منحوتات مدعوّة لـ«تصحيح التوازن» وإنصاف النساء والملوّنين

تأجيج النقاش حول كيفية تذكُّر تاريخ بريطانيا

تمثال فولاذيّ يصوّر الممثل الكوميدي سير ليني هنري
تمثال فولاذيّ يصوّر الممثل الكوميدي سير ليني هنري
TT
20

منحوتات مدعوّة لـ«تصحيح التوازن» وإنصاف النساء والملوّنين

تمثال فولاذيّ يصوّر الممثل الكوميدي سير ليني هنري
تمثال فولاذيّ يصوّر الممثل الكوميدي سير ليني هنري

أظهرت بيانات جديدة نقلتها «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)»، تصوير أشخاص أحياء بما يفوق الأشخاص الموتى على تماثيل ومنحوتات خلال عام 2023. هذه المرّة الأولى خلال القرن الحالي التي يحدث فيها ذلك، مما يعكس الدافع للاحتفاء بمزيد من الأشخاص الملوّنين، كما ذكر موقع «آرت يو كيه»، جامع البيانات.

وإذ يعود أكثر من ثلث جميع المعالم الأثرية التي كُشِف عنها في العام الماضي لأشخاص سود، فإن الأشخاص الذين يظهرون في المنحوتات العامة لا يزالون «غالباً من البيض». تُظهر الأرقام أنّ 2 في المائة فقط من التماثيل العامة في المجال العام بمختلف أنحاء بريطانيا مخصَّصة لأشخاص ينتمون إلى أقليات عرقية، بينما 17 في المائة فقط تمثّل النساء. يقول موقع «آرت يو كيه»: «مع العدد الكبير من الأعمال الفنية العامة المخصَّصة للبيض في جميع أنحاء بريطانيا، التي جرى تركيبها على مدى مئات السنوات، فمن غير المرجَّح تصحيح التوازن». صُوِّر 26 شخصاً في المنحوتات الجديدة المنصوبة بجميع أنحاء بريطانيا، العام الماضي، فيُحيي 11 شخصاً ذكرى الذين ماتوا، في حين يُكرّم 15 ممن لا يزالون أحياء.

ومن بين 10 تماثيل من الرجال والنساء السود، يحضُر عازف التشيللو شيكو كانيه - ماسون (24 عاماً) الذي كُرِّم في أبريل (نيسان) الماضي بميدالية فولاذية في مسقطه نوتنغهام. كما أزيح الستار عن تمثال فولاذي يصوّر الممثل الكوميدي سير ليني هنري (65 عاماً) في حديقة ببرمنغهام في فبراير (شباط) الماضي.

«من خلال تكريم الأحياء، يمكن الإضاءة على مجموعة أكثر تنوّعاً من الناس»، تقول كاتي غودوين، نائبة الرئيس التنفيذي لموقع «آرت يو كيه»، مضيفة: «هؤلاء لم تُسمع قصصهم، أو أُخفيت بسبب طريقة كتابة التاريخ. الأمر يتعلّق باسترجاع تلك القصص».

تمثال لكابتن كرة القدم الإنجليزي هاري كين
تمثال لكابتن كرة القدم الإنجليزي هاري كين

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، كُشفَ عن صور لتمثال كابتن كرة القدم الإنجليزي هاري كين البالغ 30 عاماً قبل عرضه. تُعلّق غودوين: «معظم الناس سعداء على الأرجح بوجود تمثال مصنوع منهم. يبقى أن نرى كيف سيكون شعورهم حياله في المستقبل». ونتيجة لحركة «حياة السود مهمة» التي اجتاحت العالم عام 2020، شُوِّهت تماثيل كثيرة في أنحاء العالم كجزء من الاحتجاجات؛ ففي بريستول، حطّم متظاهرون تمثالاً لتاجر العبيد إدوارد كولستون، مما أجّج النقاش حول كيفية تذكُّر تاريخ بريطانيا. انتقادات أخرى شملت عدم وجود تماثيل للنساء في الأماكن العامة. فمراجعة أجرتها «آرت يو كيه» كشفت أنّ لندن تحتوي على عدد من تماثيل الحيوانات ضعف عدد التماثيل المخصَّصة للنساء، فإذا بمبادرات مختلفة تُطرح خلال السنوات الأخيرة لمحاولة تحسين التنوّع في الأماكن العامة بالبلاد.

