نبيل فانوس... مسيرة إبداعية في تشكيل المشهد العمراني السعودي

تجلّت عبقريته في أعمال فريدة شكلت الهوية المعمارية لمدينة الرياض

بقيت إسهامات فانوس في المشهد العمراني للمملكة والعالم محفورة في الذاكرة (فناء الأول)
بقيت إسهامات فانوس في المشهد العمراني للمملكة والعالم محفورة في الذاكرة (فناء الأول)
TT
20

نبيل فانوس... مسيرة إبداعية في تشكيل المشهد العمراني السعودي

بقيت إسهامات فانوس في المشهد العمراني للمملكة والعالم محفورة في الذاكرة (فناء الأول)
بقيت إسهامات فانوس في المشهد العمراني للمملكة والعالم محفورة في الذاكرة (فناء الأول)

رحلة استكشافية ملهمة في إرث معماري فريد، وتجربة إبداعية عمرها نحو نصف قرن، بطلها المعماري نبيل فانوس، واحد من نخبة المؤثرين في المشهدين الإبداعي والهندسي في السعودية، الذي أبقى كثيراً من المعالم والمباني في مدينة الرياض شاهدة على نبوغه وروح التألق في تصاميمه.

يسلط معرض فني تستضيفه الرياض، الضوء على إرث هذا المعماري الراحل ومساهمته في تشكيل المشهد العمراني السعودي، بمجموعة مختارة من أعماله، ابتداءً من المبنى الذي يستضيفه المعرض، وكان فانوس قد قدّمه عام 1988 بوصفه معلماً عمرانياً بارزاً في حيّ السفارات بمدينة الرياض، وتحوّل مؤخراً من مبنى لأول بنك تجاري في السعودية إلى مركز ثقافي ملهم ومشع بالإبداع.

تحول المعرض إلى مساحة فنية عامرة بالأعمال والإبداع (فناء الأول)
تحول المعرض إلى مساحة فنية عامرة بالأعمال والإبداع (فناء الأول)

يتضمّن المعرض مجموعة مختارة من الأعمال التي اشتهر بها فانوس، التي تتميز بتصاميمها المستوحاة من تراث السعودية وهويتها، مع إضافة رؤية فنية حديثة، لاستكشاف إرث فانوس الذي يتجاوز الإنجازات البصرية، ويمثل روحاً معمارية حيّة تسمو بالإبداع والتميّز، ويمتد أثرها إلى الأجيال المقبلة.

وكشف المعرض عن تفاصيل إبداعية في أعمال معماري مؤثر، وضع بصمته في عالم العمارة، وعاش كثيراً من التجارب الملهمة التي شكّلت فهمه العميق للعمارة المعاصرة وأساليب التّصميم المبتكرة.

رحلة استكشافية ملهمة في إرث معماري فريد (فناء الأول)
رحلة استكشافية ملهمة في إرث معماري فريد (فناء الأول)

ولد نبيل فانوس عام 1940 في مدينة حيفا بفلسطين، وتخرج بشهادة في المعمارية من جامعة ليدز في بريطانيا للفنون عام 1963، وفي العام التالي انتقل إلى ألمانيا، ومن ثَمّ إلى العراق حيث عَمِل مع معماريين عراقيين مرموقين، قبل أن يتوجه إلى السعودية في أواخر ذلك العقد، ويبدأ مسيرة هندسية وإبداعية ظهر أثرها وألقها في عددٍ من المباني في مدينة الرياض.

تعاون فانوس مع المعماري باسم الشهابي لتأسيس شركة «عمرانية»، التي أبدعت في إنجاز مشاريع بارزة على مدى أكثر من 10 سنوات، وانتقل بعد ذلك إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث استقر وأسس شركة «نبيل فانوس للهندسة المعمارية» عام 1988.

وفي عام 2017 رحل المعماري المبدع تاركاً إرثاً معمارياً عريقاً خلفه، هو نتاج مسيرة مهنية وإبداعية امتدت لأكثر من نصف قرن، وبقيت إسهاماته في المشهد العمراني للمملكة والعالم محفورة في ذاكرة الأجيال.

