ماريلين نعمان: تماهي الممثل مع الكاميرا يولد بالفطرة

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن علاقتها مع بطلة «ع أمل» بمثابة هدية

في 27 مارس تحيي حفلاً غنائياً في باريس (إنستغرام)
في 27 مارس تحيي حفلاً غنائياً في باريس (إنستغرام)
TT

ماريلين نعمان: تماهي الممثل مع الكاميرا يولد بالفطرة

في 27 مارس تحيي حفلاً غنائياً في باريس (إنستغرام)
في 27 مارس تحيي حفلاً غنائياً في باريس (إنستغرام)

وردة تمثيل تفتحت براعمها بسرعة وفاح عطر موهبتها بين باقات زهور كثيرة، هكذا يمكن وصف الممثلة ماريلين نعمان. تمسك المجد من أطرافه فهي عازفة غيتار ومغنية وممثلة ومخرجة. أول أدوارها «ساندريلا» قدمته على مسرح مدرستها وهي لا تزال صغيرة. ومنذ ذلك الحين ركضت وراء حلمها وانكبّت على تحقيقه، فركبت عربة اليقطين الفنية وقادتها بثقة بفضل دراسة جامعية في لبنان، ولتصقلها بدروس في أكاديمية السينما في مدينة بادن فورتنبيرغ الألمانية. شاركت في أفلام قصيرة كثيرة، واحد من إخراجها. وفي فيلم «أرض الوهم» لكارلوس شاهين، جسدت دور ليلى التي ثارت على التقاليد. كما كان لها تجارب درامية في مسلسلات «عالحد» و«الزيارة» و«للموت 3». وبعد نجاح لافت حققته في «ذا فويس» الفرنسي انفتحت الأبواب أمامها.

حالياً تجسد ماريلين نعمان دور فرح في المسلسل الرمضاني «ع أمل»، بشخصية الفتاة الجامعية النابضة بالحياة وموهبة الغناء، وتتبادل مهارتها مع بطلته ماغي بوغصن، التي تؤدي فيه شخصية والدتها.

تسري كيمياء رائعة بينها وبين ماغي بوغصن (إنستغرام)

اختيارها لهذا الدور جاء عن سابق تصميم؛ كون الشخصية التي تلعبها تتطلب من صاحبتها موهبة الغناء إلى جانب التمثيل. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «اتصلت بي الكاتبة نادين جابر تعرض علي الدور، واقتنعت بالفكرة لأن الدور يناسبني تماماً. ففرح تعبّر عن مشاعرها بالموسيقى والأغاني، وهناك نحو 8 أغنيات ستتخلل العمل، تعاونت فيها مع جاد عبيد وبينها (زوجة صالحة) التي كُتبت ولُحنت خصيصاً للمسلسل، وجميعها تُكمل النص وتشكّل حواراً من نوع آخر، لا سيما أنها تواكب تطورات المسلسل».

تعبر ماريلين عن سعادتها الكبيرة كون المسلسل يُعرض في وقت عرض فيلمها السينمائي نفسه «أرض الوهم». «الجميل في الموضوع أن العملين مختلفان جداً وكذلك الشخصيتين اللتين أؤديهما فيهما. ورغم كل التعب الذي أواجهه في عملي فإني أستمتع بكل تجربة أقوم بها. فـ(أرض الوهم) كان بمثابة ورشة عمل علمتني الكثير، وكذلك الأمر بالنسبة لبرنامج المواهب (ذا فويس الفرنسي)».

لا تنكر ماريلين إحساسها بالخوف من كل تجربة فنية تدخلها، وهو أمر طبيعي. فالأضواء لها تأثيرها على من يقف تحتها، و«لكن بما أنني صعدت السلم بتأنٍ، صرت قادرة على استيعاب إيقاع عملي بشكل جيد. ففكري يلازمني باستمرار ومنذ أيام دراستي الجامعية كانت الشهرة تراودني. لم أحبذ الوحدة يوماً، لأنها توجعني ولذلك لحقت بحلمي. هناك خوف ومسؤولية بشكل دائم، ولكنني شغوفة بعملي وأحبه».

