لم تأتِ تسمية المسرح بـ«أبو الفنون» عبثاً، فلطالما كان أساس انطلاقة كثير من الفنانين الذين وقفوا على خشبته، ومن ثَمّ برزت أسماؤهم في السينما والتلفزيون. الأمر نفسه يحدث حالياً في دراما رمضان مع ظهور وجوه سعودية نسائية جديدة، بعد أن عانت الدراما المحليّة لعقود مضت من شحّ هذه الوجوه. ويأتي مسلسل «خيوط المعازيب» ليفرش الطريق بالورود أمام 5 ممثلات سعوديات يظهرن للمرة الأولى على الشاشة الصغيرة، واستطعن إثبات أن الممثلة الجيدة تظهر موهبتها في أول عمل لها، ومهما كانت مساحة دورها.
جذبت الممثلات الخمس الأنظار إليهن من خلال هذا العمل التراثي الملحمي الذي يركّز على منطقة الأحساء في حقبة الستينات من القرن الماضي، وهن: لبنى عبد الحميد، ومريم حسين، وآمال الرمضان، وآرم فيصل، ورقية الجاسم.
تصل ابنة الأحساء الممثلة لبنى عبد الحميد إلى الشاشة بعد رحلة 12 عاماً على خشبة المسرح، كما توضح لـ«الشرق الأوسط»، مبيّنة أنه سبق لها وقدمت كثيراً من الأعمال المسرحية، قبل أن تظهر في «خيوط المعازيب» بدور «أم أحمد» التي تواجه كثيراً من المصادفات الصعبة. وعن قصة البداية تقول: «كنت أعمل في فرقة مسرحية مع مجموعة من السيدات، وحين علمت من الفنان إبراهيم الحساوي أن ثمة فرصة لي للتمثيل لم أتردد بخوضها وكانت دوري في المسلسل الذي بدأ العمل عليه في عام 2018». وتتابع: «هو عمل أحسائي مستوحى من تاريخ وقصص حقيقية حدثت في الستينات. راق لي الأمر كثيراً فهذه الأجواء تجذبني وأحبها، ولطالما حلمت بتقديم طابع تراثي وأرى فيه تحدياً مختلفاً». وتشير لبنى إلى أن التصوير استغرق نحو عامين، ومرّ بكثير من المعوقات، إلا أن ذلك لم يقلّل من حماستها لخوض هذه التجربة، بل استغلت هذه الفترة للبحث عن جوانب دورها في المسلسل، وعنه تقول: «أم أحمد تشبهني كثيراً، وتعلّقت بها لسنوات. إنها شخصية حقيقية لامرأة كانت تعيش في الأحساء ومن قصتها استُلهمت أحداث العمل. فقد كانت شخصية قوية ومؤثرة في مجتمعها في ذاك الزمان، واختُزلت حياتها في جانب واحد، في حين كان لها جوانب أخرى».
أما الممثلة آمال الرمضان، التي تقدم في المسلسل دور الزوجة المتفانية «سارة»، فتحدثت لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «(خيوط المعازيب) هو أول تجربة لي على شاشة التلفزيون. فمسيرتي الفنية بدأت على خشبة المسرح، حيث صُقلت موهبتي وبات اسمي معروفاً في الوسط المسرحي. وفي يوم من الأيام، شاهدني منتج على الخشبة ولم يتردد في ترشيحي لتجربة أداء في كاستنغ المسلسل بالأحساء، فقمت بالدور المطلوب مني، ووافقوا على تأديتي لشخصية (سارة)».
وعن دورها تقول: «سارة هي امرأة حساويّة شابة وعطوفة وحنونة بشكل كبير، حلمها في الحياة أن تكون أماً، لكنها تواجه عقبة تأخر الحمل، وعلى الرغم من أنها شخصية عقلانية فإنها تسعى بشتّى الطرق لتصبح أماً؛ حتى لو كان ذلك بطرق غير منطقية أو مضحكة، كأن تتجه إلى السّحر». وتردف: «هي تحب زوجها كثيراً، ولا تريد خسارته، وهذا الحب كان أحد دوافع جنونها للسعي وراء الأمومة».
وبدورها تحدثت الممثلة مريم حسين لـ«الشرق الأوسط»، عن دورها في المسلسل، فهي الزوجة الثانية للتاجر الجشع أبو عيسى (الفنان عبد المحسن النمر)، واسمها «شيخة». بداياتها كانت أيضاً على خشبة المسرح. وعن تجربتها تقول: «قابلت الفنان إبراهيم الحساوي في اليوم العالمي للسينما في جمعية الثقافة والفنون بالأحساء. حينها كان فريق العمل يبحث عن ممثلات من الأحساء لتأدية الأدوار، وبعد ذلك بشهر تواصلوا معي لعمل كاستنغ. في البداية كانت الفكرة بأن أجسّد دور (سارة)، ولكنّي لم أشعر بقواسم مشتركة مع شخصيتها، ليخبرني المخرج عبد العزيز الشلاحي بعدها بأني سأقدّم دور (شيخة)، وبالفعل ارتحت للدور».
وتشير مريم إلى أنها محظوظة لأنها لعبت دورها مع النجم السعودي عبد المحسن النمر، وهو ما وصفته بالأمر المخيف، مضيفةً: «كان أول عمل لي في التلفزيون. أرعبتني فكرة الوقوف أمام الفنان الكبير عبد المحسن النمر، الذي دعمني وكان معلمي الأول في هذه التجربة، فلقد كنت معه طيلة مشاهد العمل».
وتؤكّد مريم أن الأمر لم يكن سهلاً على الإطلاق: «أخافني ظهوري الأول، وخشيت من ردود فعل الناس، ولكن بعد عرض المسلسل سعدت كثيراً بالأصداء الجيدة». وتتحدث عن دورها في العمل قائلة: «شيخة هي امرأة طيبة ومسكينة، عاشت بكنف أختها وزوج أختها فكانت ترى في أبو عيسى أباً لها، وليس الرجل الذي تزوجته بعد وفاة أختها، وهو أمر مزعج نفسياً وربما يفسّر عدم رضاها عن حياتها، وكانت تتمنى حياة مختلفة، وأن تكون زوجة لرجل من عمرها تنجب منه أطفالاً وتكوّن أسرة طبيعية».
جدير بالذكر أن مسلسل «خيوط المعازيب» يحتل حالياً المرتبة الثانية في قائمة الأعمال الأعلى مشاهدة على منصة «شاهد» في السعودية. العمل من 25 حلقة، يجمع حشداً كبيراً من الممثلين السعوديين، مثل: عبد المحسن النمر، وإبراهيم الحساوي، وفيصل الدوخي، وسعيد قريش، إلى جانب الممثلة البحرينية ريم أرحمة وعدد كبير من الوجوه الصاعدة.