الهواء المُلوث يُطيل عمر الفيروسات ويفاقم انتقال العدوى

زائر يمر أمام نموذج مضيء لفيروس كورونا في باريس (أرشيفية - رويترز)
زائر يمر أمام نموذج مضيء لفيروس كورونا في باريس (أرشيفية - رويترز)
TT

الهواء المُلوث يُطيل عمر الفيروسات ويفاقم انتقال العدوى

زائر يمر أمام نموذج مضيء لفيروس كورونا في باريس (أرشيفية - رويترز)
زائر يمر أمام نموذج مضيء لفيروس كورونا في باريس (أرشيفية - رويترز)

اكتشف باحثون في بريطانيا أن الهواء المُلوث بمستويات عالية من ثاني أكسيد الكربون يُطيل أمد بقاء الفيروسات في الهواء، ويرفع مخاطر انتقال العدوى.

وأوضح الباحثون أن ثاني أكسيد الكربون يلعب دوراً رئيسياً في إطالة عُمر متغيرات فيروس «سارس - كوف - 2» المسبب لمرض كوفيد - 19، الموجودة في القطرات الصغيرة التي تنتشر في الغلاف الجوي، وفق دراسة نُشرت نتائجها، الجمعة، بدورية «نيتشر كميونيكيشنز».

وخلال جائحة «كوفيد - 19»، استُخدمت أجهزة مراقبة ثاني أكسيد الكربون لتقدير مستويات التهوية داخل المباني، نظراً لأن ثاني أكسيد الكربون والفيروس يُطلقان معاً في الزفير، لكن الدراسة الجديدة كشفت عن دور ثاني أكسيد الكربون في إطالة مدة بقاء الفيروس في الهواء.

ووجد الباحثون أن المتغيرات المختلفة لفيروس «سارس - كوف - 2» تتمتع بدرجات متفاوتة من الاستقرار الجوي، مع بقاء المتغير الأحدث «أوميكرون» نشطاً لفترة أطول في الهواء.

كما توصل الفريق إلى أن هناك علاقة مباشرة بين زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون وطول الفترة التي تبقى فيها الفيروسات المحمولة جواً مُعدية، ما يرفع بدوره من خطر انتقال العدوى.

وخلال الدراسة، استخدم الباحثون تقنية مبتكرة طوروها لقياس مدة بقاء متغيرات فيروس «سارس - كوف - 2» المختلفة في جسيمات محمولة جواً، والمولدة داخل المختبر، لتُحاكي الهباء الجوي المنبعث من الأفراد.

وعن طريق تعديل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء من 400 جزء في المليون، وهو مستوى متوسط في الهواء الخارجي، إلى 6500 جزء في المليون، أكد الفريق وجود علاقة بين زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون وطول الفترة الزمنية التي تظل فيها الفيروسات المحمولة جواً معدية في الهواء، مما يفاقم من خطر انتقال العدوى.

كما أظهرت النتائج أن زيادة تركيز ثاني أكسيد الكربون إلى 800 جزء في المليون، وهو مستوى يعتبر مؤشراً على جودة التهوية، أدى لتعزيز البقاء الهوائي للفيروس مما يطيل عمره

وبعد 40 دقيقة في هواء يحتوي على تركيز ثاني أكسيد الكربون يُماثل ما هو موجود في غرفة مزدحمة (3000 جزء في المليون)، وُجد أن الفيروس لا يزال معدياً بمقدار يقارب 10 أضعاف مقارنة بالهواء النظيف.

الباحثون طوروا تقنية مبتكرة لقياس مدة بقاء متغيرات فيروس SARS-CoV-2 في الهواء (جامعة بريستول)

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة بريستول البريطانية، ألين هادريل: «كنا نعلم أن (سارس - كوف - 2)، مثل الفيروسات الأخرى، ينتشر عبر الهواء الذي نتنفسه، لكن هذه الدراسة تمثل تقدماً كبيراً في فهمنا لكيفية حدوث ذلك، ولماذا يحدث، والأهم من ذلك، ما الذي يمكن فعله لوقف الانتشار».

وأضاف عبر موقع الجماعة: «النتائج تُظهر أن فتح النافذة قد يكون أكثر فاعلية مما كان يُعتقد سابقاً، خصوصاً في الغرف المزدحمة والتي تعاني من سوء التهوية، لأن الهواء النقي، الذي يحتوي على تركيزات أقل من ثاني أكسيد الكربون، يمكن أن يُعطل نشاط الفيروس بشكل أسرع بكثير».


مقالات ذات صلة

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

صحتك بحث يؤكد أن حالات الوفاة بالسرطان بين البريطانيين في ازدياد (رويترز)

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

خلص تقرير جديد إلى أن أكثر من حالة وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات في المملكة المتحدة ما بين الآن وعام 2050 ستكون بسبب السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار برنامج الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» (رويترز)

دراسة: «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض؛ الأمر الذي وصفه فريق الدراسة بأنه «صادم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم بولينا براندبرغ قالت على «إكس» إنها تعاني من «أغرب رهاب للموز في العالم» (رويترز)

غرف خالية من الموز بسبب «فوبيا» وزيرة سويدية

تسببت فوبيا تعاني منها وزيرة سويدية في دفع مسؤولين حكوميين إلى طلب إخلاء الغرف من الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الإصابة بحصوات الكلى والنقرس من الحالات الشائعة (المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة)

أدوية للسكري تخفّض خطر الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة جديدة أنّ نوعاً من أدوية علاج مرض السكري من النوع الثاني قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بحصوات الكلى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» المضادة للسكري تكبح التدهور المعرفي المرتبط بألزهايمر

كشف فريق من الباحثين الأميركيين أن عقار سيماغلوتيد، الذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي» من شأنه أن يحسن بشكل ملحوظ استهلاك الدماغ للسكر.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».