معجبة بالحس الموسيقي عند بديع أبو شقرا (إنستغرام)

للتمثيل فلسفته الخاصة بالنسبة لنعمان، فهو يحتاج إلى الاختصاص الأكاديمي، ولكن من دون الموهبة يبقى ناقصاً. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «الانجذاب بين الكاميرا والممثل يأتي بالفطرة، أما الأداء فتلزمه التجارب الأكاديمية والعمل المكثف. وأنا استفدت كثيراً من تجاربي على أرض الواقع. ولدى الممثل أمور كثيرة عليه العمل عليها. فيجب أن يدرك كيف يصرف طاقته ويعد شكله وشخصيته للدور. كما عليه أن يعرف حدوده ويتسلّح بقواعد العمل. فالأخلاقيات عنصر مهم جداً في هذا العالم».

تتطلع ماريلين إلى كل تفصيل يتعلق بالشخصية التي تلعبها. فشخصيتها في «ع أمل» تطلبت منها اللحاق بنبرة صوتها، تقول: «يلعب الصوت دوراً مهماً في التمثيل. وبسبب شخصيتي المجنونة، أبقيت على النبرة السريعة. لقد تعلمت من تجاربي بألا أحضّر ولا أركز على أمر واحد في شخصية أقدمها. أثق أكثر باللاوعي عندي فلا أتخذ قرارات مسبقة تخص هذه الشخصية».

لم تكن تتوقع أن تُختار للعب هذا الدور، وتعلق: «أحببت الشخصية خصوصاً أنها تُشبهني في أوجه فنية. حتى الساعة أحب أدائي ولكن لا شيء يكون مضموناً مع الوقت».

لا تزال عملية تصوير مسلسل «ع أمل» جارية حتى الساعة. وهي تدور بين بيروت وبلدة زغرتا الشمالية. أمّا بالنسبة لشراكتها مع الممثلة ماغي بوغصن فتصفها بالرائعة. «لا يمكنني أن أعبّر عن مدى إعجابي بشخصيتها، وأعدّها بمثابة العلاقة الهدية التي تلقيتها في مشواري. هناك كيمياء لافتة بيني وبينها، وأعتقد أن المشاهد لاحظها وأُعجب بها. أما بديع أبو شقرا فاكتشفت مدى حبه للموسيقى وولعه بها. وفي كل الأحوال أعدّ نفسي محظوظة بالعمل مع فريق من هذا المستوى. ومع الممثل السوري مهيار خضور والباقين مثل ريان حركة وإلسا زغيب ونوال كامل وغيرهم، نؤلف مجموعة متناغمة».

تغنّي وتمثل في مسلسل «ع أمل» (إنستغرام)

تتحدث الممثلة اللبنانية أحياناً مع نفسها، وتشدّ على يدها وتشجع حالها: «أقول لنفسي (برافو)، ولكن عليكِ أن تسيري بروية. لا تستعجلي الأمور وانظري من حولك. فالقطار يسير بسرعة هائلة ولكن الحذر ضرورة».

وعن الأحداث التي تنتظرنا في باقي حلقات العمل تلخصها: «لا أستطيع البوح بالكثير ولكن القصة مكتوبة بشكل يسمح لجميع شخصياتها بأن تبدّل أماكنها. فنادين جابر حبكتها بأسلوبها الذكي والملون بالغموض والمفاجآت».

