معالجة مصرية لمسرحية «العادلون» تستدعي القضية الفلسطينية

فاضل القباني قدّم رائعة ألبير كامو بـ«رؤية جديدة»

معالجة مصرية لرائعة الكاتب الفرنسي ألبير كامو (مخرج العرض)
معالجة مصرية لرائعة الكاتب الفرنسي ألبير كامو (مخرج العرض)
TT
20

معالجة مصرية لمسرحية «العادلون» تستدعي القضية الفلسطينية

معالجة مصرية لرائعة الكاتب الفرنسي ألبير كامو (مخرج العرض)
معالجة مصرية لرائعة الكاتب الفرنسي ألبير كامو (مخرج العرض)

قدم فريق عمل مسرحية «العادلون»، التي تُعرض على «مسرح الطليعة» بوسط القاهرة، معالجة مصرية لرائعة الكاتب الفرنسي ألبير كامو، من خلال توظيف العرض المسرحي الذي يبحث عن ماهية العدالة في استدعاء القضية الفلسطينية.

ما هي العدالة؟ وهل يختلف مفهومها من شخص إلى آخر؟ وما الطريقة المثلى لمواجهة الظلم؟ وهل تصلح الاغتيالات السياسية كوسيلة لاسترداد الحقوق المنهوبة؟ وماذا عن الاعتبارات الإنسانية؟

يطرح النص المسرحي هذه التساؤلات عبر حبكة درامية، تنطلق من نشاط منظمة اشتراكية سرّية نشأت في روسيا أثناء العصر القيصري في القرن التاسع عشر، واتخذت من استهداف رموز المجتمع وسيلة لإنهاء الظلم الطبقي والسياسي، وتحقيق العدالة والمساواة بين الجميع.

الحب يتغلب على الانتقام (مخرج العرض)
الحب يتغلب على الانتقام (مخرج العرض)

وفي أحدث معالجة درامية لهذا النص العالمي برؤية جديدة، يحافظ العرض المصري على الخط الرئيسي للحبكة، مع إجراء تعديلات أبرزها تغيير مسرح الأحداث لينتقل من روسيا القيصرية إلى الأراضي الفلسطينية، وتغيير «الثوار الاشتراكيون» ليصبحوا «عناصر مقاومة الاحتلال».

العرض الذي يستمر حتى الثلاثاء، من بطولة وإخراج محمد فاضل قباني، والمعالجة الدرامية لمحمد عبد الرحمن، وديكور وملابس سماح نبيل، وموسيقى محمد خالد، ويشارك في البطولة رامي نادر، وخالد رأفت، وهدير طارق.

في النص الأصلي، يواجه الثوار الباحثون عن العدالة أزمة أخلاقية تتمثل في وجود أطفال يحيطون بالهدف المزمع اغتياله، وينقسمون حول استكمال العملية من عدمه، وينتصر الرأي المتطرف في النهاية.

في المعالجة المصرية يتكرر المأزق، إلا أن الانتصار هنا يكون للقيم الإنسانية، وتبرز صورة الفدائي «العادل» الذي يسعى لاسترداد حقوقه بعيداً عن الاغتيالات أو الاستسلام لشهوة الانتقام من الأبرياء.

سجال سياسي تنتصر فيه المشاعر (مخرج العرض)
سجال سياسي تنتصر فيه المشاعر (مخرج العرض)

وذكر محمد فاضل قباني أنه «رأى العديد من المعالجات لهذا النص العالمي، لكن لم يخطر ببال أحدهم الخروج من روسيا والذهاب إلى فلسطين لطرح رؤية درامية تتميز بالجسارة والحس العروبي والانحياز للمعاني الإنسانية، في قضية نبيلة وعادلة مثل القضية الفلسطينية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الرسالة التي يحملها العرض، وتتمثل في تحقيق العدالة، ينبغي ألا يحدث هذا على حساب القيم الإنسانية».

وعدّ صاحب المعالجة الدرامية محمد عبد الرحمن «نص (العادلون) أو (الأبرار) لألبير كامو واحداً من أكثر النصوص التي قُدمت على خشبة المسرح»، وأرجع ذلك في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى «ما يحمله من أفكار ورؤى عن الحرية والعدالة، وبالتالي هو يحمل قيمة مضافة حالياً في ظل الصراعات التي يعيش فيها العالم».

وأضاف: «نسعى لإبراز صورة الفلسطيني الذي يسعى بكل شرف وبسالة لتحرير وطنه في مواجهة قوى غاشمة ويواجه حرب إبادة»، مشيراً إلى أن «أكثر ما جذبه في النص هو تناوله جوهر الحرية وتحقيق العدالة، وهل هناك مبادئ يستند إليها من يريدون تحقيق الحرية والاستقلال أو أن القوة وحدها هي التي تحكم منطق الثوار الحالمين».

