في يومها العالمي... السعودية تقود جهود حوسبة «اللغة العربية» وترسيخ مكانتها دولياً

ينظم المجمع مؤتمراً سنوياً غنياً بالجلسات العلمية المكثّفة بحضور الخبراء في الرياض (مجمع الملك سلمان)
ينظم المجمع مؤتمراً سنوياً غنياً بالجلسات العلمية المكثّفة بحضور الخبراء في الرياض (مجمع الملك سلمان)
TT

في يومها العالمي... السعودية تقود جهود حوسبة «اللغة العربية» وترسيخ مكانتها دولياً

ينظم المجمع مؤتمراً سنوياً غنياً بالجلسات العلمية المكثّفة بحضور الخبراء في الرياض (مجمع الملك سلمان)
ينظم المجمع مؤتمراً سنوياً غنياً بالجلسات العلمية المكثّفة بحضور الخبراء في الرياض (مجمع الملك سلمان)

في الوقت الذي يحلّ فيه «اليوم العالمي للغة العربية»، الأربعاء الموافق 18 ديسمبر، تواصل السعودية عملها لقيادة جهود ترسيخ مكانة اللغة العربية، ودعم انتشارها إقليمياً ودولياً، وتطوير مبادراتها لحوسبة اللغة العربية ودمجها في منظومة الذكاء الاصطناعي؛ لتعزيز حضورها العالمي، وتطوير أدوات مبتكرة تواكب عصر الرقمنة.

وتندرج جهود السعودية لدعم اللغة العربية ضمن «رؤية 2030»، التي أكدت في مضامينها اهتمام المملكة باللغة العربية، وقد تضمّنت الرؤية إشارة إلى ضرورة العناية بها، كونها جزءاً مهماً من مكوّنات الهوية الوطنية السعودية، إضافةً إلى أنها اللغة الرسمية للدولة.

ويقود مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الذي انطلق في سبتمبر (أيلول) من عام 2020، جهود السعودية في هذا القطاع، والإسهام في تعزيز دور اللغة العربية ومكانتها، محلياً وإقليمياً وعالمياً، وإبراز دورها، وقيمتها التي تعبر عن العمق اللغوي للهوية العربية والثقافة الإسلامية، وليكون مرجعيةً على المستوى الوطني والعالمي، في كل ما له صلة باللغة العربية.

جائزة المجمع تواصل أدوارها في تقدير المبدعين وتكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

ويترجم المجمع جهوداً سعودية حثيثة لتعزيز دور اللغة العربية إقليمياً وعالمياً، وإبراز قيمتها المعبّرة عن العمق اللغوي للثقافتين العربية والإسلامية، وليكون مرجعية علمية على المستوى الوطني تختص باللغة وعلومها، ويسهم بشكل مباشر في تحقيق أحد مستهدفات برامج «رؤية السعودية 2030»، المتمثل في العناية باللغة العربية، واستثمار المبادرات التقنية الفريدة وإطلاقها؛ دعماً لدورها إقليمياً وعالمياً.

وفي أبريل (نيسان) من العام الحالي، أطلق مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية؛ مركز «ذكاء العربية»، في خطوة استراتيجية لتمكين اللغة العربية تقنياً، وجعلها قادرة على التنافس مع اللغات الأخرى في المجالات الرقمية.

ويُعد مركز «ذكاء العربية» هو الأول من نوعه في تخصص المعالجة الآلية للغة العربية، ويهدف إلى تقديم حلول متكاملة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة العربية وتطويرها؛ تماشياً مع الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي «المستمدة من رؤية السعودية 2030»، التي تسعى إلى ريادة المملكة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.

«ذكاء العربية» أوَّل مركز ذكاء اصطناعي مختصّ بالمعالجة الآلية للغة العربية (مجمع الملك سلمان)

ويُشكل مركز «ذكاء العربية» جوهرة مبادرات حوسبة اللغة العربية التي أطلقها المجمع في الفضاء العام، وبتبنّيه الذكاء الاصطناعي، وتقديمه خدمات متقدمة؛ يُعدّ المركز بوابة جديدة لمستقبل اللغة العربية في العصر الرقمي؛ من خلال الحفاظ على اللغة، والسعي إلى تمكينها من التفاعل مع التقنيات الحديثة، وإبراز مكانتها بين اللغات العالمية، إضافةً إلى دوره في تطوير الأدوات التقنية؛ تحفيزاً ودعماً للابتكار في الأبحاث والمشروعات المستقبلية، وتمهيده الطريق لجيل جديد من الباحثين والمطورين الذين سيحملون اللغة العربية إلى آفاق جديدة؛ ليظل حضورها أساسياً في المجالات المختلفة.

