دراسة: اضطرابات المزاج تنتقل بالعدوى بين طلاب المدارس

اضطرابات الصحة العقلية قد تنتقل بين الشباب (جامعة كونيتيكت)
اضطرابات الصحة العقلية قد تنتقل بين الشباب (جامعة كونيتيكت)
TT

دراسة: اضطرابات المزاج تنتقل بالعدوى بين طلاب المدارس

اضطرابات الصحة العقلية قد تنتقل بين الشباب (جامعة كونيتيكت)
اضطرابات الصحة العقلية قد تنتقل بين الشباب (جامعة كونيتيكت)

أفادت دراسة فنلندية بأن اضطرابات الصحة العقلية قد تنتقل بين الطلاب داخل دوائرهم الاجتماعية في الفصول الدراسية.

وأوضح الباحثون أن النتائج كانت واضحة بشكل خاص في حالات اضطرابات المزاج والقلق واضطرابات الأكل، وفق الدراسة التي نُشرت، الخميس، في دورية «غاما للطب النفسي».

وتمثل اضطرابات الصحة العقلية تحدياً عالمياً كبيراً، يؤثّر سلباً على الأفراد والمجتمع والاقتصاد.

وركّز الباحثون في دراستهم على رصد ما إذا كانت اضطرابات الصحة العقلية يمكن أن تنتقل داخل الشبكات والدوائر الاجتماعية في الفصول الدراسية.

وأظهرت أبحاث سابقة نتائج مشابهة. على سبيل المثال، لاحظ باحثون أميركيون أن أعراض الاكتئاب قد تنتقل من شخص لآخر في الدوائر الاجتماعية القريبة منهم.

لكن الأبحاث السابقة كانت تختار الشبكات الاجتماعية بشكل مستقل من قبل الأفراد، ما قد يؤدي إلى تحيز في نتائج البيانات.

واستهدف الباحثون في دراستهم الجديدة رصد تأثير العلاقات الاجتماعية التي تتكون بين الطلاب داخل الفصل الدراسي، فيما يُعرف بالشبكات الاجتماعية، على الإصابة بالاضطرابات العقلية.

وهذه الشبكات تُعدّ مناسبة للبحث لأنها لا تعتمد على اختيارات الأفراد، حيث لا يتمكن الطلاب عادةً من اختيار زملائهم في الفصل الدّراسي، ممّا يقلّل من التحيّز في البيانات الناتجة عن تلك الدراسات.

وأوضح الباحثون أن هذه الدراسة تعدّ الأكبر والأكثر شمولاً حتى الآن في هذا المجال، وقد شارك فيها أكثر من 700 ألف طالب في الصف التاسع من 860 مدرسة فنلندية. وتُوبع المراهقون لمدة 11 عاماً في المتوسط.

وأظهر الباحثون أن عدد مَن شُخّصت إصابتهم باضطرابات عقلية كانوا مرتبطين بزيادة خطر تشخيص إصابة زملائهم باضطراب عقلي في وقت لاحق، خصوصاً فيما يتعلق باضطرابات المزاج والقلق والأكل.

من جانبه، قال الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة هلسنكي البروفسور كريستيان هاكولينين: «لقد وجدنا أن تشخيص زملاء الدراسة بأنهم مصابون باضطراب عقلي كان مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بالاضطراب العقلي في وقت لاحق من الحياة».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا الارتباط كان موجوداً حتى عندما أخذنا في الاعتبار عدداً من العوامل على مستوى الوالدين ومستوى المدرسة والمنطقة، وهذه النتيجة التي توصلنا إليها تشير إلى أن الاضطرابات العقلية قد تنتقل اجتماعياً».

وشدّد هاكولينين على أنه يمكن لتدابير الوقاية والتدخل التي تستهدف الحد من عبء الاضطرابات العقلية أن تأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة للأقران على الصحة العقلية في الحياة المبكرة، لكن هناك حاجة لمزيد من البحث لتوضيح الآليات التي تفسر الارتباطات المُكتشفة.

وذكر أن الأبحاث المقبلة للفريق ستركّز على ما إذا كان تشخيص زملاء الدّراسة بأنهم مصابون باضطراب عقلي يمكن أن يرتبط بالنتائج التعليمية مثل التخرج في التعليم الثانوي.


