مادونا تلهب ريو دي جانيرو في حفل «تاريخي» وُصف بالأضخم في مسيرتها

مادونا على خشبة المسرح خلال حفل موسيقي مجاني في ريو دي جانيرو (أ.ف.ب)
مادونا على خشبة المسرح خلال حفل موسيقي مجاني في ريو دي جانيرو (أ.ف.ب)
TT

مادونا تلهب ريو دي جانيرو في حفل «تاريخي» وُصف بالأضخم في مسيرتها

مادونا على خشبة المسرح خلال حفل موسيقي مجاني في ريو دي جانيرو (أ.ف.ب)
مادونا على خشبة المسرح خلال حفل موسيقي مجاني في ريو دي جانيرو (أ.ف.ب)

في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، أحيت النجمة الأميركية مادونا حفلاً موسيقياً مجانياً على شاطئ كوباكابانا الشهير، وُصف بأنه الأضخم في مسيرتها الممتدة أكثر من 4 عقود، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقد اكتظ الشاطئ الشاسع بحشود ألهبت «ملكة البوب» حماستهم. كما اقتربت عشرات القوارب من كوباكابانا للتمتع بالمنظر الخلاب. ويصعب الجزم بعدد المتفرجين في هذا الحفل، مع تقديرات حددّته بمئات الآلاف وصولاً إلى مليون ونصف مليون.

وظهرت مادونا مرتدية ملابس سوداء بالكامل على المسرح، لتؤدي أغنية «ناثينغ ريلي ماترز»، وهو نشيد للصمود.

وتوجهت النجمة الأميركية إلى الحاضرين قائلة: «ها نحن أولاء في ريو، أجمل مكان في العالم!»، قبل أن تسعد الجمهور الحاضر في المدينة البرازيلية بعرضها على مدى أكثر من ساعتين.

ومن خلال هذا الحفل التي وُصفت قبل أيام بأنها «تاريخية»، اختتمت نجمة البوب البالغة 65 عاماً جولة «سيليبريشن» التي احتفلت فيها بذكرى 40 عاماً على انطلاق مسيرتها الفنية بكل ما فيها من أعمال موسيقية ضاربة وتألق وفضائح.

على مسرح ضخم تبلغ مساحته أكثر من 800 متر مربع، استعرضت مادونا أبرز محطات حياتها وتحولاتها على صعيد الموسيقى والملابس، من موسيقى البوب إلى الموسيقى الإلكترونية مع بعض الإلهامات من موسيقى عالم الكباريهات.

وشارك في حفل مادونا أيضاً ضيوف بارزون، وأحاط بها عدد من أبنائها الذين رافقوها في الموسيقى أو الرقص، على خلفية العلم البرازيلي.

عندما أدت أغنيتها الناجحة «فوغ»، انضمت إليها على المسرح المغنية البرازيلية أنيتا، التي عرّفت بقية العالم بموسيقى الفانك الخاصة بالأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو.

وشارك أيضاً في الحفل الفنان البرازيلي الشهير بابلو فيتار، وفرقة من الأطفال عازفي الإيقاع في مدارس السامبا الشهيرة بالمدينة.

وتحدث المعجبون من مختلف الأجيال بين الحضور عن مكانة مادونا في حياتهم.

واشترت ألبا وروكسي رويدا، وهما شقيقتان أرجنتينيتان تبلغان 48 و46 عاماً، تذكرتي الطائرة إلى ريو بمجرد انتشار أخبار الحفل قبل أشهر.

وقالت ألبا: «عندما كنتُ في التاسعة من عمري، أعطتني أختي الكبرى، التي توفيت العام الماضي، أول جهاز (ووكمان) خاص بي مع شريط كاسيت لـ(لايك إيه فيرجين Like a Virgin)»، الأغنية الناجحة التي أطلقت مسيرة مادونا. وأضافت: «منذ ذلك الحين، لم نتوقف عن الاستماع إليها؛ ولهذا السبب، فإن المجيء إلى هنا يرتبط بالنسبة لنا بعلاقتنا كشقيقات».

