تسعى مصر لإدراج مقياس النيل بجزيرة الروضة (وسط القاهرة) ضمن القائمة النهائية للتراث العالمي في منظمة اليونيسكو. وفي هذا الصدد نظمت وزارة السياحة والآثار المصرية ورشة عمل بين خبراء ومتخصصين من مصر والصين لتبادل الخبرات وبحث إجراءات التسجيل للأثر المصري وكذلك لنقوش بايهيليانج الصينية.
وخلال الورشة نوّه الدكتور هشام الليثي رئيس قطاع حفظ وتسجيل الآثار بالمجلس الأعلى للآثار بالتعاون والاستفادة من خبرات الجانبين في مجال تسجيل المواقع الأثرية على قائمة التراث العالمي لليونيسكو، للعمل على زيادة المواقع المسجلة للبلدين على هذه القائمة.
موضحاً، خلال بيان نشرته الوزارة، الاثنين، أن موقع مقياس النيل بجزيرة الروضة بالقاهرة مسجل على القائمة المبدئية لمواقع التراث العالمي لليونيسكو منذ عام 2003، بينما موقع نقوش بايهيليانج الصينية مسجل في القائمة عام 2008.
من جانبه، استعرض نائب مدير متحف نقوش بايهيليانج الصينية، جانغ ري، الموقع الأثري الذي اكتشفت به هذه النقوش، وأهميته الأثرية التاريخية والفنية والثقافية، بما يؤهله للتسجيل على قائمة التراث العالمي لليونيسكو.
وبحثت ورشة العمل ما يجب اتخاذه من إجراءات للتقدم بالمستندات الرسمية للجنة التراث العالمي المختصة التابعة لمنظمة اليونيسكو لإدراج الموقعين بالقوائم النهائية.
واعتبر أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة الدكتور جمال عبد الرحيم أن «مقياس النيل من أقدم الآثار المتبقية في مصر»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «يعود للعصر العباسي، وتعود أهميته إلى فائدته الاقتصادية لمصر»، ولفت إلى أن «المقياس عبارة عن مبنى ومن تحته عمود رخامي يقيس ارتفاع المياه، وعادة ما يتحدد القياس المناسب بـ16 ذراعاً، لو كان منسوب النيل في هذا المستوى يتم جمع الضرائب من الناس، فبهذه النسبة لا يكون منسوب المياه عالياً جداً يؤدي إلى غرق الأراضي بالفيضان، ولا يكون منخفضاً فيؤدي إلى الجفاف».
ويرجع مقياس النيل بالروضة إلى عهد الخليفة العباسي المتوكل على الله، إذ تم بناؤه عام 247 هجرية/ 861 ميلادية، لقياس مستوى الفيضان، وبناء على ذلك يتم تنظيم أمور الزراعة وتحديد الضرائب التي تفرض عليها.
وذكر أستاذ الآثار الإسلامية أن «هذا ليس المقياس الأول لمنسوب النيل؛ فقد كانت هناك مقاييس فرعونية وكذلك يونانية ورومانية وبيزنطية، ولكن هذا هو المقياس الإسلامي المتبقي».
وبني المقياس على هيئة عمود رخامي مثمن الشكل بطول 19 ذراعاً، يحمل علامات القياس لتحديد ارتفاع الفيضان، قمته مستطيلة وقاعدته مستديرة، ويقع وسط بئر مبطن بالحجر، ويدور حول البئر سلم حلزوني يصل إلى القاع، وتحمل جدران المقياس زخارف من الآيات القرآنية.
وأشار عبد الرحيم إلى «ميزة أخرى للمقياس مرتبطة بقيمته المعمارية والفنية، حيث توجد به زخارف بالخط الكوفي وهي أول نموذج للكتابة الكوفية على العمارة، كما أن اسم المهندس الذي بنى المقياس موجود، أحمد بن محمد الحاسب ابن كثير الفرغاني، أي إنه من فرغانة التابعة حاليا لجمهورية أوزبكستان»، مؤكدا أن «منطقة الروضة التي يقع فيها المقياس مسجلة منطقة أثرية».