رغم ارتفاع التكاليف... جمعية خيرية مصرية توزع وجبات طعام في رمضان

متطوعون يقومون بإعداد وجبات ساخنة للصائمين خلال شهر رمضان المبارك وسط الأزمة الاقتصادية (رويترز)
متطوعون يقومون بإعداد وجبات ساخنة للصائمين خلال شهر رمضان المبارك وسط الأزمة الاقتصادية (رويترز)
TT

رغم ارتفاع التكاليف... جمعية خيرية مصرية توزع وجبات طعام في رمضان

متطوعون يقومون بإعداد وجبات ساخنة للصائمين خلال شهر رمضان المبارك وسط الأزمة الاقتصادية (رويترز)
متطوعون يقومون بإعداد وجبات ساخنة للصائمين خلال شهر رمضان المبارك وسط الأزمة الاقتصادية (رويترز)

تدير المصرية ليلى عبد المقصود وعائلتها منذ خمس سنوات جمعية خيرية تقدم وجبات مجانية في رمضان وتخدم المزيد والمزيد من الناس حتى مع زيادة التكاليف نتيجة ارتفاع التضخم.

وقالت ليلى إن جمعية «أمة الحبيب الخيرية» بدأت بتقديم 500 وجبة، لكنها تجاوزت هذا العدد هذا العام إذ يكافح ملايين المصريين للتعامل مع التضخم الذي بلغ مستويات قياسية.

مصريون يحملون إناءً عملاقاً للطهي لوجبات الصائمين في القاهرة (رويترز)

وأردفت قائلة: «الحمد لله إحنا السنة دي وصلنا لأربعة آلاف وجبة، وإحنا مش عارفين يعني كل يوم ناس أكتر بتيجي وسنة عن سنة بتفرق، بس إحنا لحد دلوقتي إمبارح عدينا أربعة آلاف وجبة».

وأدى النقص الحاد في العملة الأجنبية، الذي تفاقم بسبب عوامل خارجية وتضمن انخفاض إيرادات قناة السويس، إلى عرقلة الاقتصاد على مدى العامين الماضيين، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز للأنباء.

متطوعون يقومون بإعداد وجبات ساخنة للصائمين خلال شهر رمضان المبارك وسط الأزمة الاقتصادية (رويترز)

وذكرت ليلى: «إحنا طبعاً عارفين إن الدنيا بتغلى كل يوم بس مافيش حاجة في إيدينا إن إحنا نعملها فبنحاول نلاقي أماكن كويسة إنهم يدونا أسعار كويسة بالجملة وفي نفس الوقت إن إحنا منأثرش على الشخص اللي جاي ياخد وجبته».

ورغم الاستثمارات القادمة من دول الخليج والحزمة المالية المقدمة من صندوق النقد الدولي الشهر الماضي، لا يزال المصريون والجمعيات الخيرية يشعرون بوطأة ارتفاع الأسعار.

مصري متطوع خلال العمل على إعداد وجبات مجانية للصائمين في القاهرة (رويترز)

وأضافت: «أكيد كل سنة الدنيا بتغلى أكتر، وبالأحوال اللي إحنا فيها دي أكيد مش عارفين إحنا رايحين فين، بس إحنا ناويين إن إحنا نستمر ونكمل ومنخليش أي حاجة تأثر علينا على قد ما نقدر».

وبالمثل، قال أحمد فاروق المدير الإداري للجمعية، التي توفر للأسر رواتب شهرية ووجبات، إن التكاليف ارتفعت ستة أمثال مما أدى إلى سقوط المزيد من الناس في براثن الفقر.

وقال فاروق: «والله التكلفة دي... دايماً بيقولوا إن مصر محروسة أبصم لك عليها بالعشرة أنا شخصياً عايش الواقع ده يعني كنا مثلاً قبل كده بثلاثة آلاف أو خمسة آلاف جنيه بتقضي الموضوع، دلوقتي الموضوع محتاج 20 أو 30 ألف بتتجاب إزاي؟ أنا مش عارف، بس أنا مجرد إني أنوي، الفلوس بتيجي، أبصم بالعشرة إن مصر فعلاً ماشية بنية الناس الكويسة اللي فيها».

