ناتاشا شوفاني لـ«الشرق الأوسط»: منذ قراءتي الأولى لنصّ «تاج» أدركتُ اختلافه

تطلُّ قريباً في «ترتيب خاص» بشخصية تُشبهها في الواقع

أُعجبت بشخصية «ماريون» التي تجسّدها خصوصاً أنها واقعية (صور الفنانة)
أُعجبت بشخصية «ماريون» التي تجسّدها خصوصاً أنها واقعية (صور الفنانة)
TT

ناتاشا شوفاني لـ«الشرق الأوسط»: منذ قراءتي الأولى لنصّ «تاج» أدركتُ اختلافه

أُعجبت بشخصية «ماريون» التي تجسّدها خصوصاً أنها واقعية (صور الفنانة)
أُعجبت بشخصية «ماريون» التي تجسّدها خصوصاً أنها واقعية (صور الفنانة)

تُحقّق الممثلة اللبنانية ناتاشا شوفاني نجاحات درامية متتالية، حتى بات المخرجون يدركون طبيعة الأدوار اللائقة بشخصيتها. فاسمُها على لائحة الدراما العربية المشتركة، والخليجية، والسورية. توكل إليها مهمّة تجسيد شخصيات تُبرز موهبتها في المكان المناسب.

وفي موسم رمضان الماضي، تابعها المشاهد العربي بدور الطالبة الجامعية «هناء» ضمن مسلسل «سفر برلك». لفتته بأداء صُقل بتجارب متراكمة بدأتها في الدراما منذ عام 2013. حينها، شاركت في مسلسل لبناني بعنوان «اخترب الحي»، وبعدها أطلّت في مسلسلات «الحجرة»، و«الثمانية»، و«دكة العبيد» وغيرها، بخطى ثابتة وواثقة.

تُشارك حالياً في مسلسل «تاج» الذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية لبنانياً وعربياً، وتؤدّي دور الطبيبة الفرنسية «ماريون» التي تغلِّب إنسانيتها على انتمائها، فتُساند المقاومة السورية ضدّ الاحتلال الفرنسي، وتدعم شبابها. ومع الممثل جوزيف بو نصار، كانا اللبنانيَيْن الوحيدَيْن المشاركَيْن في هذا العمل السوري؛ مما اضطرّهما إلى التحدُّث بلهجة أهل هذا البلد، فوقائع القصة تفرض ذلك، إذ تدور حول حقبة الانتداب. تُعلّق الممثلة: «كان من الطبيعي أن أتحدّث باللهجة السورية، نظراً إلى الحبكة والأحداث. المطلوب الأداء المقنع، وعلى أي حال هي لهجة جميلة وإجادتي لها كانت تحدّياً».

تؤدّي في «تاج» دور طبيبة فرنسية مُساندة للمقاومة السورية (صور الفنانة)

تتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن تجربتها في «تاج»، وتصفها بالممتعة. فمنذ قراءتها الصفحات الأولى للنصّ، تحمّست للمشاركة: «شعرتُ على الفور أنه مسلسل مختلف، بعدما رسمتُ دوري في خيالي».

ما كثَّف حماستها، هو تعاونها مجدّداً مع المخرج سامر البرقاوي. فسبق أن وقفت أمام كاميرته في مسلسلات؛ بينها «شبابيك» و«الهيبة 3»، وأدركت أنّ أجواء العمل ستكون رائعة لأنها من المعجبين بأسلوبه الإخراجي. تصفه بالهادئ وصاحب العين الثاقبة، وتشير إلى أنها لاحظت شغف فريق العمل منذ الاجتماع الأول: «كانوا يدقّقون بكل تفصيل ويستفهمون عنه. وما أكّد صواب خياري، رؤيتي عملية بناء منطقة المرجة القديمة في سوريا. الجميع من مهندسين ومعماريين وتقنيين كان منهمكاً بنسخ صورتها على أكمل وجه. ونجحوا في ذلك بعدما لاحظنا التشابه الكبير بين المدينة المستحدثة والقديمة».

تؤدّي في «تاج» دور طبيبة فرنسية مُساندة للمقاومة السورية (صور الفنانة)

تطلّب مسلسل «تاج» إنتاجاً ضخماً وصفه صاحب الشركة المُنتِجة صادق الصبّاح بالقول: «من الصعب تكرار عمل مشابه له، ولو بعد 10 سنوات». ومَن يتابعه، يلمس الإتقان في تصويره، وتصميم أزياء شخصياته، وضخامة عدد الممثلين بينهم «الكومبارس». توضح شوفاني: «اهتمّ الجميع بالمسلسل ليرتقي إلى المستوى المطلوب. حتى فريق (الكومبارس) انجذب إلى أحداثه، كأنه أحد أبطاله. كان (تاج) الطفل الصغير الذي يريد الجميع المساهمة في نشأته».

