احتفاء مصري واسع بفوز «رفعت عيني للسما» في «كان»

اقتنص جائزة «العين الذهبية»

من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)
من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)
TT

احتفاء مصري واسع بفوز «رفعت عيني للسما» في «كان»

من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)
من كواليس الفيلم المصري «رفعت عيني للسما» (الشركة المنتجة)

حظي اقتناص الفيلم التسجيلي المصري «رفعت عيني للسما» جائزة «العين الذهبية» في مهرجان «كان»، مناصفة مع فيلم «إرنست كول... لوست آند فوند»، باحتفاءٍ واسع في مصر، مع إشادات نقدية لدى مشاهدة العرض الأول للفيلم خلال فعاليات الدورة الـ77 من المهرجان السينمائي الدّولي.

ويعدّ هذا الفيلم أول فيلم تسجيلي مصري يشارك في المهرجان، وعُرض ضمن برنامج «أسبوع النقاد»، وهو من إخراج الزوجين ندى رياض وأيمن الأمير، في ثاني تجاربهما السينمائية بعد فيلم «نهايات سعيدة» الذي عُرض عام 2016.

ويتناول «رفعت عيني للسما» فريق مسرح «بانوراما برشا»، وهي فرقة مسرحية متجولة من قرية «البرشا» في صعيد مصر، ونشاهد رحلة تأسيس مجموعة فتيات للفرقة، ومواجهتهن تحديات خلال عروضهن المسرحية المتجولة في شوارع قريتهن، كما يواجهن مشكلات مرتبطة بالزواج المبكر والعنف الأسري.

واستغرق تصوير الفيلم 4 سنوات بجانب عامين من التحضير، بقي خلالهما مخرجا العمل في القرية مع أعضاء الفرقة وأقاربهن ضمن تحضيرات تصوير الفيلم الذي يمتد لأكثر من 100 دقيقة، وحظي بردود فعل نقدية إيجابية، مع القضايا المتعدّدة التي تُطرح خلال الأحداث.

الملصق الدّعائي للفيلم (الشركة المنتجة)

واقعية الفيلم الشديدة كانت أحد الأسباب الرئيسية في تميّزه، من وجهة نظر طارق الشناوي، الناقد الفني المصري الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «مخرجيْ الفيلم استطاعا الحفاظ على تلقائية الأبطال أمام الكاميرا بصورة كبيرة؛ ما جعل المشاهد يشعر كأنه يعيش معهن في رحلة حياتهن».

وأضاف أن «الفيلم طرح أفكاراً كثيرة، وسلّط الضوء على فتيات لديهن طموح لتقديم أعمال فنية في بيئة تتّسم بالمحافظة التي تصل لدرجة التشدد أحياناً»، مؤكداً أن «رسالة الفيلم ترتبط بقُدرة الفتيات على تغيير الواقع وتحديه».

وذكر أحمد شوقي، رئيس الاتحاد الدولي للنقاد، أنه تابع الفيلم في مراحل تحضيره التي كان آخرها في اختياره بملتقى «الجونة» في النسخة الماضية، مع اقتراب اكتماله، متوقعاً أن «يكون للعمل مكانة مهمة في المهرجانات السينمائية خلال العام الحالي بوصفه من أهم الإنتاجات المصرية والعربية».

ويؤكد شوقي لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من كون الجائزة التي حصل عليها الفيلم من الجوائز الفرعية التي تُمنح على هامش المهرجان فإنها اكتسبت أهمية كبيرة منذ بدايتها عام 2015، وغالبية الأفلام التي حصدتها نالت جوائز عدة عالمياً، ورُشحت للأوسكار بوصفها أفضل أفلام العام».

وعدّت الدكتورة نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، هذا الفوز «إنجازاً هاماً» للسينما المصرية، ويعكس موهبة المخرجَين ندى رياض وأيمن الأمير، وقدرتهما على تقديم عمل فني إبداعي يتناول قضايا إنسانية هامة بطريقة مؤثرة، وفق بيان رسمي (السبت).

