«فيلم تجاري» في بيروت... محاولة سينمائية تقرُن القول بالفعل  

تخرج قصّته على المألوف فتضع الإصبع على الجرح

«فيلم تجاري» تنطلق عروضه في الصالات اللبنانية من 13 من الشهر الحالي (بوستر العمل)
«فيلم تجاري» تنطلق عروضه في الصالات اللبنانية من 13 من الشهر الحالي (بوستر العمل)
TT

«فيلم تجاري» في بيروت... محاولة سينمائية تقرُن القول بالفعل  

«فيلم تجاري» تنطلق عروضه في الصالات اللبنانية من 13 من الشهر الحالي (بوستر العمل)
«فيلم تجاري» تنطلق عروضه في الصالات اللبنانية من 13 من الشهر الحالي (بوستر العمل)

لم يحتمل كثيرون من أهل الصحافة والإعلام متابعة العرض الأول للفيلم السينمائي «فيلم تجاري» حتى النهاية، فخرجوا من الصالة («غراند سينما» في مجمّع «أ ب ث») منذ بدايته أو حتى في منتصفه. فهم حضروا بدعوة من شركة الإنتاج «مولوتوف فيلم» الجديدة على الساحة. إخراجه لمهدي قنديل، وتطلّ من خلاله وجوه الشاشة اللبنانية، منهم برناديت حديب، ومجدي مشموشي، وكارول عبود، وحسان مراد. تلك الأسماء التي شجّعت البعض على تلبية الدعوة، لم تفلح بإقناعهم بمتابعته.

الفيلم يقرُن القول بالفعل، فيقدّم شريطاً يحتوي على قصة تتناول في غالبية سياقها المستوى الفني الهابط، ومعاناة أهل الفنّ الذين لا تتوافر أمامهم الفرص. ولكن هدف المخرج يستنتجه مُشاهده في نهايته، فيدرك أنّ المستوى الفني الهابط بات «ترند»، وهو ما حاول الإشارة إليه في مولوده السينمائي الأول.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بحثتُ عن شركات إنتاج تتبنّى الفيلم، فاصطدمت بعراقيل كثيرة. لذلك قرّرت أخذه على عاتقي، وأسَّست شركتي (مولوتوف)». فريق مهدي قنديل الذي يشاركه العمل، أكاديمي متخرِّج من «معهد الفنون الجميلة» في «الجامعة اللبنانية»، فيعلّق: «الفيلم سمح لي باكتشاف الجمهور الذي أرغب في التواصل معه. فالقصة مبنية على تقاطعات عدّة، وتتلوّن بالكوميديا الداكنة. ثمة صعود وهبوط في الأحداث، ولكنه عموماً يروي قصة تحاكي معاناة أهل الفنّ وجمهور السينما».

يُمرّر قنديل مَشاهد عنف ودماء. برأيه، هو الصنف السائد على الساحة، ولو خرجت تلك المَشاهد عن سياقها. فالفيلم كناية عن نقد ذاتي يمارسه بأسلوب يختلف عن غيره. وعن سبب لجوئه إلى أسماء معروفة للمشاركة فيه، يوضح: «أنا على صلة بتلك الأسماء، وعندما قرأوا النص تحمّسوا للمشاركة».

تبرز مواهب تمثيلية شابة، مثل محمد نسر الذي يجسّد شخصية «جبران»، مُساعد للمخرج الذي يؤدّي دوره الممثل أحمد الخطاب. كما تطلّ عناصر نسائية، مثل أريج الحاج المعروفة بشخصيتها الطريفة في البرنامج التلفزيوني «كتير هالقد». وكذلك ديانا أبي علام في دور «صافيناز»، ومنيانة المقهور في دور «هيام شاكر».

يتابع المخرج: «بجولة سريعة على المنصات الإلكترونية، نلاحظ وفرة الإنتاجات التجارية، فاعتمدتها بدوري في تركيبة تتناول أيضاً ما يواجهه الفنان ليحظى بفرصة».

الممثل مجدي مشموشي في مشهد من الفيلم (صورة المخرج)

تخرج قصة «فيلم تجاري» على المألوف، فتحمل الرسالة وتضع الإصبع على الجرح. يقول قنديل: «سادت مؤخراً القصص العادية المرتكزة على علاقات الحبّ؛ وغالبية الإنتاجات اللبنانية رغبت في الخروج على هذا الإطار بأسلوب جديد».

