لا خصوصية ولا أماكن للاستحمام... كيف تبدو الحياة في القارة القطبية الجنوبية؟

أحد الركاب على متن سفينة بحرية تشيلية ينظر إلى جبل جليدي في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
أحد الركاب على متن سفينة بحرية تشيلية ينظر إلى جبل جليدي في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
TT

لا خصوصية ولا أماكن للاستحمام... كيف تبدو الحياة في القارة القطبية الجنوبية؟

أحد الركاب على متن سفينة بحرية تشيلية ينظر إلى جبل جليدي في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
أحد الركاب على متن سفينة بحرية تشيلية ينظر إلى جبل جليدي في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

قد يتساءل الكثير من الأشخاص عن شكل الحياة في أبرد قارة في العالم وأكثرها غموضاً، وهي القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا).

وفي عام 1959، وقّعت 12 دولة، بما في ذلك تشيلي واليابان وأستراليا والولايات المتحدة، على معاهدة أنتاركتيكا، وتعهدت بأن القارة السابعة ستكون «منطقة خالية من السلاح مخصصة فقط للأغراض العلمية والبحثية».

وعلى الرغم من عدم وجود سكان أصليين في القارة القطبية الجنوبية، فإن هناك 40 محطة أبحاث دائمة، حيث يعيش هناك ما متوسطه 1000 شخص على مدار العام، متحدّين الرياح القاسية والبرد الشديد باسم العلم.

وبحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد قالت المواطنة الأميركية كيري نيلسون، والتي ذهبت لأول مرة إلى القارة القطبية الجنوبية في عام 2007 للعمل في قاعدة ماكموردو الأميركية، التي تتم زيارتها فقط من قِبل العلماء والمغامرين، إنها كانت متحمسة جداً للذهاب إلى هذه القارة وقد ذهبت بنفسها لمعرض التوظيف في ماكموردو، حيث تم رفض طلبها في البداية للحصول على وظيفة غسل أطباق، إلا أنها حصلت بعد ذلك على وظيفة مقدمة رعاية صحية بالقاعدة، حين أثبتت أنها تلقت تدريباً للعمل كممرضة.

واختبرت نيلسون العيش في القارة خلال 16 موسماً (4 سنوات). وكان أجرها منخفضاً، لكنها لم تهتم. لقد أرادت تجربة العيش في القارة القطبية الجنوبية.

وقد أشارت إلى أن العيش هناك يتطلب نوعاً معيناً من الشخصية.

وأوضحت قائلة: «إذا لم تتمكن من العيش في كوخ صغير مع ثلاثة أشخاص آخرين فلن تستطيع العيش بالقارة القطبية الجنوبية».

وفي أشهر الصيف الذي يمتد في أنتاركتيكا من أكتوبر (تشرين الأول) إلى مارس (آذار)، يمكن أن يكون هناك ما يصل إلى 1000 شخص في قاعدة ماكموردو، من العلماء إلى النجارين إلى غاسلي الأطباق. الكثير من موظفي الدعم لديهم وظائف متعددة.

وتقول نيلسون عن ماكموردو: «إنها مدينة بأكملها. فهي دائماً مزدحمة للغاية. ويرجع ذلك إلى حجم ماكموردو كونها أكبر قاعدة هناك، وأيضاً بسبب تناوب الموظفين، حيث يخرج الأشخاص في رحلات استكشافية ورحلات بحثية طوال المواسم المختلفة».

ويوجد بالقاعدة بعض وسائل الراحة والترفيه، من بينها غرفة لمشاهدة الأفلام السينمائية، وغرفة للحرف اليدوية، وصالة ألعاب رياضية.

وتقول نيلسون إنها قامت بتنظيم عروض أزياء كاملة بالقاعدة.

وعلى بعد ثلاثة كيلومترات فقط من ماكموردو، تقع قاعدة سكوت في نيوزيلندا، وفي بعض الأحيان يقوم الموظفون بالرحلة عبر جزيرة روس لزيارة نظرائهم الأميركيين وينضمون إلى جلساتهم المزدحمة، ويجرون اجتماعات لمناقشة الكتب والأبحاث العلمية، وتقييم الأفلام. حتى أن بعض الموظفين يتطوعون لتدريس اليوغا أو اللغات أو غيرها من الأشياء.