وواصل المجمع التزامه بتطوير مجالات الحَوسبة اللغوية، وتعزيز النجاحات التي حقّقها في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة اللغة العربية ورقمنة كثير من الخدمات، وإطلاق عدد من المشروعات النوعية في مجال الحَوسَبة اللغوية خصوصاً، وإلى جانب مركز «ذكاء العربية» الذي أُطلِق في شهر أبريل الماضي، ليكون مظلّة لمبادرات نوعية تُسهم في خدمة اللغة العربية، أطلق المجمع «معجم الرياض للغة العربية المعاصرة»، و«مِنصة فَلَك للمدونات اللغوية»، و«منصة سِوار للمعاجم الرقمية».

وشهد «معجم الرياض» منذ إطلاقه في سبتمبر الماضي، إقبالاً واسعاً من المستفيدين حول العالم، وصل عددهم إلى 67 ألف مستفيد، وتصدرت السعودية قائمة الدول الأكثر استفادة من المعجم، الذي يعدّ الأغنى بمفردات اللغة العربية المعاصرة. ووصل متوسط عدد العمليات الشهرية للمستخدمين إلى 34 ألف عملية، تشمل المسجلين والزوّار على حد سواء، ويحتوي المعجم على 145 ألف معنى يشرح المداخل المعجمية، ما يعكس حجم العمل الكبير الذي بذله فريق المعجم في توثيق وتطوير المحتوى اللغوي.

120 ألف مدخل رئيس وُضعت في «معجم الرياض» الأغنى عربياً عند إطلاقه في سبتمبر الماضي (واس)

من جهتها، تتميز منصة «سِوار» بإتاحة خدماتها للجميع عبر الموقع الرسمي؛ إذ يمكن للمستخدمين تحميلها والوصول إلى محتوياتها بسهولة، ويمكن لصُنَّاع المعاجم رفع معاجمهم والاستفادة من خدماتها دون أي مقابل مادي.

وتُبرِز هذه الخطوة التزام المجمع بتوفير المعرفة اللغوية لكلِّ من يحتاج إليها، مع التركيز على تسهيل وصول الباحثين، وصُنَّاع المعاجم، والمترجمين إلى مصادر موثوقة ومحدثة.

وتضمُّ المنصة حالياً أكثر من 16 معجماً، وأكثر من 330 ألف مدخل معجمي، وما يزيد على 340 ألف معنى، وأكثر من 300 ألف مثال، وأكثر من 90 ألف علاقة دلالية، وتعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لتحسين دقة نتائج البحث، وتوفِّر حلولاً مبتكرة لصُنَّاع المعاجم تمكِّنهم من رقمنة محتوياتهم ونشرها بسهولة، وتعدّ هذه التقنيات جزءاً من رؤية شاملة تُسهم في تطوير الصناعة المعجمية وتوسيع استخدامها على نطاق واسع.

132 متعلماً ومتعلمةً من الدفعة الأولى لطلاب مركز «أبجد» لتعليم اللغة العربية ينتمون إلى 34 دولة (واس)

وفي سبتمبر الماضي، احتفل مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، بتخريج الدفعة الأولى من طلاب مركز «أبجد» لتعليم اللغة العربية، البالغ عددهم 132 متعلماً ومتعلمةً، ينتمون إلى 34 دولة، وذلك في مقر المجمع بمدينة الرياض، في حين بلغت جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية دورتها الثالثة هذا العام، في استمرار سعيها لتكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة، وتقدير جهودهم، ولفت الأنظار إلى عِظَم الدور الذي يضطلعون به في حفظ الهُوية اللغوية، وترسيخ الثقافة العربية، وتعميق الولاء والانتماء، وتجويد التواصل بين أفراد المجتمع العربي، كما تهدف إلى تكثيف التنافس في المجالات المستهدَفة، وزيادة الاهتمام والعناية بها، وتقدير التخصصات المتصلة بها؛ لضمان مستقبل زاهر للغة العربية، وتأكيد صدارتها بين اللغات.