ومن جانبه، يصف أحمد العياد، الناقد السعودي الفيلم بأنه «من أهم الأفلام التسجيلية التي شاهدها خلال السنوات الأخيرة»، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه شعر خلال متابعة الأحداث بحالة من التّرقب لمصير الفتيات وفرقتهن بجانب تسليطه الضوء على جوانب مختلفة من حياتهن في الصعيد.

وأضاف العياد أن «القضايا التي طرحها الفيلم تترك مساحة للمتلقي للتفكير في اختيارات الفتيات وقدرتهن على مواجهة ظروف صعبة من أجل تقديم ما يحبون من أعمال فنية، وهو أمر يشترك فيه عشّاق الفن ليس في صعيد مصر فقط، ولكن في كثير من الأماكن بعالمنا العربي التي لا توفر فرصاً حقيقية لتقديم المواهب الفنية واكتشافها».

ويعود رئيس الاتحاد الدّولي للنّقاد للتأكيد على «رسائل الأمل التي يمنحها الفيلم للفنانين وأصحاب المواهب الموجودين خارج العاصمة»، لافتاً إلى أن ذلك «يذكّر الدولة بأهمية البحث عن المواهب الفنية في مختلف القُرى والمدن المصرية، كما كان يحدث في الماضي».

وهو رأيٌ يدعمه الناقد المصري محمد طارق الذي يشير إلى «دفاع الفيلم عن الحق في الثقافة بوصفه من حقوق الإنسان»، مشيداً بـ«قدرة مخرجي الفيلم على توفير أجواء إيجابية لبطلاتهما ليظهرن بتلقائية أمام الكاميرا، رغم صعوبة مكان التصوير، وضيق المساحات التي يمكن الحركة فيها داخل قرية صغيرة تحكمها عادات وتقاليد مجتمع مغلق محافظ».


مقالات ذات صلة

«الجونة السينمائي» للتفاعل مع صناع الأفلام على مدار العام

يوميات الشرق عمرو منسي المدير التنفيذي للمهرجان وماريان خوري المديرة الفنية

«الجونة السينمائي» للتفاعل مع صناع الأفلام على مدار العام

أطلق مهرجان الجونة السينمائي منصة تفاعلية لدعم وتمكين صانعي الأفلام المصريين والعرب بهدف توفير تجربة مؤثرة ودائمة في القاهرة لمنصة «سيني جونة».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق نجوم مهرجان «إهدنيات» معظمهم محليون (فيسبوك)

مهرجان «إهدنيات» اللبناني يعلن برنامجه والقلب والعقل مع غزة

ينضم مهرجان «إهدنيات الدّولي» إلى لائحة بقية المهرجانات الفنية التي تقام في موسم الصيف.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق محمد عسيري الرئيس التنفيذي المكلف لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي (الشرق الأوسط)

تكليف عسيري رئيساً تنفيذياً لمهرجان البحر الأحمر... والتركي مستشاراً

أعلنت مؤسسة البحر الأحمر السينمائي عن تحديثات إدارية تتضمّن تعيين محمد عسيري عضو مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي السابق رئيساً تنفيذياً مكلّفاً.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق إليسا تفتتح «أعياد بيروت» في 18 يوليو (ستار سيستم)

«أعياد بيروت» تعود إلى المدينة لتساهم في تألقها من جديد

ستغنّي العاصمة اللبنانية بيروت من جديد في مناسبة عيد الأضحى، مستضيفة حفلات فنية كثيرة تتوزع على جميع مناطقها، إعلاناً عن بدء موسم صيف واعد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق العروض الفنية لراقصي التنورة تجذب الجمهور (قصر الأمير طاز)