في 27 مارس (آذار) الحالي، تكمل ماريلين نعمان مشوارها الذي بدأته في فرنسا عبر برنامج «ذا فويس»، فتقف على مسرح «برج إيفل» لتحيي حفلاً غنائياً تقدم فيه مجموعة من أعمالها المغناة. وتختم: «متحمسة جداً للعودة إلى باريس بعد عام من مشاركتي في (ذا فويس). فمشوار الغناء عزيز علي تماماً كما التمثيل والإخراج والتأليف».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
TT

ثلاثة أفلام تسجيلية تمر على أحداث متباعدة

من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)
من «واحد لواحد: جون ويوكو» (مركوري ستديوز)

«ماريا»، الذي سبق وتناولناه هنا قبل يومين، ليس سوى أحد الأفلام المعروضة على شاشة الدورة 81 لمهرجان «ڤينيسيا»، (انطلق في 28 من الشهر الماضي وتسدل ستارته في 7 سبتمبر «أيلول» الحالي)، الذي يتناول حياة شخصيات شهيرة. إذ إن هناك أفلاماً عدّة تتحدّث عن شخصيات حقيقية أخرى بينها ثلاثة أفلام غير درامية.

إنها أفلام وثائقية وتسجيلية عن أسماء مشهورة تتباعد في أزمانها وشخصياتها كما في أدوارها في الحياة. هناك «رايفنشتال» عن المخرجة الألمانية ليني رايفنشتال التي عاشت نحو 101 سنة، و«جون ويوكو» عن حياة المغني جون لينون (من فرقة البيتلز) والمرأة التي ارتبط بها، كذلك يطالعنا فيلم المخرج التسجيلي إيرول موريس «منفصلون» الذي يتناول بعض ما تمر به الولايات المتحدة من أزمات بخصوص المهاجرين القادمين من فنزويلا وكولومبيا ودول لاتينية أخرى.

في هذا النطاق، وبالمقارنة، فإن «ماريا» للمخرج التشيلي بابلو لاراين، يبقى الإنتاج الدرامي الوحيد بين هذه المجموعة متناولاً، كما ذكرنا، الأيام الأخيرة من حياة مغنية الأوبرا.

المخرجة المتّهمة

«رايفنشتال» للألماني أندريس فايَل فيلم مفعم بالتوثيق مستعيناً بصور نادرة ومشاهد من أفلام عدّة للمخرجة التي دار حولها كثير من النقاشات الفنية والسياسية. حققت ليني في حياتها 8 أفلام، أولها سنة 1932 وآخرها «انطباعات تحت الماء» (Impressions Under Water) سنة 2002. لكن شهرتها تحدّدت بفيلميها «انتصار الإرادة» (Triumph of the Will) (1935)، و«أولمبيا» الذي أنجزته في جزأين سنة 1938.

السبب في أن هذين الفيلمين لا يزالان الأشهر بين أعمالها يعود إلى أنهما أُنتجا في عصر النهضة النازية بعدما تبوأ أدولف هتلر رئاسة ألمانيا.

دار «انتصار الإرادة» عن الاستعراض الكبير الذي أقيم في عام 1934 في مدينة نورمبيرغ، الذي ألقى فيه هتلر خطبة نارية أمام حشد وصل تعداده إلى 700 ألف شخص. فيها تحدّث عن ألمانيا جديدة مزدهرة وقوية وعن مستقبل كبير ينتظرها.

الفيلم الثاني من جزأين كان عن الأولمبياد الرياضي الذي أقيم صيف 1936، وحضرته أمم كثيرة بعضها من تلك التي تحالفت لاحقاً ضد الاحتلال الألماني لأوروبا.

شغل المخرجة على الفيلمين فعلٌ فني لا يرقى إليه الشك. تصوّر بثراء كل ما يقع أمامها من الجموع إلى المسيرات العسكرية والرياضية، ومنها إلى هتلر وهو يخطب ويراقب سعيداً الاستعدادات العسكرية التي خاضت لاحقاً تلك الحرب الطاحنة التي خرجت ألمانيا منها خاسرة كلّ شيء.

