سهام الشعشاع لـ«الشرق الأوسط»: أنصاف الموهوبين حاضرون على حساب الأصيل

فنانون يطالبونها بألا تُثقل نصوصها بجوهر الشِّعر

تجد في الخيبة والهزيمة سرَّ وصول إلى ضياء الحياة (حسابها الشخصي)
تجد في الخيبة والهزيمة سرَّ وصول إلى ضياء الحياة (حسابها الشخصي)
TT

سهام الشعشاع لـ«الشرق الأوسط»: أنصاف الموهوبين حاضرون على حساب الأصيل

تجد في الخيبة والهزيمة سرَّ وصول إلى ضياء الحياة (حسابها الشخصي)
تجد في الخيبة والهزيمة سرَّ وصول إلى ضياء الحياة (حسابها الشخصي)

نظرة الشاعرة وكاتبة الأغنيات السورية سهام الشعشاع إلى الأشياء تجعلها تنفصل عن واقعها ومَن حولها. معارك تخوضها مع نفسها للعيش في عوالمها وتحقيق انتصار ما. مع ذلك، تكتشفُ أنها لم تعش لنفسها بل لآخرين توصلت معهم إلى خلاصة أنّ ما يُحققه المرء هو ما يكون قد انصرف عنه للتخطيط لغيره. تقول لـ«الشرق الأوسط» إنها تعيش البدايات كل يوم، وتروّض الوقت لتُطلق نداءها لغد تنتظره.

ترى الحياة نسيجاً غامضاً يؤلّفه الوقوع تحت أعباء الدروس الصعبة، وسلسلة من الأخطاء المُرتَكبة، قبل المضي في رحلة التحرّر منها على الورق. «هذه الكتابة بالنسبة إليّ. وقفتُ على مراياها لتمنحني القدرة على قراءة جدوى الوصول».

بعضُ الشِّعر المشوَّه يصيب الصافي منه بإحباط، فكيف تحمي قصيدتها؟ تؤلم تغيُّرات العصر سهام الشعشاع: «زمن مواقع التواصل يؤكد أنّ احتراق المواهب أسرع من احتراق مصابيح الحياة؛ لاعتماد البعض على الحظّ في تكريس نفسه، وظنّه أنّ تجمُّع الغيوم حول إبداعه يعطيه مزيداً من الوضوح، وترجمته العظمة بأعداد المتابعين والمصفّقين وتشكيل جيوش من المعجبين». تستوقفها «الموجة الفارغة من أنصاف المواهب الذين يحاولون تكريس حضورهم على حساب الحقيقي والأصيل». وتستغرب تجاهُل روّادها أنّ الأفكار النابضة هي التي تحمينا من تلك العقيمة. مع ذلك، ترى في «إرادة الشعر الخالص الطريقة الوحيدة لتجنُّب السقوط في أوهام التجارب الهشّة». فالشعر بالنسبة إليها «مساحات حرّية شاسعة لا حدود لها، والضوء الأقوى الذي يواجه أنواع الظلام». ولكن ثمة ما يُطمئن: «وجود عدد لا بأس به من أصحاب المواهب الحقيقية سيجعل شجرة الشعر تُزهر من جديد».

طبع اسم سهام الشعشاع الشعرَ الغنائي بأعمال تردّدت واسعاً (حسابها الشخصي)

سهام الشعشاع خلاصة ثورات داخلية هبَّت مراراً فيها، وثقافات تتعدَّد، وتيه لا وجهة له. شِعرُها الأجمل، أهو المولود من الطعنات، أو المبلول بالطمأنينة؟ تجيب: «أقدارنا جعلتنا نعيش على أرصفة المطارات والمدن للبحث عن محاولات للنجاة، مما قد يُفسد أحلامنا. إنسانية المرء تحتاج إلى أسلحة جديدة للمواجهة في حرب لا هدنة فيها. نعيش وسط حركة دائمة تمضي لنا إلى تشكيل أيام لن نستطيع التأقلم معها إلا إذا أحسنّا معايشتها وملاحقتها».

تجد في الخيبة والهزيمة سرّاً من أسرار الوصول إلى ضياء الحياة. تقول: «طقس العمر حين يبدو غائماً وبائساً، وحدها شمس القلب تُخفّف من برودته. إنسانيتنا هي الصيغة الأجمل لمواجهة الصعب والتحرّر منه، وبالشعر نستطيع بثَّ الحياة في العدم، لأنه روحها وجوهرها».