مقالات ذات صلة

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

صحتك البكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة (نيويورك لانغون هيلث)

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

كشفت دراسة أميركية أنّ أنواعاً من البكتيريا في الفم قد تفاقم خطر الإصابة بسرطانات الرأس والرقبة بنسبة تصل إلى 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك كيف نحصل على أكبر قدر من العناصر الغذائية؟ (رويترز)

تناول الحديد مع الفيتامين «C»... كيف تدمج العناصر الغذائية لأكبر قدر من الاستفادة؟

من المهم جداً اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة والعناصر الغذائية، لكن كيفية تناول هذه العناصر الغذائية تلعب دوراً في الحصول على أكبر فائدة ممكنة منها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق مقاطع ممارسة «الكرومينغ» انتشرت بشكل واسع على «تيك توك» (رويترز)

إلى المراهقين... احذروا هذه الممارسة الخطيرة على «تيك توك»

هذا الانتشار قد يكون نتيجة شيوع مقاطع الفيديو التي تعرض هذه الممارسات على المنصة الشهيرة بين الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تعرف على أفضل 10 دول في العالم من حيث جودة الحياة (رويترز)

الدنمارك رقم 1 في جودة الحياة... تعرف على ترتيب أفضل 10 دول

أصدرت مجلة «U.S. News and World Report» مؤخراً تصنيفها لأفضل الدول في العالم بناءً على جودة الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
TT

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)

انفصل في مايو (أيار) الماضي جبل جليدي ضخم عن جرف جليدي في القارة القطبية الجنوبية، لتجرفه التيارات ويتوقف مباشرةً أمام ما يمكن أن تُوصف بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم ليعرّض حياتها للخطر.

وشكّلت جدران الجبل الجليدي الضخمة حاجزاً، كما لو كانت باباً فاصلاً، بين مستعمرة خليج هالي والبحر، مما جعل صغار البطاريق مُحاصَرة في الداخل.

وبدا الأمر كأنه سيشكّل نهاية مأساوية للمئات من فراخ البطريق هناك، التي كانت قد فقست لتوها، والتي ربما لم تَعُد أمهاتها، التي خرجت للصيد بحثاً عن الطعام، قادرة على الوصول إليها، لكن قبل بضعة أسابيع من الآن تحرّك الجبل الجليدي مرة أخرى.

وُصفت بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم (غيتي)

واكتشف العلماء أن البطاريق المتشبثة بالحياة هناك، وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي الضخم، حيث تُظهر صور الأقمار الاصطناعية التي حصلت عليها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بشكل حصري، هذا الأسبوع، وجود حياة في المستعمرة.

وقد عاش العلماء فترة طويلة من القلق والتّرقب حتى هذه اللحظة، إذ إن الفراخ لا تزال تواجه تحدياً آخر قد يكون مميتاً خلال الأشهر المقبلة، ففي أغسطس (آب) الماضي، عندما سألت «بي بي سي»: «هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي»، عمّا إذا كانت بطاريق الإمبراطور قد نجت، لم يتمكن أعضاؤها من الإجابة، إذ قال العالِم بيتر فرتويل: «لن نعرف الإجابة حتى تشرق الشمس (على المكان)».

وكان ذلك في فصل الشتاء في القطب الجنوبي، ولذا لم تتمكن الأقمار الاصطناعية من اختراق الظلام الدّامس هناك لالتقاط صور للطيور.

ووصفها فرتويل بأنها «أتعس البطاريق حظاً في العالم»، وهو شارك في متابعة حياتها طوال سنوات، إذ تتأرجح هذه الكائنات على حافة الحياة والموت، ولم يكن ما جرى مؤخراً سوى أحدث حلقة في سلسلة الكوارث التي تعرّضت لها.

كانت المستعمرة مستقرة في الماضي، حيث كان عدد الأزواج الذين يتكاثرون يتراوح بين 14 و25 ألفاً سنوياً، مما جعلها ثاني أكبر مستعمرة في العالم، ولكن في عام 2019، وردت أنباء عن فشل كارثي في عملية التكاثر، حينها اكتشف فرتويل وزملاؤه أنه على مدى 3 سنوات، فشلت المستعمرة في تربية أي صغار.

