فتح برنامج الابتعاث الثقافي آفاقاً جديدة لنحو 900 مبتعث من المبدعين السعوديين في عدد من المجالات، وقدّم فرصاً استثنائية لخلق جيل مميز من روّاد الثقافة، وتأهيلهم للتوافق مع مرحلة ثقافية وحيوية جديدة تشهدها السعودية. وكشفت وزارة الثقافة في السعودية عن أن 891 مبتعثاً التحقوا عبر البرنامج بأبرز المؤسسات التعليمية التي تضم التخصصات الثقافية في مختلف دول العالم، وبدأوا رحلة تعليمية وتأهيلية للاستثمار في شغفهم وزيادة رصيد قدراتهم وإمكاناتهم للمساهمة في المشهد الثقافي السعودي الواعد.
ويقدم البرنامج التعليمي الذي أطلق أعماله لاستقبال طلبات الالتحاق في يناير 2020، فرصاً نوعية للسعوديين لدراسة 13 تخصصاً في المجالات الثقافية والفنية، في 114 جامعة ومؤسسة تعليمية حول العالم، تقدم أحدث تقنيات وأدوات ومهارات التميز والإبداع في أهم التخصصات الثقافية، ومن أبرزها الموسيقى والمسرح والأفلام وعلوم الآثار والتصاميم والعمارة، في الدرجات العلمية الثلاث.
الابتعاث يفتح آفاقاً واسعة للتعلم
وقال سلطان البازعي، الرئيس التنفيذي لهيئة المسرح والفنون الأدائية في السعودية، إن تنمية الموارد البشرية تُعدّ جزءاً من تطوير البنية التحتية التي يتطلب إنجازها لدعم المشهد الثقافي والإبداعي في السعودية، ومساعدة المجالات الثقافية عموماً على النمو والاستمرار، ونشوء قطاع قوي ومستدام وموظّف لكثير من المهن والمهارات والكفاءات التي تتوفر في السعودية، مع الحاجة إلى التطوير والتنمية بشكل مستمر للمساهمة بشكل فعال، وخلق محتوى ثقافي ملائم، يمثل ثقافة المملكة ويعكس قيمها وتراثها، ويمكن تقديمه للمواطنين والعالم بشكل عام.
وكشف البازعي في كلمة بمناسبة إطلاق فرص تعليمية واسعة لبناء تجربة مسرحية سعودية مميزة، عن أن التطوير يشمل البنى التحتية والموارد البشرية، وتأهيل الكفاءات الوطنية لتلبية احتياجات القطاع في مختلف المهام والأدوار المتعلقة بالصناعة المسرحية، كالكتابة والتمثيل، والغناء، والموسيقى، والأداءات الفنية المختلفة.
وعلى صعيد المسرح وفي إطار التدريب الضروري لبناء تجربة ثقافية فريدة، قال البازعي إن هيئة المسرح تقوم بعدد من المبادرات لتنمية الكفاءات الوطنية الثقافية، ومن ذلك أكاديمية المسرح والفنون الأدائية التي ستبدأ نشاطها هذا العام، بالإضافة إلى مبادرة المسرح المدرسي الذي يستهدف تدريب 25 ألف معلم ومعلمة لدعم النشاط المسرحي في جميع مدارس التعليم العام. وأشار البازعي الى أن القطاع يوفر الكثير من فرص العمل التي تتطلب مهارات محددة ومواهب تحتاج إلى صقل عبر التدريب والتعليم والابتعاث إلى جانب تطوير برامج الجامعات التي بدأت فعلياً تهتم بهذا الشأن، وهو الأمر الذي سيساهم في بناء القطاع.
موسم سنوي للمهارات الثقافية
ووضعت مؤسسات القطاع الثقافي في السعودية، استراتيجية وطنية لبناء القدرات الثقافية لدى المبدعين السعوديين منذ سن مبكرة، وذلك بالتعاون بين وزارتي الثقافة والتعليم؛ لتعزيز الصورة الذهنية للمهن والمواهب الثقافية في وعي الطلاب، ورفع درجة تقديرها وقيمتها في ازدهار المشهد الثقافي، وعكس صورة رصينة عن الثقافة والتراث المحلي، بالإضافة إلى أهمية اكتشاف المواهب والاحتفاء بها، وتطوير القدرات في مختلف المجالات.
وتهدف استراتيجية تنمية القدرات الثقافية في التعليم، إلى الدمج بين الفنون والتعليم، وزيادة مساهمة المخرجات التعليمية في تلبية احتياج القطاع الثقافي من الكوادر والكفاءات، لتطوير أهلية الاقتصاد الإبداعي، وتأهيل القوى الوطنية من خلال توفير الفرص التعليمية والتدريبية في جميع القطاعات الثقافية.
وقد بدأت مدارس التعليم العام احتضان وإطلاق الكثير من البرامج المقدمة إلى طلاب وطالبات المدارس السعودية، ومن ذلك إدراج منصة «مدرستي» الإلكترونية 10 حلقات مصورة من برنامج «مقدمة في المقامات الشرقية» كنشاط تعليمي لطلبة التعليم العام في المرحلتين المتوسطة والثانوية بالمدارس الحكومية والأهلية خلال الفصل الدراسي لعام 1445هـ، كما استمرت دورات البرنامج التأهيلي لمعلمات رياض الأطفال للتدريب على الفنون الموسيقية، بعد أن التحق بأولى دوراته أكثر من 7 آلاف معلمة رياض أطفال، وساهم في تطوير كفاءات معلمات رياض الأطفال، وبناء شخصية الطفل وتكوين الذائقة الجمالية لديه.
وبنهاية كل عام دراسي، يتم ترشيح أوائل الفائزين من إدارات التعليم في مناطق المملكة للمشاركة في الموسم السنوي الذي تنظمه وزارتا التعليم والثقافة لتتويج الفائزين في 10مجالات فنية وإبداعية. وشارك في الموسم الثاني من مسابقة المهارات الثقافية ما يقرب من نصف مليون مشارك، انخرطوا في نظام المسابقة الذي يهدف إلى اكتشاف المبدعين من الطلاب والطالبات في مختلف المجالات الثقافية وتمكينهم، وتطوير مهاراتهم، وتُكرِّم الوزارتان أكثر من 4000 طالب وطالبة، من الفائزين بالمراكز الثلاثة الأولى في كل مسارٍ من هذه المسارات في جميع مناطق المملكة التعليمية.