قردة البونوبو تتغلب على الصدمات الاجتماعية

الفَهْم الأفضل يساعد جهود إعادة التأهيل والمحافظة على هذا النوع

قردان من البونوبو في حالة تواصل اجتماعي ودّي (جامعة دورهام)
قردان من البونوبو في حالة تواصل اجتماعي ودّي (جامعة دورهام)
TT

قردة البونوبو تتغلب على الصدمات الاجتماعية

قردان من البونوبو في حالة تواصل اجتماعي ودّي (جامعة دورهام)
قردان من البونوبو في حالة تواصل اجتماعي ودّي (جامعة دورهام)

أظهرت دراسة أجراها باحثون من جامعة «دورهام» في بريطانيا، أنّ قردة البونوبو التي تيتّمت بسبب التجارة غير المشروعة، يُمكنها التغلُّب على الصدمات وتطوير القدرات الاجتماعية مثل أقرانها التي ترعرعت على يد أمهاتها.

وبحثت الدراسة المنشورة، الأربعاء، في دورية «رويال سوسيتي أوبن ساينس» في تأثيرات إعادة التأهيل التي تقودها المحمية الوحيدة في العالم للبونوبو، في التطوّر الاجتماعي والعاطفي للقردة اليتيمة على مدى 10 سنوات.

ووفق نتائج الدراسة التي شملت أيضاً باحثين من جامعتَي «هارفارد» و«إيموري» الأميركيتين، «يمكن أن تكون للصدمة المبكرة للحياة بسبب فقدان الأم والحرمان من الوقوع في قبضة البشر آثار سلبية طويلة الأمد على القدرات الاجتماعية للبونوبو».

ورغم أنّ قردة البونوبو اليتيمة التي جرت دراستها أظهرت مهارات اجتماعية منخفضة، فإنها لا تزال تظهر درجة من السلوكيات الاجتماعية النموذجية، مقارنة بالأنواع التي شوهدت في القِرَدة الناشئة على يد أمهاتها.

من هنا، قالت المؤلِّفة الرئيسية ستيفاني كوردون، الباحثة الحاصلة على درجة الدكتوراه في قسم علم النفس بجامعة «دورهام»: «تؤدّي محمية (لولا يا بونوبو) عملاً حيوياً في حماية هذا النوع المعرَّض للخطر. في حين أنّ التطور الاجتماعي للأيتام لا يعادل نظيره لدى تلك التي ترعرعت على يد أمهاتها، فإنها تتقدَّم في التطوّر والسلوكيات التي تُظهرها».

وأوضحت، في بيان، أنه «من خلال فهم أفضل للتطوُّر الاجتماعي الصحّي للبونوبو، نهدف إلى مساعدة جهود إعادة التأهيل والمحافظة المهمّة على هذا النوع الفريد».

وحقّق الباحثون في كيفية تطوّر التعاطف والمهارات الاجتماعية وسلوكيات العدوان لدى البونوبو عبر أعمارها، وكذلك بين الجنسين؛ إذ رصدوا سلوك 83 فرداً من قردة بونوبو وتفاعلها في نقاط مختلفة من حياتها على مدار 10 سنوات في محمية «لولا يا بونوبو».

وأرادوا معرفة تأثير إعادة التأهيل داخل المحمية في المهارات الاجتماعية والعاطفية للبونوبو اليتيمة، مقارنةً بتلك التي نشأت على يد أمهاتها.

ورأى الباحثون أنّ المهارات الاجتماعية ازدادت لدى إناث البونوبو وانخفضت لدى الذكور مع تقدُّم العمر، وهو ما يتّفق مع كيفية تفاعلها في البرّية، حيث إنّ البونوبو مجتمع تقوده الإناث. ومع ذلك، كانت هذه المهارات أقل لدى الأيتام، مقارنةً بتلك التي نشأت على يد أمهاتها.

وبينما كانت قرود البونوبو اليتيمة أقل ميلاً باستمرار إلى إظهار التعاطف - مثل مواساة قرد بونوبو آخر - فإنّ هذه القدرة لم تكن غائبة تماماً. وهذا يشير إلى أنّ الأيتام تستمر في إظهار الرعاية تجاه قرود البونوبو الأخرى، حتى وإن كانت على الطرف الأدنى من المقياس.

ووفق الدراسة، تشير هذه النتائج إلى أنها قد تتمتّع بمهارات كافية للتكيُّف داخل المجموعات الاجتماعية. وهذا مهمّ؛ لأن بعض هذه القرود يستمر في العودة إلى البرّية، حيث تكون المهارات الاجتماعية بالغة الأهمية للبقاء.