ولزيادة الحماسة قبل الحفل، تناوب عدد من منسقي الأغاني، بينهم الأميركي ديبلو، عند حلول الظلام لإضفاء البهجة على «أكبر حلبة رقص في العالم».

ثم جاء الوقت لتغادر «الملكة» قصرها، وهو فندق «كوباكابانا بالاس» الشهير، ملاذ السلام والرفاهية لنجوم هوليود ونجوم البوب منذ عقود، حيث أقامت مادونا وعائلتها منذ بداية الأسبوع.

وسارت مادونا على طول الممشى الذي جرى تجهيزه خصيصاً لهذه المناسبة، والذي أوصلها مباشرة إلى المسرح.

وفي هذا الحدث، كانت الشرطة حاضرة بقوة، في كل شارع تقريباً في حي يشهد بانتظام جرائم مختلفة، ولكن أيضاً في الجو عن طريق طوافات ومسيّرات حلقت في سماء الحدث.

وبعد 80 حفلاً موسيقياً في أوروبا وأميركا الشمالية والمكسيك، يُعد عرض ريو دي جانيرو خاتمة لجولة مادونا العالمية، لكنه أيضاً بمثابة تحدٍّ، بعد أن أدخلت عدوى بكتيرية المغنية إلى العناية المركزة في يونيو (حزيران) 2023، ما أثار قلق محبيها في جميع أنحاء العالم.

مقابل «كوباكابانا بالاس»، وعلى طول الشاطئ حيث عرض بائعو الهدايا التذكارية قطعاً مرتبطة بمادونا، وزادوا من مخزوناتهم وأسعارهم، بدت الأجواء احتفالية في الأيام الأخيرة، ما أعاد إلى الأذهان أجواء كرنفال ريو، الذي أقيم قبل نحو 3 أشهر.

وهبطت 3 طائرات تحمل 270 طناً من المعدات في ريو دي جانيرو لاستخدامها في حفل النجمة الأميركية المعتادة على العروض المبهرة عالية الدقة.

وشكل الحفل حدثاً كبيراً لمدينة ريو، إذ قُدّرت مساهمتها في الاقتصاد المحلي بـ293 مليون ريال برازيلي (نحو 58 مليون دولار)، وفق حساب بلدية ريو دي جانيرو التي شاركت في تكاليف الحدث بمبلغ 20 مليون ريال من أصل تكلفة إجمالية قُدّرت بـ60 مليوناً.


مقالات ذات صلة

صلاح تيزاني لـ«الشرق الأوسط»: نفتقد اهتمام وزارات الثقافة بإرث الفنانين

يوميات الشرق تساءل عن دور وزارات الثقافة في حفظ إرث الفنانين (فيسبوك)

صلاح تيزاني لـ«الشرق الأوسط»: نفتقد اهتمام وزارات الثقافة بإرث الفنانين

أسرَعَ «أبو سليم» في إنقاذ إرثه الفني وحفظه في المكان المناسب. فمؤخراً شهد بعض العالم العربي أرشيف عدد من نجوم الفن يُوزَّع على الفقراء أو يُرمى في المهملات.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق العِلم ومفاجآته (فريق إيكو)

وفاة السمكة «شارلوت» التي حَمَلت بلا تشارُك الحوض مع ذَكَر

أعلن حوض أسماك نورث كارولاينا وفاة سمكة الراي التي حَمَلت رغم عدم وجودها مع ذَكَر من نوعها في حوض لسنوات.