وأدى النقص المزمن في العملات الأجنبية خلال الفترة الماضية إلى إعاقة الواردات واستنزاف الاحتياطات، مما دفع مصر الشهر الماضي إلى تحرير سعر صرف الجنيه بعد إبرام صفقة بقيمة 35 مليار دولار مع أحد صناديق الاستثمار الإماراتية.

متطوع يحمل صاجات كبيرة ممتلئة بالدجاج المشوي لإفطار الصائمين في القاهرة (رويترز)

واستطرد فاروق قائلاً: «على عكس الوضع الاقتصادي إحنا بنزيد مابنقلش بمعني لو أنا كنت قبل كده بأكل 200 حالياً بأكل 500، لو أنا كنت قبل كده بخدم 200 بخدم 500، أنا كل شوية بزود خدمات، يعني الفلوس الشهريات المفترض إن هي بتتوزع مرة في الشهر، لا أنا بوزع مرتين وتلاتة ليه؟ على مدار الشهر أحاول أن أخدم الناس أعطي 300 أو 500 على حسب الحالة نفسها... أنا بقدر الإمكان بحاول دايماً في الأيام دي بالذات في الوضع الاقتصادي ده إن أنا أساعد الدولة إنها تقوم بمهمتها بحاول إن أنا أخفف شوية على الناس».

وتحاول العديد من الجمعيات الخيرية مساعدة مصريين تضاءلت قدرتهم على تلبية احتياجاتهم في ظل ارتفاع الأسعار.

وأضاف فاروق: «في شريحة من الناس ماكانتش بتيجي قبل كده بقت بتيجي وتطلب أكل، أصل خلي بالك لو أنا عندي 3 أولاد علشان أغديهم هغديهم بكام أقل حاجة 200 جنيه، أنا بشيل عن كاهل الأسرة دي 200 جنيه».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
TT

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)
لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

مع انتشار اختبار «اللهجة الفلاحي» عبر مواقع التواصل في مصر بشكل لافت خلال الساعات الماضية، وتندُّر كثيرين على مفردات الاختبار التي عدَّها البعض «غير مألوفة» وتحمل معاني متعدّدة؛ تطوّر هذا الاختبار إلى «وصم اجتماعي» بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، وعدّوا أنفسهم من أبناء «الطبقة الراقية».

وكتبت صاحبة حساب باسم بسمة هاني بعد نشر نتيجة اختبارها «اللهجة الفلاحي»، 5/ 20، عبر «فيسبوك»: «يعني أنا طلعت من EGYPT»، مع تعبير «زغرودة» للدلالة إلى الفرح.

ونشر حساب باسم المهندس رامي صورة لرجل يركب حماراً ويجري بسرعة وفرح، معلّقاً أنه هكذا يرى مَن نجحوا في اختبار «اللهجة الفلاحي».

وكتب حساب باسم سعيد عوض البرقوقي عبر «فيسبوك»: «هذا اختبار اللهجة الفلاحي... هيا لنرى الفلاحين الموجودين هنا وأقصد فلاحي المكان وليس الفكر».

ورداً على موجة السخرية والتندُّر من هذا الاختبار، كتب صاحب حساب باسم محمد في «إكس»: «هناك فلاحون يرتدون جلباباً ثمنه ألف جنيه (الدولار يساوي 48.62 جنيه مصري) ويمتلك بيتاً من هذا الطراز – نشر صورة لبيت بتصميم فاخر – ويعرف الصح من الخطأ، ويعلم بالأصول وهو أهل للكرم، تحية لأهالينا في الأرياف».

وأمام التحذير من تعرّض المتفاعلين مع الاختبار إلى حملات اختراق، كتب الإعلامي الدكتور محمد ثروت على صفحته في «فيسبوك»: «اختبار اللهجة الفلاحي مجرّد (ترند) كوميدي وليس هاكرز، ويعبّر عن جهل شديد في أصولنا وعاداتنا المصرية القديمة». فيما كتب حساب باسم إبراهيم عبر «إكس»: «أخاف المشاركة في الاختبار والحصول على 10/ 20. أهلي في البلد سيغضبون مني».