وفي هذا السياق، قالت المؤلّفة الرئيسية للبحث، بقسم علم النفس في جامعة «دورهام»، البروفسورة زانا كلاي: «بينما لا يمكننا القول إنّ البونوبو اليتامى أُعيد تأهيلها تماماً، فإنّ نتائجنا تظهر اتجاهاً جيداً لوظيفتها الاجتماعية؛ إذ نراها تُظهر سلوكيات نموذجية ضمن نطاقات منخفضة، ولكن طبيعية».

وأضافت: «مقارنةُ الأيتام بالبونوبو التي تربّيها أمهاتها، يمنحنا أيضاً نظرة ثاقبة حول كيفية تأثير تجارب الحياة المبكرة في تطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى أقرب أقربائنا، وأهمية المحميات الطبيعية في دعم هذا التطوُّر».


مقالات ذات صلة

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

يوميات الشرق طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق دب قطبي (أرشيفية - رويترز)

رجل كندي يهاجم دباً قطبياً دفاعاً عن زوجته

قالت الشرطة إن رجلاً في أقصى شمال كندا قفز على دب قطبي لحماية زوجته من التعرض للهجوم. وأُصيب الرجل، الذي لم يذكر اسمه، بجروح خطيرة لكن من المتوقع أن يتعافى.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

المُشرفة على غذاء نجوم هوليوود أنجي قصابية: لكلّ مهنة أطعمة تناسبها

ترتكز في عملها على عناصر النوم والرياضة وطبيعة المهنة (أنجي قصابية)
ترتكز في عملها على عناصر النوم والرياضة وطبيعة المهنة (أنجي قصابية)
TT

المُشرفة على غذاء نجوم هوليوود أنجي قصابية: لكلّ مهنة أطعمة تناسبها

ترتكز في عملها على عناصر النوم والرياضة وطبيعة المهنة (أنجي قصابية)
ترتكز في عملها على عناصر النوم والرياضة وطبيعة المهنة (أنجي قصابية)

هل تعلم أنّ ما ينبغي للصحافي أو الموظّف تناوله من طعام يختلف عمّا يتبعه الفنان أو الطبيب؟ فاختصاصية التغذية اللبنانية أنجي قصابية تنطلق في مهنتها من هذه القاعدة. تدرُس طبيعة عمل كلّ شخص، لتزوّده بنظام غذائي يُناسبه. فهي صاحبة باع طويل في التعاون مع نجوم هوليوود، إذ تمارس مهنتها مع شركات إنتاج عالمية منذ 12 عاماً، فتعمل مع «وورنر براذرز» و«ميلينيوم»، وشركات أخرى منها «نيو إيمدج» لإنتاج الأفلام السينمائية.

تنصح النجوم العرب بعدِّ أنفسهم «نمبر وان» (أنجي قصابية)

من النجوم الذين تعاونت معهم، جان كلود فاندام، وجون ترافولتا، وجنيفر لوبيز، وهاريسون فورد. وكذلك عملت مع إيفا غرين، وإيفا لونغوريا، وروبرت دي نيرو وغيرهم. فشركات الإنتاج تلك، تفرض وجود اختصاصي تغذية يُرافق نجومها. توضح أنجي قصابية لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة أمور يُطالب بها كل نجم مع تشغيل الكاميرات. فالمياه تُفحَص قبل أن يرتشفها مثلاً، وتُعبَّأ في قوارير زجاجية بدلاً من البلاستيكية. كما تؤمَّن له ماكينات الرياضة وفق رغبته. ولديه نوعية طعام خاصة يطلبها؛ جميعها تسبقه إلى مكان التصوير».

برأيها، فإنّ أصعب نظام تغذية هو الذي يتبعه الفنان: «يتعرّض لمغريات كبيرة بسبب حفلات وسهرات دعوات لتناول الطعام عليه تلبيتها. كما أنه يعاني عدم انتظام أوقات النوم. فساعات التصوير المتأخرة تتحكَّم به، وخلالها يحتاج إلى التزوّد بالطاقة».

تنطلق اختصاصية التغذية اللبنانية في أنظمة الحمية التي تتبعها من قاعدة أساسية: «لا أحرم النجم من وجبات يحبّها، وهو أمر أساسي ليُكمل المشوار معي. ولكن ينبغي لهذه القاعدة أن تُرفَق بتنظيم دقيق لتناول الطعام. فعندما يُحرَم الشخص من وجبة يحبّها، سيصبح مدمناً على تناولها حتى في الخفاء. كما أنّ الفنان، وبسبب سهره الطويل، يشعر بحاجة إلى تناول السكّر، فأسمح له بالتهام الشوكولاته؛ ولِمَ لا طبق البرغر أيضاً؟ الطعام يعدّل المزاج، وهو ما يجب أخذه في الحسبان. وبعكس ما يعتقده الناس، لا يتسبَّب بزيادة الوزن إلا ما نتناوله بين الوجبات. فالانكباب على عادة (اللقمشة) بشكل دائم هو مُسبِّب السمنة».