طبع اسمُها الشعرَ الغنائي بأعمال تردّدت واسعاً. لكنّ واقع الأغنية اليوم لا يضع دائماً الكلمات في مرتبة لائقة. هل تخشى سهام الشعشاع على شِعرها من الانجراف في السائد، وهل لها دور في «تنقية» شِعر الأغنية مما يشوبه؟ ردُّها أننا «كلنا عرضة للسقوط في مطبات. قد يكون الشِعر الغنائي مسرحاً لأدوار عدّة يراها البعض جميلة، والبعض الآخر ينظر إليها بوصفها أقلّ قدرة على التعبير عن المكنونات. أحاول البقاء قريبة من جوهر الشِّعر الذي يبتعد عنه معظم الفنانين، ويطالبونني بألا أُثقل نصوصي به، لمجاراتهم السائد أو ما يُسمّى التريند. هذا يجعلني مُقلّة في تقديم الأغنيات؛ لأنني لا أخضع لمعطيات السوق. الأغنية ثورة قلب وضمير ولغة يومية ينبغي ألا تسقط في الاستسهال. أرفض مقولة (الجمهور عايز كدة)، لذا أكتب ما أشعر به».

ترفض سهام الشعشاع سقوط الأغنية في الاستسهال (حسابها الشخصي)

لا تدّعي الشاعرة السورية المقيمة في الإمارات أنها قادرة على تنقية شِعر الأغنية من الشوائب، لكنها على الأقل تحاول الانتصار للغة أنيقة ولفنّ بعيد عن التلوّث، يطرد العتمة ويكسر الكآبة.

أيُدرك جميع الفنانين قيمة الفنّ؟ وكيف تتعامل مع التهاون؟ تعترف بأنها تعاني من بعضٍ يجهل قيمة الرسالة الفنية ويدّعي الفهم. «إنهم يعتدون على الفنّ، وبالتالي على المجتمع». يؤلمها أنهم «يكرّسون أشكالاً فنية وغنائية هشّة، متجاهلين أنّ الفنّ ليس صفقة أو عملاً، إنما اختبار لوعي الفنان وقدرته على المحاكاة».

زمن مواقع التواصل يؤكد أنّ احتراق المواهب أسرع من احتراق مصابيح الحياة، لاعتماد البعض على الحظّ في تكريس نفسه، وظنّه أنّ تجمُّع الغيوم حول إبداعه يعطيه مزيداً من الوضوح، وترجمته العظمة بأعداد المتابعين والمصفّقين وتشكيل جيوش من المعجبين.

سهام الشعشاع

الشهرة بالنسبة إليها «نهر يحمل الأشياء الخفيفة المنقّحة، ويفرّ من الأشياء الثقيلة والصلبة، كما يقول الفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون». لا ترمي سهام الشعشاع نفسها في أسرها، بل تعيش محاولةً تحويل كل قبيح إلى جميل. والأمومة، أتغذّي قصائدها؟ ردُّها: «حياتي بأكملها هي الطريق التي مهّدتها أمي لتوصلني إلى ابني وبيتي. فالأغنيات التي غنّتها لي، على قلّتها، أسّست لمفردات الشِّعر عندي. اليوم بتُّ أفهم الأمومة على حقيقتها. ليست هناك أم عاطلة عن العمل، كما يقول بيار منديس فرانس. فالوقت الذي أقضيه برفقة ابني هو خلاصة ما عشتُ مع أمي، والفرحة الحقيقة خارج أي تفسير».

تجيد الشِّعر والأمومة، وتكتب لتنتصر على أشكال الفراغ، وتعيش لتحلم، وتدافع عن مستقبل ابنها. في فبراير (شباط) الماضي، صدرت من كلماتها أغنية آدم، «لما بحب»، وأغنية أصالة «حديقة ثلج»، وأغنية آنجي شيا «الليلة». ثم في عيد الأم بمارس (آذار)، أطلقت شيا أغنية «أمي». وسهام الشعشاع في انتظار أغنيات ماجد المهندس التي انتهى من تسجيلها.