وتقول نيلسون إن القارة القطبية الجنوبية تمنحها إحساساً بالسلام لا تستطيع تكراره في أي مكان آخر.

طائر بطريق يقف على كتلة من الثلج بالقارة القطبية الجنوبية (رويترز)

أما السيدة لورا بولسباخ، فقد عاشت بالقارة القطبية الجنوبية خلال الصيف الماضي، حيث كانت واحدة من ستة أشخاص يعملون في مكتب البريد الواقع في أقصى جنوب العالم، والذي يديره صندوق تراث القطب الجنوبي في المملكة المتحدة.

وتقول بولسباخ إن العيش بهذه المنطقة صعب إلى حد كبير «حيث تكون الإقامة في أكواخ، تضم عدداً من الأشخاص الذين لا تعرفهم، والذين يتراكمون بجوار بعضهم بعضاً في مكان ضيق. لا مكان للخصوصية هنا».

وأضافت: «ليس هناك أي مياه جارية، وبالتالي لا توجد حمامات للاستحمام، ولا مراحيض يمكن تنظيفها بعد الاستخدام».

إلا أن بولسباخ أكدت أن أحد المفاهيم الخاطئة الشائعة هو أن الحياة في القارة النائية مملة. ولفتت إلى أن هناك مهام يومية أبقت الجميع مشغولين، بدءاً من إدارة الحياة الأساسية، مثل التناوب في طهي وجبات الطعام إلى المهام الأكثر جدية، مثل البحث عن البلاستيك في الثلوج وتتبع مستعمرات البطاريق.

بالإضافة إلى ذلك، عندما تزور السفن الخاصة أو العلمية أو التجارية المنطقة، تقوم بولسباخ وأعضاء الفريق الآخرون بالصعود على متنها لإلقاء محادثات تعليمية وبيع الهدايا التذكارية واستلام البريد. كما أن بإمكانهم وقتها الاستحمام على متن السفينة، والحصول على فواكه وخضراوات طازجة يمكنهم أخذها معهم لتكملة إمداداتهم من الأطعمة المعلبة والمجففة.


مقالات ذات صلة

عمرو دياب يشعل أجواء العاصمة اللبنانية

يوميات الشرق أشعل عمرو دياب أجواء بيروت فرحاً (الشرق الأوسط)

عمرو دياب يشعل أجواء العاصمة اللبنانية

نحو 20 ألف شخص حضروا حفل عمرو دياب في العاصمة اللبنانية بيروت، بمناسبة عيد الأضحى.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق كشف مكتب التأمين الكندي عن أهم 7 نقاط ساخنة في كندا لسرقة السيارات (إ بي سي)

سرقة السيارات... «أزمة وطنية» تستفحل في كندا

يواجه أصحاب السيارات في كندا زيادة كبيرة تشهدها البلاد أخيراً في سرقة السيارات بهدف تهريبها إلى الخارج ما تمثل «أزمة وطنية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ساندرا هيمي (أ.ب)

أطول إدانة خاطئة لامرأة بأميركا... تبرئة سجينة من تهمة القتل بعد حبسها 43 عاماً

تمت تبرئة امرأة من ولاية ميسوري الأميركية من تهمة القتل بعد أن سُجنت لأكثر من 40 عاماً في أطول إدانة خاطئة معروفة لامرأة في تاريخ الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق فيلم «إنسايد آوت 2» (شاترستوك)

«ديزني» ترفع سقف التحدي مع جزأين جديدين من «موانا» و«إنسايد آوت»

كشفت شركة «ديزني» التي تواجه فترة مالية صعبة، النقاب عن أهم أعمالها المرتقبة، وبينها «موانا 2» و«إنسايد آوت 2».

