لوحات بوب بيك تُراقص نَغَم الأوركسترا في لوس أنجليس

«مهرجان أبوظبي» وروبرت تاونسون يقدّمان العرض العالمي الأول

فنانون قدّموا رؤيتهم لفنّ بيك مُستلهمين موسيقاهم من أعماله (صور المهرجان)
فنانون قدّموا رؤيتهم لفنّ بيك مُستلهمين موسيقاهم من أعماله (صور المهرجان)
TT

لوحات بوب بيك تُراقص نَغَم الأوركسترا في لوس أنجليس

فنانون قدّموا رؤيتهم لفنّ بيك مُستلهمين موسيقاهم من أعماله (صور المهرجان)
فنانون قدّموا رؤيتهم لفنّ بيك مُستلهمين موسيقاهم من أعماله (صور المهرجان)

يصف «مهرجان أبوظبي» حفلاً شهدته قاعة «والت ديزني» الموسيقية العريقة في لوس أنجليس بـ«الاستثنائي». فعرضُ «صوَر في معرض: لوحات بوب بيك»، المُقدَّم للمرّة الأولى عالمياً ضمن حفل أنتجه المهرجان بالتعاون مع شركة «روبرت تاونسون للإنتاج»، «أسَرَ الجمهور» بإضاءته على أهمية الرسّام الأميركي الريادي المُلهِمة أعماله أجيالاً من التشكيليين والمصمّمين والمؤلّفين الموسيقيين المعاصرين.

رافقت مقطوعات الأفلام الكلاسيكية رسومه الشهيرة في افتتاح الأمسية. وقدَّمت الأوركسترا عروضاً لمختارات من «ويست سايد ستوري» لليونارد برنشتاين، وفيلم «سوبرمان» لجون ويليامز... وأعمال أخرى تُحيي إرث المُكرَّم.

للموسيقى دورٌ مُلهم في تعزيز قيم التعايش والسلام (صور المهرجان)

الموسيقى في اتّصال مع اللوحة مثل رقصة تانغو. هكذا يتراءى المشهد. 10 مؤلّفين مرموقين حرّكوا بالنغم المشاعر، من بينهم الإماراتي إيهاب درويش، المُشارك بمقطوعة «منعطف أكبر: زوايا أسرع»، المُستلهِمة حضور بلاده في المشهد الثقافي العالمي.

تحدّثت مؤسِّسة «مهرجان أبوظبي» ومديرته الفنّية هدى إبراهيم الخميس عن مَنْح جائزة باسمه لقائد الأوركسترا المرموق ليونارد سلاتكين، الحائز 6 «غرامي». البيان الصحافي نقل عنها وصفها دور المُكرَّم الذي يقود أوركسترا لوس أنجليس للأفلام احتفاءً بإرث بيك، بأنه تأكيد لمكانة الموسيقى والفنون في بناء جسور التفاهم وتعزيز التعاون بين المبدعين حول العالم. وأيضاً قدَّمت جائزة «مهرجان أبوظبي 2024» لعائلة بيك تقديراً لنتاجه واحتفاءً بتأثيره في السرد البصري للقصص.

الفنون تبني الجسور وتُعزّز التعاون بين مبدعي العالم (صور المهرجان)

فنانون أمثال ماريا نيومان، وجيف بيل، ومايكل أبيلز، وماركو بلترامي... قدّموا رؤيتهم لفنّ بيك، مُستلهمين موسيقاهم من أعماله، مثل صورة غلاف مجلة «تايم» للأم تيريزا، ومعرض نيويورك العالمي لعام 1964...

كلام تقديري خرج على لسان المنتج روبرت تاونسون. رأى في الحفل «شهادة على تأثير بوب بيك الدائم في الفنون». ذلك ترجمة لإيمانه بقدرة التآزر بين فنّه البصري والمؤلّفات الموسيقية على خلق تجربة مؤثّرة.

