أطفال لبنان... تحية «تكريم» ومزاد خير

ريكاردو كرم: بالوحدة نتغلّب على الصعب

أعضاء لجنة التحكيم يكرّمون المميّزين (الجهة المنظِّمة)
أعضاء لجنة التحكيم يكرّمون المميّزين (الجهة المنظِّمة)
TT

أطفال لبنان... تحية «تكريم» ومزاد خير

أعضاء لجنة التحكيم يكرّمون المميّزين (الجهة المنظِّمة)
أعضاء لجنة التحكيم يكرّمون المميّزين (الجهة المنظِّمة)

اجتمعت شخصيات متنوّعة الانتماء للاحتفال بجهود مؤسّسة «تكريم» الداعمة لقضايا الإنسان. مكان اللقاء: فندق في إمارة موناكو برعاية أمير البلاد ألبير الثاني. عنوانه: «حفل الربيع السنوي» المُراد منه أن يكون «منارة للوحدة والعمل الخيري»، بوصف المنظّمين.

كان عام 2010 شاهداً على ولادة المؤسّسة الهادفة إلى إعادة تشكيل السردية المرتبطة بالعالم العربي من خلال الاعتراف بالإنجازات الاستثنائية التي حققها أفراد مميّزون. لسنوات، كرّمت 150 فائزاً في مجالات متنوّعة، فبرزت على منابرها شخصيات رائدة؛ مثل الراحلة زها حديد، وبيل غيتس، والأميرة الأردنية غيداء طلال، والرسامة والشاعرة إيتيل عدنان. وقبل أيام، التقت لجنة التحكيم والمجالس الاستشارية في مونتي كارلو لاختيار الفائزين لعام 2024.

تصف «تكريم» إسكندر صفا بأنه «رجل أعمال رؤيوي ورجل عطاء» (الجهة المنظِّمة)

شكَّل دعم الأطفال هدف الحفل النبيل ولحظته المؤثّرة. أرادت «تكريم» الإضاءة على الطفولة المقهورة بالنقص أو الإجحاف أو لا عدالة الجغرافيا. تُقدِّم الضعفاء منهم، ومَن لا يملكون الوصول إلى الرعاية الطبّية، على أشكال المعاناة الأخرى، من دون التقليل من شأنها أو الاستهانة بحجم المأساة.

يتوجّه الإعلامي اللبناني ريكاردو كرم، مؤسِّس «تكريم»، إلى أمير موناكو بالقول: «تُكمل الإمارة تطلّعات (تكريم) من خلال توفير منصّة مرموقة لعرض التميّز العربي وتعزيز التبادل الثقافي». فالأمسية احتفلت بالعمل الخيري وشكّلت أيضاً فسحة تقدير للشجاعة والصمود. خلالها، كُرِّم 3 أفراد وُصِفوا بالاستثنائيين لما حقّقوه وكرّسته مساهماتهم الإنسانية. بداية مع الفنانة والباحثة الفلسطينية - الأميركية المقيمة في نيويورك سامية حلبي. أكثر من 6 عقود أمضتها في إعادة تشكيل مشهد التعبيرية التجريدية، ودمج اللغات البصرية العالمية والعربية في أعمالها. وفق المنظّمين، يؤكد تكريمها «تأثيرها العميق في عالم الفنّ وحركات العدالة الاجتماعية».

سامية حلبي دمجت اللغات البصرية العالمية والعربية في أعمالها (الجهة المنظِّمة)

تكريم آخر ناله المُبادر الإماراتي ورئيس مجلس إدارة «صدّيقي القابضة» عبد الحميد أحمد صدّيقي. تقول الجهة المُكرِّمة إنه «قاد الشركة العائلية إلى نجاح فريد من خلال رؤيته الريادية وخبرته في صناعة الساعات. وقد ضمنت قيادته مكانة شركة (أحمد صدّيقي وأولاده) بعدِّها شركة التجزئة الرائدة للساعات والمجوهرات الفاخرة في المنطقة، مع الحفاظ على تراثها من التميّز منذ عام 1950».