تمثال لعازف التشيللو شيكو كانيه - ماسون
تمثال لعازف التشيللو شيكو كانيه - ماسون

وفي أعقاب احتجاجات حركة «حياة السود مهمة»، أنشأ عمدة لندن صادق خان فريق عمل للنظر في تماثيل المدينة، وأسماء الشوارع، والنصب التذكارية، و«التأكد من أننا نروي القصة الكاملة لعاصمتنا». تُظهر أحدث الأرقام ارتفاعاً في عدد السود المُكرَّمين في أنحاء البلاد عام 2023، بعدما رُفع، عام 2022، نصب تذكاري واحد فقط لشخص أسود، مقارنة بـ10 تماثيل في العام الماضي. لكن البيانات تشير إلى أنه لم يُكشَف عن أي تماثيل لأشخاص ينتمون إلى أقليات عرقية أخرى عام 2023. ومن بين الـ26 شخصاً الذين جرى إحياؤهم العام الماضي، كان ثمة 14 ر‏جلاً و12 امرأة. ومن بين النساء الإنجليزيات الحاصلات على التكريم، السبّاحة إيلي سيموندز، ورافعة الأثقال إميلي كامبل، والكاتبة أغاثا كريستي.

علّق الموقع: «لم تقدّم المنحوتات التي كُشِف عنها عام 2023 مساهمة كبيرة بتصحيح توازن الناس المُحتفى بهم في الفن العام». عموماً، فإنّ الأشخاص الذين صُوِّروا وجرى إحياء ذكراهم في النحت العام لا يزالون غالباً من الرجال البيض. بدورها، قالت جمعية «فوسيت» الخيرية للمساواة في الحقوق إنه «من المؤسف جداً» أنّ النساء، لا سيما من أصول ملوّنة، لا يزلن غير ممثَّلات بما يكفي في المنحوتات العامة. وتابعت مديرة السياسة في الجمعية أليشا دي فريتاس: «المساحة العامة متاحة للجميع، ويجب أن تعكس طموحاتنا لعالم متساوٍ، وليس ماضياً عتيقاً متحيّزاً على أساس الجنس»، مضيفة أنه من «المهم» زيادة تمثيل الأشخاص المنتمين إلى الأقليات في جميع أنحاء بريطانيا، بما يساعد في توعية المجتمع على تنوُّع التاريخ والدور المهم لأشخاص من مختلف الخلفيات العرقية.


مقالات ذات صلة

بوركينا فاسو: اعتقال صحافيين بسبب تغطية الحرب على «الإرهاب»

أميركا اللاتينية الصحافيان اللذان اعتقلتهما السلطات في بوركينا فاسو (إعلام محلي)

بوركينا فاسو: اعتقال صحافيين بسبب تغطية الحرب على «الإرهاب»

قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن المجلس العسكري الحاكم في بوركينا فاسو اعتقل 3 صحافيين بارزين، هما رئيس جمعية الصحافيين في بوركينا فاسو ونائبه وآخر.