تبعاً لهذين الفيلمين عدّ الإعلام السياسي الغربي المخرجة رايفنشتال ساهمت في الترويج للنازية. تهمة رفضتها رايفنشتال. وأكدت، في مقطع من الفيلم مأخوذ عن مقابلة مسجّلة، أنها لم تنفّذ ما طُلب منها تنفيذه، ولم تنتمِ إلى الحزب النازي (وهذا صحيح) ولم تكن تعلم، شأن ملايين الألمان، بما يدور في المعتقلات.

ليني رايفنشتال خلال تصوير «أولمبياد» (مهرجان ڤينيسيا)

يستعرض الفيلم حياة المخرجة التي دافع عن أعمالها نُقاد السينما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وإلى اليوم. فيلماها لا يزالان من أفضل ما طُبع على أشرطة في مجال الفيلم الوثائقي إلى اليوم، وذلك عائد إلى اختياراتها من اللقطات والمشاهد وتوثيقها لحدثين مهمّين لا يمكن تصوّر السينما من دون وجودهما بدلالاتهما المختلفة. النتيجة الواضحة إلى اليوم، حتى عبر المقتطفات التي يعرضها الفيلم، تفيد بحرفة متقدّمة وتعامل رائعٍ مع الحدث بأوجهه المتعدّدة.

ينتهج المخرج فايل موقفاً يشيد فيه بالمخرجة ومجمل أفلامها السبعة. لا يفوته الاعتراف بأن رايفنشتال كانت فنانة سينما حقيقية، لكن يوجّه مشاهديه في الوقت نفسه إلى أن هذا الفن لم يكن سوى مظهر دعائي للنازية، وأنها لعبت الدور المباشر في البروباغاندا في الفترة التي سبقت الحرب.

حيال سرد هذا التاريخ يستعين المخرج فايل بمقابلات متعددة أدلت بها (معظمها بعد نهاية الحرب) وواجهت فيها منتقديها كما يعمد المخرج إلى مشاهد من حياتها الخاصة. زواجها. رحلتها إلى السودان خلال اضطرابات عام 2000 حيث تحطمت الطائرة المروحية التي استقلّتها وأصيبت برضوض. رحلتها تلك كانت بصدد التعرّف على البيئة النوبية، وكانت قد حصلت على الجنسية السودانية قبل سنوات (إلى جانب جنسيتها الألمانية وإقامتها البريطانية)، وبذلك كانت أول شخص غربي يُمنح الجنسية السودانية.

لا يأتي الفيلم بجديد فِعليّ لما يسرده ويعرضه. هناك كتب عديدة دارت حولها أهمها، مما قرأ هذا الناقد، «أفلام ليني رايفنشتال» لديفيد هنتون (صدر سنة 2000) و«ليني رايفنشتال: حياة» الذي وضعه يورغن تريمبورن قبل سنة من وفاة المخرجة عام 2003.

هو فيلم كاشف، بيد أنه يتوقف عند كل المحطات التي سبق لمصادر أخرى وفّرتها. محاولة الفيلم لتكون «الكلمة الفصل» ناجحة بوصفها فكرة وأقل من ذلك كحكم لها أو عليها.

جون لينون ويوكو أونو

في الإطار الفني، ولو على مسافة كبيرة في الاهتمام ونوع المعالجة، يأتي (One to One: John & Yoko) «واحد لواحد: جون ويوكو» لكيڤن ماكدونالد، الذي يحيط بحياة الثنائي جون لينون وزوجته يوكو أونو اللذين وقعا في الحب وانتقلا للعيش في حي غرينتش فيلاج في مدينة نيويورك مباشرة بعد انفراط فريق «البيتلز» الذي كان جون لينون أحد أفراده الأربعة.

