انطلاقة المسلسلات المشتركة عادية والإبهار مؤجَّل

الحلقات المقبلة مخوَّلة إثبات عكس الانطباع الأول

الأعمال الثلاثة المشتركة تؤجّل الإبهار
الأعمال الثلاثة المشتركة تؤجّل الإبهار
TT

انطلاقة المسلسلات المشتركة عادية والإبهار مؤجَّل

الأعمال الثلاثة المشتركة تؤجّل الإبهار
الأعمال الثلاثة المشتركة تؤجّل الإبهار

البداية «الصادمة» وتلك «المُبهرة»، افتقدتها تقريباً المسلسلات المشتركة المُنافِسة في رمضان. 3 أعمال لبنانية - سورية انطلقت، بعضُها قلَّ سطوعه وأحداثه عادية. وإنْ كان مسلسل «ع أمل» يُبشّر بحماسة، ويُبقي مجالاً مفتوحاً لانتظاره، فإنّ مسلسلَي «نظرة حب» و«نقطة انتهى»، فاتتهما شرارة البريق الأولى. حتى النصف الثاني من الشهر، موعد عرض مسلسل «2024» من بطولة نادين نجيم مع كارمن لبّس ومحمد الأحمد، تستمرّ المتابعة بانتظار أن تحمل التطوّرات ما يبدّل الانطباع الأول.

«ع أمل»: المغامرة وتبعاتها

ترقّب الجميع جديد ماغي بو غصن بعد وداعها «سحر». أدّت لمواسم دوراً أصبح بعضَها، فعمَّق الفضول حول الدور المقبل. شخصية «يسار» نبيلة، تُبلسم آلام موجوعين، ولديها ما تقوله على مستوى «الرسالة». لكنها لوهلة، وقعت في الوعظ وارتطمت بالطرح «الإنشائي». القضايا في المسلسلات لا ينبغي أن يُغريها الخطاب فتنزلق إلى رتابته. لا بأس باقتصار ذلك على الحلقة الأولى للتعريف بالشخصية ودورها المجتمعي، لكنّ جرَّ الوعظ إلى حلقات مقبلة سينقلب إلى ضدّه. إشكالية العنف الأسري وقتل النساء، في دراما رمضان، «مغامرة». بعضٌ قد يملّ وآخرون قد يتململون. المسلسل «جريء» في الرهان على الواقع المُهمَل.

النُبل وحده، أحياناً لا يكفي. دخول مهيار خضور بشخصية «نبال»، يدفع السياق إلى الأمام. الكاتبة نادين جابر تُشعِّب الخيوط بما يجعلها مُحرِّكة. يمكن انتظار سرّ الجار الجديد غريب الأطوار ونياته المُضمَرة، وسرّ الابنة في الظلّ، المحجوبة عن المجتمع، بجانب أسرار أخرى تقيم في المنازل الفقيرة. نهاية الحلقة الأولى أخرجت المسلسل (إخراج رامي حنا، وإنتاج «إيغل فيلمز») من خطابيته إلى مسرحه الدرامي، بانتظار وضوح المسارات للحكم.

ترقّب الجميع جديد ماغي بو غصن بعد وداعها «سحر» (لقطة من «ع أمل»)

ماغي بو غصن ناجية من العنف، وصاحبة تجربة مُلهِمة تحاكي صلابة النساء. خيار الموضوع الاجتماعي المطروح في البرامج ونشرات الأخبار، «شجاع»، إنما له تبعات أوّلها أنه «معروف». الشطارة في جرِّه من مادّته الإخبارية وما «لا جديد فيه»، إلى ما يثير ويُرغم على انتظاره، وهو ما يبدو أنه يلوح في الأفق، بالتقاء «يسار» بشخصية «سيف» (عمار شلق) وأفراد أسرته المتكّئين على أوجاع تعمّقها الذكورية وما أصبح بالياً من تقاليد وموروثات.

النُبل مقدّر، والجرأة محسوبة. تبنّي قضية النساء المعنّفات، وفاءٌ للضحايا وموقفُ إنصاف. المسلسل يرفض السكوت عن الظلم، فيجعل العدالة أولوية، ويفضّلها على موضوعات قد «تُرضي» المُشاهد، مثل الجريمة والخيانة والحب. مكانته على هذا المستوى محفوظة، بانتظار القيمة الفنية للمعالجة الدرامية.