الشيخ محمد (نواكشوط)
رياضة عالمية أعلنت رابطة الدوري الفرنسي أن الرقعة المميزة تحمل كلمتي العنصرية وكرة القدم (الدوري الفرنسي)

رابطة الدوري الفرنسي تتبنى حملة جديدة لمحاربة العنصرية

تقرر أن يرتدي لاعبو وحكام كرة القدم الفرنسية شارة خاصة تحمل رسالة مناهضة للعنصرية، على أكمام قمصانهم خلال مباريات دوري الدرجة الأولى والثانية نهاية هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا تجمع الشرطة الفرنسية الأدلة من موقع هجوم بسلاح أبيض في ميلوز شرق منطقة الإلزاس حيث يشتبه بأن رجلاً قتل شخصاً وأصاب اثنين من ضباط الشرطة البلدية (أ.ف.ب)

محاكمة 6 أشخاص بتهمة التخطيط لأعمال عنف في فرنسا

بدأت في «محكمة الأحداث الخاصة» بباريس، الاثنين، محاكمة 6 أشخاص، كان أحدهم يبلغ 16 عاماً حين الواقعة، بتهمة التخطيط لأعمال عنف مشابهة لما قام به تنظيم «داعش».

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية ويسلي فوفانا (رويترز)

الاتحاد الفرنسي يدعم فوفانا بعد تعرضه لإساءة عنصرية

أدان الاتحاد الفرنسي لكرة القدم الإساءة العنصرية التي تعرض لها ويسلي فوفانا، مدافع فريق تشيلسي، عقب خسارة فريقه أمام مضيفه آرسنال ببطولة الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
خاص ساحة قرب مجمع المدراس في مدينة أوريبرو السويدية وقد تحولت مزاراً لإحياء ذكرى ضحايا إطلاق النار (غيتي)

خاص عن «اليوم الأسوأ في تاريخ السويد»... جريمة معلّقة ضحيتها مهاجرون

في حادثةٍ هزّت السويد وأدخلتها في دوامةٍ من الأسئلة الصعبة حول مستقبل الهجرة والأمان الاجتماعي لقي 11 شخصاً من المهاجرين مصرعهم وسط مخاوف من طمس دوافع الجاني.

عبد اللطيف حاج محمد (استوكهولم)

المخرج الصيني جوني تو: البلاد العربية مُلهِمة سينمائياً

تو عدّ البلاد العربية ملهمة لتصوير أعماله (المركز الإعلامي لقمرة السينمائي)
تو عدّ البلاد العربية ملهمة لتصوير أعماله (المركز الإعلامي لقمرة السينمائي)
TT
20

المخرج الصيني جوني تو: البلاد العربية مُلهِمة سينمائياً

تو عدّ البلاد العربية ملهمة لتصوير أعماله (المركز الإعلامي لقمرة السينمائي)
تو عدّ البلاد العربية ملهمة لتصوير أعماله (المركز الإعلامي لقمرة السينمائي)

قال المخرج الصيني جوني تو، خلال مشارَكته بالنسخة الـ11 من ملتقى «قمرة السينمائي» القطري، إن الفعاليات والملتقيات الفنية الدولية تعدّ فرصةً لتبادل الآراء البناءة، وتفعيل الصناعة بشكل جذري.

وأكد تو، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أن «هونغ كونغ»، لا تستطيع منافسة «هوليوود» سينمائياً، على غرار منافستها اقتصادياً، حيث أوضح أن وجهات مختلفة في هونغ كونغ تتحدَّث لغة الماندرين، وبالتالي يصعب عليها المنافسة لعدم انتشارها عالمياً، بالإضافة إلى أن المشروعات السينمائية الكبيرة لا تجد دعماً وتشجيعاً من المستثمرين في الصين.

المخرج الصيني جوني تو وريتشارد بنيا خلال ندوة «قمرة السينمائي» (المركز الإعلامي)
المخرج الصيني جوني تو وريتشارد بنيا خلال ندوة «قمرة السينمائي» (المركز الإعلامي)

ورداً على الانتقادات التي تعرَّض لها تو عقب تصريحه الشهير بأن «هونغ كونغ مدينة دون روح» قال تو: «هناك كثير من الأشخاص الذين يدّعون الغباء، فعندما تكون الإجابة عن السؤال (نعم) فإنهم يقولون (لا)، وقد سبق أن انتقدوني؛ لأنني قلت هذه العبارة، ولكنني سأطرح عليهم سؤالين، لماذا أصبح الوضع في هونغ كونغ أسوأ مما كان عليه في السابق؟، ولماذا نرى نسبةً كبيرةً من الهجرة لدول أخرى ما دامت المدينة تنبض بالروح كما يرون؟».