«الشرق الأوسط» (نورث كارولاينا)
يوميات الشرق الوجع يُعلِّم (حساب ألفي واتس في فيسبوك)

عشريني فاز بسباق عالمي يساعد الناس على مواجهة الفقدان

يريد البريطاني ألفي واتس استخدام خبرته لمساعدة الآخرين على تجاوز ألم الفقدان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مسار تطوُّر الدمية الأشهر (أ.ف.ب)

«باربي» في لندن... من الدمية «رقم 1» إلى تطوُّر 65 عاماً

ينفرد متحف «ديزاين ميوزيم» في غرب لندن، بدءاً من الجمعة، بمعرض يُخصّصه لـ«باربي»، يضمّ أكثر من 180 دمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كفيفة تمشي مع «الكلب الدليل» في شنغهاي (رويترز)

«الكلب الدليل»... روبوت صيني لضعاف البصر

قد يكون بمقدور روبوت صيني يعرف باسم «الكلب الدليل» في يوم من الأيام أن يساعد الأشخاص ضعاف البصر على العيش بشكل أكثر استقلالية، حسب «رويترز».

«الشرق الأوسط» (لندن)

صلاح تيزاني لـ«الشرق الأوسط»: نفتقد اهتمام وزارات الثقافة بإرث الفنانين

تساءل عن دور وزارات الثقافة في حفظ إرث الفنانين (فيسبوك)
تساءل عن دور وزارات الثقافة في حفظ إرث الفنانين (فيسبوك)
TT

صلاح تيزاني لـ«الشرق الأوسط»: نفتقد اهتمام وزارات الثقافة بإرث الفنانين

تساءل عن دور وزارات الثقافة في حفظ إرث الفنانين (فيسبوك)
تساءل عن دور وزارات الثقافة في حفظ إرث الفنانين (فيسبوك)

يملك الممثل اللبناني صلاح تيزاني، المعروف فنياً باسم «أبو سليم»، رؤية مستقبلية ترجمها في أعماله الفكاهية طوال 70 عاماً. فأفكاره تناولت الموضوعات بأسلوب ساخر، وكانت سبّاقة. ويعزّز تميُّزه بأنه كان أول مَن اعتمد مجموعة فنانين كوميديين لتقديم أعماله، فلم يحصرها في شخصه فقط كما درجت العادة.

واليوم يسبق تيزاني عصره بوهبه أرشيفه الفنّي إلى مكتبة «جامعة الروح القدس - الكسليك». يقول لـ«الشرق الأوسط»: «فكّرتُ مليّاً في مصير أرشيف ضخم من نحو 2000 حلقة تلفزيونية وغيرها. وعندما عرضتُ على الجامعة وهبه لها، وافقت بلا تردُّد».

أسرَعَ «أبو سليم» في إنقاذ إرثه الفني وحفظه في المكان المناسب. فمؤخراً شهد بعض العالم العربي أرشيف عدد من نجوم الفن يُوزَّع على الفقراء أو يُرمى في المهملات. كما أنّ قلّة من الفنانين اللبنانيين تُراودها هذه الفكرة، فيجدونها مؤجَّلة حتى إشعار آخر أو يتجاهلونها تماماً.

يروي تيزاني قصة تواصله مع هذا الصرح الثقافي: «عرض عليَّ صديق الفكرة وأعجبتني. أنا اليوم على عتبة الـ96 عاماً. وبعد النقاش مع مسؤولين عن مكتبة الجامعة الثقافية والفنية، قرّرتُ وهبها أرشيفي بأكمله».

لم يحزن لتخلّيه عن سنوات عمره الفنّية بطرفة عين، فيوضح: «لم أتخلَّ عنها، بل وضعتها في مكان آمن. فهذه المكتبة شاسعة بُنيت لمقاومة الحرائق والمتفجرات. أبنائي أيضاً سُعِدوا بهذه الخطوة؛ فكيف كانوا سيتصرّفون بأرشيف ضخم يأخذ مساحة غرفة من منزلي؟».

وهب أرشيفه ليضمن بقاءه آمناً للأجيال القادمة (فيسبوك)

من أعمال تيزاني الشهيرة على الشاشة الصغيرة: «سيارة الجمعية»، و«أبو سليم 200»، و«كل يوم حكاية»، و«فندق السعادة». ومن مسرحياته المعروفة: «نعيم وفهيم»، و«المسافر». كما صوَّر أفلاماً سينمائية، بينها «أبو سليم في المدينة»، و«أبو سليم في أفريقيا».