وعن تحفظ البعض على معالجة نصوص عالمية، في حين أن هناك عشرات النصوص المحلية الجيدة ولا تجد من يلتفت إليها، قال عبد الرحمن إن «الفكرة ليست بالتأكيد في هوية النص بقدر ما تكمن في مضمونه، وهذا بالتأكيد لا يمنع أننا نمتلك نصوصاً عربية رائعة وتستحق تسليط الضوء عليها بشكل أكبر».


مقالات ذات صلة

مسرح المرأة... خشبةٌ تصرخ نيابةً عن النساء الصامتات

يوميات الشرق غالبية المسرحيات التي تُنتجها ميشيل فنيانوس تعالج قضايا المرأة وهواجسها (صور فنيانوس)

مسرح المرأة... خشبةٌ تصرخ نيابةً عن النساء الصامتات

في اليوم العالمي للمرأة، لقاء مع ميشيل فنيانوس التي تكرّس نشاطها الإنتاجي للأعمال المسرحية التي تُعنى بشؤون المرأة وحقوقها.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق صورة تذكارية خلال المؤتمر الصحافي (الشركة المنتجة)

مسرحية استعراضية تروي سيرة «كوكب الشرق»

تجربة جديدة يترقبها المسرح المصري بالتحضير لعرض موسيقي ضخم يتناول سيرة «كوكب الشرق» أم كلثوم، ويستعرض مسيرتها بأسلوب ميوزيكال.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تُغيّب سابين السياسة والإيحاء المبتذل عن الكوميديا التي تقدّم (صور الفنانة)

اللبنانية سابين من لوس أنجليس: الكوميديا أبعدُ من ضحكة

تصوَّرت اللبنانية سابين نفسها على مسارح، أو أنّ اسمها سيترك وَقْعاً في شباب العمر. مع ذلك، تخصَّصت في تنظيم الأعراس، ونجحت في اعتمادها مهنتها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق ستحتضن أكاديمية الفنون عروضاً متنوعة في المهرجان (أكاديمية الفنون)

مهرجان «الفضاءات المسرحية» يراهن على اكتشاف المواهب بمصر

يراهن مهرجان «الفضاءات المسرحية» الذي تنظمه «أكاديمية الفنون» المصرية خلال شهر أبريل المقبل على اكتشاف المواهب الشابة

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر فيلم «أن تقرأ لوليتا في طهران»

نينا كافاني تقرأ «لوليتا» في طهران وتشوِّق الفرنسيين لمُشاهدة أشهر كتب آذر نفيسي

تقف نينا على المسرح منفردةً لتروي وقائع طفولتها ومراهقتها في بلد يحكُمه المتشدّدون. كما تحكي مسيرتها في بلد المنفى، ومعنى أن تنتقل من فضاء مُغلق لتصبح فنانة...

«الشرق الأوسط» (باريس)

معرض فني مصري يرصد ملامح مصر في الشخوص والأماكن

وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)
وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)
TT
20

معرض فني مصري يرصد ملامح مصر في الشخوص والأماكن

وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)
وسط البلد وشوارعها ممزوجة بتفاصيل الأحياء الشعبية (الفنان)

في 153 عملاً فنياً، يتناول الفنان التشكيلي المصري، مراد درويش، موضوعات شتى بخامات متنوعة، وإن كانت مكثفة في الفحم والأحبار واستخدام الأبيض والأسود واللون البني، ليحكي عبر لوحاته قصصاً من شوارع مصر، تحمل ملامح البلد في الأماكن والشخوص.

المعرض الذي يعدّ الثالث للفنان، اختار له اسم «رسم واسكتشات»، انطلق 9 مارس (آذار) الحالي، ويستمر لمدة أسبوعين في قاعة العرض بكلية الفنون الجميلة في الزمالك (غرب القاهرة)، وهو المكان الذي رجّحه الفنان للعرض بوصفه أستاذاً بكلية الفنون الجميلة، وتحمل أعمال المعرض طابعاً تعليمياً، وفق قوله.

مجموعة من الوجوه ضمن المعرض (الفنان)
مجموعة من الوجوه ضمن المعرض (الفنان)

تظهر في اللوحات موضوعات شتى بين البورتريه والمناظر الطبيعية والتراثية والشوارع القديمة والآثار الإسلامية، خصوصاً في القاهرة التاريخية وشارع المعز، وشوارع وسط البلد، فيما تضمنت رسومات أو اسكتشات البورتريه وجوهاً مصرية أو غربية.

