بعد 4 عقود من نقل صلاة التراويح... كيف يبدو البث التلفزيوني في الحرمين؟

قنوات متخصّصة لنقل الصلوات ومناسك العمرة... و720 ساعة بث مباشر في رمضان

وصل البث المباشر لآخر حدود الصين واليابان شرقاً والأميركيتين الشمالية والجنوبية غرباً (واس)
وصل البث المباشر لآخر حدود الصين واليابان شرقاً والأميركيتين الشمالية والجنوبية غرباً (واس)
TT

بعد 4 عقود من نقل صلاة التراويح... كيف يبدو البث التلفزيوني في الحرمين؟

وصل البث المباشر لآخر حدود الصين واليابان شرقاً والأميركيتين الشمالية والجنوبية غرباً (واس)
وصل البث المباشر لآخر حدود الصين واليابان شرقاً والأميركيتين الشمالية والجنوبية غرباً (واس)

تسود أجواء من الروحانية والطمأنينة ملايين المنازل حول العالم، بينما ترتفع أصوات من أنواع مختلفة للقراءات القرآنية، ويستكشف المشاهدين مستوى التنظيم وعدد المصلين والمعتمرين والطائفين، وتُروى عشرات ومئات القصص، خلف الجهود الفنّية للنقل التلفزيوني لمناسك العمرة في شهر رمضان، والصلوات الخمس بالإضافة لصلاة التراويح وصلاة القيام خلال العشر الأواخر من شهر رمضان في الحرمين الشريفين.

وتتجدّد الأهميّة الكبرى للنقل التلفزيوني المباشر لشعائر الصلوات المفروضة والتراويح وصلاة القيام ونقل مناسك العمرة والطواف في شهر رمضان، مع الرغبة العالية من المتابعين، والباحثين عن الأجواء الروحانية في امتداد خريطة العالم العربي والإسلامي وكذلك لعدد كبير من المغتربين في أصقاع المعمورة حتى وصلت لآخر حدود الصين واليابان شرقاً والأميركيتين الشمالية والجنوبية غرباً، بجودة صورة وصوت عالية.

وفقاً للمعلومات، كان أول بث مباشر على التلفزيون السعودي لصلاة التراويح وختمة القرآن الكريم من المسجد الحرام في «العشر الأواخر» من شهر رمضان عام 1397هـ، وفي العام الهجري 1400هـ، بدأ البث الحي المباشر لصلاة التراويح في شهر رمضان كاملاً عبر التلفزيون السعودي.

لقطة من أول نقل لصلاة التراويح في المسجد الحرام لعام 1397 هجرياً (هيئة الإذاعة والتلفزيون)

قنوات متخصّصة

ويصل النقل التلفزيوني إلى المشاهدين من حول العالم عبر قنوات هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية المتخصصة في بث تلك الشعائر الدينية اليوميّة خلال شهر رمضان الحالي (قناة السعودية، وقناة القرآن الكريم، وقناة السنة النبوية)، عبر البث الفضائي والرقمي والأرضي، بواسطة جهد استثنائي يختلف عن المعمول به خلال ساعات البث اليومية في غير موسمي رمضان والحج.

نائب رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية خالد الغامدي كشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن النصيب الأكثر من البث المباشر لتلك الشعائر «يذهب لقناة القرآن الكريم من استوديوهات الحرم المكي عبر أكثر من 40 كاميرا موزّعة داخل وخارج الحرم المكي الشريف كما يصاحب البث تلاوات قرآنية لعدد من القرّاء بقراءات مختلفة لعدد من أشهر القراء في العالم الإسلاميّ على مدار 24 ساعة بث مباشر».

قنوات هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية المتخصصة في بث الشعائر الدينية اليوميّة خلال شهر رمضان الحالي (قناة السعودية - القرآن الكريم - السنة النبوية) (الشرق الأوسط)

720 ساعة بث مباشر في رمضان

قناة القرآن الكريم تضم في طاقمها أكثر من 80 موظفاً يعملون ضمن إمكانات فنية وهندسية لإنجاز 720 ساعة بث خلال شهر رمضان المبارك عبر العديد من الإمكانات الفنّية التي تتوفّر على مدار السنة، وتخصّص لنقل الشعائر الدينية من صلوات التراويح ومناسك العمرة ومشاهد حيّة ومباشرة من الحرم المكّي الشريف وبرامج دينيّة.

محتوى ديني على مدار الساعة

وعلى الجانب الآخر في المدينة المنوّرة، يتم العمل لنقل شعائر الصلوات المفروضة وصلاة التراويح والتهجّد من المسجد النبوي، عبر قناة متخصصة أخرى «قناة السنة النبوية» لبث أجواء المسجد النبوي الشريف بكل تفاصيله لكل أرجاء العالم عبر أجهزة البث المباشر على مدار 24 ساعة مع الترجمة لعدد من اللغات الإنجليزية والفرنسية، ويصاحب النقل المباشر بث طائفة من الأحاديث النبوية الصحيحة وعدد من البرامج الصوتية لشرح الأحاديث يقدمها عدد من المشايخ مع ترجمتها للغة الإشارة، كما يشتمل محتوى القناة على مجموعة من الأحاديث النبويّة الشريفة المترجمة إلى 6 لغات (الإنجليزية، والفرنسية، والأردية، والملاوية، والتركية، والفارسية).

تُنقل شعائر الصلوات المفروضة وصلاة التراويح والتهجّد من «المسجد النبوي» عبر قناة «السنة النبوية» (الشرق الأوسط)

ووفقاً للغامدي «توزّعت خلال شهر مضان الحالي، في مواقع وزوايا مختلفة من المسجد النبوي الشريف، كاميرات عالية الجودة تقدر بـ30 كاميرا منها 17 كاميرا داخلية و13 كاميرا يعمل عليها قرابة 60 موظفاً من فنيين ومخرجين ومصورين، وجميعهم من الكوادر السعودية المدربة على أعلى المستويات».

20 ألف ساعة بث مباشر خلال عام

الغامدي أشار خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» إلى أن هذا القدر العالي من العمل اليومي المستمر لـ«إيصال رسالة الإسلام النقية من خلال ما يبث من برامج دينية من منبع الإسلام وقبلته (الكعبة المشرفة) ببيت الله الحرام وكذلك، من خلال ما يبث من جنبات مسجد الرسول صلوات الله وسلامه عليه، لتدخل لكل بيت مسلم في العالم، ووصلت لمئات الملايين من المشاهدات اليومية»، وتابع: «لم نكن لنصل إلى ذلك لولا تضافر الجهود واهتمام قيادات جهاز الهيئة وعامليها بإشراف الزميل الرئيس التنفيذي الأستاذ محمد الحارثي ومتابعة شخصية لمعالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري، الذي يؤكد دائماً على الدعم والحرص الشديدين من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين محمد بن سلمان»، مضيفاً أنهم استطاعوا «تجاوز 20 ألف ساعة بث مباشر خلال عام، دون كلل أو ملل وبجودة عالية تضاهي أكبر المؤسسات والهيئات الإعلامية في العالم».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».