وتضمّ مصر عدداً من اللهجات المحلّية، وهو ما يردُّه بعض الباحثين إلى اللغة المصرية القديمة التي تفاعلت مع اللغة العربية؛ منها اللهجة القاهرية، واللهجة الصعيدية (جنوب مصر)، واللهجة الفلاحي (دلتا مصر)، واللهجة الإسكندراني (شمال مصر)، واللهجة الساحلية واللهجة البدوية. ولمعظم هذه اللهجات اختبارات أيضاً عبر «فيسبوك».

اختبار «اللهجة الفلاحي» يغزو وسائل التواصل (فيسبوك)

في هذا السياق، يرى أستاذ الأدب والتراث الشعبي في جامعة القاهرة الدكتور خالد أبو الليل أنّ «هذا (الترند) دليل أصالة وليس وصمة اجتماعية»، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أنّ «إقبال البعض في وسائل التواصل على هذا الاختبار محاولة للعودة إلى الجذور».

ويُضيف: «صوَّر بعض الأعمال الدرامية أو السينمائية الفلاح في صورة متدنّية، فترسَّخت اجتماعياً بشكل مغاير للحقيقة، حتى إنّ أي شخص يمتهن سلوكاً غير مناسب في المدينة، يجد، حتى اليوم، مَن يقول له (أنت فلاح) بوصفها وصمة تحمل معاني سلبية، على عكس طبيعة الفلاح التي تعني الأصالة والعمل والفَلاح. محاولة تحميل الكلمة معاني سلبية لعلَّها رغبةُ البعض في التقليل من قيمة المجتمعات الزراعية لأغراض طبقية».

ويتابع: «مَن يخوض الاختبار يشاء استعادة المعاني التي تعبّر عن أصالته وجذوره، أما من يتندّرون ويسخرون من الفلاحين فهُم قاصرو التفكير. ومن يخسرون ويرون أنّ خسارتهم تضعهم في مرتبة اجتماعية أعلى، فهذا تبرير للفشل».

ويشير أبو الليل إلى دور إيجابي تؤدّيه أحياناً وسائل التواصل رغم الانتقادات الموجَّهة إليها، موضحاً: «أرى ذلك في هذا الاختبار الذي لا يخلو من طرافة، لكنه يحمل دلالة عميقة تردُّ الحسبان للفلاح رمزاً للأصالة والانتماء».

لقطة من فيلم «المواطن مصري» الذي تدور أحداثه في الريف (يوتيوب)

ويعيش في الريف نحو 57.8 في المائة من سكان مصر بعدد 45 مليوناً و558 ألف نسمة، وفق آخر إحصائية نشرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2022، بينما يبلغ سكان المدن نحو 40 مليوناً و240 ألف نسمة.

من جهتها، ترى أستاذة علم الاجتماع في جامعة بنها، الدكتورة هالة منصور، أنّ «الثقافة الشعبية المصرية لا تعدُّ وصف (الفلاح) أمراً سلبياً، بل تشير إليه على أنه (ابن أصول) وجذوره راسخة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «يُسأل الوافدون إلى القاهرة أو المدن الكبرى عن أصولهم، فمَن لا ينتمي إلى قرية يُعدُّ غير أصيل».

وتُرجِع الوصم الاجتماعي الخاص بالفلاحين إلى «الهجرة الريفية الحضرية التي اتّسع نطاقها بدرجة كبيرة نظراً إلى ثورة الإعلام ومواقع التواصل التي رسَّخت سلوكيات كانت بعيدة عن أهل الريف».

وتشير إلى أنّ «السينما والدراما والأغنيات ترسّخ لهذا المنظور»، لافتة إلى أنه «من سلبيات ثورة 1952 التقليل من قيمة المهن الزراعية، والاعتماد على الصناعة بوصفها قاطرة الاقتصاد. وقد أصبحت تلك المهن في مرتبة متدنّية ليُشاع أنَّ مَن يعمل في الزراعة هو الفاشل في التعليم، وهذا لغط يتطلّب درجة من الوعي والانتباه لتصحيحه، فتعود القرية إلى دورها المركزي في الإنتاج، ومكانها الطبيعي في قمة الهرم الاجتماعي».

وعمَّن فشلوا في اختبار «اللهجة الفلاحي» وتفاخرهم بذلك بوصفهم ينتمون إلى طبقة اجتماعية راقية، تختم أستاذة علم الاجتماع: «هذه وصمة عار عليهم، وليست وسيلة للتباهي».