أما المُكرَّم إسكندر صفا، فهو «رجل أعمال رؤيوي ورجل عطاء، ترك بصمة على عدد من الصناعات والمجتمعات في العالم. فمن تحويل أحواض بناء السفن المتعثّرة إلى مؤسّسات عالمية؛ إلى التزامه بالتراث الثقافي والقضايا الخيرية، يستمر إرثه من التفاني والكرم بإلهام الأجيال».

نال المكرَّمون التنويه، وصعد ريكاردو كرم لإلقاء كلمة. بدا مصمّماً على إظهار أهمية الوحدة، وجَعْلها هدفاً سامياً من أهداف «تكريم»، أسوةً بهَمّ التقدُّم الدائم. قال: «معاً، نتّحد بالتزام مشترك بالتقدُّم للتغلُّب على العقبات التي تنتظرنا». أراد بهذا الإعلان إنهاض التصميم الجماعي على مواجهة الظلم ومناصرة المساواة، فتكون للبشر جميعاً فرصة الغد الأفضل.

عبد الحميد صدّيقي قاد الشركة العائلية إلى النجاح (الجهة المنظِّمة)

بأنامل تجيد الإبهار، عزف الفنان اللبناني - الفرنسي بشار خليفة على البيانو. أبهج الأذن بألحانه وجمَّل بموسيقاه الأمسية التي انتهت بمزاد حيّ حصد مساهمات سخيّة، نُظِّم بالتعاون مع المدير العام الدولي للمبيعات الخاصة في «كريستيز» جوليان فنسنت بروني. بتقديره القامات، وجمعه الأموال، أكد حفل «تكريم» أهمية الالتزام بخَلْق مستقبل أكثر إشراقاً وشمولاً للجميع. من تلك المعاني، وُجِّهت عائدات المزاد نحو دعم الأطفال المستضعفين في لبنان، وتزويدهم بإمكان الوصول إلى التعليم والحماية والأمل. استُلهم هذا المسعى من جهود خيرية بذلتها مؤسّستا «أسامة بيرث آند بيوند» و«سيسوبيل»، لإحداث تأثير كبير في حياة الأطفال، بغضّ النظر عن جنسيتهم، ومعالجة الأزمة الإنسانية المُلحّة التي يواجهها المستضعفون منهم.

ريكاردو كرم يؤمن بإمكان التغلُّب على العقبات (الجهة المنظِّمة)

فجمعية «سيسوبيل» المدافعة عن حقوق الأطفال ذوي الإعاقة والمعنيّة بتقديم خدمات الدعم، مع تعزيز الاعتراف المجتمعي بقيمتهم وكرامتهم؛ تأسّست عام 1976، وحصلت على جائزة «تكريم» عام 2012. التزامٌ إنساني آخر تمثّله «أسامة بيرث آند بيوند» الحاصلة على جائزة «تكريم» لعام 2022، والتي تأسّست عام 2016؛ فتُقدّم رعاية عالية المستوى للأطفال حديثي الولادة والمبتسرين من جميع الجنسيات، لا سيما وسط الاختناق الاقتصادي في لبنان، المُتسبِّب بزيادة الطلب على المساعدة الطبّية في المستشفيات الحكومية. برحيل رئيسها الدكتور روبير صاصي، تصرّ «تكريم» على أن تُشكّل فضاء لتردُّد صدى إرثه إلى الأبد. تراه مُلهماً بتعاطفه اللامحدود وتفانيه تجاه الأطفال المحرومين، وتذكره كما أحبَّ أن يُذكَر.


مقالات ذات صلة

«كنوز ديانا» في المزاد: أكبر عرض عالمي لمقتنيات الأميرة الراحلة (صور)

يوميات الشرق أميرة القلوب تعود إلى الأضواء في مزاد تاريخي (رويترز)

«كنوز ديانا» في المزاد: أكبر عرض عالمي لمقتنيات الأميرة الراحلة (صور)

يُقام المزاد المباشر وعبر الإنترنت بعنوان «أسلوب الأميرة ديانا... مجموعة ملكية» في 26 يونيو في «بينينسولا بيفرلي هيلز» بولاية كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «العاصفة القادمة» تُبعث من النسيان (سوذبيز)

