نينا كافاني تقرأ «لوليتا» في طهران وتشوِّق الفرنسيين لمُشاهدة أشهر كتب آذر نفيسي

المسرح أصبح بيت الممثلة الإيرانية وأرضها المستعارة حيث الأمان

بوستر فيلم «أن تقرأ لوليتا في طهران»
بوستر فيلم «أن تقرأ لوليتا في طهران»
TT
20

نينا كافاني تقرأ «لوليتا» في طهران وتشوِّق الفرنسيين لمُشاهدة أشهر كتب آذر نفيسي

بوستر فيلم «أن تقرأ لوليتا في طهران»
بوستر فيلم «أن تقرأ لوليتا في طهران»

بعد عرضها المسرحي اللافت، «أنا مختلة»، تعاقدت نينا كافاني مع منشورات «دوفوبور» لإصدار نصّ العرض بالفرنسية. كما تنتظر الممثلة الإيرانية المقيمة في باريس منذ 15 عاماً بدء العروض الفرنسية لفيلم «أن تقرأ لوليتا في طهران» الذي تتقاسم بطولته مع غولشفته فرحاني وزار أمير. والفيلم مأخوذ عن رواية شهيرة بالعنوان عينه للكاتبة الإيرانية آذر نفيسي، نُشرت عام 2003، وحقّقت رواجاً عالمياً إذ تُرجمت إلى 32 لغة.

بدأت الممثلة جولة في عدد من المدن الأوروبية لتقديم «أنا مختلة». وفي هذا العرض، تقف نينا على المسرح منفردةً لتروي وقائع طفولتها ومراهقتها في بلد يحكُمه المتشدّدون. كما تحكي مسيرتها في بلد المنفى، ومعنى أن تنتقل من فضاء مُغلق لتصبح فنانة في فرنسا. وفي أحاديثها للصحافة، قالت نينا: «نشأت في بلد تعلّمتُ فيه ألا أبوح بكل شيء لأنّ ذلك خطير». وفي هذا العرض المنفرد، لا تكتفي الممثلة بالبوح، وإنما تملأ المسرح حركةً، وتبذل جهداً جسمانياً تشعر بعده «كأنها تمخَّضت وولدت»، وفق قولها.

باشرت كافاني كتابة النصّ خلال دراستها في كونسرفاتوار باريس على يد المخرج البولوني كريستيان لوبا، الذي نصحها بتحويل خواطرها إلى مسرحية. كانت تلك إشارة تلقّفتها الممثلة ذات العينين باهرتَي الزرقة، فلما أُتيحت لها فرصة الإقامة في بيت للفنانين في مرسيليا، قرّرت استكمال الكتابة، خصوصاً أنّ المدينة البحرية مسوَّرة بجبال تُشبه ما كانت تراه في طهران. وهي اختارت للعرض عنواناً مأخوذاً من نص للمؤلّف والمغنّي البريطاني ديفيد بويي، الذي تكنُّ له إعجاباً. لقد استمعت إلى الأغنية للمرة الأولى في فيلم «لوست هايواي» لديفيد لينش، وترجمت كلماتها ووجدتها تعبّر عن حالتها. تقول إنّ ثمة أشخاصاً يثيرون القلق سواء في بلدهم الأصلي أو في المنفى. وهي منهم.

الممثلة الإيرانية المقيمة في باريس نينا كافاني (تصوير: توما لافيل)
الممثلة الإيرانية المقيمة في باريس نينا كافاني (تصوير: توما لافيل)

في فرنسا، صارت خشبة المسرح بيت نينا كافاني، وأرضها المستعارة، والمكان الذي يشعرها بالأمان ويسمح لها بإخراج كل ما يختزن في داخلها. وهي تعترف بأنّ ثمة فارقاً بين شخصيتها العمومية في الحياة وما ينبع منها على الخشبة، حيث تنبض روحها. عموماً، فإنها قد عرضت حياتها على المسرح بما فيه الكفاية، حدّ أنها صارت تسأم من أسئلة الصحافيين عن أصلها وفصلها ونشأتها في إيران.

تقول إنها لا تريد اختصارها بتلك التفاصيل، وقد جاءت إلى فرنسا لتصبح فنانة وتحقّق حلماً قديماً وتتمنّى لو تُسأل عن عملها بكونها فنانة لا ناشطة سياسية. ويبدو أنَّ الهروب من الأسئلة ليس صفةً دائمة لأنها حين ترتاح إلى شخص ما تمضي في الكلام ولا تتوقف، من دون أن يفوتها الحديث عن عمِّها المُسنّ الذي تعتني به.

