نغمات الشهر... الإعلانات الرمضانية تنافس تترات المسلسلات

نغمات الشهر... الإعلانات الرمضانية تنافس تترات المسلسلات
TT

نغمات الشهر... الإعلانات الرمضانية تنافس تترات المسلسلات

نغمات الشهر... الإعلانات الرمضانية تنافس تترات المسلسلات

تغيب في الشهر الفضيل الإصدارات الغنائية الاعتياديّة، لتحلّ مكانها تترات مسلسلات رمضان، بينما يختار بعض الفنانين أن يُصدروا الأدعية والابتهالات. أما اللافت في رمضان 2024 فهو ازدياد الاهتمام بأغاني الإعلانات التجاريّة التي باتت تشكّل موضة بحدّ ذاتها، جاذبة أكبر الأسماء في عالم الموسيقى والدراما.

بين اللهجتَين اللبنانية والمصرية، وبين الأعمال الدراميّة والعلامات التجاريّة، وزّعت الفنانة اللبنانية إليسا صوتها. فهي نشطت على ضفّة الإعلانات الرمضانيّة، وقدّمت «دايماً على بالي» من كلمات وألحان عزيز الشافعي. وقد باتت هذه الإعلانات أشبَه بـ«ميني مسلسل» إذ إنّها عبارة عن «فيديو كليب» ذي حبكة وحكاية، تؤدّي بطولته مجموعة من أبرز الممثلين، كما في «دايماً على بالي»؛ حيث أطلّ فنانون مثل: خالد النبوي، وإسعاد يونس، وهند صبري، وغيرهم.

أما على ضفّة المسلسلات، فقد غنّت إليسا شارة «ع أمل» لتحتلّ «أنا مش صوتك» مراتب متقدّمة في سباق الإصدارات العربية. الأغنية هي انعكاس لقصة بطلة المسلسل «يسار» التي تؤدّي شخصيتها الممثلة ماغي بو غصن. تحمل كلاماً هادفاً كتبه مازن ضاهر ورافقه لحن محمد يحيى.

ومن ضمن المسلسل ذاته، تميّزت مجموعة من الأغاني قدّمتها المغنّية والممثلة الصاعدة ماريلين نعمان، من تأليف جاد عبيد. وتأتي هذه الأغاني التي تتصدّر الاستماعات في لبنان على وجه الخصوص جزءاً من المسلسل؛ إذ تؤدّيها ماريلين نعمان ضمن مشاهده، كشخصية أساسية فيه.

أكثر المسلسلات استثماراً في الشارات المغنّاة هذه السنة هي تلك المصريّة، الكوميديّة منها والدراميّة. على مستوى أرقام الاستماعات، تميّزت من بينها مقدّمة مسلسل «مسار إجباري» بصوت عصام صاصا، وهي بعنوان «اتنين بمقام ملايين» من تأليف محمود سوستة، وهي من نوع المهرجانات.

وبما أن المسلسل والفريق الموسيقي المصري يحملان الاسم نفسه، غنّى فريق «مسار إجباري» إلى جانب طارق الشيخ «مخبيالنا إيه يا دنيا»، من كلمات أمار مصطفى، ولحن هاني الدقّاق.

تميّز تتر مسلسل «العتاولة» عن سواه بأنّه جمع أصوات أبطال العمل غناءً. خاض أحمد السقّا، وطارق لطفي، وزينة، ومي كسّاب، وباسم سمرة، تجربة المهرجانات في أداءٍ كوميديّ. الأغنية التي ظهر في الفيديو كليب الخاص بها عددٌ من نجوم المسلسل، كتبها ووضع لحنها إسلام شندي.

جاء صوت أصالة ومعاني أغنية «يا حظ» ليُكملا قصة مسلسل «نعمة الأفوكاتو»؛ حيث يتداخل الحب بالانتقام على خلفيّة حكاية نجاح المحامية «نعمة» وخيانة زوجها لها. الأغنية من كتابة محمد عبد المنعم، وتلحين خالد نبيل. وعلّقت أصالة على الأغنية قائلة إنها لمست قلبها وقرّبتها من فريق المسلسل، الممثلة مي عمر والمخرج محمد سامي. أما الأغنية الترويجية للعمل فقد سجّلتها أصالة كذلك، وهي بعنوان «الجوكر».