ويقول درويش لـ«الشرق الأوسط» إن المعرض يتضمن جزءاً مرتبطاً بالتوثيق، سواء توثيق المشاعر أو الذكريات أو الأماكن أو الأحداث، وهو ما يظهر في المناظر التي تتضمنها بعض الأعمال، مضيفاً: «أحياناً في بعض المحاضرات أو الورش الفنية ننزل إلى الشارع، ممكن أن نذهب إلى حديقة الأسماك أو حديقة الأورمان أو الأماكن التراثية في مصر، نرسم الناس والشوارع والسيارات وكل العالم من حولنا، وهذا موثق في اللوحات إلى جانب الربط السريالي في بعض الأعمال حيث أدمج أكثر من مكان في لوحة واحدة، رغم أنه لا علاقة بينها، لكن هذا الربط يمكن أن يصنع بعد ذلك حكاية أو قصة يراها كل متلقٍ بطريقته».

بعض الأعمال تدمج أماكن بعيدة في خط سريالي (الفنان)
بعض الأعمال تدمج أماكن بعيدة في خط سريالي (الفنان)

لا يقيم مراد درويش معارض كثيرة، بحسب قوله: «لست مهتماً بعدد المعارض التي أقيمها، بقدر ما أهتم بأن تكون لديّ تجربة تستحق العرض، بها شيء مختلف، فأحب أن أتعمق أكثر في تجربتي وأكتشف جوانب مختلفة داخل شخصيتي، حتى يجد المتلقي في أعمالي شيئاً مختلفاً عما اعتادوه».

المعرض يضم رسومات واسكتشات، وبعض الأعمال هي امتداد لما يقدمه درويش للطلبة في المحاضرات، فهي عبارة عن دروس، لكن بها جزء إضافي يعمل عليه الفنان حتى يكتمل العمل ويصلح للعرض العام، وفق قوله.

الخامات التي يستخدمها الفنان لا تخرج عن الفحم بنوعيه (النباتي والصناعي) والرصاص والأحبار وأقلام الرصاص وأقلام الباركر والحبر، والموضوعات التي تتضمنها الأعمال هي ما يحتاجه أي طالب للفنون مثل موضوعات الطبيعة الصامتة والبورتريه والمناظر الطبيعية، والألوان تكاد تنحصر في الأبيض والأسود والبني.

المعرض ضم 153 اسكتشاً لمناظر مختلفة وبورتريهات (الفنان)
المعرض ضم 153 اسكتشاً لمناظر مختلفة وبورتريهات (الفنان)

اختار الفنان قاعة العرض داخل الكلية، لأن المعرض إلى حد ما موجه إلى طلبة الفنون الجميلة، كأنه امتداد لدروس الرسم، وبالإضافة إلى الرسومات هناك كتابات، مثل بعض الملحوظات المفيدة للطالب، فيمكن أن يحصل على معلومة نظرية مع التطبيق العملي.

رسالة يريد أن يبعثها الفنان عبر المعرض، مفادها: «كيف يمكن التحكم في المشاعر والأفكار والأعصاب؟ متى يجب أن أعمل بهدوء أو ببطء؟ ومتى يتعين عليّ العمل بسرعة؟ كيف أحافظ على تدفق الأفكار في عقلي وأعكسها على اللوحة بالطريقة الملائمة؟ متى يكون الانفعال؟ ومتى يكون التركيز؟ متى يكون العمل مقصوداً ومرتباً له؟ ومتى يكون عفوياً، والعلاقة بين القصدية والعفوية في اللوحة الواحدة التي يمكن أن تبدأ بقصدية، ثم تنتهي عفوية؟».

جانب من معرض رسم واسكتشات (الفنان)
جانب من معرض رسم واسكتشات (الفنان)

إلى جانب اللوحات، حرص الفنان على عرض فيديو ضمن المعرض يصوره أثناء الرسم، ويرى أن ذلك يمنح الطلبة فرصة لمراقبة طريقته في العمل، متى يتوقف عن العمل، طريقة الإمساك بالأدوات، ومتى يبتعد الفنان عن العمل ليتأمله، ومتى يتابع العمل، كل هذا مهم بالنسبة لطلبة الفنون.

يسجّل المعرض حالة فنية خاصة بعدد كبير من الاسكتشات التي ترصد ملامح الشوارع والبيوت والآثار والناس في مصر، ويحمل جماليات عدة خارجة من الموضوعات التي اختارها الفنان لاسكتشاته.