لمهدي قنديل تجربة سينمائية ناجحة بعنوان «تيلي تيلي بوم»؛ وهي فيلم قصير حصد جوائز في مهرجانات كان وأمستردام وباريس، علماً بأنّ «فيلم تجاري» سيُعرض قريباً في أوروبا. المخرج المقيم بين بلجيكا ولبنان يَعدُّ فيلمه بمثابة طفله الأول. لذلك وجد صعوبة في تقصير مدّته، واصفاً الأمر «كمن يقتل أول أطفاله». ويضيف: «كان يحتمل عملية مونتاج تلغي منه 10 دقائق. لم أستطع القيام بذلك، لا سيما أنّ مدّته الأصلية فاقت الساعتين».

يُعبّر مهدي قنديل عن سعادته بتفاعل الناس: «أحياناً تدور في رؤوسنا أفكار كثيرة نبحث عن مخرج لها، و(فيلم تجاري) فكرة تراودني ونفذّتها منذ نحو عام». صُوِّر الفيلم في مناطق لبنانية، بينها صور، والجيّة، وبيروت، وجبيل؛ واستغرق تنفيذه نحو 27 يوماً. وعما شجّعه على القيام بهذه الخطوة، خصوصاً أنّ العنوان يثير التساؤل، يردّ: «اخترت العنوان للدلالة إلى المحتوى، وخلطتُ فيه ما بين القصة التجارية والدراما».

وعن كلمة يوجّهها لمَن لم يحتمل العرض وخرج قبل نهايته، يقول: «في الفن، ثمة دائماً جمهور يحبّ العمل وعكسه. ولكن مواقع التواصل أثَّرت في كل شيء، وبات العمل الفنّي مثل طبق طعام، إذا لم يكن سريع التحضير، أهمله الناس. فهناك من يفضّل عدم بذل المجهود، ويميل إلى سرعة الجاهزية».


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

يوميات الشرق جانب من المؤتمر الصحافي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي (الشرق الأوسط)

«البحر الأحمر» يستقبل 2000 فيلم وتكريم خاص لمنى زكي وفيولا ديفيس

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي نسخته الرابعة بحلة جديدة تحت شعار «للسينما بيت جديد» من قلب مقره الجديد في المنطقة التاريخية بمدينة جدة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق الفنان المصري محمود عبد العزيز (فيسبوك)

مصريون يتذكرون أعمال «الساحر» محمود عبد العزيز في ذكرى رحيله الثامنة

مع حلول الذكرى الثامنة لرحيل الفنان المصري محمود عبد العزيز الشهير بـ«الساحر»، احتفل محبوه على «السوشيال ميديا»، الثلاثاء، بتداول مشاهد من أعماله الفنية.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق الملصق الدعائي لفيلم «الهوى سلطان» (الشركة المنتجة)

البطولات النسائية تستحوذ على صدارة إيرادات السينما المصرية في الخريف

استحوذت «البطولات النسائية» التي تنوعت موضوعاتها ما بين الرومانسي والكوميدي والاجتماعي على صدارة إيرادات دور العرض السينمائي بـ«موسم الخريف» في مصر.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلم السعودي القصير «ملكة» (البحر الأحمر)

«مهرجان البحر الأحمر» بانوراما للسينما العربية والعالمية

تشهد الدورة المقبلة لـ«مهرجان البحر الأحمر» في جدة، بالمملكة العربية السعودية، تطوّراً إيجابياً مهمّاً في عداد تحويل المهرجان إلى بيت للسينما العربية.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)

البرازيل تحتضن أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر

يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)
يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)
TT

البرازيل تحتضن أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر

يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)
يشارك في المعرض 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة (هيئة المتاحف)

وسط أجواء القصر الإمبراطوري في ريو دي جانيرو بالبرازيل، تفتح أولى محطات المعرض المتجوّل للفن السعودي المعاصر، حواراً بين السياق التاريخي العريق لهذا القصر والموضوعات التي تتناولها الأعمال الفنية المعروضة في معرض «فن المملكة» الذي أطلقته «هيئة المتاحف السعودية» داخل أروقة القصر، لِإِطْلَاع الجماهير من مختلف دول العالم على الحراك الفني السعودي.

