كم يبلغ وزن الأرض؟

كم يبلغ وزن الأرض؟
TT

كم يبلغ وزن الأرض؟

كم يبلغ وزن الأرض؟

يحتوي كوكبنا على كل شيء، بدءًا من الصخور الصلبة والمعادن وحتى ملايين الأنواع من الكائنات الحية، وهو مغطى بعدد لا يحصى من الهياكل الطبيعية والتي من صنع الإنسان. لكن كم يزن كل ذلك؟

لا توجد إجابة واحدة على هذا السؤال؛ فمثلما يزن البشر على القمر أقل بكثير مما نزنه على الأرض، فإن الأرض ليس لها وزن واحد فقط. حيث يعتمد وزن الأرض على قوة الجاذبية التي تسحبها، ما يعني أنها قد تزن تريليونات الباوندات أو لا شيء على الإطلاق. لكن ما قضى العلماء قرونًا في تحديده هو كتلة الأرض؛ وهي مقاومتها للحركة ضد القوة المطبقة.

ووفقًا لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، تبلغ كتلة الأرض 5.9722×1024 كلغم، أو حوالى 13.1 سيبتيليون رطل؛ وهذا يعادل حوالى 13 كوادريليون من هرم خفرع المصري، الذي يزن حوالى 10 مليارات باوند (4.8 مليار كيلوغرام). وذلك وقف ما أفاد موقع «لايف ساينس» العلمي.

وتتقلب كتلة الأرض قليلاً بسبب إضافة الغبار الفضائي والغازات المتسربة من غلافنا الجوي، لكن هذه التغييرات الصغيرة لن تؤثر على الأرض لمليارات السنين.

وفي هذا الاطار، لا يزال الفيزيائيون حول العالم غير متفقين على الأعداد العشرية؛ حيث لم يكن الوصول إلى هذا المجموع الكلي مهمة سهلة.

ونظرًا لأنه من المستحيل وضع الأرض على مقياس، كان على العلماء تثليث كتلتها باستخدام أشياء أخرى قابلة للقياس. والمكون الأول كان قانون إسحاق نيوتن للجاذبية العالمية، وفق ما يوضح الدكتور ستيفان شلامينجر عالم المقاييس بالمعهد الوطني الأميركي للمعايير والتكنولوجيا. قائلا «كل شيء له كتلة له أيضًا قوة جاذبية، ما يعني أن أي جسمين سيكون لهما دائمًا بعض القوة بينهما. إذ ينص قانون نيوتن للجذب العام على أنه يمكن تحديد قوة الجاذبية بين جسمين (F) عن طريق ضرب كتلتي الجسمين (m₁ وm₂)، والقسمة على مربع المسافة بين مركزي الجسمين (r²)، ثم ضرب هذا الرقم في ثابت الجاذبية (G)، والمعروف أيضًا باسم القوة الجوهرية للجاذبية، أو F=G((m₁*m₂)/r²)».

وباستخدام هذه المعادلة، كان بإمكان العلماء قياس كتلة الأرض نظريًا عن طريق قياس قوة جاذبية الكوكب على جسم ما على سطح الأرض. ولكن كانت هناك مشكلة هي انه لم يتمكن أحد من معرفة رقم G. ثم، في عام 1797، بدأ الفيزيائي هنري كافنديش الذي عرف باسم «تجارب كافنديش». باستخدام جسم يسمى توازن الالتواء، يتكون من قضيبين دوارين متصلين بهما كرات من الرصاص، فاكتشف مقدار قوة الجاذبية بين المجموعتين عن طريق قياس الزاوية على القضيبين، والتي تتغير مع انجذاب الكرات الأصغر إلى الجسم.

وفي تعليق على هذا الأمر، قال جون ويست عالم وظائف الأعضاء بجامعة كاليفورنيا بسان دييغو «كان عمل كافنديش مبتكرًا للغاية وكان له تأثير كبير في ذلك الوقت. فبمعرفة الكتلة والمسافة بين الكرات، حسب كافنديش أن G = 6.74×10−11 م3 كلغم–1 ث−2. تدرج لجنة البيانات التابعة لمجلس العلوم الدولي حاليًا G على أنه 6.67430 × 10-11 م3 كلغم-1 ث-2، فقط بضع نقاط عشرية من الرقم الأصلي لكافنديش».وقد استخدم العلماء منذ ذلك الحين G لحساب كتلة الأرض باستخدام أجسام أخرى معروفة الكتلة ووصلوا إلى الرقم الذي نعرفه اليوم وهو 13.1 سيبتيليون رطل.