وأوضح تو أنه فخور بما يجري ببلدان الشرق الأوسط، التي تحوَّلت سريعاً لمدن تنبض بالطاقة، وتغيَّرت بشكل جذري على مستوى صناعة الأفلام، بالمقارنة مع هونغ كونغ، مستنكراً ندرة الإنتاج السينمائي لديها منذ شهر يناير (كانون الثاني) حتى أبريل (نيسان)، من العام الحالي، موضحاً أنه لا جديد لديها سوى فيلمين قيد الإنتاج، بالمقارنة مع سبعينات وثمانينات القرن الماضي، حيث كانت هونغ كونغ تنتج أكثر من 200 فيلم في العام.

المخرج الصيني جوني تو انتقد تراجع إنتاج الأفلام في هونغ كونغ (المركز الإعلامي لقمرة السينمائي)
المخرج الصيني جوني تو انتقد تراجع إنتاج الأفلام في هونغ كونغ (المركز الإعلامي لقمرة السينمائي)

وكشف تو عن أنه زار بلداناً عربية وشاهد إنتاجاتها الفنية، ويرى أنها مُلهمة ومليئة بالغموض والأزياء والأماكن اللافتة، والتراث الغني والتاريخ العريق، مشيراً إلى أنه يحب هذه البيئة، ويرى أن بها مشاهد طبيعية كثيرة تناسب أفلامه ويطمح لتنفيذها.

وأشار تو إلى أن «ثقافة الفعاليات الفنية الداعمة للفن والسينما ليس لها وجود في الصين، فالحكومة ليست نشطةً في دعم صناعة الأفلام، وتشدِّد على أن أي عمل يجب أن يكون ملائماً على المستوى السياسي أولاً، فالدولة لا تقوم بشيء من احتياجات الشعب، لكنها تقوم بالدعم إذا كان المشروع يتماشى مع مصالحها». وفق تعبيره.

وخلال ندوته في ملتقى «قمرة السينمائي»، أوضح تو أنه قلق تجاه صناعة السينما في هونغ كونغ، وطالب بتوسيع الآفاق والتعاون مع دول أخرى؛ لأن صناع الأفلام لديهم رؤى وأهداف مختلفة، لافتاً إلى أن التطور التكنولوجي سيظهر برمجيات جديدة، لكن الصانع الحقيقي قادر على البقاء رغم سيطرة الذكاء الاصطناعي.

المخرج الصيني أشاد بأجواء البلاد العربية (الشرق الأوسط)
المخرج الصيني أشاد بأجواء البلاد العربية (الشرق الأوسط)

وتمتد مسيرة تو لأكثر من 40 عاماً، قدَّم خلالها أكثر من 50 فيلماً، من بينها أفلام «انتخابات»، و«وحدة المهام الخاصة»، و«حياة دون مبدأ»، بعد أن فضَّل العمل بالسينما على العمل بالشرطة، كما ترك عمله مراسلاً لإحدى المحطات التلفزيونية، وفق قوله.

واختُتمت فعاليات «قمرة السينمائي 11» قبل أيام، وقالت فاطمة حسن الرميحي، الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة الدوحة للأفلام»، إن الملتقى نجح في تحقيق إنجازات كبيرة ومهمة، وإن التفاعل بين المشاركين والمرشدين كان ملهماً.

وخلصت الرميحي إلى أن إرث «مؤسسة الدوحة للأفلام»، يكمن في دعمها القوي للصُنَّاع، واكتسابهم المزيد من الخبرة، وبناء مسيرة مهنية في هذا المجال الحيوي، والتركيز على جودة القصص، ودعم السينما العربية، مؤكدة أن «قمرة» يتمتع بخصوصية كونه حاضنةً للأفلام وصنَّاعها، ويسهم في ربطهم بخبراء الصناعة.