«نظرة حب»: انطلاقة هادئة

بدايته هادئة بانتظار عواصفه. يحلو ترقّب ما ستقدّمه ثنائية باسل خياط وكارمن بصيبص في مسلسل يجمعهما للمرة الأولى. مرّت حلقتان ولم يَحدُث لقاؤهما. الأول بدور «بحر»، والثانية بشخصية «قمر». كلٌّ من طبقة اجتماعية وخلفية ثقافية. لقاؤهما الآتي سيكون عنوانه العوَض بعد خيبة.

رندة كعدي بشخصية والدة باسل خياط راوية القصص (لقطة من «نظرة حب»)

مسألة الانتخابات اللبنانية في المسلسلات تقريباً مستهلَكة. ثمة دائماً «الزعيم» المشغول بحسابات السياسة وصفقاتها، ومثل هذه الشخصيات قلّما يُغري. بيار داغر في هذا الدور، وتمثيلياً يؤدّيه جيداً. خَلْع خياط شخصية الثري، مُشوِّق ومُنتَظر؛ وبصيبص أيضاً مُنتَظرة لعفوية الأداء الطبيعي. العين على خروجها من مساحتها الآمنة نحو الجديد والمُفاجئ.

باسل خياط وكارمن بصيبص في «نظرة حب»

مقابل عالم المال والنفوذ، يكمن الحيّ الشعبي، حيث يقيم «بحر» ووالدته راوية الحكايات (رندة كعدي). النصّ لرافي وهبي والإخراج لحسام علي (إنتاج إيبلا). يؤدّي ميشال حوراني شخصية الساعي خلف مصالحه. رابط المصاهرة مع عائلة رجل السياسة يكشف وجوهه الخفية. أمام العمل فرصة إثبات حضوره خارج رهانه على تمثُّل الاستفزاز بمشهد رمي الأحذية في حوض السباحة، فقد بدا هشاً. البدايات الهادئة أحياناً ظالمة. وحدها الحلقات المقبلة تُبيّن صواب الانطباع الأول من عدمه.

باسل خياط يعود إلى الحيّ الشعبي (لقطة من «نظرة حب»)

«نقطة انتهى»: إرجاء الجديد

ثغرته الأجواء شبه المنسوخة عن دراما «النار بالنار» في رمضان 2023. اختيار المخرج نفسه، محمد عبد العزيز، لإدارته، تسبّب في تشابُه لا يصبّ في مصلحته. البطولة لعابد فهد الذي من المبكر الحكم على خروجه من «عمران»، شخصيته الجدلية في المسلسل الذي حرّك الرأي العام بالموسم الماضي. ثنائيته مع ندى أبو فرحات مُرتَقبة، أسوة بترقُّب ما قد يجري.

عابد فهد في «نقطة انتهى»

يشير الانطباع الأول إلى أنّ العمل (كتابة فادي حسين وإنتاج «الصبّاح إخوان») يُرجئ جديده. الحلقات المقبلة مُخوَّلة نفي الزعم. فإشكالية «السوري – اللبناني» حاضرة بشكلها المباشر، وإنْ، حتى الآن، بإشارات أقلّ مما قدّمه «النار بالنار». ترسم الصدفة مسار القصة حين تقع الجريمة. الضبابية تولّد الفضول وتتيح انتظار فَهْم الأسباب. حضور عادل كرم في البطولة مشرَّع على جرّ السياق نحو مساره التصاعدي.

أبطال مسلسل «نقطة انتهى» المُرجئ مفاجآته

ارتكاب الصيدلي فارس (فهد) جريمة من غير قصد، يواجهه بمصير خارج حساباته. المفارقة أنّ المقتول أخو زوجته، ما يعيد امتحان العلاقة على مستوى الصدق. إخفاؤه فعلته، بمقابل سعيها إلى كشف الحقيقة، يولّد صراعاً يُرجَّح أن يرفع الأسهم. يبقى أنّ تيم عزيز، ابن المخرج، لم يُجدِّد في دوره القديم حتى الآن. يبدو أنّ «بارود» (شخصيته في «النار بالنار») يسكنه، وهذه هفوة الأب.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الاتصال بين العقل والجسد ثنائي الاتجاه... كيف يساعد العلاج النفسي في الألم المزمن؟

دراسة تظهر تأثير المشاعر والإجهاد على الألم المزمن
دراسة تظهر تأثير المشاعر والإجهاد على الألم المزمن
TT

الاتصال بين العقل والجسد ثنائي الاتجاه... كيف يساعد العلاج النفسي في الألم المزمن؟

دراسة تظهر تأثير المشاعر والإجهاد على الألم المزمن
دراسة تظهر تأثير المشاعر والإجهاد على الألم المزمن

الألم المزمن، هو حالة ذات تأثيرات عاطفية هائلة، وقد تكون قاسية على مَن يعانون منها؛ مما يؤثر في جودة الحياة والمزاج والعلاقات والعمل. وقد تم توثيق آثاره النفسية.