أما على ضفّة الإعلانات الرمضانيّة التجاريّة، فقدّمت أصالة أغنية «أحلى مكان على الأرض» الدعائية، بمشاركة كل من عمرو يوسف، ومنّة شلبي، ومي عمر، وهالة سرحان، وغادة عادل، وأحمد مالك، تمثيلاً.

بالعودة إلى تترات المسلسلات المصريّة، قدّم الفنان حمزة نمرة أغنية «سرّ إلهي» من العمل الدرامي الذي يحمل العنوان نفسه، وهي التجربة الأولى له في مجال شارات المسلسلات الرمضانية. لكن يبدو أن قصة المسلسل الاجتماعي الإنساني لفتت نمرة الذي قرأ السيناريو كاملاً، وألّف الأغنية على أساسه.

بعد غياب عن تقديم شارات المسلسلات، عاد الفنان المصري وائل الفشني من خلال عملَين هذه السنة: الأول هو تتر مسلسل «الحشاشين» بعنوان «سمعتُ صوتاً»، وهي من «رباعيّات الخيّام»، وقد وصفها الفشني بإحدى أصعب الأغاني التي قدّمها. أما الثاني فهو تتر مسلسل «بيت الرفاعي»، من بطولة أمير كرارة.

من جانبها، وضعت الفنانة روبي صوتها على شارة المسلسل الكوميدي «زوجة واحدة لا تكفي»، فغنّت «ندل وعيّوطة» من كلمات منّة القيعي، وألحان وليد العطّار. كما شاركت روبي إلى جانب الممثلة دينا الشربيني، في إعلان رمضاني حملت أغنيته عنوان «إش إش».

للمسلسلات الخليجية كذلك حصّتها من الشارات بأصوات كبار الفنانين، من بينهم المطربة نوال الكويتية التي قدّمت تتر مسلسل «الشرّار»، وقد علّقت نوال على تلك التجربة قائلة إنها سعيدة بالتعاون مع صديقتها الممثلة ريم عبد الله، ومتوجهة بالشكر إلى الشاعر خالد المريخي والملحّن مشعل العروج. كذلك جرت الاستعانة بصوت نوال في تتر مسلسل «صيد العقارب».

رافق صوت الفنان ماجد المهندس مسلسل «سكّة سفر» من خلال أغنية «غيمة جنوبية»، وهي من كلمات سعد زهير، أما لحنها فمن الفلكلور السعودي. أما زميله الفنان رابح صقر فقد منح صوته لمقدّمة مسلسل «خيوط المعازيب» مقدّماً «اللي ظلم» من ألحانه وكلمات خالد العوض.

بعيداً عن شارات المسلسلات، ومن بين إصدارات الشهر التي حقّقت أرقاماً مرتفعة، الأغنيتان الدعائيتان اللتان قدّمهما الفنان المصري عمرو دياب، وهما «الكلمة الحلوة» من كلمات أيمن بهجت قمر، وألحان مدين، و«حكايتنا حلوة» من كلمات منّة القيعي، وألحان عزيز الشافعي.

قدّم عمرو دياب أغنيتَين دعائيتَين بمناسبة رمضان (إنستغرام)

وبما أنّ «الحلاوة» هي عنوان المرحلة، فقد ضمّت الفنانة أنغام صوتها إلى صوت محمد رمضان، في أغنية إعلانيّة حملت عنوان «الساعات الحلوة ما بتخلصش». وقد تميّز «الفيديو كليب» الذي أخرجته كاملة أبو ذكري، بأنه جمع أسرتَي الفنانَين، فظهر نجلا أنغام، وزوجة رمضان وأبناؤه وإخوته، إضافة إلى كاتب الأغنية أيمن بهجت قمر، وملحّنها عزيز الشافعي.