الحفلات الفلكلورية تضفي أجواء من البهجة في القاهرة الفاطمية

بين أرجاء المباني الأثرية بالقاهرة التاريخية تنثر الحفلات الفلكلورية البهجة على المنطقة من خلال الموسيقى والغناء والرقص والإنشاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )

إدلب تستقبل «الأضحى» بكعك له نكهات المحافظات السورية

من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا
من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا
TT

إدلب تستقبل «الأضحى» بكعك له نكهات المحافظات السورية

من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا
من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا

من الكعك الحلو المعتاد، إلى أصناف الكعك المالح والحار، استقبلت إدلب في الشمال السوري «عيد الأضحى» بنكهات كعك مميزة، جلبها معهم سوريون جرى تهجيرهم إليها من مختلف المحافظات خلال سنوات الحرب.

وعلى الرغم من الأوضاع غير المستقرة ومستويات الدخل المحدود لكثيرين، فإن المهجرين والنازحين يصرون على إعداد المعمول وكعك العيد بنكهات محلية، تذكر بالأماكن التي نزحوا عنها، وتعوض قليلاً غصة العيد، وهم بعيدون عن أسرهم ومناطقهم.

تجتمع النساء قبل العيد لصناعة كعك ومعمول العيد والحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)

تجدر الإشارة أولاً إلى أنه يقيم في مناطق شمال غربي سوريا، الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، نتيجة سنوات الحرب، (إدلب وريفها وجزء من ريف حلب) 5.06 مليون شخص، بينهم أكثر من 3 ملايين من المهجرين والنازحين، وفقاً لإحصائيات «الأمم المتحدة». ومع خفض تصعيد العمليات العسكرية في مارس (آذار) 2020، أطلق القادمون الجدد الذين سكنوا المنطقة مشاريعهم الخاصة، بما فيها محال الحلويات التي حملت نكهات بيئاتهم التي نزحوا عنها، مثل حمص وحماة وريف دمشق ودير الزور.

يحمل المطبخ السوري في الأساس تنوعاً غنياً ينعكس في حلويات العيد، من الكعك وأنواع المعمول، والحشوات وطريقة الإعداد، بحسب كل منطقة.

عبد اللطيف الحموي نقل خبرته بصناعة الحلويات من حماة إلى إدلب (الشرق الأوسط)

حمل عبد اللطيف خبرته في صناعة الحلويات من حماة، وسط سوريا: «قدمنا أصنافاً جديدة وتعرفنا على أنواع أخرى»، قال الشاب، البالغ من العمر 37 عاماً، لـ«الشرق الأوسط». مضيفاً، في المنطقة الوسطى من سوريا تنتشر أنواع البقلاوة المحشوة بالفستق الحلبي والجوز والمبرومة والبلورية، «لكن أكثر الحلويات شهرة هي الأقراص». أشار عبد اللطيف إلى أقراص عجين دائرية بلون فاتح، متحدثاً عن مكوناتها من الشمرا واليانسون وحبة البركة والسكر، وقال: «لا أحد يصنعها سوى أهل حماة وحمص... أحبها سكان إدلب وأصبحوا يشترونها».

حلويات العيد السورية المشهورة التي يكون قوامها السمن العربي والطحين والسكر، مثل البرازق والغريبة، أصلها دمشقي، بحسب عبد اللطيف. مشيراً إلى انتشارها في المحال المختصة بالحلويات في إدلب، التي غالباً ما تعتمد على صناعة البسكويت والبيتفور المعدّ من الزبدة أو الزيت النباتي والطحين والسكر مع إضافات الشوكولا أو وجوز الهند، وهي الأصناف التي تعد أرخص تكلفة وأقرب لمتناول السكان، وكذلك الكعك المعدّ بزيت الزيتون والتوابل.

الكعك بالفلفل الحار يختص به سكان ريف إدلب الشمالي (الشرق الأوسط)

كعك عيد بفليفلة

رغم درجة الحرارة المرتفعة خلال شهر يونيو (حزيران)، تقوم «أم أحمد» بتجهيز قرون الفليفلة الحارة المجففة لبدء عمل كعك العيد، تشدد على أنها «مهما صنعت أنواع الكعك لا أعدّ أني حضّرت شيئاً إن لم يكن الكعك بالفلفل الحار أولها».

