة مسجد محمد علي بالقلعة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
ساحة مسجد محمد علي بالقلعة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

فجرت وصلة رقص بساحة مسجد «محمد علي» الأثري بقلعة صلاح الدين (شرق القاهرة)، خلال عقد قران ابنة مذيعة شهيرة، انتقادات عبر «السوشيال ميديا»، إذ عدَّها البعض «تصرفاً لا يليق» في ساحة مسجد أثري، وهو ما أيَّده أثريون وطالبوا بحماية حرم الآثار خصوصاً ذات الطابع الديني.

فبعد أن شاركت المذيعة المصرية مفيدة شيحة مقاطع فيديو على صفحتها بـ«إنستغرام» وهي ترقص في ساحة مسجد «محمد علي» خلال عقد قران ابنتها، جاء كثير من التعليقات المهنئة متداخلةً مع تعليقات لمتابعين يستنكرون الرقص والغناء في ساحة المسجد الأثري.

حيث علَّقت متابعة لمفيدة شيحة وكتبت: «أنتم في مسجد... ويجب تعظيم واحترام المساجد... ولا يصح أن تقام فيها أغانٍ ورقص».

وعلقت متابعة أخرى باسم وفاء الطيب متسائلة: «هو إيه اللي بيحصل داخل المسجد ده يا جماعة... هي قاعات الأفراح والفنادق خلصوا علشان يحصل غنا ورقص في المسجد»، فيما علّق متابع باسم ياسر البدري بأن «هذا حرم مسجد وله نفس قدسية المسجد».

ويرى الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد عبد المقصود، أن «استثمار الأماكن الأثرية لتدر دخلاً لا يكون بهذا الشكل»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأماكن الأثرية لها احترامها، وهناك قوانين تحميها، ولا أعتقد أن هناك بنوداً في الآثار تسمح بهذه الاحتفالات في الأماكن الأثرية، خصوصاً الأماكن الدينية مثل المساجد».

وأضاف عبد المقصود: «هذا أمر أساء إلى الآثار ولوزارة السياحة بل أساء إلى الإعلامية التي قامت بهذا الفعل، لأنه لا يصح أن ترقص وتغني في ساحة مسجد أثري. هذا فيه تجاوز، ولا أعتقد أن وزارة الآثار وافقت على ذلك»، وتابع: «من حق الإعلامية أن تفرح بابنتها ونبارك لها ونتمنى لها كل الخير، ولكن هناك أماكن كثيرة يمكن أن يفرحوا فيها دون الإساءة إلى الآثار»، وطالب عبد المقصود بمحاسبة مَن سمحوا بهذا الأمر، ووجَّه كلامه إلى وزير السياحة والآثار قائلاً: «انتظر تعليقاً من الوزير، فما حدث اعتداء على حرمة الأثر وعلى الأماكن الدينية».

كما انتقد المرشد السياحي والمؤرخ الأثري بسام الشماع، الرقص في صحن المسجد التاريخي قائلاً عبر حسابه على «فيسبوك»: «حذرت واعترضت مراراً وتكراراً على هذا الأمر لكن هيهات، فقد تعلمنا من العلماء أن الصحن مسجد». مبدياً تعجبه من «الرقص بالقرب من قبر محمد علي باشا داخل قلعة شيَّدها البطل المغوار (محرر القدس صلاح الدين الأيوبي)، وفق تعبيره.

وتعدّ مفيدة شيحة من المذيعات الشهيرات، إذ قدمت عدداً من برامج المنوعات التي حظيت بانتشار لافت، من بينها «سكوت هنغني» و«دقيقة مفيدة» و«الستات ما يعرفوش يكدبوا».

مسجد محمد علي... أبرز مباني قلعة صلاح الدين التاريخية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع الدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، وذكر أنه يتم تدارس أبعاد الموضوع للوقوف على ما إذا كانت ثمة مخالفة للقواعد واللوائح، مشيراً إلى أن هناك أماكن محددة بقلعة صلاح الدين مسموح بإقامة الأفراح والاحتفالات بها ليس من بينها مسجد «محمد علي».

