مساجد الطائف الأثرية... عراقة الحضارات الإسلامية تُحاكي التاريخ

عُمر بعضها يتجاوز الـ1200 عام ومنزلتها رفيعة في الوجدان

لهذه المساجد منزلة رفيعة في وجدان أهالي الطائف (واس)
لهذه المساجد منزلة رفيعة في وجدان أهالي الطائف (واس)
TT

مساجد الطائف الأثرية... عراقة الحضارات الإسلامية تُحاكي التاريخ

لهذه المساجد منزلة رفيعة في وجدان أهالي الطائف (واس)
لهذه المساجد منزلة رفيعة في وجدان أهالي الطائف (واس)

تُشكل مساجد الطائف الأثرية بعمارتها الإسلامية العريقة، مشهداً مهماً من التكوين الحضاري للمحافظة منذ أمد بعيد، فأدوارها لا تقتصر على أداء العبادات فحسب، بل باتت منهلاً للعلوم الشرعية واللغة العربية، ومصدراً منيراً للإشعاع المعرفي.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أنّ لهذه المساجد البالغ عددها 25، منزلة رفيعة في وجدان أهالي الطائف؛ خصوصاً أنها كانت محطّات للحجّاج والمُعتمرين العابرين إلى بيت الله الحرام من الطائف إلى مكة المكرّمة، إضافة إلى تاريخها الإسلامي العريق، والإبداع المعماري الذي عاصر حضارات عدّة.

تشكّل هذه المساجد منهلاً للعلوم الشرعية واللغة العربية (واس)

يعود تاريخ بعض هذه المساجد لأكثر من 1200 عام، منها مسجد عبد الله بن العباس، ومسجد الهادي، والكوع، ومسجد الخبزة «الحصن»، ومسجد السنوسي «الريع»، ومسجد العرابي وابن عقيل، ومسجد بحرة الرغاد، والغريب بالسليمانية، ومسجد باعنتر ومسجد المحجوب، ومسجد القنطرة، ومسجد الراية الذي ضمَّ في توسعة مسجد بن العباس. تتميز جميعها باتّخاذها شكلاً جمالياً شبيهاً بالعمارة والزخرفة الإسلامية، فتتمثّل رسومها الهندسية وإنشاءاتها في هيكل القباب والرواشين الجاذبة، والثريّات المطعَّمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية المصنوعة يدوياً.

إبداع معماري معاصر لحضارات عدّة (واس)

تتركّز 10 من هذه المساجد العريقة في المنطقة التاريخية بسوق البلد، أو كما يُطلَق عليها «البلدة القديمة» في محافظة الطائف؛ تحيط بها المحال التراثية والساحات والميادين التي تحتفظ بمخزون هائل من الموروث الثقافي والاجتماعي. ويجد الصائم خلال ليالي رمضان طعماً مختلفاً في إقامة صلاة التراويح في هذه المساجد الشهيرة بتميُّزها بوصفها شواهد تاريخية.

تروي أماكن احتضان المساجد قصصَ التاريخ والناس الذين عاشوا فيها؛ فالحارات القديمة، منها السليمانية وحارة فوق وأسفل، يطوّقها سور الطائف القديم ببواباته الثلاث «الريع والعباس والحزم»، حيث تنامت فيها المجتمعات من مختلف الأجناس، واحتضنت في جوفها المباني العابرة عبر السنوات في محيط قرية الهضبة القديمة، التي لا تزال مُحمَّلة بعبق الماضي وشذى الذكرى الفوَّاحة في أرجاء المكان.

طعم مختلف للصلاة فيها خلال ليالي رمضان (واس)

ولا تزال بعض هذه المساجد شاهد عيان على عصور مضت، ترسَّخت ملامحها في مخيّلة الزائر؛ بروعة جدرانها العتيقة المبنية من الحجر، والتفاصيل المُغايرة لكل مئذنة، فمنها ما اتّخذ شكل المربعة، ومنها الحلزونية، والأسطوانية، أو هندسية الأضلاع اللافتة للأنظار.