وخلص ويست الى القول إنه «على الرغم من مرور أكثر من قرنين من الزمن على تجربة كافنديش، إلا أن طريقة توازن الالتواء الخاصة به لا تزال مستخدمة حتى اليوم».

ومع ذلك، أكد شلامينجر أنه على الرغم من أن معادلة نيوتن وميزان الالتواء هما أداتان مهمتان، إلا أن القياسات التي تقدمها تظل عرضة للخطأ البشري.

وفي القرون التي تلت تجارب كافنديش، قام علماء مختلفون بقياس G عشرات المرات، وتوصل كل منهم إلى نتيجة مختلفة قليلاً. حيث تختلف الأرقام فقط بأجزاء من الألف من المنازل العشرية، ولكنها كافية لتغيير حساب كتلة الأرض وإزعاج العلماء الذين يقيسونها».

وصرح شلامينجر قائلا «بالنسبة لنا، يجب علينا إصلاح هذا الجرح في جلدنا».

وعلى الرغم من الإحباطات المحيطة بـ G، لا يعتقد شلامينجر أن التناقض في هذا الرقم سيئ بالضرورة. خاتما حديثه بالقول «في بعض الأحيان، تكون الشقوق التي يمنحنا إياها الكون هي ما يمكننا من تطبيق أدواتنا عليها والحصول على مزيد من الفهم العلمي. وقد يكون هذا بمثابة صدع يقدمه لنا الكون، ونحن لا نريد أن نفوت هذه الفرصة».


مقالات ذات صلة

هلاك محقق للبشرية... كوكب صخري يرسم صورة للمستقبل البعيد للحياة على الأرض

علوم «القزم الأبيض»... أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته (رويترز)

هلاك محقق للبشرية... كوكب صخري يرسم صورة للمستقبل البعيد للحياة على الأرض

يقدم أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته، ويسمى قزماً أبيض، لمحة عما قد يكون عليه كوكب الأرض بعد مليارات السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

أعلن فريق من العلماء الصينيين عن تحليل ودراسة عينات قمرية جُمعت بواسطة مهمة «تشانغ إيه - 6»، وهي أول عينات تُحلَّل من الجانب البعيد للقمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق سيبقى القمر الجديد في الفضاء من يوم 29 سبتمبر ولمدة شهرين تقريباً (إ.ب.أ)

علماء يتوقعون ظهور قمر ثانٍ حول الأرض خلال أيام

توقّعت مجموعة من العلماء ظهور قمر ثانٍ حول الأرض خلال أيام، مشيرة إلى أنه سيبقى لفترة وجيزة فقط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

الأقمار الاصطناعية الصينية تراوغ أقمار الرصد الأميركية

يستكشف بحث أميركي جديد ما يعرفه الصينيون عن برنامج التجسس الأميركي

يوميات الشرق العلماء يقترحون أن قشرة الكوكب امتصت جزءاً كبيراً من الغلاف الجوي المفقود للمريخ (رويترز)

علماء يكشفون حقيقة ما حدث للغلاف الجوي المفقود للمريخ

عندما فقد المريخ غلافه الجوي قبل مليارات السنين، تحول من كوكب كان من الممكن أن يدعم الحياة إلى عالم صحراوي بارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
TT

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

حين أطلق صُنّاع أغنية «ودارت الأيام» تحفتَهم الغنائية الخالدة عام 1970 لتصبح واحدة من روائع «كوكب الشرق» أمّ كُلثوم، ربما لم يخطر على بالهم أنها سوف تصبح اسماً لواحد من العروض المسرحية بعد مرور أكثر من نصف قرن.