مقالات ذات صلة

الكتاب الورقي ينتصر على الأجهزة الرقمية في معرض جدة

يوميات الشرق «جدة تقرأ» عنوان معرض الكتاب 2024 (المركز الإعلامي)

الكتاب الورقي ينتصر على الأجهزة الرقمية في معرض جدة

في ظل التطور التقني والاعتماد المتزايد على الكتب الإلكترونية، حسم زوار معرض جدة للكتاب 2024 الجدل لصالح الكتاب الورقي

أسماء الغابري (جدة)
الخليج جانب من لقاء رئيس «المجلس الرئاسي» اليمني مع قائد القوات المشتركة (وزارة الدفاع)

«التحالف» و«المجلس الرئاسي» يبحثان تطورات اليمن

ثمّن رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، المواقف الأخوية المشرفة للسعودية وحرصها على تخفيف معاناة الشعب اليمني، وتحقيق تطلعاته.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من جلسة المباحثات الرسمية التي عقدها الأمير عبد العزيز بن سعود مع الوزير محسن نقوي في الرياض (واس)

مباحثات سعودية - باكستانية لتعزيز مسارات التعاون الأمني

عقد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الاثنين، جلسة مباحثات رسمية مع نظيره الباكستاني محسن نقوي، بحث خلالها الجانبان تعزيز مسارات التعاون الأمني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق دور النشر شهدت إقبالاً كبيراً من الزوار من مختلف الأعمار (هيئة الأدب والنشر والترجمة)

«جدة للكتاب»... مزيج غني بالمعرفة والإبداع بأحدث الإصدارات الأدبية

يعايش الزائر لـ«معرض جدة للكتاب 2024» مزيجاً غنياً من المعرفة والإبداع يستكشف عبره أحدث الإصدارات الأدبية، ويشهد العديد من الندوات وورش العمل والجلسات الحوارية.

إبراهيم القرشي (جدة)
يوميات الشرق يجمع «ملتقى لقراءة» محبي أندية القراءة والمهتمين بها لتعزيز العادات والممارسات القرائية (هيئة المكتبات)

ملتقى دولي في الرياض يعزز التبادل الفكري بين قراء العالم

تنظم هيئة المكتبات «ملتقى القراءة الدولي» الهادف لتعزيز العادات القرائية، من 19 إلى 21 ديسمبر (كانون الأول) بقاعة المؤتمرات في «مركز الملك عبد الله المالي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تحويل الأفلام الكلاسيكية إلى أعمال درامية يعود للواجهة

الفنانة تحية كاريوكا والفنان شكري سرحان في لقطة من فيلم «شباب امرأة» (يوتيوب)
الفنانة تحية كاريوكا والفنان شكري سرحان في لقطة من فيلم «شباب امرأة» (يوتيوب)
TT

تحويل الأفلام الكلاسيكية إلى أعمال درامية يعود للواجهة

الفنانة تحية كاريوكا والفنان شكري سرحان في لقطة من فيلم «شباب امرأة» (يوتيوب)
الفنانة تحية كاريوكا والفنان شكري سرحان في لقطة من فيلم «شباب امرأة» (يوتيوب)

عادت ظاهرة تحويل الأفلام الكلاسيكية إلى أعمال درامية إلى الواجهة مجدداً، بعد الإعلان عن تقديم قصة فيلم «شباب امرأة» في مسلسل درامي للعرض خلال رمضان 2025.

ويعد مسلسل «شباب امرأة» أحدث الأعمال التي تم تحويلها لعمل درامي مقتبس من فيلم كلاسيكي بعد تجارب فنية مشابهة شهدتها صناعة الدراما في مصر منذ بداية الألفية الجديدة، والمسلسل الجديد يتكون من 15 حلقة، من بطولة غادة عبد الرازق، ومحمد محمود، ويوسف عمر، من كتابة محمد سليمان عبد المالك، وإخراج أحمد حسن.

وتدور أحداث الفيلم الأصلي الذي تم إنتاجه في خمسينات القرن الماضي حول سيدة متسلطة تدعى «شفاعات»، تقوم بتسكين شاب يدعى «إمام» في إحدى البنايات التي تمتلكها بعدما أتى من الريف للدراسة بالقاهرة، ومع مرور الوقت توقعه في شباكها رغم تحذير «حسبو» الرجل العجوز الذي يعمل لديها، لكن «إمام» يتعرف على فتاة تدعى «سلوى» ويتقرب من أسرتها، بينما تدبر «شفاعات» له المكائد حتى يعود إليها، لكنها تقع فريسة لانتقام «حسبو» في النهاية.