النقلة إلى ذلك الحي لم تكن اختياراً بلا مرجعية سياسية كون غرينتش فيلاج شهدت حينها حياة ثقافية وفنية وسياسية حافلة تعاملت ضد العنصرية وضد حرب فيتنام، وكانت صوت اليسار الشّعبي الأميركي إلى حين فضيحة «ووترغيت» التي أودت بمنصب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون. يكشف فيلم مكدونالد (الذي سبق وأُخرج قبل أعوام قليلة، فيلماً عن المغني الجامايكي بوب مارلي) عن اهتمام لينون وزوجته بتلك القضايا السياسية. جون الذي باع منزله المرفّه في ضواحي لندن واستقر في شقة من غرفتين في ذلك الحي، ويوكو التي لعبت دوراً فنياً وتثقيفياً في حياته.

لا يكتفي الفيلم بالحديث عن الثنائي معيشياً وعاطفياً بل عن المحيط السياسي العام ما يُعيد لمشاهدين من جيل ذلك الحين بعض الأحداث التي وقعت، ويوجه المشاهدين الذين وُلدوا سنوات صوب تقدير الثنائي، كما لم يفعل فيلم ما من قبل. ليس لأن «واحد لواحد: جون ويوكو» فيلم سياسي، بل هو استعراض منفّذ مونتاجياً بقدر كبير من الإجادة لحياة ثنائيّ موسيقيّ مطروحة على الخلفية المجتمعية المذكورة.

إرث ترمب

نيسكون مضى ومعه قناعاته وبعد عقود حلّ دونالد ترمب ليسير على النهج اليميني نفسه.

يرتسم ذلك في «منفصلون» (Separated) للمخرج المتخصص بالأفلام التسجيلية والوثائقية السياسية إيرول موريس. من بين أفضل أعماله «ضباب الحرب» (The Fog of War)، الذي تناول الحرب العراقية وكيف تضافرت جهود الحكومة الأميركية على تأكيد وجود ما لم يكن موجوداً في حيازة العراق، مثل القدرات النّووية والصواريخ التي يمكن لها أن تطير من العراق وتحط في واشنطن دي سي (وكثيرون صدّقوا).

«منفصلون» لديه موضوع مختلف: إنه عن ذلك القرار الذي اتخذه ترمب خلال فترة رئاسته ببناء سياج على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع تدفق المهاجرين القادمين من الدول اللاتينية بدافع الفقر وانتشار العنف.

كان يمكن تفهّم هذا القرار لو أنه توقف عند هذا الحد، لكن ترمب تلاه بقرار آخر يقضي بفصل الأطفال عن ذويهم الراغبين في دخول البلاد عبر الحدود. بذلك لدى هؤلاء إمّا العودة من حيث أتوا مع أولادهم، أو العودة من دونهم على أساس وجود هيئات ومؤسسات أميركية ستعني بهم.

مثل هذا الموقف، يؤكد الفيلم، غير الأخلاقي، وكان له معارضون ومؤيدون. بعض المعارضين من أعضاء الكونغرس انقلبوا مؤيدين ما بين مؤتمر صحافي وآخر.

محور الفيلم هو رفض هذا الانفصال على أسس أخلاقية وإنسانية والمتهم الأساسي في فرض العمل به هو ترمب الذي لم يكترث، والكلام للفيلم، لفظاعة الفصل بين الآباء والأمهات وأطفالهم. تطلّب الأمر أن يخسر ترمب الانتخابات من قبل أن يلغي بايدن القرار على أساس تلك المبادئ الإنسانية، لكن بذلك تعاود أزمة المهاجرين حضورها من دون حل معروف.

يستخدم المخرج موريس المقابلات لتأييد وجهة نظره المعارضة وأخرى لرفضها، لكنه ليس فيلماً حيادياً في هذا الشأن. مشكلته التي يحسّ بها المُشاهد هي أن الفيلم يتطرّق لموضوع فات أوانه منذ أكثر من عامين، ما يجعله يدور في رحى أحداث ليست آنية ولا مرّ عليه ما يكفي من الزمن لإعادة اكتشافها ولا هي بعيدة بحيث تُكتشف.