تجلّت عبقرية فانوس في أعمال فريدة ورؤى فنية مدهشة (فناء الأول)
تجلّت عبقرية فانوس في أعمال فريدة ورؤى فنية مدهشة (فناء الأول)

رؤى فنية مدهشة

تجلّت عبقرية فانوس في أعمال فريدة ورؤى فنية مدهشة، ساهمت في تشكل الهوية المعمارية لمدينة الرياض، وتمثلت أهم أعماله في مبنى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ومبنى مقر مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وقصر طويق، ومبنى البنك السعودي الفرنسي، وشركة الإنارة السعودية، والمقر الرئيسي لشركة سبيماكو الدوائية، ومبنى البنك الأول الذي تحوّل إلى مركز فناء الأول حالياً، والمعهد العربي لإنماء المدن، ومبنى إنارة بلازا، ومبنى السفارة السعودية في برلين.

ساهمت أعمال فانوس وتصاميمه في تشكل الهوية المعمارية للرياض (فناء الأول)
ساهمت أعمال فانوس وتصاميمه في تشكل الهوية المعمارية للرياض (فناء الأول)

ويجسّد مبنى فناء الأول، حيث يُنظّم المعرض، واحداً من قصص نجاح المعماري فانوس وآثاره الإبداعية في العاصمة السعودية، وفي تحويل الرؤية الفنية إلى واقع معماري ملموس يتميّز بالأصالة والأناقة.

عمل فانوس على المبنى، في عام 1988 وعلى إبراز رؤيته الفنية والمعمارية في مشروع تصميم فناء الأول، وهو أول بنك تجاري في السعودية، أضحى يُعرف الآن بمركز فناء الأول‬، صمّمته شركة عمرانية في الأساس للبنك الهولندي السعودي، ويشكّل حتى اليوم معلماً معمارياً بارزاً في حي السفارات بالرياض.

إرث نبيل فانوس يتجاوز الإنجازات البصرية ويمثل روحاً معمارية حية (فناء الأول)
إرث نبيل فانوس يتجاوز الإنجازات البصرية ويمثل روحاً معمارية حية (فناء الأول)

يتميز مبنى فناء الأول، بهيكل مربع الشكل، يقوم على أعمدة من الأسمنت المدعم، ومزين بزخرفة هندسية منقوشة على الطراز التقليدي، وتحيط الأعمدة الجميلة المتعاقبة بالقاعة، وتخلق فتحات تسمح بمرور نور الشمس بتوازن طيلة اليوم، ويتسع صدره للكثير من الأنشطة الثقافية والفعاليات الفنية، بوصفه مركزاً ثقافياً متكاملاً مخصصاً لاحتضان المفكرين والمبدعين وأصحاب المواهب الإبداعية المتعددة، عبر المساحات المتنوعة التي يوفّرها للمعارض الفنية وورش العمل والملتقيات الثقافية، إلى جانب الفضاء الثقافي والمعرفي الذي سيُتيحه المركز لزواره من مختلف الشرائح.

يتضمّن المعرض مجموعة مختارة من الأعمال التي اشتهر بها فانوس (فناء الأول)
يتضمّن المعرض مجموعة مختارة من الأعمال التي اشتهر بها فانوس (فناء الأول)

المعرض: مساحة فنية

تحول المعرض إلى مساحة فنية عامرة بالأعمال والإبداع، وكأن نبيل فانوس بعبقريته وتجربته الإبداعية يفتح الباب ويشقّ الطريق للعديد من المواهب التي تبحث عن ضوء ظهورها وحضورها في فناء التّميز والتألق والدهشة.