وتحتاج فراخ البطريق إلى العيش على الجليد البحري حتى تُصبح قوية بما يكفي للبقاء على قيد الحياة في المياه المفتوحة، لكن تغيُّر المناخ يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المحيطات والهواء، ممّا يُسهم في زيادة اضطراب الجليد البحري وجعله أكثر عرضة للتفكك المفاجئ في أثناء العواصف، ومع فقدان الجليد البحري، فإن الأمر انتهى بالصغار بالغرق.

وانتقل بضع مئات من البطاريق المتبقية إلى مرتفعات ماكدونالد الجليدية القريبة، واستمرت المجموعة في العيش هناك، إلى حين انفصال الجبل الجليدي «A83»، الذي يبلغ حجمه نحو 380 كيلومتراً مربعاً (145 ميلاً مربعاً).

اكتشف العلماء أن البطاريق وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي (غيتي)

وكان فرتويل يخشى حدوث انقراض لهذه الطيور بشكل كامل، وهو ما حدث لمستعمرات البطريق الأخرى، فقد حاصر جبل جليدي مجموعة منها في بحر «روس» لسنوات عدّة، مما أدى إلى فشل عملية التكاثر، وفق قوله.

وقبل أيام قليلة، عادت الشمس مرة أخرى إلى القطب الجنوبي، ودارت الأقمار الاصطناعية «Sentinel-1» التي يستخدمها فرتويل فوق خليج «هالي» لتلتقط صوراً للغطاء الجليدي.

وفتح فرتويل الملفات قائلاً: «كنت أخشى ألّا أرى شيئاً هناك على الإطلاق»، ولكن، رغم كل الصعوبات، وجد ما كان يأمل به: بقعة بُنية اللون على الغطاء الجليدي الأبيض، وهو ما يعني أن البطاريق لا تزال على قيد الحياة، وهو ما جعله يشعر «براحة كبيرة».

بيد أن كيفية نجاتها تظلّ لغزاً، حيث يصل ارتفاع الجبل الجليدي إلى نحو 15 متراً، مما يعني أن البطاريق لم تتمكن من تسلّق الجبل، ولكن فرتويل أشار إلى أن «هناك صدعاً جليدياً، ولذا ربما تمكنت من الغوص من خلاله». موضحاً أن الجبل الجليدي يمتد على الأرجح لأكثر من 50 متراً تحت الأمواج، ولكن البطاريق يمكنها الغوص حتى عُمق 500 متر، وأوضح: «حتى لو كان هناك صدع صغير، فقد تكون غاصت تحته».

وسينتظر الفريق الآن الحصول على صور ذات دقة أعلى تُظهر عدد البطاريق الموجودة هناك بالضبط، كما أنه من المقرر أن تزور مجموعة من العلماء من قاعدة الأبحاث البريطانية في خليج «هالي»، للمستعمرة للتّحقق من حجمها ومدى صحتها.

وتظل أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية) منطقة سريعة التغير تتأثر بارتفاع درجة حرارة الكوكب، بالإضافة إلى الظواهر الطبيعية التي تجعل الحياة صعبة فيها.

وتُعدّ مرتفعات ماكدونالد الجليدية، حيث تعيش البطاريق الآن، منطقة ديناميكية ذات تغيرات غير متوقعة، كما أن مستويات الجليد البحري الموسمية في القارة القطبية الجنوبية تقترب من أدنى مستوياتها على الإطلاق.

ومع تحرك جبل «A83» الجليدي، تغيّرت تضاريس الجليد هناك، مما يعني أن موقع تكاثر البطاريق بات الآن «أكثر عرضة للخطر»، وفق فرتويل، حيث ظهرت شقوق في الجليد، كما أن الحافة المواجهة للبحر باتت تقترب يوماً بعد يوم.

ويحذّر فرتويل من أنه في حال تفكك الجليد تحت صغار البطاريق قبل أن تتمكن من السباحة، بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فإنها ستموت، قائلاً إنها «حيوانات مذهلة للغاية، لكن الأمر كئيبٌ بعض الشيء، فهي مثل العديد من الحيوانات الأخرى في القارة القطبية الجنوبية، تعيش على الجليد البحري، بيد أن الوضع يتغيّر، وإذا تغيّر موطنها، فلن يكون الوضع جيداً على الإطلاق».