«الشرق الأوسط» (أنسي)
يوميات الشرق عمال يملأون الزجاجات بالحليب (رويترز)

طريقة سهلة تقضي على فيروس إنفلونزا الطيور في الحليب

وجد باحثون أميركيون أنّ طريقة المعالجة الحرارية للحليب تخفض بشكل كبير كمية فيروسات إنفلونزا الطيور (H5N1) المُعدية الموجودة في الحليب الخام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

إدلب تستقبل «الأضحى» بكعك له نكهات المحافظات السورية

من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا
من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا
TT

إدلب تستقبل «الأضحى» بكعك له نكهات المحافظات السورية

من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا
من صور متداولة على مواقع التواصل لأسواق ليلة عيد الأضحى في إدلب شمال غربي سوريا

من الكعك الحلو المعتاد، إلى أصناف الكعك المالح والحار، استقبلت إدلب في الشمال السوري «عيد الأضحى» بنكهات كعك مميزة، جلبها معهم سوريون جرى تهجيرهم إليها من مختلف المحافظات خلال سنوات الحرب.

وعلى الرغم من الأوضاع غير المستقرة ومستويات الدخل المحدود لكثيرين، فإن المهجرين والنازحين يصرون على إعداد المعمول وكعك العيد بنكهات محلية، تذكر بالأماكن التي نزحوا عنها، وتعوض قليلاً غصة العيد، وهم بعيدون عن أسرهم ومناطقهم.

تجتمع النساء قبل العيد لصناعة كعك ومعمول العيد والحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)

تجدر الإشارة أولاً إلى أنه يقيم في مناطق شمال غربي سوريا، الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية، نتيجة سنوات الحرب، (إدلب وريفها وجزء من ريف حلب) 5.06 مليون شخص، بينهم أكثر من 3 ملايين من المهجرين والنازحين، وفقاً لإحصائيات «الأمم المتحدة». ومع خفض تصعيد العمليات العسكرية في مارس (آذار) 2020، أطلق القادمون الجدد الذين سكنوا المنطقة مشاريعهم الخاصة، بما فيها محال الحلويات التي حملت نكهات بيئاتهم التي نزحوا عنها، مثل حمص وحماة وريف دمشق ودير الزور.

يحمل المطبخ السوري في الأساس تنوعاً غنياً ينعكس في حلويات العيد، من الكعك وأنواع المعمول، والحشوات وطريقة الإعداد، بحسب كل منطقة.

عبد اللطيف الحموي نقل خبرته بصناعة الحلويات من حماة إلى إدلب (الشرق الأوسط)

حمل عبد اللطيف خبرته في صناعة الحلويات من حماة، وسط سوريا: «قدمنا أصنافاً جديدة وتعرفنا على أنواع أخرى»، قال الشاب، البالغ من العمر 37 عاماً، لـ«الشرق الأوسط». مضيفاً، في المنطقة الوسطى من سوريا تنتشر أنواع البقلاوة المحشوة بالفستق الحلبي والجوز والمبرومة والبلورية، «لكن أكثر الحلويات شهرة هي الأقراص». أشار عبد اللطيف إلى أقراص عجين دائرية بلون فاتح، متحدثاً عن مكوناتها من الشمرا واليانسون وحبة البركة والسكر، وقال: «لا أحد يصنعها سوى أهل حماة وحمص... أحبها سكان إدلب وأصبحوا يشترونها».

حلويات العيد السورية المشهورة التي يكون قوامها السمن العربي والطحين والسكر، مثل البرازق والغريبة، أصلها دمشقي، بحسب عبد اللطيف. مشيراً إلى انتشارها في المحال المختصة بالحلويات في إدلب، التي غالباً ما تعتمد على صناعة البسكويت والبيتفور المعدّ من الزبدة أو الزيت النباتي والطحين والسكر مع إضافات الشوكولا أو وجوز الهند، وهي الأصناف التي تعد أرخص تكلفة وأقرب لمتناول السكان، وكذلك الكعك المعدّ بزيت الزيتون والتوابل.