وأيَّد الدكتور رأفت النبراوي، أستاذ الآثار الإسلامية، «عقد القران في المساجد الأثرية بشرط المحافظة على هذه الآثار»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «يجب توعية الناس بقيمة الأثر وأصول التعامل معه قبل البدء في الاحتفال»، وأضاف أن «هذا يقتصر على عقد القران فقط، لكن الاحتفال بالرقص أو الغناء لا يجوز شرعاً حتى لو كان في ساحة المسجد الأثري».

انتقادات لوصلة رقص التُقطت داخل حرم المسجد الأثري (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وبُني مسجد «محمد علي» أو «جامع المرمر» في القلعة على مساحة 5 آلاف متر على أنقاض قصر الأبلق، وبدأ بناؤه عام 1830 ميلادية حتى وفاة محمد علي باشا عام 1849 حيث دفن في المقبرة التي أعدها لنفسه داخل المسجد المصمم على الطراز العثماني.

ويتميز المسجد الذي يحاكي مسجد «السلطان أحمد» بإسطنبول باستخدام المرمر أو الألبستر في تكسية جدرانه، كما يتميز بقباب المآذن المتعددة، وهو المبنى الأكثر بروزاً في القلعة، حيث يبلغ ارتفاع مئذنتيه 84 متراً، وبه منبران أحدهما من الخشب المطليّ باللونين الأخضر والذهبي، وهو المنبر الأصلي، بالإضافة إلى منبر آخر من الرخام أضيف إلى المسجد لاحقاً، وفق وزارة السياحة والآثار المصرية.​


مقالات ذات صلة

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

يوميات الشرق صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

اقترح باحثون أن رجالاً من شعوب الأنجلوسكسون في القرن السادس الميلادي ربما سافروا من بريطانيا إلى شرق البحر المتوسط ​​وشمال سوريا للقتال في الحروب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق الكهف خزّان الآثار (أ.ف.ب)

أي طقوس مارسها السكان الأصليون في أستراليا قبل 12 ألف عام؟

من النادر جداً أن تتبَّع أدلّة أثرية تعود إلى آلاف السنوات رمزية تصرّفات أفراد مجتمعات لم تكن تمارس الكتابة بعد.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
يوميات الشرق جانب من الآثار المكتشفة بجوار ضريح أغاخان بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف 33 مقبرة أثرية تضم مومياوات يونانية ورومانية بأسوان

اكتشفت إحدى البعثات الأثرية العاملة في مدينة أسوان (جنوب مصر) مجموعة مقابر عائلية تعود إلى العصور المتأخرة والعصرين اليوناني والروماني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق العلامة الصورية في الكتابات المسمارية الرافدية لرمز المدفن النجمي أو العجلة (الباحثان)

اكتشاف مدفن لعجلة وآله موسيقية في السعودية تعيد كتابة تاريخ الجزيرة العربية

تُقدم المدافن الأثرية التي يتم اكتشافها بين وقت وآخر في مختلف المناطق السعودية فرصة ثمينة لبناء سردية جديدة عن التاريخ الحضاري لأراضي الجزيرة العربية.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق جانب من المقابر المكتشفة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف مقابر أثرية تعود لعصور الفرعوني المتأخر واليوناني والروماني

كشفت مصر عن أكثر من ثلاثين مقبرة أثرية، تعود إلى العصر الفرعوني المتأخر والعصرين اليوناني والروماني، بمحيط «ضريح الأغاخان» في محافظة أسوان جنوب البلاد

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

محمد محسن يذّكر بأيقونات «فنان الشعب» سيد درويش

سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)
سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)
TT

محمد محسن يذّكر بأيقونات «فنان الشعب» سيد درويش

سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)
سيد درويش (وزارة الثقافة المصرية)

«أنا هويت وانتهيت»، و«سالمة يا سلامة»، و«قوم يا مصري»، و«أهو ده اللي صار» وغيرها من الأغاني الأيقونية، تردّد صداها في المتحف القومي للحضارة المصرية بصوت المطرب محمد محسن، الذي اشتهر بتقديم الأغاني القديمة والجماهيرية، خلال احتفالية غنائية لاستعادة ذكرى مرور مائة سنة على رحيل «فنان الشعب» سيد درويش.