بعض هذه المساجد شاهد عيان على عصور مضت (واس)

وعلى سبيل المثال، أُنشئ مسجد الهادي نحو عام 1050 للهجرة، حيث هُدِم وبُني بأحدث الطرق المعمارية الحديثة في العهد السعودي الزاهر، وتُزيّنه القباب السداسية التي تنسدل منها أشعة الشمس؛ وتشمل بإضاءتها أرجاء زواياه. كما يتربّع مسجد الكوع على سفح جبل أبي زبيدة، ويحكي عن طبيعة جغرافيا المنطقة الجبلية، بوجود صخرة كبيرة بركنه من الداخل، حيث يقع المسجد في المثناة من الجهة الشمالية، وهي قرية صغيرة فيها بساتين ومزارع تحيط بها من كل جانب على امتداد وادي وج، الذي تنحدّر منه العيون الجارية الساقية للبساتين العامرة بأشجار العنب والرمان والحماط والورد الطائفي.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

معرض الرياض الدولي للكتاب يختتم 10 أيام من الاحتفاء بالكتاب والثقافة

جذبت فعاليات المعرض وأنشطته الثرية والمتنوعة أكثر من مليون زائر (هيئة الأدب)
جذبت فعاليات المعرض وأنشطته الثرية والمتنوعة أكثر من مليون زائر (هيئة الأدب)
TT

معرض الرياض الدولي للكتاب يختتم 10 أيام من الاحتفاء بالكتاب والثقافة

جذبت فعاليات المعرض وأنشطته الثرية والمتنوعة أكثر من مليون زائر (هيئة الأدب)
جذبت فعاليات المعرض وأنشطته الثرية والمتنوعة أكثر من مليون زائر (هيئة الأدب)

بحلول مساء يوم (السبت) انقضت الأيام العشرة من فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2024، وتم إسدال الستار على المعرض الذي انطلق تحت شعار «الرياض تقرأ»، والذي تجسد فيه الشعار واقعاً ملموساً بين أروقة المعرض وأجنحته التي اكتظ فيها جمهور الثقافة، للاطلاع على عشرات الآلاف من عناوين الكتب والإصدارات الجديدة التي أنتجتها دور النشر العربية.

شهد المعرض هذا العام تطورات عدّة شملت استحداث منطقة أعمال متخصّصة (هيئة الأدب)

وقال الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة الدكتور محمد حسن علوان: «إن معرض الرياض الدولي للكتاب حظي في نسخة هذا العام بإقبال واسع من الزوار، إذ جذبت فعالياته وأنشطته الثرية والمتنوعة أكثر من مليون زائر، من مناطق السعودية ومن خارجها، حيث شكل المعرض فرصة قيّمة لرواده للوصول إلى مؤلفات المبدعين من كل الدول العربية والعالم، وفتح نوافذ مهمة لاستكشاف عوالم من المعرفة والفكر والأدب ومجالاته المتعددة».

وأضاف علوان «أن نسخة هذا العام شهدت مشاركة أكثر من 2000 وكالة ودار نشر، من أكثر من 30 دولة، توزعت على 800 جناح، وعرضت عشرات الآلاف من عناوين الكتب والإصدارات الجديدة، مما انعكس إيجاباً على إيرادات دور النشر المشاركة في المعرض، التي حققت مبيعات تجاوزت 28 مليون ريال، مما يؤكد جاذبية معرض الرياض الدولي للكتاب وأهميته حيث يعد أحد أهم وأبرز معارض الكتاب في العالم العربي، بسبب عدد زواره الكبير، وإجمالي قيمة المبيعات التي تحققها دور النشر، مؤكداً أن المعرض أسهم في إنعاش سوق الطباعة وحركة النشر العربية، كما عزز قدرات الناشرين السعوديين وتنافسيتهم».

