«نظرة حب»: دراما خارج الزمن... والمنافسة

ورطة «الكليشيه» تُحاصر المسلسل من جميع جهاته

الحب ينثر سحره على مهل (بوستر المسلسل)
الحب ينثر سحره على مهل (بوستر المسلسل)
TT

«نظرة حب»: دراما خارج الزمن... والمنافسة

الحب ينثر سحره على مهل (بوستر المسلسل)
الحب ينثر سحره على مهل (بوستر المسلسل)

تُحسَب لباسل خياط العودة إلى الشخصية الآتية من الأحياء الشعبية بعد أدوار الثراء المُستهلَك. مع ذلك، يرتكب دعسة ناقصة. فبطولته لمسلسل «نظرة حب»، تأتي في سياق شبه «سلحفاتي». بالكاد يسير؛ خطواته ثقيلة. ليس رمضان 2024 ميدان نجوميته، ولا هو المتصدِّر بين أسمائه البارزة. يمكن الاعتراف بأنّ لدى العمل جوانب جديدة، أجملها فنّ سرد الحكايات على لسان رندا كعدي بشخصية «أم بحر» المُقعَدة. لكنّ ورطة «الكليشيه» تُحاصره من جميع جهاته.

مسرح الأحداث حيّ للبسطاء، يُسمَّى «حيّ النفق»، مقابل فيلا الزعيم. ولأنّ باسل خياط هو البطل، لا بدّ من مَنْحه امتيازات التزعُّم، فيبدو أشبه بقائد. يأتي ذلك مقابل ما هو أشدّ استهلاكاً في الطرح الدرامي: رجل السياسية اللبناني الفاسد المرشّح للانتخابات. تحوم القصة (تأليف رافي وهبي) حول حادث يعترض ابنته (كارمن بصيبص)، فتُحاك مؤامرة تُلبِّس «بحر» (خياط) التهمة. حلقات طويلة تدور بشكل مُفرَغ، وتتعامل مع المفاجآت كمَن يوزّع الفُتات لعشاق الموائد.

باسل خياط في دور ابن الحيّ الشعبي (لقطة من المسلسل)

هذا الصنف مضى عليه الزمن ولا يصلح للمنافسة في رمضان 2024. لم يعد المرشّح للانتخابات اللبنانية يُغري كشخصية درامية. «ديجا فو». لا يثير أي اهتمام تتبُّع صراعه على مقعد نيابي. هكذا مقاربات مكشوفة جداً، ومجرَّدة من لحظاتها المدهشة. عجزُها عن المجيء بجديد، مُتوقَّع.

ليس بإطلاق اسم «بحر» على شخصية باسل خياط، يحدُث التميُّز. على القصة أولاً تشريع الباب أمام الحدث المُنتَظر. وإنْ كان لقاء البطلين يشكّل لحظة التأجيج المرجوَّة، فذلك لا يخلو من كل ما يخطر على البال حين يتعلّق الأمر برجل فقير وامرأة ثرية. تتجلّى ذروة الاستهلاك بخلاصة نظرية «توأم الشعلة» وفق مؤلّفها البروفسور «كميل» (غبريال يمّين)، القائمة على رابط مخفيّ خاص بين شخصين، ضمن عدد محدود من البشر. تقول الخلاصة إنّ المستحيل هو قدر هذا الحب، والاستحالة مردُّها إلى الفارق الطبقي بين الحبيبَيْن.

كارمن بصيبص وميشال حوراني في لقطة من المسلسل

خيوط المؤامرة ليست من النوع الحابس للأنفاس، فالمسلسل (إنتاج «إيبلا»)، مباشر، لا يحيِّد عن المسار الواضح. مثل معظم الأبطال، تُحاط بـ«بحر» مظلومية يُسبّبها الطرف الشرير. يطلّ ميشال حوراني بشخصية «نبيل» مشكّلاً تحالفَ مصالح مع والد خطيبته، المرشّح الانتخابي «جلال» (بيار داغر). مقابل الخبث المُعلن، تُحمَّل شخصية «قمر» بالطيبة المفرطة، تأكيداً على السقوط في «الإكستريم»، حدّ أنها تُصدّق إصابتها باضطرابات نفسية، وفق خطّة والدها المرشّح وخطيبها مدير حملته، لزجِّها في مصحّة واستبعادها عن المشهد. لا حلول وسطى، فتنعدم الحياة خارج اللونين الأبيض والأسود.

اختصار الحلقات من 30 إلى 15، كان لينقذ ما يمكن إنقاذه. فلشُ الأحداث القليلة على مساحة عريضة، يُضخِّم الخواء. ذلك مع «ثقل» تُكثّفه الإضاءة الكئيبة من دون مبرّر طوال الوقت. فكاميرا المخرج حسام علي ليست دائماً مريحة. ثمة إحساس بالتلبُّد والأزمات. الأخيرة سقفُها منخفض، ولا تتعدّى حتى الآن ما هو في دائرة التوقّعات. «توأم الشعلة» يصيب «بحر» و«قمر»، فيُرجَّح تخلّيها عن خطيبها واختيارها مَن شعرت أنها تعرفه قبل لقائه. ليس صعباً تخمين الباقي: وقوف الأب سداً في وجه الحب.

الإضاءة كئيبة حتى في اللحظة الضاحكة (لقطة من المسلسل)

معظم الشخصيات تدور حول الحادث، والسؤال مطروح عما كانت لتفعل لولا وقوعه؟ لا تبرز أدوار خارج وجوه البطولة، فحضور كثيرين يوازي تقريباً غيابهم. غبريال يمّين استثناء؛ دوره يفرض التمهّل أمامه. يكاد يكون الوحيد الناجي من التوقّعات.