من كواليس تصوير «الساعات الحلوة» التي جمعت أنغام ومحمد رمضان (إنستغرام)

وسجّل الفنان تامر حسني إعلانَين رمضانيين، تسبب له أحدهما في حملة هجوم، على خلفيّة موقفه من القضية الفلسطينية. أما الأغنية الثانية والتي حملت طابعاً إنسانياً، فهي بعنوان «قدّها» وأطلّت فيها إلى جانبه مجموعة من الفنانين، على رأسهم الممثلتان يسرا وإسعاد يونس.

أول مائدة رمضانية جمعت تامر حسني بعائلته هذا العام (إنستغرام)

أما الإعلان الرمضاني الذي قدّمه الفنان الإماراتي حسين الجسمي، فقد حمل عنوان «أسمراني عيونه سمرا»، من ألحان عزيز الشافعي، وكلمات أيمن بهجت قمر.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
TT

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

«ماريا»، الذي سبق وتناولناه هنا قبل يومين، ليس سوى أحد الأفلام المعروضة على شاشة الدورة 81 لمهرجان «ڤينيسيا»، (انطلق في 28 من الشهر الماضي وتسدل ستارته في 7 سبتمبر «أيلول» الحالي)، الذي يتناول حياة شخصيات شهيرة. إذ إن هناك أفلاماً عدّة تتحدّث عن شخصيات حقيقية أخرى بينها ثلاثة أفلام غير درامية.

إنها أفلام وثائقية وتسجيلية عن أسماء مشهورة تتباعد في أزمانها وشخصياتها كما في أدوارها في الحياة. هناك «رايفنشتال» عن المخرجة الألمانية ليني رايفنشتال التي عاشت نحو 101 سنة، و«جون ويوكو» عن حياة المغني جون لينون (من فرقة البيتلز) والمرأة التي ارتبط بها، كذلك يطالعنا فيلم المخرج التسجيلي إيرول موريس «منفصلون» الذي يتناول بعض ما تمر به الولايات المتحدة من أزمات بخصوص المهاجرين القادمين من فنزويلا وكولومبيا ودول لاتينية أخرى.

في هذا النطاق، وبالمقارنة، فإن «ماريا» للمخرج التشيلي بابلو لاراين، يبقى الإنتاج الدرامي الوحيد بين هذه المجموعة متناولاً، كما ذكرنا، الأيام الأخيرة من حياة مغنية الأوبرا.

المخرجة المتّهمة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية والسياسية. حققت ليني في حياتها 8 أفلام، أولها سنة 1932 وآخرها «انطباعات تحت الماء» (Impressions Under Water) سنة 2002. لكن شهرتها تحدّدت بفيلميها «انتصار الإرادة» (Triumph of the Will) (1935)، و«أولمبيا» الذي أنجزته في جزأين سنة 1938.

السبب في أن هذين الفيلمين لا يزالان الأشهر بين أعمالها يعود إلى أنهما أُنتجا في عصر النهضة النازية بعدما تبوأ أدولف هتلر رئاسة ألمانيا.

دار «انتصار الإرادة» عن الاستعراض الكبير الذي أقيم في عام 1934 في مدينة نورمبيرغ، الذي ألقى فيه هتلر خطبة نارية أمام حشد وصل تعداده إلى 700 ألف شخص. فيها تحدّث عن ألمانيا جديدة مزدهرة وقوية وعن مستقبل كبير ينتظرها.

الفيلم الثاني من جزأين كان عن الأولمبياد الرياضي الذي أقيم صيف 1936، وحضرته أمم كثيرة بعضها من تلك التي تحالفت لاحقاً ضد الاحتلال الألماني لأوروبا.

شغل المخرجة على الفيلمين فعلٌ فني لا يرقى إليه الشك. تصوّر بثراء كل ما يقع أمامها من الجموع إلى المسيرات العسكرية والرياضية، ومنها إلى هتلر وهو يخطب ويراقب سعيداً الاستعدادات العسكرية التي خاضت لاحقاً تلك الحرب الطاحنة التي خرجت ألمانيا منها خاسرة كلّ شيء.