سعيٌ إلى تمكين الحضور العربي في العالم (صور المهرجان)

وهدى إبراهيم الخميس تؤمن بدور الموسيقى المُلهم في تعزيز قيم التعايش والمحبة والسلام بين الثقافات. ينقل عنها مكتبها الإعلامي قولها لـ«الشرق الأوسط» إنّ «مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون» و«مهرجان أبوظبي» يسعيان من خلال أعمال التكليف والإنتاج المشترك في الخارج إلى «تمكين الحضور العربي، وتقديم أعمال العرض الأول بمشاركة كبار الفنانين العرب والعالميين، وبالشراكة مع أكثر من 37 شريكاً استراتيجياً من كبريات المؤسّسات الثقافية والمهرجانات الدولية. ومع الأهداف البعيدة التي نطمح إليها في الاحتفاء بالإرث الموسيقي العربي والعالمي، وتكريم كبار الفنانين، وتقديم أعمال استثنائية للتاريخ والذاكرة الإنسانية، تصبح التحدّيات فرصاً سانحة لمزيد من الانتشار والوصول إلى جمهور أوسع، وتبادل أعمق للخبرات والمهارات والتجارب».

مؤلّفون مرموقون حرّكوا بالنغم المشاعر (صور المهرجان)

يُجدّد المهرجان التعاون مع روبرت تاونسون لإيمانه بأنّ الموسيقى الرائعة خالدة وأبدية. من هنا، يصف إيهاب درويش مشاركته في الحفل بـ«إنجاز يمثّل علامة فارقة مهمّة لي ولمشهد الموسيقى في الإمارات». يقول لـ«الشرق الأوسط» إنها المرّة الأولى التي يُدعى فيها ملحّن إماراتي للتعاون والأداء إلى جانب أساطير موسيقى الأفلام في حفل موسيقي واحد: «أنا فخور جداً!».

قدَّم حفله الأول عام 2018، وبـ6 سنوات فقط، بلغ هذه المرتبة. يستعمل وَصْف «مندهش» لأدائه للمرّة الأولى في لوس أنجليس: «هذا النجاح نتيجة الجهد المستمرّ، والتفاني، والإيمان الثابت لهدى الخميس والمهرجان بموهبتي وقدرتي على تمثيل الإمارات على هذه المنصات الفنّية الدولية الرفيعة».

ألَّف مقطوعة «كورفا غراندي» لالتقاط جوهر السرعة المذهلة لـ«الفورمولا 1» بإطار سيمفوني: «عبْر هذا التأليف، أبعثُ الحياة في ضربات فرشاة بوب بيك الأسطورية على لوحته. المقطوعة شهادة على التأثير العميق للفنّ البصري في أدائي الموسيقي؛ فأدمج الخطوط السيمفونية في نسيج من الصوت يعكس ضربات الفرشاة النابضة بالحياة ضمن اللوحة. مع كل صعود وهبوط في النغمة، أترجم فنّ الرسم إلى لغة الأوركسترا، ملتقطاً جوهر الفكرة في كل نوتة».

هدى إبراهيم الخميس تمنح جائزة لقائد الأوركسترا ليونارد سلاتكين (صور المهرجان)

عندما تأمّل أعمال بيك، تملّكته الإثارة والخطر المحسوس ونبض المأساة المؤلم، وهمسات البطولة التي تُشعل روح المنافسة. يتابع لـ«الشرق الأوسط»: «تأخذ هذه الرحلة الموسيقية الأوركسترا وتُحوّلها إلى صوت اللوحة، فيُكوِّن كل لحن خطاً مرسوماً باللون، وكل انسجام ظلاً، لتحويل الفنّ الصامت للرسم إلى سيمفونية حيّة من الأصوات والعواطف».