تصف ناتاشا شوفاني شخصية الطبيبة «ماريون» بالإنسانية والحاضرة للقيام بما يخدم مبدأها، فتُطبّق الصحّ ولو على حساب انتمائها الفرنسي. وتضيف: «أحببتُها جداً، وذبتُ في خطوطها وأعدُّها نموذجاً للمرأة المستقلّة والحرّة والمثقفة في حقبة الأربعينات. فهي لا تخاف السلطة، وشُجاعة لا ترهبها المواقف الخطيرة. ولأنها طبيبة في مستشفى يستقبل يومياً عشرات الجرحى، احتكّت بالموت، وباتت جاهزة له. كما أنها تمتاز برومانسية تُترجمها بعلاقة جميلة مع الصحافي سليم (كفاح الخوص) المُقاوم للانتداب».

وتؤكد أنّ «ماريون» مبنية على شخصية حقيقية تعلّقت ببلاد الشام وأقامت في دمشق... ولكن هل مِن نقاط تشابه بينهما؟ تردّ: «أعمل في قسم إدارة الكوارث بمؤسّسة (الصليب الأحمر) اللبنانية. تماهيتُ مع الشخصية من باب تجارب عشتُها مع أمي وبعض أصدقائي في قسم الإسعاف. لا أعلم إنْ أضفتُ إليها مني أو استعرتُ من تصرّفاتها وأفكارها. لكننا بالتأكيد متشابهتيْن بالحسّ الإنساني الذي نتمتّع به».

شكّلت مع الممثل كفاح الخوص ثنائياً متناغماً (صور الفنانة)

تهوى شوفاني قراءة التاريخ منذ الصغر، وكوَّنت فكرة وافية عن حقبات مرّت بها المنطقة، لا سيما ما عاشه لبنان وسوريا قبل الاستقلال. وفي الشخصية، غرفت من معلوماتها لتُضفي الواقعية على دورها: «ما همّني هو التقرُّب قدر الإمكان من فكر (ماريون)، لأنها تؤمن بأنّ الجميع متساوون، فلا تُفرّق بين عِرق وجنسية ولون ومذهب. شخصيتها الحلوة أثّرت بي، فنقلتُها امرأةً مستقلّةً وموضوعية وحنونة وقوية».

أما الصعوبات التي واجهتها في «تاج»، فتختصرها بطول وقت التصوير، خصوصاً أنه يرتكز على عدد كبير من الممثلين و«الكومبارس»: «لكل عمل صعوباته، لكننا كنا سعداء في إنجاز مشروع من هذا النوع مع فريق متناغم ومنسجم».

خاضت شوفاني تجارب عدة في الدراما التاريخية، من بينها «دكة العبيد». تعترف بأنها تتميّز بنكهة خاصة، وتعلّق: «أحب المسلسلات التاريخية، لكنني أركّز دائماً على النصّ ورسالته. فطبيعة دوري، متى دارت في هذا الاتجاه، أكون سعيدة بأي نوع درامي أشارك فيه».

قبل أيام، انتهى تصوير «تاج»، وتحتفظ شوفاني بذكريات جميلة مع جوزيف بو نصار، وكفاح الخوص، وبسام كوسا، وتيم حسن وجميع الممثلين: «شخصية الكولونيل (جول) القاسية التي أدّاها بو نصار لا تشبهه. فهو رجل هادئ ولطيف أحببتُ كثيراً التعاون معه. وبالنسبة إلى كفاح الخوص، فقد تعلّمتُ منه كثيراً. إنه أستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية بسوريا، يعرف كيف يوجّه الممثل أمامه وكيف يريحه. كذلك تيم حسن وبسام كوسا، فسبق وعملت معهما في (سرّ) و(الهيبة)».

من زفاف الطبيبة الفرنسية والصحافي السوري ضمن أحداث المسلسل (صور الفنانة)

تطلّ قريباً في دراما جديدة بعنوان «ترتيب خاص»، من إنتاج «فالكون فيلم» للمُنتج رائد سنان، تُعرض عبر منصّة «أمازون»، من إخراج ميار النوري، وبطولة ماكسيم خليل، وفؤاد يمّين، وكارول الحاج. توضح: «أجسّد شخصية فتاة تعاني ضعفاً في السمع وتضع جهازاً في أذنها لتسمع جيداً. وهو أمرٌ أعانيه، وتفاجأتُ بموضوع المسلسل وتناوله هذه الحالة. تشاركتُ والمخرج في كيفية صنع المشهد ليلامس واقعاً أعيشه».