تنتشر زراعة الفليفلة الحارة ذات الطعم اللاذع، في منطقة سلقين، بالريف الشمالي لإدلب، حيث يميل مطبخ المنطقة إلى إضافة الفلفل الحار إلى طعامهم بأنواعه، وكان للعيد نصيب بالكعك المعد من فليفلة «قرن الغزال» والزعتر الأخضر وزعتر «الزوبعة» كما يسميه السكان المحليون، إضافة إلى الشمرا واليانسون والملح والسمسم والزنجبيل وبهار المحلب المعروف بـ«بهار الكعك».

أم أحمد تعد الكعك بالفلفل الحار في كل عيد لعائلتها (الشرق الأوسط)

تخبرنا «أم أحمد» أن سكان إدلب يعدون أنواعاً مختلفة من الحلويات، مثل المعمول المحشو بالتمر، إضافة إلى الكعك المالح المعد من ماء الجبن، و«الكرابيج» المعروف بهذا الاسم في إدلب وحلب، وهو نوع من المعمول المحشو بالجوز، ويقدم في حلب «الناطف»، المعدّ من بياض البيض المخفوق مع السكر، ليؤكل مع الكرابيج.

الكعك الأصفر المالح بشكله المدور الشهير تشتهر به إدلب (الشرق الأوسط)

أما الكعك الأشهر في إدلب فهو المالح أصفر اللون، المعد من زيت الزيتون والكركم مع البهارات، ويستعيض البعض عن الفليفلة بالزنجبيل لإبراز النكهة الحارة في الكعك المدور الذي يقدم مع الشاي المحلى.

تختلف عجينة المعمول من محافظة لأخرى في سوريا فالبعض يجهزها بالطحين والبعض بالسميد (الشرق الأوسط)

الاختلاف بين الشمال السوري وجنوبه، بحسب مختصين في الحلويات، هو في الطحين المستخدم في عجينة المعمول، إذ جنوباً يستخدم الطحين الناعم، وقد يخلط مع سميد «الفرخة»، أي السميد الناعم نعومة الطحين، بينما في الشمال يستخدم السميد الأكثر خشونة.

في دمشق يحشى المعمول بالفستق الحلبي، إضافة إلى التمر والجوز، وتقدم أنواع البقلاوة للضيوف في الأعياد، أما في أريافها، فتضاف نكهات أخرى لحشوات المعمول، مثل راحة الحلقوم أو مربى الورد أو قشر حمضيات فاكهة الكباد والنارنج.

في اللاذقية غرباً على الساحل السوري، يصنع المعمول المحشو بالجبن المحلى الذي يضاف إليه القطر (السكر المذاب) أو السكر الناعم، ويقدم ساخناً لزوار العيد.

تجتمع النساء قبل العيد لصناعة كعك ومعمول العيد والحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)

شرقاً في دير الزور والرقة والحسكة، تشتهر «الكليجة» وهي الكعك المحشو بالتمر والمزين بالسمسم، والتي لم تعد غريبة في أسواق إدلب، المدينة التي احتضنت نكهات مطبخ القادمين الجدد، وهي تلقى إقبالاً من الأهالي الأصليين والجدد معاً.

وعلى الرغم من سوء الأوضاع المعيشية في شمال غربي سوريا، حيث يحتاج 4.24 مليون نسمة للمساعدات الإنسانية، ويعاني 3.6 مليون شخص من فقد الأمن الغذائي، لم يتراجع كعك العيد بأنواعه وتحضيره في البيت أو شراؤه من المحلات المختصة، بل بقي تقليداً يحرص عليها السوريون لارتباطه ببهجة قدوم العيد وطقوسه المميزة.