للموسيقى دورٌ مُلهم في تعزيز قيم التعايش والسلام (صور المهرجان)

يأمل مَن بنى المقطوعة في 6 مراحل، تروي كل منها جزءاً من رحلة سائق السباق النابضة؛ أن يرى الغرب أبعد من الصراعات والحروب المرتبطة بالمنطقة العربية: «نريده أن يدرك التراث الثقافي الغني الذي نقدّمه. عبر تجربتي، أجد أنّ كثيراً من الناس يتطلّعون إلى معرفة ثقافاتنا. الموسيقى تُذلّل الفجوات الثقافية ممّا يعزّز التقدير والاهتمام. ثمة شعور عميق بالفضول والاحترام لتقاليدنا، وأنا متفائل بدور الموسيقى في توسيع الفهم والتواصل».


مقالات ذات صلة

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يوميات الشرق حوار ثقافي سعودي عراقي في المجال الموسيقي (وزارة الثقافة)

«بين ثقافتين» التقاء الثقافتين السعودية والعراقية في الرياض

يقدم مهرجان «بين ثقافتين» الذي أطلقته وزارة الثقافة في مدينة الرياض، رحلة ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «شرق 12» (الشركة المنتجة)

الفيلم المصري «شرق 12» يفتتح «أسبوع النقاد» في «مهرجان برلين»

عُرض «شرق 12» في السعودية والبرازيل وأستراليا والهند وشاهده جمهور واسع، ما تراه هالة القوصي غاية السينما، كونها تملك هذه القدرة لتسافر وتتفاعل مع مختلف الثقافات

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق إيمان العاصي خلال تكريمها بمهرجان «THE BEST» (حساب المهرجان بـ«فيسبوك»)

مصر: مهرجانات خاصة للتكريمات الفنية والإعلامية تنتعش مع نهاية العام

شهدت مصر خلال الأيام الماضية انتعاشة لافتة في تنظيم المهرجانات الخاصة المعنية بالتكريمات الفنية والإعلامية، أهمها «The Best»، و«آمال العمدة ومفيد فوزي».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل المهرجان بعد المؤتمر الصحافي (إدارة المهرجان)

«الأقصر للسينما الأفريقية» يحمل اسم نور الشريف ويكرّم خالد النبوي

أعلنت إدارة مهرجان «الأقصر للسينما الأفريقية»، الجمعة، عن تفاصيل الدورة الرابعة عشرة من المهرجان، التي تحمل اسم الفنان الراحل نور الشريف.

أحمد عدلي (القاهرة)

مظاهر الفرح تغيب عن احتفالات «عيد ميلاد المسيح» للعام الثاني على التوالي

شخص يرتدي زي سانتا كلوز يقفز في البحر في برشلونة (رويترز)
شخص يرتدي زي سانتا كلوز يقفز في البحر في برشلونة (رويترز)
TT

مظاهر الفرح تغيب عن احتفالات «عيد ميلاد المسيح» للعام الثاني على التوالي

شخص يرتدي زي سانتا كلوز يقفز في البحر في برشلونة (رويترز)
شخص يرتدي زي سانتا كلوز يقفز في البحر في برشلونة (رويترز)

تغيب مظاهر الفرح عن احتفالات «عيد ميلاد المسيح» للعام الثاني على التوالي، وسط الظروف الصعبة التي تشهدها العديد من الدول العربية، خاصةً في المناطق الفلسطينية المحتلة ولبنان وسوريا.

ويعكس هذا الوضع حجم التهديدات والتحديات غير المسبوقة في المنطقة، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة، والاعتداءات المستمرة في مناطق الضفة الغربية، وكذلك الحرب الإسرائيلية على جنوب لبنان، وصولاً إلى قصف العاصمة بيروت، فضلاً عما تشهده سوريا من اضطرابات سياسية، والتوغلات الإسرائيلية في المناطق الحدودية، حيث ألقت كل هذه الأحداث بظلها على مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد في الشوارع والكنائس.

وفي رسالته التقليدية بمناسبة (الكريسماس)، حث بابا الفاتيكان، فرنسيس «جميع الشعوب في كل الأمم» على التحلي بالشجاعة خلال هذا العام المقدس «لإسكات صوت الأسلحة والتغلب على الانقسامات» التي يمر بها العالم، من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا، ومن أفريقيا إلى آسيا. وقال البابا من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، أمام حشود من المصلين: «أدعو كل فرد، وكل شعوب العالم... لكي يصيروا حجاجاً للأمل، ولإسكات صوت الأسلحة والتغلب على الانقسامات».