الاحتفالية التي أقيمت، مساء الأحد، في المتحف الذي يقع في منطقة الفسطاط ضمن القاهرة التاريخية، تعدّ امتداداً لاستعادة التراث المصري في مناح شتى، تاريخياً وموسيقياً وفنياً، وكذلك عبر توثيق وإحياء الفنون التراثية والحرف التقليدية والعادات والتقاليد المصرية في العصور القديمة أو العصر الحديث.

ويقول الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف: «استضاف المتحف حفلاً غنائياً بمناسبة مرور 100 سنة على رحيل سيد درويش، ويوم السبت الماضي أيضاً، كانت لدينا احتفالية عن أم كلثوم من خلال عرض تراثها وأسطواناتها وكثيرٍ من المقتنيات التذكارية والأعمال الفنية المرتبطة بها»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «المتحف أخذ على عاتقه منذ افتتاحه إبراز الحضارة المصرية سواء القديمة أو الحديثة، ليس فقط من خلال عرض الآثار ولكن من خلال عرض التراث بجميع أشكاله، سواءً كان هذا التراث في شكل غناء أو موسيقى أو محاضرات عامة أو معارض فنية»، مؤكداً أن أعمال «فنان الشعب» سيد درويش، تمثل جزءاً مهماً من تراث مصر الموسيقي بما قدمه من أنماط غنائية مختلفة راسخة في الوجدان الجمعي.

جانب من حفل يستدعي ذكرى سيد درويش (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ويعدّ سيد درويش (1892 - 1923) أحد أهم المجددين في الموسيقى المصرية، وفق نقاد ومتخصصين عدّوه صاحب مدرسة خاصة في الفن وأطلقوا عليه لقب «فنان الشعب».

وقدم سيد درويش خلال حياته القصيرة التي لم تتجاوز 31 عاماً عشرات الألحان المرتبطة بالحياة اليومية والمهن الموجودة في الشارع المصري في بدايات القرن العشرين، من موظفين، وسائقي الحنطور، والشّيالين، والتجار، والسقايين، والفلاحين وغيرهم، بالإضافة إلى نحو 30 رواية مسرحية وأوبرا غنائية، واشتهر بتقديم عدد من الأغاني الوطنية مثل «قوم يا مصري» و«أنا المصري كريم العنصرين» والنشيد الوطني لمصر «نشيد بلادي» بعد أن اقتبس الشاعر يونس القاضي كلماته من خطاب للزعيم مصطفى كامل عام 1907.

المطرب المصري محمد محسن يغني أعمال سيد درويش (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ولفت الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية إلى أنه «بالإضافة لهذه الفعاليات التي تستعيد جزءاً مهماً من تراث المصريين، فالمتحف يحاول عرض حضارات البلاد الأخرى، جنباً إلى جنب مع مفردات الحضارة المصرية، من خلال معارض مشتركة مع السفارات الأجنبية الموجودة في مصر».

مشيراً إلى إقامة «معرض للتراث من بيرو وأشياء شبيهة له في قرية تونس بالفيوم من خلال إحدى الجمعيات المهتمة بصناعة الفخار»، وتابع: «قدمنا من قبل فعاليات مشابهة مع سفارات أخرى مثل إيطاليا وبلجيكا وإسبانيا والمكسيك تضمنت عروضاً فنية أو معارض صور للثقافات المختلفة».

ويضم المتحف القومي للحضارة المصرية، 1600 قطعة أثرية اختيرت بعناية للتعبير عن مختلف العصور والحضارات التي مرّت على مصر، وقد شهد المتحف لدى افتتاحه في أبريل (نيسان) 2021 موكباً لنقل 22 مومياء ملكية فرعونية من المتحف المصري في ميدان التحرير (وسط العاصمة القاهرة) إليه.