مقالات ذات صلة

حفلات «عيد الحب» لاستعادة بريقها في مصر

يوميات الشرق الملصق الدعائي لحفل تامر حسني (الشركة المنظمة)

حفلات «عيد الحب» لاستعادة بريقها في مصر

يسعى منظمو حفلات، ومطربون مصريون، لاستعادة بريق حفلات عيد الحب، عبر عدد من الفعاليات الكبرى التي يحييها نجوم الغناء، بدايةً من مساء الخميس الموافق 14 فبراير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان محمد العزبي قدَّم أغنية «الأقصر بلدنا» مع فرقة رضا (يوتيوب)

الأوبرا المصرية تحتفي بمشوار «سلطان الموَّال» محمد العزبي

تحتفي الأوبرا المصرية بالذكرى الـ12 لرحيل «سلطان الطرب»، أو كما وصفته «سلطان الموَّال»، الفنان المصري محمد العزبي الذي ترك بصمة لا تُنسى في مسار الأغنية الشعبية

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)

لماذا لم تشدُ «كوكب الشرق» بقصائد أحمد شوقي في حياته؟  

مع الاحتفاء المصري بـ«كوكب الشرق» أم كلثوم في الذكرى الخمسين لرحيلها، وتخصيص وزارة الثقافة «2025 عام أم كلثوم»، توالت البرامج الفنية والثقافية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق متحف أم كلثوم (الشرق الأوسط) play-circle 01:38

متحف «كوكب الشرق» يروي «سيرة الحب»

يتشوق محبو «سيدة الغناء العربي» لرؤية المقتنيات التي لطالما اعتادوا على مشاهدتها في الأفلام والحفلات.

عبد الفتاح فرج (القاهرة )
يوميات الشرق سميرة عبد العزيز ترفع درع تكريمها (الهيئة الوطنية للإعلام)

صناع مسلسل «أم كلثوم» يستعيدون الكواليس بعد ربع قرن

شهد الحفل حضوراً من نجوم الفن إلى جانب صناع مسلسل «أم كلثوم»، وبعض الإعلاميات من بينهن فريدة الزمر وسناء منصور وسوزان حسن.

انتصار دردير (القاهرة )

أول ظهور لصغيرَي «دببة الكسلان» في حديقة سان دييغو

الأم وصغيراها (حديقة حيوان سان دييغو)
الأم وصغيراها (حديقة حيوان سان دييغو)
TT

أول ظهور لصغيرَي «دببة الكسلان» في حديقة سان دييغو

الأم وصغيراها (حديقة حيوان سان دييغو)
الأم وصغيراها (حديقة حيوان سان دييغو)

شهد زوّار حديقة حيوان سان دييغو الأميركية الظهور الأول لصغيرين من «دببة الكسلان»، وُلدا في أواخر عام 2024.

ونشرت الحديقة مقطع فيديو يظهر فيه الدبان الصغيران وهما يخرجان من عرينهما الخاص برفقة أمهما «شالا». وهي لم تعلن عن أسماء الصغيرين كثيفَي الفراء، اللذين وُلدا في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، وأمضيا الشهرين الأولَيْن من حياتهما في التكيُّف والارتباط بوالدتهما، وفق «سي بي إس نيوز».

وأوضحت صفحة المعلومات الخاصة بالحديقة أنّ «دببة الكسلان» لا ترتبط بحيوان «الكسلان»، رغم أنّ عالِم الحيوان الذي أطلق عليها الاسم للمرة الأولى اعتقد بوجود صلة بينهما بسبب مخالبها الطويلة الكثيفة وأسنانها الفريدة. لكنَّ الدراسات اللاحقة نفت تلك العلاقة. وأشارت الحديقة إلى أنَّ «دببة الكسلان» تشترك في صفات أكثر مع آكل النمل، إذ يعتمد كلاهما على أنفه الطويل للبحث عن الطعام.

تتميّز هذه الدببة بشعرها الكثيف والخشن وغير المنتظم حول الأذنين والكتفين والرقبة، إضافة إلى فمها الشاحب وأنفها المرن. كما تمتلك بقعاً بيضاء على صدورها تتّخذ أشكال «Y» أو «O» أو «U»، وفق الحديقة. ويعمل فراؤها السميك وسيلةَ حماية فعالة من لدغات النمل الأبيض.

تستوطن «دببة الكسلان» مناطق جنوب آسيا وشبه القارة الهندية، وهي قادرة على تسلُّق الأشجار والجري بسرعة تفوق الإنسان، لكنها تعتمد بشكل أساسي على حاسة الشمّ القوية لتعويض ضعف حاستَي السمع والبصر.

وأوضحت الحديقة أنها تتعاون مع جهات في الهند لدراسة هذا النوع وحمايته، إذ يُواجه خطر الانقراض بسبب التوسّع العمراني والصيد غير المشروع. وصُنّفت «دببة الكسلان» ضمن الأنواع المعرَّضة للخطر، مشيرة إلى أنّ الصغيرَيْن الجديدَيْن سيلعبان دوراً مهماً في مساعدة الباحثين على فَهْم بيئة هذا النوع بشكل أفضل.