فيلم «شباب امرأة» قصة وسيناريو وﺇﺧﺮاﺝ صلاح أبو سيف، عن رواية للكاتب المصري أمين يوسف غراب، وبطولة تحية كاريوكا، وشكري سرحان، وشادية، وعبد الوارث عسر.

الفنانة غادة عبد الرازق بطلة مسلسل «شباب امرأة» (حسابها على إنستغرام)

ويرى الناقد الفني المصري كمال القاضي أن «التجارب التي تم تنفيذها وسبق عرضها أثبتت فشل العديد من الأنماط السينمائية التي تم تحويلها إلى أعمال درامية»، ويستكمل القاضي حديثه لـ«الشرق الأوسط» مؤكداً أن «أسباب الفشل تتصل بعدم القبول الجماهيري لأفلام أعيد تدويرها فأصبحت مجرد مُستنسخات لا تحمل أي إضافة غير الانتقاص من قيمة العمل الأصلي فنياً وأدبياً، فالجمهور تفاعل مع الأفلام القديمة وعاش أحداثها ولا حاجة له إلى اجترارها مرة أخرى».

ويضيف القاضي: «أتصور أن ما يحدث طريقة لاستثمار نجاح الأفلام والاستفادة من شعبيتها فقط دون أي هدف آخر، ولكن لا يمكن أن تستمر هذه الظاهرة في التمادي إلا إذا كانت هناك جهات إنتاجية تستفيد منها».

ونوه القاضي بأن «النسبة القليلة التي تتابع المسلسلات المنقولة هي في واقع الحال تستدعي ذكرياتها مع الأفلام ليس أكثر ولا أقل، وتتفاعل مع الأحداث بأثر رجعي وليس إعجاباً بالمسلسلات أو الأبطال، وهذا يتضح من الآراء والتعليقات الساخرة التي يسجلها الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي».

ومن بين الأفلام التي تم إعادة إنتاجها في أعمال درامية خلال السنوات الماضية، «إمبراطورية م»، و«العار»، و«الطوفان»، و«الباطنية»، و«أرض النفاق»، و«الزوجة الثانية»، و«لا تطفئ الشمس»، و«رد قلبي»، و«سمارة»، و«الكيف»، و«جري الوحوش»، و«بين السماء والأرض»، وغيرها.

من جانبه، يفضل الناقد الفني المصري عماد يسري المحاولة، لكنه يوضح أن «كثيراً من التجارب التي تم تنفيذها فشلت على مستوى الكتابة والتمثيل والإخراج لقصور في معرفة كيفية إدارة هذه الأعمال الفنية الراسخة في الأذهان».

فيلم «شباب امرأة» تناول قصة سيدة متسلطة وشاب جامعي (يوتيوب)

ويضيف يسري لـ«الشرق الأوسط» أن «الفنان يحتاج إلى دخل لسد احتياجه؛ الأمر الذي يضطره للموافقة على المشاركة، لكن ما دور الكاتب الذي تكاسل في تقديم معالجة مختلفة، ولماذا اعتمد الإنتاج على أسماء لا ترقى لمستوى العمل الأصلي؟».

وتعود ظاهرة تحويل الأفلام لأعمال درامية إلى ما تتمتع به الأفلام الكلاسيكية من شهرة كبيرة عربياً، ومعالجات فنية مميزة وصناعة متقنة ونجاح مذهل، وفق نقاد.

ويؤكد الكاتب المصري محمد الغيطي لـ«الشرق الأوسط» أن «التجربة نجحت بالفعل في المسرح، وخصوصاً على المستوى العالمي، لكن التجربة التلفزيونية كانت سيئة بسبب المعالجة الفنية التي لم ترق لمستوى الفكرة الأصلية».

ويرى الغيطي أن «الإنتاج وتحريك عجلة الصناعة هما الأهم في الوقت الحالي لتشغيل أكبر عدد ممكن من الفنانين والفنيين، فيتم اللجوء لهذه الأعمال المقتبسة حتى لا نصل لدرجة انهيار كلي للصناعة في مصر، التي تعتبر دخلاً قومياً»، وفق قوله.