ومع ذلك، في دراسة حديثة أجرتها جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس ومكتب شؤون المحاربين القدامى في الولايات المتحدة ونُشرت في «JAMA Network Open»، تم استكشاف الاتجاه المعاكس، إذ ألقت هذه الدراسة نظرة على تأثير المشاعر والإجهاد على الألم المزمن، وكشفت عن إمكانات رائعة لدور العلاج النفسي في الحد من معاناة الألم المزمن، وفق تقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

وشارك في الدراسة 126 من قدامى المحاربين الأميركيين الذكور، الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و95 عاماً، وقد أبلغوا جميعاً عن 3 أشهر على الأقل من الألم في نظامهم العضلي الهيكلي، وكان نحو ثلثهم يعاني من «اضطراب ما بعد الصدمة».

قام الباحثون بالتحقيق في آثار علاج جديد نسبياً يُعرف باسم الـ«علاج بالوعي العاطفي والتعبير (EAET)»، وقارنوه بـ«العلاج السلوكي المعرفي التقليدي (CBT)»، حيث تم تعيين نصف المشاركين لكل حالة. تم الجمع بين الجلسات الفردية والجماعية على مدى 9 أسابيع لكل مجموعة من المشاركين.

لقد اكتسبت تقنية «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)» أرضيةً واسعةً على مدى السنوات العشر الماضية، وهي تركز بشكل خاص على تجربة الألم. وكما يوحي اسمها، فهي تعتمد على المشاعر أكثر من «العلاج السلوكي المعرفي»، ولا تركز فقط على الإدراك والسلوك، بل تركز أيضاً على الضيق الذاتي الناتج عن التجارب العاطفية السلبية.

وتُعلِّم تقنية «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)» المشاركين عن استجابة الإجهاد وتأثيراته على العقل والجسد، وتشجعهم على تجربة هذه المشاعر بطريقة غير مهددة تساعدهم على فهمها بشكل أكبر، بدلاً من محاولة تجنبها. يتم تشجيع المشاركين على التحدث عن مشاعرهم وتذكرها وتجربتها بشكل كامل، بدلاً من التركيز على إعادة ضبط إدراكهم أو القيام بتمارين الاسترخاء لتقليل قلقهم على الفور.

من بين المحاربين القدامى الذين خضعوا لتقنية «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)»، أفاد 63 في المائة منهم بانخفاض كبير سريرياً في تجربتهم للألم، واستمرَّت هذه النتيجة بعد 6 أشهر من العلاج.

ومن المدهش أن حالة «العلاج بالصدمة النفسية (EAET)» تفوقت على «العلاج السلوكي المعرفي»، حيث أظهر الأخير تأثيراً كبيراً سريرياً في تقليل الألم بنسبة 17 في المائة فقط من المحاربين القدامى.

ووفق التقرير، قد يكون هذا مفاجئاً بعض الشيء، حيث كان يُعتقد عادةً بأن العلاج السلوكي المعرفي هو العلاج النفسي الأمثل للمحاربين القدامى الذين يعانون من آلام مزمنة، وقد تم تبنيه على نطاق واسع لذلك، لكن آثاره بدت دائماً متواضعة نسبياً.

إضافة إلى ذلك، أفاد المحاربون القدامى في حالة «العلاج بالصدمة» أيضاً بفوائد إضافية، كما هو مأمول، من حيث اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب ورضا الحياة.

وكما توضح هذه الدراسات وغيرها، فإن التدخلات النفسية حاسمة في دعم أولئك الذين يعانون من آلام جسدية، وقد تكون العلاجات النفسية المطورة حديثاً أكثر فعالية من العلاج السلوكي المعرفي.

في حين ركزت هذه الدراسة على الرجال الأكبر سناً، فقد أظهرت الأبحاث السابقة حول «العلاج بالصدمة» فوائد في الإناث الأصغر سناً اللاتي يعانين من آلام مزمنة أيضاً؛ مما يمنح الأمل في أداة واسعة النطاق محتملة في ترسانة أولئك الذين يقاتلون هذه الحالة الوحشية على أساس يومي.

ووجدت الدراسة أنه من الواضح أن الاتصال بين العقل والجسد ثنائي الاتجاه.