«خيال عازف بيانو» لبسام شليطا... فسيفساء من موسيقى الشرق والغرب

مع فرقة أوركسترالية وباقة نجوم محليين وعالميين

الموسيقي بسام شليطا في حفل «خيال عازف بيانو» (الشرق الأوسط)
الموسيقي بسام شليطا في حفل «خيال عازف بيانو» (الشرق الأوسط)
TT

«خيال عازف بيانو» لبسام شليطا... فسيفساء من موسيقى الشرق والغرب

الموسيقي بسام شليطا في حفل «خيال عازف بيانو» (الشرق الأوسط)
الموسيقي بسام شليطا في حفل «خيال عازف بيانو» (الشرق الأوسط)

أمسية فنية تعبق بعطر لبنان، وبلاد البلقان، والفلامنغو، وباريس، ومصر وغيرها، أحياها بسام شليطا على مسرح «كازينو لبنان». وبحضور لبناني كثيف وديكورات مسرحية ارتكزت على الفن الغرافيكي بواسطة الذكاء الاصطناعي، انطلق حفل «خيال عازف بيانو»، وأمضى اللبنانيون ليلة موسيقية بامتياز، سافروا معها على بساط رياح محلية وعالمية. فحضرت إديت بياف، ووردة الجزائرية، وفيروز، وزكي ناصيف، وصباح، على إيقاع عزف شليطا على البيانو، وواكبته فرقة أوركسترالية وكورال وغناء منال ملاط ومايك ماسي، وجيسي جليلاتي.

من ضيوف الحفل البلقاني ريلو عازف الكلارينيت

فنون على أنواعها استحضرها شليطا على المسرح مساء السبت، فتلونت بعزفٍ على آلة الكلارينيت لريلو بلقان، ولوحات راقصة من توقيع مازن كيوان. واستهل بسام شليطا حفله بكلمة موجزة عبّر فيها عن سعادته الكبيرة بتحقيق حلم راوده منذ كان في الحادية عشرة من عمره.

ومع معزوفتين كلاسيكيتين لشوبان و «سترينغ سكشين»، انطلق الحفل الذي استمر لأكثر من ساعة؛ وحرص الموسيقي اللبناني على أن يطبع حفله بعلاقات يحملها معه منذ الطفولة، فقدّم كل لوحة من لوحات برنامجه بمقدمات قصيرة ارتجلها على الخشبة، وعزّز فيها علاقات صداقة طويلة الأمد تربطه بكل من شارك فيها.

جيسي سليلاتي تغني على المسرح (الشرق الأوسط)

ومع أغنية «نقّيلي أحلى زهرة» لزكي ناصيف بصوت جيسي جليلاتي يرافقها شليطا عزفاً على البيانو، اشتعلت أجواء المسرح حماساً، ليتبعها بـ«إن راح منك يا عين» لشادية، و «قلبي ومفتاحه» لفريد الأطرش، و «بتونّس بيك» لوردة.

وألّف مع عازف الكلارينيت البلقاني ريلو ثنائياً فنياً منسجماً، وقدّما أكثر من معزوفة.

ارتدى شليطا الأبيض في القسم الأول من الحفل ليشكل مشهدية متناقضة مع آلة البيانو السوداء التي تتوسط الخشبة، ثَمّ بلباس استوحاه من البطل الأسطوري سوبرمان بالأسود أكمل برنامج الحفل.

وصف شليطا ضيفه المغني مايك ماسي بالفنان الرائع. استهل وصلته الفنية معه بأغنية «جزر ومدّ»، ليعقبها بـ«لا تتركني» المستوحاة من الأغنية الشهيرة للفرنسي الراحل جاك بريل «ne me quitte pas».

قصص مختلفة رواها بسام شليطا بعزفه على البيانو، وشرحها للجمهور بمجموعة أحاسيس قد تغمر كل واحد منا. فهو تخيّلها حكايات كان يرسمها في أحلامه، وتلتها معزوفات فنية بواسطة أنامله المبدعة، فبلغها الحب والشوق والفراق واللقاء كما الأمل والرجاء. ولفحت وجوه الحضور نسمات سنوات السبعينات مع أغنية «كيلينغ مي سوفتلي» بصوت الروسية بولينا، ولتغني بعدها من أشهر أغنيات إديت بياف «لافي أن روز».

مايك ماسي واحد من ضيوف الحفل (الشرق الأوسط)

وحضرت ريشة الفنان التشكيلي فيليب فرحات. وقدمت الفنانة آنيا على نغمات شليطا المستوحاة من لوحته رقصة تعبيرية. وكانت قد سبقها لوحة راقصة لمازن كيوان وسحر أبو خليل.