الكعك بالفلفل الحار يختص به سكان ريف إدلب الشمالي (الشرق الأوسط)

كعك عيد بفليفلة

رغم درجة الحرارة المرتفعة خلال شهر يونيو (حزيران)، تقوم «أم أحمد» بتجهيز قرون الفليفلة الحارة المجففة لبدء عمل كعك العيد، تشدد على أنها «مهما صنعت أنواع الكعك لا أعدّ أني حضّرت شيئاً إن لم يكن الكعك بالفلفل الحار أولها».

تنتشر زراعة الفليفلة الحارة ذات الطعم اللاذع، في منطقة سلقين، بالريف الشمالي لإدلب، حيث يميل مطبخ المنطقة إلى إضافة الفلفل الحار إلى طعامهم بأنواعه، وكان للعيد نصيب بالكعك المعد من فليفلة «قرن الغزال» والزعتر الأخضر وزعتر «الزوبعة» كما يسميه السكان المحليون، إضافة إلى الشمرا واليانسون والملح والسمسم والزنجبيل وبهار المحلب المعروف بـ«بهار الكعك».

أم أحمد تعد الكعك بالفلفل الحار في كل عيد لعائلتها (الشرق الأوسط)

تخبرنا «أم أحمد» أن سكان إدلب يعدون أنواعاً مختلفة من الحلويات، مثل المعمول المحشو بالتمر، إضافة إلى الكعك المالح المعد من ماء الجبن، و«الكرابيج» المعروف بهذا الاسم في إدلب وحلب، وهو نوع من المعمول المحشو بالجوز، ويقدم في حلب «الناطف»، المعدّ من بياض البيض المخفوق مع السكر، ليؤكل مع الكرابيج.

الكعك الأصفر المالح بشكله المدور الشهير تشتهر به إدلب (الشرق الأوسط)

أما الكعك الأشهر في إدلب فهو المالح أصفر اللون، المعد من زيت الزيتون والكركم مع البهارات، ويستعيض البعض عن الفليفلة بالزنجبيل لإبراز النكهة الحارة في الكعك المدور الذي يقدم مع الشاي المحلى.

تختلف عجينة المعمول من محافظة لأخرى في سوريا فالبعض يجهزها بالطحين والبعض بالسميد (الشرق الأوسط)

الاختلاف بين الشمال السوري وجنوبه، بحسب مختصين في الحلويات، هو في الطحين المستخدم في عجينة المعمول، إذ جنوباً يستخدم الطحين الناعم، وقد يخلط مع سميد «الفرخة»، أي السميد الناعم نعومة الطحين، بينما في الشمال يستخدم السميد الأكثر خشونة.

في دمشق يحشى المعمول بالفستق الحلبي، إضافة إلى التمر والجوز، وتقدم أنواع البقلاوة للضيوف في الأعياد، أما في أريافها، فتضاف نكهات أخرى لحشوات المعمول، مثل راحة الحلقوم أو مربى الورد أو قشر حمضيات فاكهة الكباد والنارنج.

في اللاذقية غرباً على الساحل السوري، يصنع المعمول المحشو بالجبن المحلى الذي يضاف إليه القطر (السكر المذاب) أو السكر الناعم، ويقدم ساخناً لزوار العيد.

تجتمع النساء قبل العيد لصناعة كعك ومعمول العيد والحفاظ على طقوسه (الشرق الأوسط)

شرقاً في دير الزور والرقة والحسكة، تشتهر «الكليجة» وهي الكعك المحشو بالتمر والمزين بالسمسم، والتي لم تعد غريبة في أسواق إدلب، المدينة التي احتضنت نكهات مطبخ القادمين الجدد، وهي تلقى إقبالاً من الأهالي الأصليين والجدد معاً.

وعلى الرغم من سوء الأوضاع المعيشية في شمال غربي سوريا، حيث يحتاج 4.24 مليون نسمة للمساعدات الإنسانية، ويعاني 3.6 مليون شخص من فقد الأمن الغذائي، لم يتراجع كعك العيد بأنواعه وتحضيره في البيت أو شراؤه من المحلات المختصة، بل بقي تقليداً يحرص عليها السوريون لارتباطه ببهجة قدوم العيد وطقوسه المميزة.