نسخة المعرض هذا العام شهدت مشاركة أكثر من 2000 دار نشر ووكالة من أكثر من 30 دولة (هيئة الأدب)

عروض مسرحية وأمسيات شعرية وفنية أحياها نخبة من الفنانين العرب (هيئة الأدب)

منصة لإبداع أهم المفكرين والكتاب

وجدّد معرض الرياض الدولي للكتاب دوره كمنصة لعرض إبداعات أهم المفكرين وكبار الكتاب وأبرز الناشرين في المنطقة والعالم، إضافة إلى كونه تظاهرة ثقافية وفكرية سنوية بارزة تجسد منذ عقود الإرث الثقافي للمملكة، وريادتها في صناعة الثقافة والنشر، ودعم الإبداع الثقافي.

وحظيت التظاهرة، التي انعقدت في الرياض، خلال الفترة من 26 سبتمبر (أيلول) الماضي وحتى 5 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في حرم جامعة الملك سعود، بمشاركة أبرز دور النشر المحلية والعربية والعالمية، وشهدت تدشين فصول من المعرفة والفكر والثقافة، التي أثرت زوار المعرض بصنوف ثقافية سخية بالأفكار، وفتحت نوافذ تجمع بين صُناع الأدب والنشر والترجمة من مختلف أنحاء العالم، لتبادل الحوارات الواعية، ودعم صناعة النشر، وتعزيز القراءة في المجتمع، وتقديم أحدث المؤلفات والإصدارات الأدبية للقراء والمهتمين.

المعرض فتح نوافذ لتبادل الحوارات الواعية ودعم صناعة النشر وتعزيز القراءة في المجتمع (هيئة الأدب)

فعاليات متنوعة في المعرض لتثقيف الطفل (هيئة الأدب)

وشكّل معرض الرياض للكتاب فرصة ثمينة للوصول إلى مؤلفات وإنتاج المبدعين من كل الدول العربية، حيث يصِلهم المعرض الذي يضمّ أكثر من 2000 دار من أكثر من 30 دولة حول العالم بنوافذ مهمة لاستكشاف عوالم من المعرفة والفكر والأدب ومجالاته المتعددة، فيما تناول برنامج المعرض الأكبر على مستوى العالم العربي موضوعات السيرة الذاتية وأدب الطفل، بالإضافة إلى عروض مسرحية وأمسيات شعرية أحياها نخبة من شعراء الفصحى والنبطي، وورش عمل في شتى ميادين المعرفة، وفعاليات متنوعة لتثقيف الطفل.

وأتاح المعرض لإصدارات الكثير من المبدعين إمكانية مصافحة مجتمع القراء، وتسجيل حضورهم في الفضاء الثقافي المحلي والعربي، حيث عزّزت مجموعة من المبادرات التي شهدها القطاع الثقافي السعودي من وجود هذه الأقلام، والأخذ بيد المبدعين لخوض غمار الإنتاج الفكري والإبداعي، ومن ذلك مبادرة ركن المؤلف السعودي التي جددت حضورها في نسخة هذا العام، وكانت بمثابة فرصة للعديد من المؤلفين السعوديين لعرض إصداراتهم التي طبعت بجهد ذاتي للجمهور.

جدّد المعرض دوره كمنصة لإبداعات أهم المفكرين وكبار الكتاب وأبرز الناشرين في المنطقة والعالم (هيئة الأدب)

وشهد المعرض هذا العام تطورات عدّة، شملت استحداث منطقة أعمال متخصّصة، شاركت فيها الوكالات الأدبية التي تدير أعمال المؤلّفين وعقودهم، والمطابع المحلّية التي تُشارك للمرة الأولى في معارض الكتب المحلّية، لتقدّم خدماتها للناشرين، حيث أتاحت المنطقة فرصاً استثمارية استثنائية، كما تم توقيع عدد من الاتفاقيات بين الوكالات الأدبية والمؤلفين، مما يدعم صناعة النشر في المملكة، والمؤلفين السعوديين.