وتسلط الأعمال الفنية المشاركة في المعرض، الضوء على تاريخ المملكة وذاكرة شعبها وتراثها الثقافي، كما توفّر للجمهور فرصة استثنائية لاستكشاف الفن السعودي المعاصر وإسهاماته في بناء سرديات ثقافية جديدة. ويتناول المعرض موضوعين رئيسيين، يرتبط الأول بالصحراء رمزاً للرحابة واللانهاية وعمق الحياة، في حين يتناول الثاني فرادة التقاليد الثقافية وتطور الثقافة البصرية بين الماضي والحاضر.

تسلط الأعمال الضوء على تاريخ المملكة وذاكرة شعبها وتراثها الثقافي (هيئة المتاحف)

يوفّر المعرض للجمهور البرازيلي والعالمي فرصة استثنائية لاستكشاف الفن السعودي المعاصر (واس)

شاهد على تميّز التجربة الفنية السعودية

ويمثّل إطلاق «فنّ المملكة»⁩ في البرازيل، بوصفه أوّل معرض متجوّل للفن السعودي المعاصر، خطوة نوعية في تمكين الفنانين السعوديين والترويج لهم من خلال تقديم إبداعاتهم للعالم، كما يسهم في تعزيز الحوار بين الثقافات عن طريق الفنّ. وقالت منى خزندار المستشارة في وزارة الثقافة: «إن الفن لغةٌ توحّد الشعوب والثقافات، ومعرض فن المملكة خير مثال لهذه الرسالة»، مشيرة إلى أن المعرض شاهد على تميّز المواهب الفنية المعاصرة في المملكة، ويقدّم للفنانين مساحةً لمشاركة قصصهم ورؤاهم مع العالم، وينطلق هذا المعرض من ريو دي جانيرو في خطوة تجسد توجّه الوزارة إلى تعزيز الحوار بين الثقافات وتقديم إبداعات الفنانين السعوديين للعالم.

يمثّل المعرض خطوة نوعية في تمكين الفنانين السعوديين والترويج لهم (واس)

يسهم المعرض في تعزيز الحوار بين الثقافات من خلال الفنّ (واس)

17 فناناً من أجيال مختلفة

ويشارك في المعرض المتجوّل الذي استهل مسيرته من البرازيل بالتزامن مع قمة مجموعة العشرين، 17 فناناً سعودياً من أجيال مختلفة يعرضون ممارسات تعكس حجم الاستجابة الفنية الواعية من فناني المملكة لمشهد الفنون البصرية في العالم. وتحت عنوان «إضاءات شاعريّة»، يضّم المعرض الذي تُركز أعماله على وسائط عدّة منها (تركيبات فنية، ومنحوتات، ولوحات زيتية، ورسومات)، أعمال الفنّانين السعوديين: سارة أبو عبد الله وغادة الحسن، وأيمن يسري ديدبان، وأحمد ماطر، وإيمي كات (محمد الخطيب)، وأيمن زيداني، وشادية عالم، وناصر السالم، ومنال الضويان، ولينا قزاز، ومحمد شونو، وسارة إبراهيم، ودانية الصالح، وفيصل سمره، وفلوة ناظر، ومعاذ العوفي، وعهد العمودي، ويعكس اختلاف تجاربهم، صورة عن تنوّع المشهدين الفني والثقافي في المملكة.

تسعى هيئة المتاحف إلى تمكين الفنانين السعوديين من خلال عرض إبداعاتهم للجمهور العالمي

وتسعى هيئة المتاحف من خلال معرض «فنّ المملكة» إلى الإسهام في تعزيز المكانة الثقافية للمملكة على الساحة الدولية، على أن ينتقل للرياض في مطلع عام 2025 ليستضيفه المتحف السعودي للفن المعاصر في حي جاكس، قبل أن يُقدَّم في المتحف الوطني الصيني في بكين في نهاية العام نفسه. تجدر الإشارة إلى أنه خلال السنوات الماضية، ضاعفت السعودية اهتمامها بتعزيز الهوية والثقافة والتراث الذي تكتنزه أراضيها، كونها ملتقى حضارات يعود تاريخ بعضها لعشرات آلاف من السنين، وهو ما جعل مدّ جسور إلى العالم وتعريف الثقافات الأخرى بالتجربة الثقافية السعودية هدفاً استراتيجياً من صميم عمل وزارة الثقافة بهيئاتها المختلفة.

ينتقل المعرض للرياض في مطلع عام 2025 ضمن جولته الدولية (هيئة المتاحف)