حفر المخرج ناصر فقيه اسمه بقلوب اللبنانيين منذ بداياته، بتوقيع برامج تلفزيونية وكليبات غنائية. ولا تزال حتى اليوم مقاطع من أعماله الكوميدية تُتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فمن من اللبنانيين لا يتذكّر برامج «أبو رياض مين قدو»، و«مافي متلو»، و«خدنا بحلمك»، وغيرها؟
يُعدّ ناصر اليوم مرجعاً تركن إليه مواهب جديدة، فتكتسب من أعماله دروساً تُصقل تجاربها. ومؤخراً، لمع اسمه في عالم الكتابة والتأليف بعيداً عن الإخراج. ويبرّر ذلك لـ«الشرق الأوسط»: «في رأيي، نحن نعاني من مشكلة نقص في الكُتّاب. لا شك أن العالم العربي يزخر بأقلام جميلة، ولكنها تبقى قليلة وتشكل نقطة ضعف على ساحتنا الفنية».
ينشغل ناصر حالياً في تأليف مسلسل «بالأفراح» من إنتاج شركة «الصبّاح إخوان»، الذي يتألف من 8 حلقات، وهو من بطولة نادين نسيب نجيم وعادل كرم، وتشاركه الكتابة ميرا كوسى. وينتمي المسلسل إلى نوع دراما «لايت كوميدي».
سبق لناصر فقيه وعادل كرم أن تعاونا معاً في أعمال عدة كان آخرها «دور العمر»، فما سرّ هذه العلاقة؟ يرد لـ«الشرق الأوسط»: «إنها مبنيّة على عِشرة عمر طويلة عشناها معاً. وأنا معجب بعادل الممثل الذي استطاع إثبات هويته هذه عربياً وعالمياً. والجميع يعرف أن مشاركته في فيلم (قضية 23) أوصلته للترشح إلى جائزة (الأوسكار). كما أثّر في الدراما المختلطة والمصرية. ولأنه اشتهر بأعمال الكوميديا بفضل موهبة كبيرة يتمتع بها، ارتأت شركة (الصبّاح) الاستعانة به لبطولة (بالأفراح)».
وكما عادل كرم يقول ناصر فقيه: «كذلك شريكته في هذا المسلسل نادين نسيب نجيم، التي اشتهرت في عالم الكوميديا، فعرفت كيف تنقل حسّها الفكاهي وخفة ظلّها أمام الكاميرا بعفوية. وأكبر دليل على ذلك هو نجاح مسلسلها (صالون زهرة). ونادين هي من أهم الممثلات في عالمنا العربي، تملك طاقات تمثيلية كبيرة. وفي هذا المسلسل ستكون إطلالتها مميزة. فالشخصية التي تجسّدها مرحة تنبض بالديناميكية، وتشبهها على أرض الواقع».
فرق شاسع بين تجربة ناصر فقيه الإخراجية وتلك التي يعيشها مخرجو اليوم. وهذا الفرق استحدثته التكنولوجيا المتطورة، فوفّرت للجيل الجديد مساحات واسعة لترجمة إبداعاتهم. يتابع فقيه لـ«الشرق الأوسط»: «في الماضي كنّا نضطر إلى الإجادة في عملنا بما هو موجود لدينا. أفكارنا هي التي كانت تشكّل العنصر الأساسي في تميّزنا. اليوم اختلف الوضع وصارت المجالات الإخراجية أوسع وأكبر بفضل التكنولوجيا المتطورة. أدواتنا كانت إلى حدّ ما، بدائية تتألف من كاسيت وكاميرا وإضاءة. فأي مخرج تؤمن له هذه التكنولوجيا تفتح أمامه آفاقاً أوسع، وتساعده على ترجمة أفكاره بشكل أفضل. وهو ما سهّل عملية التّنفيذ الفني بشكل عام. فالجودة أيضاً تأثرت بهذه الاختراعات».
وماذا عن عمل فقيه الإخراجي فهل اعتزله؟ يرد: «لا أبداً، لم أعتزل مهنتي الأساسية. وأحضّر مع محطة (إم تي في) لبرنامج جديد مع عباس جعفر وجنيد زين الدين من نوع الكوميديا، وكتابته ستكون بمثابة ورشة عمل أشارك فيها مع سلام الزعتري، وسنُصوّر العمل قريباً».
يتحدث فقيه عمّن يلفته في عالم الإخراج اليوم: «مخرجون كثيرون يلفتون النظر ويجتهدون في تقديم أعمال على المستوى المطلوب. أنا شخصياً في مسلسل (دور العمر) اخترت سعيد الماروق لأني معجب برؤيته الإخراجية».
تابع ناصر فقيه مشهد الدراما الرمضاني وأعجبه مسلسل «تاج»: «حظي هذا العمل على اهتمامي. ويُعدّ من الأعمال الدرامية الضخمة التي شهدها موسم رمضان. فيه حضرت كل العناصر الناجحة من نص، وإخراج، وإنتاج، وتمثيل، فجاء كاملاً. ومن المسلسلات التي لم تشدني (العربجي). فقد شابه التكرار والمماطلة، ولم يأتِ على قدر الآمال التي بُنيت عليه. وأعجبني (ولاد بديعة) كان متميزاً بعملية كاستينغ رائعة جمعت عناصر محترفة. أمّا العنف الذي ساد بعض حلقاته فوجدته يخدم أحداث القصة وليس نافراً. وكان من الممكن استدراك بعض المشاهد الدموية».