إفطار «جدة البلد»... الحنين إلى الماضي يحاكي الجيل الجديد

المائدة تعود إلى 16 عاماً وتطوّرت لتجمع 3 حارات

المائدة تجمع (الشرق الأوسط)
المائدة تجمع (الشرق الأوسط)
TT

إفطار «جدة البلد»... الحنين إلى الماضي يحاكي الجيل الجديد

المائدة تجمع (الشرق الأوسط)
المائدة تجمع (الشرق الأوسط)

في مشهد غلبت عليه رائحة الذكريات وأيام الطفولة بين أزقّة حارتَي الشام والمظلوم، استُعيدت بعض الروايات عن العم حسن صاحب الدكان، وأحمد بائع اللقيمات (حلوى العوّامة)، على مائدة إفطار عبقت بالتراث ومشاركة حكايات جمعت الأجيال، وشيئاً من تاريخ أقدم أحياء مدينة جدة (غرب السعودية).

على مائدة إفطار جماعية، يجتمع أهالي الحارتين في «جدة البلد» ليستذكروا قصصاً عاشوها بكل زاوية أو شارع أو زقاق، حتى باتت الجَمعة عادة سنوية يُحضَّر لها مع حلول الشهر المبارك.

جانب من عملية الإعداد لسفرة الإفطار الجماعية (الشرق الأوسط)

جَمعة بمثابة ترجمة للشوق وعناق الأحبّة، وإنْ تغيَّرت المواقع ومكان إقامتها خارج نطاق الحارة أو الحي. ما يهمّ هو اللقاء على إفطار طغى عليه الحنين، بعدما فرّقت الحياة كثيرين بعضهم عن بعض، فعادوا مع الجيل الجديد من أبنائهم للاستماع إلى قصص الحارة القديمة، وكيف قضى الناس أوقاتهم من ساعات الصباح الأولى حتى المغرب وهم صبية يشاغبون ويلعبون ما بين الطرقات، وعلى أعتاب الدكاكين.

آباء مع أبنائهم في التجمُّع السنوي للإفطار (الشرق الأوسط)

يقول هشام محمد، أحد أبناء الحيّ، ومنظّم السفرة الرمضانية: «رمضان هو نفسه على مرّ السنوات. تظهر عادات وتختفي أخرى، وتبقى روحانيات الشهر وفضله واحدة بالنسبة إلى الأجيال. لذلك نحرص على المشاركة في مائدة الإفطار، ولقاء الإخوة الذين جمعتنا بهم أجمل اللحظات لتذكُّر أيام نحنُّ إليها».

الترحيب والمودّة بين الحضور (الشرق الأوسط)

ويضيف: «التجهيز للسفرة الرمضانية يبدأ في وقت مبكر وبدعم الأصدقاء. نحرص على تنوّع المائدة، فتحتوي على المأكولات الشعبية والرمضانية على السواء، بما فيها السمبوسة، واللقيمات، والشوربة، والفول، وأنواع مختلفة من العصائر والحلويات»، لافتاً إلى مشاركة عدد من المنازل بإعداد بعض الأطباق.

يتحدّث عن مائدة الإفطار هذه، ويقول إنّ بدايتها تعود إلى نحو 16 عاماً، حين «كانت بسيطة تخلّلها حضور بعض الأصدقاء وسكان الحيّ القديم، إلى أنْ تطوَّرت عاماً تلو آخر، لتصل اليوم إلى أكبر تجمُّع بين 3 حارات، هي الشام، والمظلوم، والوديعة».

مجموعة من الشباب عقب الإفطار الجماعي (الشرق الأوسط)

من جهته، يشير محمد المرزوقي، أحد أبناء الحيّ والمنظِّمين للمائدة، إلى أنّ الحضور يتنامى سنوياً، مضيفاً: «ما يزيد من جماليات هذا الاجتماع والإفطار الرمضاني، يتخطّى لقاء الأحبّة والأصدقاء، ليمتدّ إلى جيل جديد بدأ يحرص على الاهتمام بالعادات التقليدية، فيحضُر التجمّعات ويسمع حكايات قد تكون غريبة على الأبناء».

ويضيف أنّ «سكان الحي حافظوا على هذه العادة الطيّبة منذ أعوام، وهو ما اعتدنا عليه منذ الصغر. نراقب أبناءنا وهم يجهّزون الموائد الرمضانية للمحتاجين، والسفرة الرئيسية لسكان الحيّ، التي يجتمع عليها كبار الحارة وصغارها بأجواء من الألفة والمحبّة، وهو ما نسعى إليه لنقل الإرث للأجيال القادمة. وإن ابتعدنا عن الحارة القديمة، فلن ننسى هذه الجماليات».

أبناء حضروا مع آبائهم الإفطار الجماعي (الشرق الأوسط)

هذه العادات من السمات التي يحرص عليها سكان الأحياء القديمة، انتشرت في الأعوام الأخيرة بجميع المواقع، وهناك مَن يقيم هذه الجَمْعات على شواطئ جدة، بينما يفضّل آخرون إقامتها داخل مجمّعات أو ما تُعرَف بـ«الاستراحات».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.