‏«محطة سكة الحجاز» تراث تاريخي واستثنائي يتطلع للعالمية

تطلّ محطة سكة الحجاز على ميدان الملك عبد العزيز الذي ارتبط الميدان في ذاكرة السعوديين باستقبال أهالي المدينة المنورة للملك المؤسس قبل أكثر من 70 عاماً (واس)
تطلّ محطة سكة الحجاز على ميدان الملك عبد العزيز الذي ارتبط الميدان في ذاكرة السعوديين باستقبال أهالي المدينة المنورة للملك المؤسس قبل أكثر من 70 عاماً (واس)
TT

‏«محطة سكة الحجاز» تراث تاريخي واستثنائي يتطلع للعالمية

تطلّ محطة سكة الحجاز على ميدان الملك عبد العزيز الذي ارتبط الميدان في ذاكرة السعوديين باستقبال أهالي المدينة المنورة للملك المؤسس قبل أكثر من 70 عاماً (واس)
تطلّ محطة سكة الحجاز على ميدان الملك عبد العزيز الذي ارتبط الميدان في ذاكرة السعوديين باستقبال أهالي المدينة المنورة للملك المؤسس قبل أكثر من 70 عاماً (واس)

فوق ثرى المدينة المنورة تطلّ محطة سكة الحجاز التاريخية، على ميدان الملك عبد العزيز الذي ارتبط في ذاكرة السعوديين باستقبال أهالي المدينة المنورة للملك المؤسس قبل أكثر من 70 عاماً، وشهد احتفاء الأهالي بوصول الملك عبد العزيز إلى المدينة المنورة في عام 1345ه، ويحيط بالمكان مجموعة من المواقع التاريخية التي يحتفظ كل واحد منها بقصه خاصة تبرهن على قيمة ومتانة تاريخ المكان عبر العصور.

تعدّ محطة المدينة المنورة المحطة النهائية لخط سكة حديد الحجاز وإحدى المحطات الرئيسية وتقع غرب المسجد النبوي الشريف (واس)

تاريخ استثنائي

وجاءت فكرة بناء الخط الحديدي الحيوي بوصفه مشروعاً استثنائياً لتخفيف مشاق سفر الحجاج والزوار إلى الحرمين الشريفين في عام 1900 في حين تم تدشين أول رحلاته في عام 1908 م، وقد عُدَّ حينها نقلة نوعية اختصرت الوقت كثيراً على قاصدي الديار المقدسة، واستمر تشغيله حتى 1916م، قبل أن يتعطل المسار بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى. وتعدّ محطة المدينة المنورة الوجهة النهائية لخط سكة حديد الحجاز وإحدى المحطات الرئيسية، والواقعة على بعد كيلو متر واحد غرب المسجد النبوي الشريف وهي مستطيلة الشكل يبلغ طولها نحو 700 متر وعرضها نحو 150 متراً، ومحاطة بسور مبني من الحجر البازلتي الأسود، يوجد بداخله مبنى المحطة الرئيسية، مبنى الورشة الرئيسية، وبرج مياه مع 4 خزنات هي الأكبر على طول السكة، و4 قاطرات سحب، وبئر مياه.

بدأت قصة وتاريخ هذا الخط الحديدي الحيوي عام 1908 عندما انطلق بوصفه مشروعاً استثنائياً لتسهيل مشاق سفر ووصول الحجاج والزوار (واس)

وتحتضن المحطة، مجموعة مبانٍ أعيد ترميمها بما يتفق مع شكلها المعماري القديم بنيت من الحجر الأسود بطول نحو 600 متر وعرض نحو 400 متر، كما توجد بالمدينة المنورة باتجاه منطقة تبوك 6 محطات أخرى صغيرة وهي (مخيط - حفيرة - بواط - بوير - إسطبل عنتر - أبو النعم) تقع تقريباً على بعد مسافات متساوية بنحو 20 كيلومتراً بين كل منها.