تبعاً لهذين الفيلمين عدّ الإعلام السياسي الغربي المخرجة رايفنشتال ساهمت في الترويج للنازية. تهمة رفضتها رايفنشتال مؤكدة أنها نفّذت فقط ما طُلب منها. في مقطع من الفيلم مأخوذ عن مقابلة مسجّلة تنفي أنها كانت تنفّذ ما طُلب منها تنفيذه، وإنها لم تنتمِ إلى الحزب النازي (وهذا صحيح) ولم تكن تعلم، شأن ملايين الألمان، بما يدور في المعتقلات.

ليني رايفنشتال خلال تصوير «أولمبياد» (مهرجان ڤينيسيا)

يستعرض الفيلم حياة المخرجة التي دافع عن أعمالها نُقاد السينما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم. فيلماها لا يزالان من أفضل ما طُبع على أشرطة في مجال الفيلم الوثائقي إلى اليوم، وذلك عائد إلى اختياراتها من اللقطات والمشاهد وتوثيقها لحدثين مهمّين لا يمكن تصوّر السينما من دون وجودهما بدلالاتهما المختلفة. النتيجة الواضحة إلى اليوم، حتى عبر المقتطفات التي يعرضها الفيلم، تفيد بحرفة متقدّمة وتعامل رائعٍ مع الحدث بأوجهه المتعدّدة.

ينتهج المخرج فايل موقفاً يشيد فيه بالمخرجة ومجمل أفلامها السبعة. لا يفوته الاعتراف بأن رايفنشتال كانت فنانة سينما حقيقية، لكن يوجّه مشاهديه في الوقت نفسه إلى أن هذا الفن لم يكن سوى مظهر دعائي للنازية، وأنها لعبت الدور المباشر في البروباغاندا في الفترة التي سبقت الحرب.

حيال سرد هذا التاريخ يستعين المخرج فايل بمقابلات متعددة أدلت بها (معظمها بعد نهاية الحرب) وواجهت فيها منتقديها كما يعمد المخرج إلى مشاهد من حياتها الخاصة. زواجها. رحلتها إلى السودان خلال اضطرابات عام 2000 حيث تحطمت الطائرة المروحية التي استقلّتها وأصيبت برضوض. رحلتها تلك كانت بصدد التعرّف على البيئة النوبية، وكانت قد حصلت على الجنسية السودانية قبل سنوات (إلى جانب جنسيتها الألمانية وإقامتها البريطانية)، وبذلك كانت أول شخص غربي يُمنح الجنسية السودانية.

لا يأتي الفيلم بجديد فِعليّ لما يسرده ويعرضه. هناك كتب عديدة دارت حولها أهمها، مما قرأ هذا الناقد، «أفلام ليني رايفنشتال» لديفيد هنتون (صدر سنة 2000) و«ليني رايفنشتال: حياة» الذي وضعه يورغن تريمبورن قبل سنة من وفاة المخرجة عام 2003.

هو فيلم كاشف، بيد أنه يتوقف عند كل المحطات التي سبق لمصادر أخرى وفّرتها. محاولة الفيلم لتكون «الكلمة الفصل» ناجحة بوصفها فكرة وأقل من ذلك كحكم لها أو عليها.

جون لينون ويوكو أونو

في الإطار الفني، ولو على مسافة كبيرة في الاهتمام ونوع المعالجة، يأتي (One to One: John & Yoko) «واحد لواحد: جون ويوكو» لكيڤن ماكدونالد، الذي يحيط بحياة الثنائي جون لينون وزوجته يوكو أونو اللذين وقعا في الحب وانتقلا للعيش في حي غرينتش فيلاج في مدينة نيويورك مباشرة بعد انفراط فريق «البيتلز» الذي كان جون لينون أحد أفراده الأربعة.