وفي بيت لحم، غابت زينة عيد الميلاد والحجاج بشكل ملحوظ عن ساحة المهد في بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة التي تستعد لموسم احتفالي ديني هو الثاني في زمن الحرب وسط زيادة نقاط التفتيش التي تمنع حتى الفلسطينيين من دخول المدينة.

ويتقاطر آلاف السياح عادةً إلى ساحة كنيسة المهد في هذا الوقت من السنة، لكنّ داخل الكنيسة فارغ مثل ساحتها، ولا تُسمَع سوى ترانيم الرهبان الأرمن التي تتردد من أمام المغارة التي ولد فيها يسوع المسيح، وفق ما ورد في الإنجيل.

وقال حارس الكنيسة محمد صبح: «في مثل هذا اليوم، نجد عادةً ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف شخص داخل الكنيسة». وتوقفت بالكامل تقريباً زيارات السياح الأجانب الذين يقوم عليهم اقتصاد بيت لحم، ليس بسبب الحرب فحسب، بل بفعل زيادة القيود المفروضة على الحركة التي فرضتها نقاط تفتيش للجيش الإسرائيلي، والتي منعت أيضاً الكثير من الفلسطينيين من الزيارة.

كما بدت مدينة حيفا شمال إسرائيل في أبهى حللها بالإضاءة المبهرة لشجرة عيد الميلاد الكبيرة وشارع الجبل الذي تنتشر فيه المطاعم والمقاهي والمتاحف وتعلوه قبة البهائيين، بعدما كانت المدينة هدفاً لهجمات صاروخية من لبنان. وزينت بلدية حيفا شارع الجبل كما يسميه العرب، الذي يحمل رسمياً اسم بن غوريون، وهو أحد الشوارع الرئيسية في المدينة.

واكتظ الشارع بالمحتفلين الذين اعتمر بعضهم قبعة بابا نويل، فيما حمل أطفال بالونات ملونة مضيئة وانتشرت بسطات باعة الكستناء المشوية والترمس والحمص والألعاب.

أما في سوريا، فتظاهر المئات في الأحياء المسيحية من العاصمة دمشق احتجاجاً على إحراق شجرة لعيد الميلاد في مدينة السقيلبية ذات الغالبية المسيحية الأرثوذكسية في محافظة حماة، بعد أسبوعين على إطلاق فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» هجوماً أفضى للإطاحة بنظام بشار الأسد.

وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن المقاتلين الذين أحرقوا الشجرة أجانب وينتمون إلى فصيل أنصار التوحيد الجهادي. وقال أحد المتظاهرين ويدعى جورج: «نزلنا لأن هناك الكثير من الطائفية والظلم ضد المسيحيين تحت اسم تصرفات فردية».

وأضاف: «إما أن نعيش في بلد يحترم مسيحيتنا وبأمان في هذه الوطن كما كنا من قبل، أو افتحوا لنا باب اللجوء الكنسي حتى نغادر إلى الخارج».

وفى لبنان، تكاد تكون مظاهر عيد الميلاد التقليدية غائبة هذا العام، بفعل الأحداث المأساوية التي شهدتها البلاد أخيراً، وفى زمن الميلاد، كانت بيروت تتزين بزينة العيد، وشجرة الميلاد، والمغارات، وكانت الشوارع تمتلئ بالأنوار والمهرجانات، فضلاً عن المظاهر الاحتفالية التي كانت تشمل الشوارع والساحات بأضواء شجرة الميلاد، والموسيقى، وحفلات العيد التي كانت تقام في ساحة العاصمة، وكاتدرائيات المدن، كما كانت الشركات تعلن عن احتفالات الميلاد من خلال لوحات إعلانية، وتوزيع الهدايا والمساعدات.