يعتب على لبنان لعدم اكتراث مسؤوليه بفنانيه: «لا أعرف لماذا يهملوننا نحن الذين حفرنا بالصخر طوال سنوات لنرفع اسم الوطن عالياً. فوزارات الثقافة المتعاقبة لم تأتِ على ذكر أرشيف فنان واحد، ولم تفكّر في تقديم أي اقتراح بهذا الخصوص. إنهم أسوة بباقي المسؤولين، يتلهّون بمصالحهم فقط».

يتألّف أرشيف «أبو سليم» من آلاف الحلقات التلفزيونية لبرامج أضحكت أجيالاً من اللبنانيين، وتسجيلات صوتية وشرائط مصوَّرة لمسرحيات وأفلام سينما. يضيف: «لم يفكر أحدٌ من المسؤولين بنتاج عمر بأكمله في عالم الفنّ. ممتنٌّ لوجود صرح ثقافي أبدى اهتمامه بهذا الإرث. سهرتُ الليالي، وعملتُ بجهد، وبذلتُ كل ما في وسعي لأقدّم الفنّ الذي يليق ببلدي. ولكن وطني لم يفكر بي ولا بغيري».

يعطي أمثلة عن فنانين لبنانيين لم يبادر أحد لتلقُّف أرشيفهم: «لا شوشو، ولا نبيه أبو الحسن وغيرهما، فكّرت وزارات الثقافة في وطننا بأرشيفهم. فهذه الأعمال تُعدُّ تاريخاً تُصنّفه الدول الأجنبية كنزاً، فيُدرَّس في الجامعات وتُؤلَّف الكتب على أساسه».

ويخبر «أبو سليم» بفرح كيف كرّمته «جامعة الروح القدس»: «أصدرت كتاباً عن مسيرتي وأعمالي، وكرّمتني في حفل تخرُّج لطلابها بعنوان (دفعة الثبات)».

مع فريقه التمثيلي خلال أحد برامجه التلفزيونية (فيسبوك)

تسأله «الشرق الأوسط» عما إذا وهب أرشيفه من دون مقابل مادي، فيردّ: «يكفي أنّ هذا الصرح سيحافظ على جزء من ذاكرة التراث اللبناني الفكاهي المرتبط بي، وسيكون بمتناول الباحثين والطلاب. وقد نشرت لي الجامعة أيضاً بعض مسرحياتي في كتاب جديد، وقدّمت لي درعاً تقديرية عربون وفاء لمسيرتي وعطائي. وأخبروني بأنّ ورثة صلاح تيزاني سيستفيدون من هذا الأرشيف في حال استُعير أي جزء منه، فيعود إليهم بنسبة 60 في المائة من المبلغ الإجمالي الذي تحدّده الجامعة مقابل استخدامه، ليستفيد الصرح نفسه بنسبة 40 في المائة من المبلغ».

يتحدّث عن أهمية الثقافة لدى الأجيال: «إنها تراث يروي ذاكرة عريقة، وعليهم الاستفادة منه. حان الوقت ليشرق النور على ثقافتنا، فلا ينبغي أن تُهمَل أو يُنسى تاريخها. تأسيس مكتبة واحدة في بلادنا لاحتضان أرشيف فنانين لبنانيين هو واجب وحقّ. ومعها تكون بلادنا قد انطلقت في رحلة ثقافية وفنّية على الطريق المستقيم».

وكان تيزاني كُرِّم مؤخراً في «مهرجان الزمن الجميل»، وخلال اعتلائه المسرح لتسلُّم جائزته، تعثّر وسقط، فما لبث أن نهض من جديد متوجّهاً إلى الحضور: «لا تخافوا عليَّ، لا أزال أتمتّع بصحة جيّدة».