تتميز أعماله بتصاميمها المستوحاة من الهوية السعودية مع إضافة رؤية فنية حديثة (فناء الأول)
تتميز أعماله بتصاميمها المستوحاة من الهوية السعودية مع إضافة رؤية فنية حديثة (فناء الأول)

وفي المعرض، نحتت الفنانة عالية مارديني، الورق بحثاً عن طرق لتوظيف الفن وسيلة لتعزيز المشاعر الإيجابية، ‏مندفعة بفضولها نحو العلاقة بين الفن والصحة، وتقدم التجربة عبر واحدة من نوافذ معرض نبيل فانوس. في حين يصطحب المصوّر السعودي منصور الصوفي الزوار في رحلة بصرية ذات أبعاد معمارية، ‏من خلال سلسلة صوره «كشف»، ويأخذهم في رحلة لاكتشاف الزوايا المخفيّة، والتفاصيل الهندسية اللافتة للنظر من المباني التي صمّمها المهندس المعماري فانوس.

رحل المعماري المبدع عام 2017 وترك إرثاً معمارياً عريقاً (فناء الأول)
رحل المعماري المبدع عام 2017 وترك إرثاً معمارياً عريقاً (فناء الأول)

‏وبخبرته في التصوير الفوتوغرافي والمواد والتركيبات يطمس المصور لوريان جينيتويو الخط الفاصل بين المساحة والفن والصورة، ويوثق بأعماله الروابط بين الهندسة المعمارية وسياقاتها الاجتماعية والاقتصادية، وتعرض نماذج من أعماله الرائدة على هامش الرحلة الفنية والإلهامية لنبيل فانوس في مركز فناء الأول، في حين تتقصّى المهندسة المعمارية علياء داوود مواضيع عامة واجتماعية، وتسعى من خلال اهتمامها بمجالات التوسّع العمراني المُراعي للبيئة والتاريخ الاجتماعي إلى استكشاف العلاقات بين الأفراد وتجاربهم المكانية والطابع الحَضري عبر أعمال فنيّة قيّمة تحتضنها مساحة فناء الفنية.


مقالات ذات صلة

10 أمور أساسية للتقدم في السن بصحة ورشاقة

صحتك لا بد من أداء بعض النشاط البدني يومياً للحفاظ على الصحة والحيوية (رويترز)

10 أمور أساسية للتقدم في السن بصحة ورشاقة

التقدم في السن بشكل صحي لا يعتمد على الحظ، بل على الخيارات اليومية. فكيف نتقدم في السن بشكل صحيح وصحي؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يمكن أن يكون اللطف وسيلة فعّالة لمساعدة الأطفال على الشعور بمزيد من الهدوء والسعادة (أرشيفية - رويترز)

في عالم تزيد فيه العدائية... كيف تربي أطفالاً لطفاء؟

في عالم تكثر فيه العدائية، قد يشعر الآباء بالقلق حيال كيفية تربية جيل أكثر لطفاً. ويمكن أن يكون اللطف وسيلة فعّالة لمساعدة الأطفال على الشعور بمزيد من السعادة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق العزلة تُضعف جودة النظام الغذائي لدى كبار السنّ (جامعة كاليفورنيا)

العزلة الاجتماعية تُفسد شهية كبار السنّ

النساء المُسنّات اللواتي يعانين عزلة اجتماعية مستمرّة أكثر عرضة لانخفاض استهلاكهن للفاكهة والخضراوات؛ ما يؤدّي إلى تراجع عام في شهيتهن وجودة نظامهن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق فنٌّ خارج التوقّعات (إنستغرام)

لوحات فنّية «رسمتها» فئران تُباع في جميع أنحاء العالم

في تطوّر غير تقليدي، أنتجت فئران تملكها ممرّضة بيطرية في بريطانيا لوحات فنّية صغيرة بيعت للناس حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق بطريقٌ خلف التحطُّم (هيئة الطيران في جنوب أفريقيا)

تحطُّم مروحية في جنوب أفريقيا بسبب بطريق

تحطّمت مروحية في جنوب أفريقيا بسبب بطريق وُضع في صندوق من الورق المقوَّى... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«طُرُق: نكهات ومسارات» في بينالي الفنون الإسلامية