«العاصفة القادمة» تعود بعد 150 عاماً من الغياب

من المقرر عرض أول لوحة زيتية شارك بها الرسام الإنجليزي جوزيف تيرنر، المعروف في عصره بويليام تيرنر، في معرض قبل طرحها في مزاد، وذلك بعدما فُقدت لأكثر من قرن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق النُّدرَة (د.ب.أ)

خاتم بـ15 جنيهاً يكشف سرّاً ملكياً عمره قرنان

من المقرَّر أن يُعرَض خاتم حداد نادر في مزاد علني، بعدما بِيع مقابل 15 جنيهاً إسترلينياً فقط في متجر خيري بمدينة ليستر البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق حوَّل السجن إلى مرسم (غيتي)

مخطوطات ثائر كوري جنوبي تُباع بآلاف الدولارات بعد قرن على إعدامه

لم يكن يدري أنَّ تلك اللفائف الحريرية التي خطَّها بإحساس الثائر ستتحوَّل، بعد قرن، إلى كنوز يتنافس عليها أصحاب الملايين في قاعات مزادات سيول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «الختم» لعبد الناصر الغارم (كريستيز)

«السعودية الآن» أعمال 12 فناناً من المملكة في مزاد كريستيز للفن المعاصر

تجلس نور كيلاني، المديرة العامة لفرع دار كريستيز بالسعودية، على مكتبها وخلفها صورة فوتوغرافية من عمل الفنان السعودي أحمد ماطر «مغناطيسية».

عبير مشخص (لندن)

مصر تُكرّم مجدي يعقوب بتمثال جديد في «الكيت كات»

يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)
يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)
TT

مصر تُكرّم مجدي يعقوب بتمثال جديد في «الكيت كات»

يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)
يعقوب مع نموذج من تمثاله (وزارة الثقافة المصرية)

أعلنت وزارة الثقافة المصرية تكريم جرّاح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب بوضع تمثال جديد له في أحد ميادين حي الكيت كات، بمحافظة الجيزة غرب القاهرة، ضمن خطة للاحتفاء بالرموز الوطنية.

واحتفلت الوزارة، الأحد، بـ«السير يعقوب»، في دار الأوبرا المصرية، وأعلنت تفاصيل مشروع إقامة تمثال يُخلّد مسيرته الإنسانية والعلمية، وسط حضور عدد من المسؤولين والإعلاميين.

وقال السير الدكتور مجدي يعقوب، خلال الحفل: «أُحب مصر كما أحب عملي، وأحب كذلك الفن والثقافة، وأرى أن الطب والثقافة هما من يصنعان قيمة للحياة». وأعرب عن «بالغ امتنانه لهذا التقدير، ولكل من أسهم في هذا المشروع».

يعقوب خلال حديثه في الحفل (وزارة الثقافة المصرية)

وعَدّ يعقوب أن «حضارة الشعوب ونموها يعتمدان، بشكل أساسي، على الثقافة، التي تشمل تكريم خدمة المجتمع والعلم والبحث العلمي، وكذلك الفن؛ لأن العلم والصحة لا يكتملان من دون الفن»، متمنياً أن «يكون هذا التكريم مصدر إلهام لكل شاب مصري يطمح لأن يضع بصمة في خدمة الإنسانية».

ووصف أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة المصري، يعقوب بـ«ابن مصر المخلص، الذي آمن بأن الطب ليس مهنة فحسب، بل رسالة رحمة ومحبة، وأن الشفاء لا يأتي من العلم وحده، بل من القلب أيضاً».

جرّاح القلب المصري البريطاني، المولود في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1935 في بلبيس بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، حصل على درجة البكالوريوس في الطب من جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى بريطانيا لمواصلة دراسته وتدريبه في جراحة القلب، قبل أن يُصبح واحداً من أشهر جرّاحي القلب في العالم.

أكد الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، أن السير مجدي يعقوب يشكل «قيمة مصرية عالمية ورمزاً للتفاني والإنسانية»، مشيراً إلى أن «ما يقدمه من مشروعات وخدمات، خاصة في صعيد مصر، يعكس حباً عميقاً لوطنه وشعبه، كما يبذل جهوداً كبيرة في دعم شباب الأطباء وتأهيلهم؛ لضمان استمرار مسيرته النبيلة».