النقلة إلى ذلك الحي لم تكن اختياراً بلا مرجعية سياسية كون غرينتش فيلاج شهدت حينها حياة ثقافية وفنية وسياسية حافلة تعاملت ضد العنصرية وضد حرب فيتنام، وكانت صوت اليسار الشّعبي الأميركي إلى حين فضيحة «ووترغيت» التي أودت بمنصب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. يكشف فيلم مكدونالد (الذي سبق وأُخرج قبل أعوام قليلة، فيلماً عن المغني الجامايكي بوب مارلي) عن اهتمام لينون وزوجته بتلك القضايا السياسية. جون الذي باع منزله المرفّه في ضواحي لندن واستقر في شقة من غرفتين في ذلك الحي، ويوكو التي لعبت دوراً فنياً وتثقيفياً في حياته.

لا يكتفي الفيلم بالحديث عن الثنائي معيشياً وعاطفياً بل عن المحيط السياسي العام ما يُعيد لمشاهدين من جيل ذلك الحين بعض الأحداث التي وقعت، ويوجه المشاهدين الذين وُلدوا سنوات صوب تقدير الثنائي، كما لم يفعل فيلم ما من قبل. ليس لأن «واحد لواحد: جون ويوكو» فيلم سياسي، بل هو استعراض منفّذ مونتاجياً بقدر كبير من الإجادة لحياة ثنائيّ موسيقيّ مطروحة على الخلفية المجتمعية المذكورة.

إرث ترمب

نيسكون مضى ومعه قناعاته وبعد عقود حلّ دونالد ترمب ليسير على النهج اليميني نفسه.

يرتسم ذلك في «منفصلون» (Separated) للمخرج المتخصص بالأفلام التسجيلية والوثائقية السياسية إيرول موريس. من بين أفضل أعماله «ضباب الحرب» (The Fog of War)، الذي تناول الحرب العراقية وكيف تضافرت جهود الحكومة الأميركية على تأكيد وجود ما لم يكن موجوداً في حيازة العراق، مثل القدرات النّووية والصواريخ التي يمكن لها أن تطير من العراق وتحط في واشنطن دي سي (وكثيرون صدّقوا).

«منفصلون» لديه موضوع مختلف: إنه عن ذلك القرار الذي اتخذه ترمب خلال فترة رئاسته ببناء سياج على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع تدفق المهاجرين القادمين من الدول اللاتينية بدافع الفقر وانتشار العنف.

كان يمكن تفهّم هذا القرار لو أنه توقف عند هذا الحد، لكن ترمب تلاه بقرار آخر يقضي بفصل الأطفال عن ذويهم الراغبين في دخول البلاد عبر الحدود. بذلك لدى هؤلاء إمّا العودة من حيث أتوا مع أولادهم، أو العودة من دونهم على أساس وجود هيئات ومؤسسات أميركية ستعني بهم.

مثل هذا الموقف، يؤكد الفيلم، غير الأخلاقي، وكان له معارضون ومؤيدون. بعض المعارضين من أعضاء الكونغرس انقلبوا مؤيدين ما بين مؤتمر صحافي وآخر.

محور الفيلم هو رفض هذا الانفصال على أسس أخلاقية وإنسانية والمتهم الأساسي في فرض العمل به هو ترمب الذي لم يكترث، والكلام للفيلم، لفظاعة الفصل بين الآباء والأمهات وأطفالهم. تطلّب الأمر أن يخسر ترمب الانتخابات من قبل أن يلغي بايدن القرار على أساس تلك المبادئ الإنسانية، لكن بذلك تعاود أزمة المهاجرين حضورها من دون حل معروف.

يستخدم المخرج موريس المقابلات لتأييد وجهة نظره المعارضة وأخرى لرفضها، لكنه ليس فيلماً حيادياً في هذا الشأن. مشكلته التي يحسّ بها المُشاهد هي أن الفيلم يتطرّق لموضوع فات أوانه منذ أكثر من عامين، ما يجعله يدور في رحى أحداث ليست آنية ولا مرّ عليه ما يكفي من الزمن لإعادة اكتشافها ولا هي بعيدة بحيث تُكتشف.