من ورشات العمل في بينالي الفنون الإسلامية (هيئة بينالي الدرعية)
من ورشات العمل في بينالي الفنون الإسلامية (هيئة بينالي الدرعية)
TT
20

«طُرُق: نكهات ومسارات» في بينالي الفنون الإسلامية

من ورشات العمل في بينالي الفنون الإسلامية (هيئة بينالي الدرعية)
من ورشات العمل في بينالي الفنون الإسلامية (هيئة بينالي الدرعية)

على مدى 3 أيام، نظَّمت مؤسسة «بينالي الدرعية» منتدى استكشاف فنون الطهي في العالم العربي تحت عنوان «طُرُق: نكهات ومسارات»، ويمثل هذا الحدث باكورة فعاليات «مساحة البحث» السنوية، وهو مبادرة تهدف لتعزيز التفاعل بين مختلف التخصصات، واستكشاف التداخلات الثرية بين الفن والحياة اليومية. وبالمناسبة أتاح البينالي لجميع زواره حضور فعاليات المنتدى الذي يهدف لإبراز التنوع الثقافي الغني لفنون الطهي في العالم العربي.

ركز البرنامج من خلال استعراض المسارات التاريخية وتطور فنون الطهي المعاصرة، بشكل خاص، على التأثير العميق والمستمر للمنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية، المعروفة بتاريخها الغني في تجارة التوابل، واحتضانها تقاليد غذائية عريقة ومتنوعة. واستكشف المنتدى كيف شكَّلت هذه الخلفية الفريدة ملامح ثقافة الطعام الغنية للمنطقة، التي بدورها ألهمت جوانب متعددة من التعبير الفني والإبداعي ضمن سياق «بينالي الفنون الإسلامية 2025».

ويقام هذا المنتدى السنوي في إطار التزام «بينالي الفنون الإسلامية» باستكشاف فنون الحضارات الإسلامية، وخلق مساحات للحوار والتفاعل الثقافي، حيث استضاف البرنامج نخبةً من الطهاة والفنانين والباحثين في مجال الطهي، من المملكة العربية السعودية ومختلف أنحاء العالم، ليؤكد أن الطعام يمثل مساحةً للذاكرة والتواصل الإنساني، متيحاً للزوار فرصة اكتشاف كيفية تشكيل الطعام للثقافة والهوية، ومساهمته في نقل التراث عبر الأجيال.

وركَّز المنتدى في كل يومٍ على أحد الأوقات اليومية لتناول الطعام، التي تشمل: الفجر، ومنتصف النهار، والعصر، والغروب، حيث تناول اليوم الأول (الفجر) العادات الصباحية المرافِقة لأول وجبة في اليوم، بينما استكشف اليوم الثاني (منتصف النهار) أهمية الضيافة في التقاليد العربية، وتناول الطعام بوصفه جزءاً من العادات الجماعية لأفراد المجتمع، أما اليوم الثالث (العصر) فقدَّم ثقافة الشاي وعادات الراحة والاسترخاء، بينما احتفى اليوم الرابع (الغروب) بروح المائدة وتنوع الأطباق التي تزينها.

ويسعى البرنامج المصاحب للمنتدى إلى تشجيع الاهتمام وروح الاستكشاف والتفاعل، من خلال أنشطة متنوعة تشمل تذوق الأطعمة، والجلسات الحوارية، والندوات، وتجارب الطهي، ومشاركة الوصفات، وفنون ترتيب الموائد، والسرد القصصي.

ومن أبرز فعاليات المنتدى برنامج محاضرة «الحيسة وفنون الطهي في العصور الوسطى» مع المؤرخ دانيال نيومان، وكلمة رئيسية ألقاها راوي فنون الطهي والمخرج والمؤثر المعروف نادر نهدي، بينما أدارت القيّمة الفنية حفصة الخضيري جلسةً حول العلاقة بين الطعام والثقافة الشعبية، إلى جانب عرض أفلام قصيرة من مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، وورشة تصوير فنون الطهي بالتعاون مع كانون.