تشهد سكة حديد الحجاز على طرف من حكايات تلك المدن والمواقع السعودية المهمة في حكاية التاريخ (واس)

قطار عابر للجغرافيا والتاريخ

وكانت سكة حديد الحجاز تقطع مسافة طويلة على امتداد السعودية، وصولاً إلى المدينة المنورة، التي تعد محطة مهمة وحيوية لمرور وتدفق القوافل التجارية ما بين شمال وجنوب غربي الجزيرة العربية، وكانت خلال تلك المسافة تمر بعدد من المناطق المهمة في السعودية التي تنتعش فيها حركة المسافرين والتجار وتكتنز في تفاصيلها تاريخاً عريضاً واستثنائياً لا تزال شواهده باقية وقائمة حتى اليوم.

وتشهد سكة حديد الحجاز على طرف من حكايات تلك المدن والمواقع السعودية المهمة في حكاية التاريخ، ومن ذلك محطة العلا التي تزخر بتاريخ عريق لحضارات إنسانية سكنتها عبر العصور، بموقعها الفريد على الطرق القديمة للحج والتجارة، وتبرز محطة العلا من بين 32 محطة لقطار سكة حديد الحجاز، وهي إحدى أهم المحطات الرئيسية، وقد استقبل شيوخ قبائل العلا أول رحلة وصلت إليها عام 1326هـ/1907م. وفي متحف محطة العلا، تحتفظ الشواهد التاريخية في المتحف، والقاطرات القائمة فيه، ونقش أنيق لاسم الحجاز على عجلاتها، إضافة إلى مقتنيات وآثار أخرى صمدت لنحو قرن من الزمان، وتعرض اليوم بطرق مبتكرة، يتعرف الزائر من خلالها على قصص، وشخصيات تاريخية، كانت خلف هذا المشروع.

وكذلك الحال، في محطة سكة حديد الحجاز في شمال مدينة تبوك، التي تم بناؤها ضمن المشروع قبل ما يقرب من 100 عام لنقل الحجاج من دمشق إلى مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد تعرضت أجزاء من خط السكة الحديد للهجوم خلال الحرب العالمية الأولى، وفي داخل المحطة التي أضحت الآن متحفاً ومعرضاً شاهداً على التاريخ، تتوفر القطع الأثرية والمخطوطات، ونموذج قديم لقاطرة وعربة شحن، والصور الفوتوغرافية التي تحكي قصصاً عن حقبة انتهت منذ فترة طويلة.

تتطلع السعودية إلى تسجيل سكة حديد الحجاز في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو مع سبعة مواقع سعودية مسجلة في القائمة (واس)

تطلع لقائمة التراث العالمية

و‏تضم المحطة، متحفاً أثرياً يفتح نافذة مهمة على تاريخ المدينة المنورة، وعصر ما قبل الإسلام مروراً بكل المحطات التاريخية التي شهدتها المدينة، وكانت مسرحاً للكثير من الأحداث والتحولات المفصلية التي سجلتها في بطون الكتب ودفاتر التاريخ، انتهاءً بالعصر السعودي الذي شهدت فيه المدينة أكثر عصورها تطوراً وازدهاراً.

ومن قلب هذا التاريخ العريض، تتطلع السعودية إلى تسجيل سكة حديد الحجاز في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونيسكو، والانضمام إلى 7 مواقع سعودية مسجلة في القائمة، إلى جانب مواقع سعودية أخرى مرتبطة بتاريخ الحج، ولها قيمة تاريخية وتراثية مهمة، مثل طريقي الحج الشامية والمصرية. وتدعم هذه الخطوة النوعية التي تسعى إليها السعودية، جهوداً تبذلها لإعادة إحياء ذكر الكثير من المواقع التاريخية والأثرية المرتبطة بمدينة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وكل المواقع المتصلة بقصة بداية وانتشار الإسلام.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.