أمكن التعمّق بماضي «بحر» بعد وفاة شقيقته في الحرب السورية، وهروب زوجته وابنه. يُمرّر المسلسل هذه الخلفية، حتى الآن، مثل تفصيل عابر، مفضّلاً الإبحار في شبر ماء. عالم المراهنات والدراجات النارية ويوميات الحيّ الشعبي والأزمة في سوريا، مثيرة درامياً أضعاف ما استهلكته الدراما اللبنانية منذ سنوات، خصوصاً معزوفة رجل السياسة، وحديث الدوائر الانتخابية، وتبرير الوسيلة من أجل الغاية.

يُنتَظر الجانب الآخر لحضور نهلا داود بشخصية «كارمن»، المرشّحة المنافِسة لـ«جلال» والد «قمر». جانبُها على مستوى الأمومة والماضي. افتقاد المسلسل الطبقة الثانية للشخصيات والأحداث يُبقيه كما هو الآن: أقل من عادي.

المسلسل يوهم بالأحداث أكثر مما يُقدّم وقائع على وجودها، ويحوم حول نفسه أضعاف ما يأتي بجديد يقلب الطاولة.

الأحداث الخجولة، تُصعِّب الإقناع بأننا أمام قضية بحجم «جريمة منظّمة تطال شخصيات مرموقة»، كما يقول التحقيق في الحادث. يحدُث العكس؛ أي أنّ العمل يوهم بالأحداث أكثر مما يُقدّم وقائع على وجودها، ويحوم حول نفسه أضعاف ما يأتي بجديد يقلب الطاولة.

كارمن بصيبص وجه مريح يخلو من الافتعال. ثغرة المسلسل أنه حافظ عليها كما هي؛ بهذه التعابير اللطيفة والاعتراض اللائق. شخصيتها، حتى الآن، تُبقيها في المنطقة الآمنة. ثوبها نفسُه عليها، ولا بأس بتبديله. مع ذلك، حضورها مُنتَظر. ثنائيتها مع باسل خياط تتأخر في الجذب. والحب الوارد في عنوان العمل، ينثر سحره على مهل، مكتفياً بالأثر المحدود.

تحضُر أسماء من سوريا، منها هبة نور بشخصية «يسرا»، عشيقة «بحر» وملجؤه، إضافة إلى طلال مارديني بدور «عزّت»، مع جفرا يونس، وطيف إبراهيم، وجمال العلي، وآمال سعد الدين، وسارة بركة ومرح عيسى... ومن لبنان، روزي الخولي، ورانيا عيسى، مع ثلاثي البطولة: بيار داغر، ونهلا داود، وميشال حوراني. أداؤهم في محلّه بمسلسل خارج المنافسة.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
TT

الرياض وطوكيو نحو تعاون أعمق في مختلف المجالات الفنية والثقافية

الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان (الشرق الأوسط)

وقّع الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة السعودي مع توشيكو آبي وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية في اليابان، الجمعة، مذكرة تفاهم في المجال الثقافي، عقب مباحثات جمعتهما في العاصمة اليابانية طوكيو، تناولت أهمية تعزيز العلاقات الثقافية المتينة التي تربط بين البلدين.

وتهدف «مذكرة التفاهم» إلى تعزيز التعاون والتبادل الثقافي بين الرياض وطوكيو في مختلف القطاعات الثقافية، وذلك من خلال تبادل المعرفة في الأنظمة والتنظيمات المعنية بالشؤون الثقافية، وفي مجال الرسوم المتحركة، والمشروعات المتعلقة بالمحافظة على التراث بجميع أنواعه، بالإضافة إلى تقنيات الحفظ الرقمي للتراث، وتطوير برامج الإقامات الفنية بين البلدين، وتنمية القطاعات الثقافية.

بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية (الشرق الأوسط)

وكان الأمير بدر بن عبد الله، التقى الوزيرة توشيكو في إطار زيارته الرسمية لليابان، لرعاية وحضور حفل «روائع الأوركسترا السعودية»؛ حيث بحث اللقاء سبل تنمية العلاقات عبر المشروعات الاستراتيجية المشتركة في مختلف المجالات الفنية والثقافية.

وهنّأ وزير الثقافة السعودي، في بداية اللقاء، نظيرته اليابانية بمناسبة توليها منصب وزيرة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتقنية، مشيراً إلى أن مشاركة السعودية بجناحٍ وطني في معرض «إكسبو 2025» في أوساكا تأتي في ظل العلاقات الوطيدة التي تربط بين البلدين، متمنياً لليابان حكومة وشعباً التوفيق في استضافة هذا الحدث الدولي الكبير.

وتطرّق اللقاء إلى أهمية تعزيز التعاون القائم بين هيئة الأدب والنشر والترجمة والجانب الياباني، لتدريب الطلبة السعوديين على فن صناعة القصص المصورة «المانغا».

وتأتي مذكرة التفاهم امتداداً لعلاقات الصداقة المتميزة بين السعودية واليابان، خصوصاً في مجالات الثقافة والفنون عبر مجموعة من البرامج والمشروعات والمبادرات المشتركة. كما تأتي المذكرة ضمن جهود وزارة الثقافة في تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية السعودية 2030».

حضر اللقاءَ حامد فايز نائب وزير الثقافة، وراكان الطوق مساعد وزير الثقافة، وسفير السعودية لدى اليابان الدكتور غازي بن زقر.