مع جون ترافولتا الذي تعاون معها في نظامه الغذائي (أنجي قصابية)

العنصر الآخر الذي توليه قصابية أهمية لدى الراغب في حمية تعزّز لياقته البدنية، هو البشرة. تقول: «في استطاعتها أن تُخبرنا كلّ ما نريد معرفته عن الحالة الصحّية. إنها تحتل المساحة الأكبر في جسم الإنسان، وتُشبه (السكانر) بإبراز مشكلاتنا الصحّية. فجفافها وترهّلها وانكماشها، وغيرها من مظاهر غير متوازنة، تكشف الكثير».

من نجوم هوليوود الذين تربطها بهم علاقة وطيدة، سيلفستر ستالون. صداقتهما استمرّت حتى بعد انتهاء مَهمّتها بوصفها اختصاصية تغذية على موقع التصوير. يُعجبه أسلوب تعاملها على مستوى الحميات، فاختارها لتُراقب نظامه. تُعلّق: «إنه نجم متكامل، ومتواضع بتصرّفاته مثل أي شخص عادي. وكونه من أصل إيطالي، فهو يحبّ (الباستا)، بالإضافة إلى البقلاوة اللبنانية التي عرّفته إليها. تروقه الأكلات اللبنانية، وفي مقدّمها الحمّص بالطحينة. كان يحرم نفسه من تناول ما يحبّ قبل التصوير، فجئتُ وبدّلت مفهومه. جميعنا نعلم بأنّ الطعام أحد ملذّات الحياة، ولا داعٍ لحرمان أنفسنا منه. سمحتُ له بتناول كلّ ما يرغب فيه، ولكن في أوقات مُنتظمة. وجود طاهٍ خاص يهتمّ به، سهَّل المَهمَّة».

تُخبر عن ستالون بأنه يمارس الرياضة يومياً لساعات: «يعرف ما يريد، وكيف يحافظ على صورته نجماً عالمياً. عمره يناهز الثمانين، ولكنه يتمتّع بلياقة الشباب. يرفض أن يأكل بأسلوب خاطئ لقناعته بأنّ جسم الإنسان كنز يجب الحفاظ عليه. وكلما انتبهنا إلى ما نتناوله، أسهمنا في بناء صحّة سليمة وعمر مديد».

سيلفستر ستالون اختارها للحفاظ على صورته الهوليوودية (أنجي قصابية)

تنصح أنجي قصابية بالإكثار من شرب المياه وتناوُل الأطعمة المحتوية على الزيوت الطبيعية، مثل الأفوكادو والطحينة. وتتابع: «ممارسة الرياضة، والنوم لـ6 ساعات بحد أدنى يومياً، ضروريان. وكذلك التلوين بالطعام، مثل الأخضر ضمن سلطات مسلوقة، والأحمر في اللحوم، والأبيض في السمك. وكذلك أنواع المكسّرات من جوز ولوز».

أمّا النوم، فلا يجب الاستهتار به. فالجسم يفرز مادة «الغروث هرمون»، أو ما يعرف بهرمون النمو، فيزوّد صاحبه بالطاقة والصحّة الجيدة. وتُوجّه نصيحة إلى الفنانين العرب: «عليهم أن يضعوا أنفسهم بمرتبة الرقم واحد، فيبذلون جهداً للحفاظ على صورتهم وصحّتهم وأصواتهم. ذلك ينتج عن ممارسة الرياضة وطريقة أكل منظَّمة».

تعاونت مع نجوم هوليوود من بينهم روبرت دي نيرو (أنجي قصابية)

وعن النظام الغذائي وفق كل مهنة، تقول: «ثمة فرق بين مهنة وأخرى، مما يستوجب اتّباع نظام طعام يناسبها. إذا ارتكزت على عدم الحركة، فلها قواعدها. وأيضاً إذا تطلّبت كثيراً من التفكير وتشغيل الذاكرة. نظام حياتنا يحدّد عناصر نظامنا الغذائي. وعلى كل منّا الأخذ في الحسبان هذا الإيقاع. متى ننام ونستيقظ؟ وهل نلبّي دعوات طعام كثيرة؟ كلّها مسائل علينا دراستها لنعرف كيف نأكل ومتى. النظام الغذائي ليس مجرّد أداة للوصول إلى مظهر جميل فحسب، بل أيضاً لنكتسب صحّة جيدة وعمراً أطول».