وعن نهاية «تاج»، تختم لـ«الشرق الأوسط»: «القصة مبنية على أحداث حقيقية، وعليكم المتابعة حتى النهاية، وعندها ستتعرّفون إلى مصير علاقة الطبيبة (ماريون) مع حبيبها الصحافي (سليم)».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

عروض فلكلورية وأزياء شعبية في الأسبوع العربي للتراث بباريس

فنون شعبية مصرية في أسبوع التراث العربي باليونيسكو (وزارة الثقافة المصرية)
فنون شعبية مصرية في أسبوع التراث العربي باليونيسكو (وزارة الثقافة المصرية)
TT

عروض فلكلورية وأزياء شعبية في الأسبوع العربي للتراث بباريس

فنون شعبية مصرية في أسبوع التراث العربي باليونيسكو (وزارة الثقافة المصرية)
فنون شعبية مصرية في أسبوع التراث العربي باليونيسكو (وزارة الثقافة المصرية)

شاركت مصر في الأسبوع العربي للتراث بمنظمة اليونيسكو في العاصمة الفرنسية باريس، الاثنين، بأنشطة متنوعة، بين حفلات للغناء والرقص التراثي، وعروض الأزياء المصرية، بالإضافة إلى محاضرات حول صون التراث غير المادي، والتراث العلمي.

وتضمّنت الفعاليات التي شاركت فيها مصر عروضاً فلكلورية استعراضية، مثل رقصة التنّورة بتنويعاتها المختلفة، بالإضافة إلى معرض للحِرَف اليدوية التراثية، وكذلك عرض أزياء شعبية مستوحى من التراث المصري عبر عصور مختلفة، إلى جانب عرض موسيقي غنائي بمشاركة السوبرانو العالمية المصرية فرح الديباني.

ويمثّل وزارة الثقافة المصرية في احتفالية اليونيسكو بأسبوع التراث العربي الدكتورة نهلة إمام، ممثلة مصر في اتفاقية صَون التراث الثقافي غير المادي، ومن المقرَّر أن تُلقي محاضرة خلال الفعاليات حول الآفاق المستقبلية لصَون التراث الثقافي غير المادي، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية، الثلاثاء.

وبينما تستعرض محاضرة إمام خارطة طريق تهدف إلى حماية التراث الثقافي، وتعزيز دوره بصفته وسيلةً لترسيخ الاحترام المتبادل بين الشعوب ودعم السلام في عالم يتّسم بالتوترات، مع إبراز دور التراث بصفته جسراً يربط بين الشعوب، ويدعو إلى احترام الإنسان والبيئة، ويشارك في الفعاليات الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار الأسبق، ومرشح مصر لرئاسة اليونيسكو لعام 2025، ويقدّم محاضرة عن تاريخ العلوم.

وتربط الفعاليات التي تُقام بين الأصالة والمعاصرة والتنمية المستدامة، وتعزيز الهوية الوطنية للشعوب العربية، ويشارك في الاحتفالية أكثر من بلد عربي بفعاليات ومبادرات متنوعة.

أسبوع التراث العربي باليونيسكو شهد عديداً من الفعاليات (وزارة الثقافة المصرية)

ويُعدّ حدث «أسبوع التراث العربي» هو الأول من نوعه في تاريخ عمل الدول العربية مع اليونيسكو، وتستهدف الفعالية الاحتفاء بالثقافة العربية، وتسليط الضوء على جوانبها المتعددة.

وتستهدف الفعاليات تسليط الضوء على التراث الثقافي والحضاري العربي الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، والذي يتميّز بتنوّعه وفق تنوّع البيئات والدول العربية، كما يهدف إلى تعزيز مكانة الثقافة العربية في المنظمة الدولية، وكذلك العمل على تعزيز الحوار بين الثقافات والتفاهم المتبادَل، وعقد وتطوير شراكات بين الدول العربية ومنظمة اليونيسكو والدول الأعضاء الأخرى، فيما يتعلق بحفظ وحماية التراث.

وتهتم منظمة اليونيسكو بالتراث الثقافي غير المادي الذي تعرّفه بأنه «الممارسات والتقاليد والمعارف والمهارات التي تعتبرها الجماعات، وأحياناً الأفراد، جزءاً من تراثهم الثقافي، وما يرتبط بهذه الممارسات من آلات وقِطَع ومصنوعات وأماكن ثقافية».

وتؤكد - وفق إفادة على الصفحة الرسمية للمنظمة الدولية - أن «هذا التراث الثقافي غير المادي المتوارَث جيلاً عن جيل، تُبدِعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة، بما يتّفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها»، بما يُنمّي الإحساس بالهوية، ويُعزّز احترام التنوع الثقافي.

وكانت مصر قد تقدّمت بملفات لمنظمة اليونيسكو لصَون التراث الحضاري غير المادي لديها، ونجحت في تسجيل السيرة الهلالية في قائمة التراث الثقافي غير المادي عام 2008، كما سجّلت لعبة «التحطيب»، أو اللعب بالعصي لعبةً قتاليةً مستوحاةً من التراث المصري القديم، ضمن قائمة التراث غير المادي عام 2016، وسجّلت أيضاً الممارسات المتعلقة بالنخلة، والخط العربي، والنسيج اليدوي، والأراجوز، والاحتفالات المرتبطة برحلة العائلة المقدسة، والنقش على المعادن.