مصر لإعادة إحياء «مسار آل البيت» في القاهرة التاريخية

يربط بين مساجد وأضرحة شهيرة

تطوير مسجد السيدة نفيسة (الهيئة الوطنية للإعلام)
تطوير مسجد السيدة نفيسة (الهيئة الوطنية للإعلام)
TT

مصر لإعادة إحياء «مسار آل البيت» في القاهرة التاريخية

تطوير مسجد السيدة نفيسة (الهيئة الوطنية للإعلام)
تطوير مسجد السيدة نفيسة (الهيئة الوطنية للإعلام)

تسعى مصر لإعادة إحياء «مسار آل البيت» في القاهرة التاريخية، الذي يربط بين مساجد وأضرحة شهيرة بالعاصمة المصرية.

وقد وجّه مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، بتشكيل لجنة عليا لإحياء هذا المسار وربط المناطق الواقعة به، والعمل على إعادة تأهيلها بإتاحة ساحات حولها، وإنشاء حدائق ومتنزهات والحفاظ عليها من الزحف العشوائي، حسب بيان نشره مجلس الوزراء، الاثنين.

فخلال لقائه مع أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، طرح رئيس الوزراء ملف إحياء «مسار آل البيت» وتطوير منطقة جنوب القاهرة التاريخية لدعم حركة السياحة، والمساهمة في إحياء المناطق التراثية، وأشار إلى أهمية الحفاظ على تلك المنطقة، نظراً لما تتفرد به من مبانٍ أثرية وتراثية.

من جانبه، قال الدكتور مختار الكسباني المتخصص في الآثار الإسلامية في جامعة القاهرة لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع تطوير (مسار آل البيت) يدخل الآن المرحلة التنفيذية». موضحاً أن «مصر تتمتّع بمجموعة من المنشآت التي تُنسب لـ(آل البيت)، وتُعدّ من أهم المزارات السياحية التي يفد إليها كثيرون، خصوصاً من جنوب شرقي آسيا». وتابع: «على ما يبدو أن الجهات الرسمية في الدولة بدأت تنتبه إلى هذه الأعداد الكبيرة التي تأتي قاصدة مزارات آل البيت، وأن هذه المقاصد لا بدّ أن تتضمن أماكن للإقامة وتوفير سُبل الراحة للزائرين، وهو ما تعمل عليه الدولة حالياً».

وبينما أكد رئيس الوزراء على أهمية هذه المزارات بما تمثله من وجه حضاري وعمق تاريخي، وضرورة تطويرها وإحاطتها بالساحات والحدائق والمتنزهات، أشار الكسباني إلى «وجود عدد كبير من المنشآت التي طوّرتها الدولة بالفعل مثل ضريح الإمام الشافعي، ومقام الحسين، ومسجد السيدة زينب، رغم أنه ليس مدفن السيدة زينب ولكنه كان بيتها».

مسجد السيدة نفيسة بعد تطويره وتنمية المنطقة المحيطة به (صفحة الجمهورية الجديدة على فيسبوك)

وذكر أستاذ الآثار الإسلامية أن «بعض الجهات الدّولية تُساهم في هذا التطوير مثل البَهرة الذين طرحوا مبالغ لتطوير مسجد السيدة نفيسة».

ورأى الكسباني أن «الاهتمام بالمنشآت الدينية المرتبطة بالعقائد له أهمية كبرى لدى الدولة، ومثل مسار آل البيت كان هناك أيضاً مسار العائلة المقدسة الذي أعادت مصر إحياءه، وهناك أيضاً جبل التجلي ودير سانت كاترين وغيرهما من الأماكن السياحية التي تُطوّر». منوهاً إلى أن «حضور آل البيت إلى مصر له دلالة خاصة، والدليل على ذلك دعوة السيدة زينب لأهل مصر، حسبما ذكرت مصادر تاريخية متعددة (آويتمونا آواكم الله... أكرمتمونا أكرمكم الله)، فكل هذه العبارات تشير إلى قيمة أهل البيت وحبهم لأهل مصر».

رئيس الوزراء المصري مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي (صفحة مجلس الوزراء على «فيسبوك»)

وأشار أستاذ الآثار الإسلامية إلى أن «الفترة المقبلة ستشهد طفرة في تطوير مزارات وأضرحة آل البيت لتكون مقاصد سياحية مميزة».

وكانت وزارة الأوقاف المصرية أعلنت عن تجديد وتطوير عدد من المساجد المرتبطة بـ«آل البيت» خلال افتتاح مسجد السيدة زينب نهاية مارس (آذار) الماضي، وقال وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة إن «إجمالي المساجد التي أُنشئت أو جُدّدت وطُوّرت بلغ أخيراً 11 ألفاً و887 مسجداً، وأنّ التكلفة الإجمالية لهذه الأعمال وصلت إلى نحو 18 مليار جنيه مصري».

وقبل ذلك أعلنت الوزارة عن افتتاح مسجد الإمام الحسين، رضي الله عنه، ومسجد السيدة نفيسة، رضي الله عنها، ومسجد السيدة فاطمة النبوية، رضي الله عنها، ومسجد السيدة رقية، رضي الله عنها.


مقالات ذات صلة

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» لحماية آثار لبنان من هجمات إسرائيل

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» للنظر في توفير الحماية للآثار اللبنانية المهددة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ميشال أبونجم (باريس)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».