غبّ الحضور الجرعة تلو الأخرى من فنون منوعة آثر شليطا استحضارها مجتمعة، فزوّده بحالة ترفيهية انضمت إليها ابتسامة عريضة بفعل الذكاء الاصطناعي. وبرز استخدامه على شاشة عملاقة توسطت المسرح. فتابع مُشاهد الحفل أغاني فريق كورال «مار إلياس أنطلياس» ينشدون الفولكلور اللبناني. ورافقتها مشهدية تصويرية لتماثيل رومانية تتحرك على نغماتها. فأن ترقص منحوتات لدافنشي وغيره الدبكة اللبنانية جعلها الذكاء الاصطناعي فرصة متاحة. وهو ما ترجم عنوان الحفل «خيال عازف بيانو» على أرض الواقع. وقّع هذه التصاميم وأخرج الحفل جوزيف نصار.


مقالات ذات صلة

طلاء الأسطح بالأبيض يُكافح الحرّ في المدن

يوميات الشرق مع تغيُّر المناخ يصبح سكان المدن عرضة خصوصاً لارتفاع الحرارة (رويترز)

طلاء الأسطح بالأبيض يُكافح الحرّ في المدن

أثبتت دراسة بريطانية أنّ طلاء الأسطح باللون الأبيض طريقة أكثر فاعلية في تبريد المدن، مقارنة بالأسطح النباتية الخضراء، أو زراعة النباتات في الشارع.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الحظّ حين يضحك (مزاد جون تايلور)

أطباق صينية مُهمَلة في منزل ببريطانيا تُباع بسعر صدَمَ صاحبتها

فوجئ مدير مزاد بالسعر المرتفع لقطع خزفية جمعها جدُّ بائعة خلال تمرُّد الملاكمين في الصين، كيف حصل ذلك؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الشيف مدّعي التفوُّق (حسابه في «إكس»)

شيف غاني زوَّر شهادة «غينيس» مدّعياً الطهي المتواصل لأكثر من شهر

قُبض على شيف غاني ادّعى تحطيمه الرقم القياسي العالمي لأطول مدّة طهي متواصلة بواسطة فرد... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (أكرا غانا)
يوميات الشرق التحليق رغم انتفاخ الجناح (بي بي سي)

فرخ نسر «معجزة» ينجح في الطيران بعد «التعافي الاستثنائي»

النسور ذات الذيل الأبيض هي أكبر الطيور الجارحة في بريطانيا، وقد يصل امتداد جناحيها إلى 2.4 متر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق عظمة الأمل (حساب هاري بوذا ماغار الشخصي)

جندي نيبالي بُتِرت ساقاه في أفغانستان يتسلَّق أعلى قمم العالم

تسلَّق جندي نيبالي سابق، معروف بتحدّي قمم الجبال في مختلف قارات العالم، قمة أعلى جبل في أميركا الشمالية... هذه حكايته.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مسرحية مصرية تختبر الغناء الأوبرالي بسوق العتبة

مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)
مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)
TT

مسرحية مصرية تختبر الغناء الأوبرالي بسوق العتبة

مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)
مطربة تقدم أغنية أوبرالية بجوار الباعة الجائلين في العتبة (مخرج العرض)

في ساحة مسرح الطليعة الملاصق لسوق العتبة المكتظ (وسط القاهرة) دار أول مشاهد العرض المسرحي «أوبرا العتبة»، حيث قدم مطربان أغنية أوبرالية، وفي الخلفية صورة صاخبة، وصوت مشوش من فرط مكبرات الصوت التي يستخدمها باعة السوق لاجتذاب زبائنهم.

انتقل العرض إلى قاعة زكي طليمات، داخل المسرح، في المشهد الثاني الذي بدأ بهجوم من ممثلين جسدوا شخصيات باعة جائلين حاولوا عرض سلعهم على الجمهور بأثمان زهيدة.

يضم العرض عدداً من الممثلين هم محمد عبد الفتاح (كالا) في دور الفنان المثقف، ودعاء حمزة في دور ربة المنزل، ومجموعة من الفنانين الشباب هم: إياد رامي وأحمد سعد ورنا عاصم وأمينة صلاح الدين، وبكر محمد وهاجر عوض، أما مطربا الأوبرا اللذان شاركا في العرض فهما روجينا صبحي ومحمود إيهاب.

مستويات متعددة شهدها العرض المسرحي «أوبرا العتبة» (مخرج العرض)

«بينما تحاصر البضائع المتنوعة وأصوات الباعة الجائلين المسجلة على مكبرات صوت قاعات مسرح الطليعة والمسرح القومي؛ ماذا لو حاولنا الخروج لهذه الفئة من مجتمعنا بإحدى الفنون الراقية؛ لنغني أوبرا وسط السوق ونرى ماذا ستكون ردود الفعل كل يوم بين الباعة والزبائن في محيط مسرح الطليعة؟».

