«البيت بيتي» يجدّد الحديث عن فرص نجاح «مسلسلات الأجزاء» بمصر

حظي باهتمام مع انطلاق موسمه الثاني على إحدى المنصات

مسلسل «البيت بيتي» الجزء الثاني («إنستغرام»)
مسلسل «البيت بيتي» الجزء الثاني («إنستغرام»)
TT

«البيت بيتي» يجدّد الحديث عن فرص نجاح «مسلسلات الأجزاء» بمصر

مسلسل «البيت بيتي» الجزء الثاني («إنستغرام»)
مسلسل «البيت بيتي» الجزء الثاني («إنستغرام»)

جدّد مسلسل «البيت بيتي» الحديث عن زيادة فرص نجاح مسلسلات الأجزاء في الدراما المصرية، بعد بدءِ عرض موسمه الثاني على منصة «شاهد»، كما أثار جدلاً في مدى جذبه للجمهور مقارنة بالجزء الأول.

مع بداية عرض الجزء الثاني من المسلسل، تصدر اسمه مؤشرات البحث على «غوغل»، وحظي بإشادة بعض متابعي «السوشيال ميديا»، وفيما بعد، وصفه آخرون بـ«الأقل إثارة من الجزء الأول» الذي عُرض عام 2022.

دارت أحداث الجزء الأول في إطار من الرعب والكوميديا حول شخصية «بينو» (الفنان مصطفى خاطر)، حيث يرث من والده قصراً، ويكتشف أنه مسكون بالأشباح، وتجمعه الصدفة مع سائق التاكسي «كراكيري» (الفنان كريم محمود عبد العزيز)، ويخوضان معاً كثيراً من المغامرات في القصر المسكون، حتى يكتشفا ما وراء الأشباح، وصلة القرابة بينهما، ويعثران على ثروة ضخمة.

المسلسل يدور في إطار من الكوميديا والرعب («إنستغرام»)

ويبدأ الجزء الثاني باتصال هاتفي بين كراكيري وبينو، يسأل كلٌ منهما الآخر عن حاله، ويوهما بعضهما أنهما يربحان كثيراً من وراء عمليهما، ومن ثمّ يتفقان على أن يتقابلا ليخوضا معاً مغامرات جديدة.

ويرى أحمد كمال، الناقد الفني المصري أن «فئة كبيرة من الجمهور انتظرت الجزء الثاني من المسلسل بعد نجاح الجزء الأول في تقديم توليفة مشوقة من الكوميديا والرّعب، لكن القائمين على العمل وقعوا في خطأ كبيرٍ حين تأخروا في تقديم الجزء الجديد، تحديداً بعد عامين من انطلاق الأول من دون أسباب واضحة».

الفنان كريم محمود عبد العزيز («إنستغرام»)

وأوضح أحمد كمال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يتمتّع هذا النوع من الأعمال بطابعٍ خاص، يتطلب في المقام الأول أن يتبعه تقديم الأجزاء التالية سريعاً»، وتابع: «دفع التأخير المخرج خالد مرعي لدعوة الجمهور إلى مشاهدة الجزء الأول؛ لتذكّر أحداثه قبل البدء في متابعة الجزء الجديد».

وحتى الآن يحتفظ العمل بـ«متعة المشاهدة»، التي تَميّز بها الجزء الأول إلى حدٍ كبير، وفق كمال الذي طرح سؤالاً: «هل ينجح المسلسل في الاحتفاظ بهذه المتعة حتى نهاية الحلقات، وهل تأتي الحلقة الأخيرة منطقية وعلى نفس مستوى الإثارة والإقناع للمتلقي مثلما حدث في الجزء الأول؟».

وعدّ الناقد الفني أن «بعض تعليقات الجمهور على مواقع التواصل تشير إلى أنه لا يتمتع بالقدر نفسه من التشويق الذي حققه الجزء الأول، وأنّ بعض مشاهده يشوبها الملل والتّطويل على عكس الموسم السابق»، وأشار إلى أنه «ربما تكون (قماشة العمل بسيطة في الأصل)، وقد لا تسمح بتقديم جزءٍ ثانٍ؛ ولذلك كان أمام مؤلفي العمل أحمد عبد الوهاب وكريم سامي، تحدٍ من نوع خاص، وهو عدم ترقيع هذه القماشة مثل كثيرٍ من المسلسلات المكوّنة من أجزاء عدّة، فأحياناً يحكم النجاح الكبير لعمل درامي بالفشل على أجزائه التالية!».

الفنان مصطفى خاطر («إنستغرام»)

ويقول مؤلف المسلسل أحمد عبد الوهاب إن «هذا الجزء يسير على نهج الجزء الأول نفسه، من حيث تقديم كوميديا مختلفة، ورعبٍ مغاير في دمجٍ يستطيع جذب المشاهدين، والدليل على ذلك تصدّره محرّك البحث (غوغل) مع بداية عرضه».

ويضيف عبد الوهاب لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجمهور على مواقع التواصل يترقبون الأحداث في شغف إلى حد أنهم يسجلون توقعاتهم للأحداث في تعليقاتهم، وهو أمر يسعدني كثيراً؛ لأنه يعني أننا نجحنا في أن ندفعهم إلى التفكير في مصير الشخصيات، وأن يصبحوا أحياناً كما لو كانوا مشاركين في صنع الأحداث».

وتابع: «حرصنا في الجزء الثاني على عدم تكرار بعض الأحداث أو المواقف الموجودة في الجزء الأول، لكنها بُنيت درامياً عليها، وتتمتع بالتشويق وخفة الظل معاً من دون أي ملل، وساعد على ذلك أن المسلسل يتكوّن من 10 حلقات؛ مما يحول دون المط والتطويل في الأحداث، وهذا ما رأيناه في الجزء الأول ولمسه المشاهد أيضاً مع الحلقات الأولى من هذا الجزء». موضحاً أن سبب تأخّر الجزء الثاني هو «انشغال نجوم المسلسل بأعمال أخرى».


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».