وبينما تحفل الأغنية الشهيرة التي كتبها مأمون الشناوي، ولحّنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالتفاؤل والنهاية السعيدة لجفوة قديمة بين حبيبَين التقيا بعد سنوات من الفراق، فإن المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وتُعرَض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما الدّولي»، تحمل أجواءً حزينة مِلؤها الحسرة والأسى لزوجة تكتشف بعد فوات الأوان أنها خسرت كل شيء، وأن تضحياتها الزوجية عبر أحلى سنوات العمر ذهبت أدراج الرياح.

حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأةً على نبأ وفاة زوجها، بيد أن المصيبة هذه لم تأتِ بمفردها، بل جرّت معها مصائب متلاحقة، ليُصبح الأمر كابوساً متكامل الأركان، فالزوج لم يَمُت في بيت الزوجية، بل في بيت آخر مع زوجة أخرى اقترن بها سراً قبل نحو 15 عاماً، لتكتشف البطلة أنها عاشت مخدوعة لسنوات طوال.

محاولة لاستعادة الماضي بلا جدوى (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تلك الصّدمة العاطفية الكُبرى شكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية للعرض المسرحي الذي أخرجه فادي فوكيه، حين تأخذ البطلة التي جسّدت شخصيتها الفنانة وفاء الحكيم، في استرجاع ذكريات رحلتها الزوجية التي اتّسمت بتنازلها عن كثيرٍ من حقوقها بصفتها زوجة وأنثى، كما تروي مواقف عدّة، تقبّلت فيها معاملة زوجها المهينة ونظرته الدُّونية لها، وأنانيته وتغطرسه؛ إذ لم يكن يفكر إلا في نفسه، وكان يتعامل مع زوجته كأنها خادمة مسخّرة لتلبية رغباته، وليست شريكة حياة لها حقوق كما أن عليها واجبات.

عدّ الناقد المسرحي د. عبد الكريم الحجراوي، مسرح المونودراما الذي ينتمي إليه العمل «من أصعب أنواع القوالب الفنية؛ لأنه يعتمد على ممثّل واحد في مواجهة الجمهور، مطلوب منه أن يكون شديدَ البراعة ومتعددَ المواهب من حيث التّشخيص، والمرونة الجسدية، والاستعراض، والتحكم في طبقات صوته»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الممثل مُطالَب بالسيطرة على المتفرج، والإبقاء عليه في حالة انتباه وتفاعل طوال الوقت، ومن هنا تكمن الصعوبة، حيث لا وجود لشخصيات أخرى أو حوار.

ويضيف الحجراوي: «وجد ممثل المونودراما نفسه مطالَباً بالتعبير عن الصراع الدرامي بينه وبين الآخرين الغائبين، أو بينه وبين نفسه، فضلاً عن أهمية امتلاكه مرونة التعبير عن حالات مختلفة من المشاعر، والانفعالات، والعواطف المتضاربة التي تتدرّج من الأسى والحزن والشّجَن إلى المرح والكوميديا والسُّخرية، وهو ما نجحت فيه وفاء الحكيم في هذا العمل».

أداء تمثيلي اتّسم بالإجادة (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

ويُبرِز العمل الذي يُعدّ التجربة الأولى للمؤلفة أمل فوزي، كثيراً من محطات الخذلان والإحباط التي عاشتها الزوجة؛ فقد رفضت والدتها ذات الشخصية القوية، فكرة انفصالها عن زوجها في السنوات الأولى لحياتهما معاً، ومن ثَمّ رفضت الزوجة نفسها فكرة الانفصال بعد إنجاب أكثر من طفل، وتلوم البطلة نفسها بسبب قبولها لموضوع الزواج في سنٍّ صغيرة وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية، وعجزها عن التمرد بوجه زوجها حين رفض بإصرارٍ أن تُكمل دراستها، مخالِفاً بذلك وعدَه لها ولأسرتها أثناء فترة الخطوبة.

واللافت أن الزوجة لا تغار من الزوجة الثانية التي أنجبت هي الأخرى طفلاً من زوجهما المشترك، بل تلومُ نفسها على ضعف شخصيتها حيناً، وثقتها غير المبرّرة في زوجها أحياناً.