بهذه الطريقة نبتت فكرة النص والعرض المسرحي الذي كتبه وأخرجه هاني عفيفي، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «أوبرا العتبة مسرحية تناقش نخبوية الفنون الراقية في مجتمعنا الحالي وشعور كثير من المثقفين ومبدعي الفنون الجميلة بالعزلة الاجتماعية بين جيرانهم ومواطنيهم، وانحصار جمهور معظم الفنون الراقية بتنوعها بين المسرح والرقص والأوبرا والموسيقى الكلاسيكية والفنون التشكيلية وغيرها على المشتغلين بها وذويهم في أغلب الأحيان».

ويطرح العرض تساؤلاً: «كيف أثر تدني الذائقة الموسيقية والفنية في الشارع المصري على سلوكياتنا وأخلاقيات التعامل بين الناس؟».

يتضمن العرض مساحتين تشبهان البيوت من الداخل، المساحة الأولى يشغلها مثقف وفنان يعيش وسط هذا الضجيج في عالمه الخاص، والمساحة الثانية تشغلها ربة منزل تجسد الطبقة الوسطى وما تعانيه من فزع تجاه الشعور بالأمان والرغبة في شراء كل مستلزمات المنزل بوفرة كبيرة.

ويصف محمد عبد الفتاح (كالا) دوره في العرض بـ«الصعب»، وهو دور المثقف، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هي شخصية عادة لا تكون مقبولة، فهي جادة وتطمح في نمط حياة مثالي لكنها معزولة عن المجتمع»، وتابع: «رغم أنني متخصص في الحكي فإنني استمتعت جداً بتقديم هذه الشخصية».

بنية المسرحية تبدو مثل «اسكتشات»، لكنها تعبر عن تناقض فادح موجود في المجتمع المصري بين عالم الزحام والضجيج في العتبة وشخصية المثقف الهادئ الذي يستمتع بالفن وقراءة الفلسفة والشعر وأغاني أم كلثوم، وسيدة المنزل من الطبقة الوسطى التي تحتمي من العالم الخارجي بالتمترس خلف محيطها الخاص، وجلب كل متطلباتها عبر الجوال.

نموذج سيدة المنزل المهمومة بشراء الطلبات من الشخصيات البارزة (مخرج العرض)

تقول الفنانة دعاء حمزة التي قدمت دور سيدة المنزل: «شخصية المثقف وشخصيتي ثابتتان، ربما لذلك وضعنا المخرج في مساحة بعيدة عن الشباب الذين يقدم كل منهم أكثر من دور، بينما نحن في مساحة تعبر عن بيوت مغلقة، أغرق داخل مساحتي وتعلو الكراتين التي تضم طلبات شتى من حولي لدرجة أنني أكاد أُدفن وراءها». وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «كذلك المثقف يجد أن الضجيج يتكاثر على عتبة منزله حتى يسقط خلف مساحات تعبر عن هذا الضجيج، وكأنه سقط دفيناً داخل عزلته، كأن الشارع يلتهمنا لأننا لم نحاول كسر مخاوفنا».

وذكرت أنها واجهت تحدياً يتمثل في فخ يحمله الدور، وهو أنها طوال الوقت تتحدث في الجوال وتطلب سلعاً غذائية وأدوية وتتحدث إلى زوجها وابنتها، «يكاد لا يوجد مونولوج حقيقي، ولكن من خلال الطلبات التي أطلبها تظهر شخصيتي ويمكن معرفة تفاصيل حياتي».

«السوشيال ميديا» كانت حاضرة في في عرض «أوبرا العتبة» (مخرج العرض)

ديكور المسرحية للفنان عمر غايات يتسم بالبساطة والتعقيد في آن، ففي خلفية المسرح عدد كبير من الصناديق الورقية «الكراتين»، وعلى جانب المسرح شاشة تعرض مشاهد «ريلز» متنوعة من «السوشيال ميديا»، بالإضافة للمساحتين اللتين يعيش فيهما المثقف وسيدة المنزل، ومشاهد أخرى لباعة أو أفراح في الشارع.

كما تظهر شخصيات «سوشيالية»مثل البلوغر التي تتذوق الكشري وتدعو متابعيها لخوض التجربة، والفتيات اللاتي يتحدثن عن نشر فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي مقابل كثير من الدولارات، وتحاول فتاة أن تقنع صديقتها بأنهن لن يقمن بأمور محرمة، ولكن فقط مجرد «الدلع» أمام الكاميرا.

وفي مقابل المثقف الذي يستمع إلى قصيدة «أراك عصي الدمع» ويلقي أشعاراً لمحمود درويش وخطباً للعراف الأعمى من مسرحية أوديب لسوفكليس، نجد الشاب الذي يقدم أغاني المهرجانات الشعبية بملابسه المبهرجة وموسيقاه الصاخبة، كما يظهر حلم شباب في السفر للبحث عن فرص أفضل في الحياة.