جانب من الاحتفال بتكريم جرّاح القلب العالمي (وزارة الثقافة المصرية)

وأشار وزير الصحة إلى أن «يعقوب أسهم في علاج آلاف المرضى، خصوصاً في صعيد مصر»، لافتاً إلى أن «مؤسسة مجدي يعقوب للقلب في مدينة الشيخ زايد بالجيزة (غرب القاهرة)، ستكون صرحاً طبياً عالمياً لا مثيل له»؛ موضحاً أن نسبة العلاج في الخارج تراجعت كثيراً، بفضل عرض الحالات على الدكتور يعقوب وتدريبه عدداً من الكفاءات الطبية الشابة؛ لما يمتلكه من قدرة على التواصل والتفاهم مع مختلف الأعمار والخلفيات.

ووفق المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، فإن «التمثال سيُوضَع في ميدان الكيت كات بحي إمبابة، بالقرب من معهد القلب، حيث يتردّد يومياً آلاف المرضى، ما يمنح التمثال دلالة رمزية مرتبطة بمسيرة الدكتور يعقوب جرّاح القلب العالمي».

وزير الثقافة متحدثاً عن مشروع تدشين تمثال يعقوب (وزارة الثقافة المصرية)

ومن المقرر أن يُنفَّذ التمثال من خامة البرونز بارتفاع 6 أمتار، وفقاً للنحّات الدكتور عصام درويش، الذي أعرب عن فخره بالمشاركة في تخليد هذه القامة الوطنية، موضحاً أن «التمثال سيُثبت على قاعدة يبلغ ارتفاعها 8 أمتار، وسيجسد الروح الإنسانية للدكتور يعقوب وعلاقته بتلاميذه، ومن المقرر الانتهاء من تنفيذه خلال نحو 8 أشهر، ليأخذ مكانه في قلب ميدان الكيت كات بوصفه علامة فنية وإنسانية مميزة».

جاء اختيار ميدان الكيت كات لوضع التمثال فيه لكونه مركزاً حيوياً وملاصقاً لمعهد القلب، مما يُضفي بعداً بصرياً وإنسانياً على التمثال. ووفق المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، فإن المحافظة ستنفِّذ خطة تطوير شاملة للمنطقة تشمل الأرصفة والحركة المرورية، بالتعاون مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.

ويُعدّ حي الكيت كات من أشهر الأحياء المصرية، وسبَق للفنان المصري الراحل محمود عبد العزيز تقديم فيلم يحمل اسم الحي، بتوقيع المخرج داود عبد السيد، ويُصنَّف الفيلم بأنه من أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.

ويحظى يعقوب، الملقب بـ«ملك القلوب»، بتقدير لافت في مصر، ولا سيما بعد إنشائه مركزاً يحمل اسمه لعلاج أمراض القلب في مدينة أسوان (جنوب مصر)، التي أُطلق اسم مجدي يعقوب على أحد ميادينها؛ تقديراً لمسيرته وإسهاماته الطبية الخيرية.

هنو لدى استقباله يعقوب بدار الأوبرا المصرية (وزارة الثقافة المصرية)

ويُعد مركز مجدي يعقوب للقلب واحداً من أبرز المؤسسات الطبية في مصر والشرق الأوسط، ومنارة أمل لكثير من المرضى الذين يعانون أمراض القلب، إذ تأسس عام 2008، وكان الهدف من إنشائه توفير الرعاية الطبية المتخصصة في أمراض وجراحات القلب للأطفال والكبار بالمجان.

واختار الدكتور يعقوب مدينة أسوان لإنشاء المستشفى؛ لـ«رأفته بالأطفال وحبه للمحافظة الجنوبية»، وفق الدكتور مجدى إسحاق، رئيس مجلس أمناء مؤسسة مجدي يعقوب للقلب في أسوان.

ويُقدم المستشفى مجموعة واسعة من الخدمات الطبية المتخصصة في أمراض القلب؛ من بينها جراحات القلب المفتوح، والقسطرة القلبية، والعناية المركزة، بالإضافة إلى الأبحاث والتطوير في مجال أمراض القلب.