قُدِّم فيلمها «أن تقرأ لوليتا في طهران» في عدد من المهرجانات، وهو إنتاج فرنسي مشترك للمخرج الإسرائيلي إران ركليس المعروف بميله للقصص التي تتناول إشكاليات الشرق الأوسط. والرواية تتناول ما عاشته أستاذة جامعية للأدب الفرنسي حين قرَّرت أن تقرأ مع طلابها رواية «لوليتا» لنابوكوف، رغم حساسية موضوعها عن رجل يميل إلى مُراهِقة. ورغم أنّ الممثلة لم تنتهِ من التنقّل بين القطارات لمواصلة جولتها المسرحية، فإنها لا تخفي تحضيرها لعرض مسرحي جديد من المنتظر تقديمه في الخريف المقبل على مسرح «بوف دو نور» في باريس.


مقالات ذات صلة

«سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

ثقافة وفنون «سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

«سيرة الفيض العبثية»... الرواية بوصفها تأريخاً اجتماعياً

في روايته الأحدث «سيرة الفيض العبثية»، الصادرة عن دار «الفرجاني» في القاهرة، يسعى الروائي الليبي صالح السنوسي لتأريخ مرحلة تاريخية ممتدة في سيرة منطقة «الفيض»

عمر شهريار
ثقافة وفنون رواية عن الزنازين السورية

رواية عن الزنازين السورية

في عمله الروائي الجديد «جدران تنزف ضوءاً»، ينقل الكاتب السوري الكردي ماهر حسن القارئ إلى قلب الزنازين السورية، حيث يتحول المكان الضيق إلى عالم متكامل

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ غلاف كتاب «كيرلس بيبول» Careless People (أناس مهمِلون) لسارة وين وليامز (أ.ب)

كتاب مثير للجدل لموظفة سابقة في «ميتا» يتصدر المبيعات في أميركا

تصدّر كتاب لموظفة سابقة في شركة «ميتا» يتناول بطريقة سلبية عدداً كبيراً من المسؤولين في المجموعة الأميركية بينهم مارك زوكربيرغ ، المبيعات في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
كتب  راي كيرزويل

آلاتٌ ذكية قد تنقذنا من غبائنا البشري

يبدو الذكاء الاصطناعي لمعظمنا لعبة فاوستية معاصرة مؤذِنة بانتهاء عصر الإنسان العاقل.

لطفية الدليمي
كتب قراءة جديدة في الثورة الجزائرية

قراءة جديدة في الثورة الجزائرية

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب «دراسات في ثورة التحرير الجزائرية» (1954 - 1962).

«الشرق الأوسط» (بيروت)

آخر شمبانزي في الأَسر بكولومبيا يبدأ حياة جديدة

النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)
النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)
TT
20

آخر شمبانزي في الأَسر بكولومبيا يبدأ حياة جديدة

النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)
النهاية بداية جديدة (إ.ب.أ)

بعدما عاش بمفرده لعامين، نُقل «يوكو»، آخر شمبانزي يعيش في الأَسر بكولومبيا، عبر طائرة إلى البرازيل؛ حيث سيلتقي قردة أخرى من نوعه في محمية للرئيسيات.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، نُقل «يوكو» (38 عاماً)، الذي يزن 60 كيلوغراماً، ولم يبقَ في شدقه سوى بعض الأسنان بسبب سوء الرعاية التي تلقاها بعد شرائه من السوق السوداء، إلى سوروكابا في ولاية ساو باولو البرازيلية؛ وهي أكبر محمية للرئيسيات الكبيرة في أميركا اللاتينية، وتضمّ 250 حيواناً.

يتصرَّف مثل طفل وهو ما ينبغي ألا يكون عليه الوضع (رويترز)
يتصرَّف مثل طفل وهو ما ينبغي ألا يكون عليه الوضع (رويترز)

وأُطلق على عملية نقله تسمية «عملية سفينة نوح»، وجرت برفقة طبيب بيطري عبَّر عن قلقه بشأن الاندماج المستقبلي للقرد.

ولم يرَ «يوكو» المحبّ للسكاكر، والذي أعدّ رسوماً ملوّنة بأقلام تلوين على ورق وقماش، أي قرد من نوعه منذ نحو عامين. وكانت الشرطة قد صادرت هذا الشمبانزي عام 2017، بعدما حصل عليه أحد تجّار المخدرات بشكل غير قانوني، ووضعته في حديقة حيوانات أوكوماري في بيريرا وسط غرب كولومبيا.

وعام 2023، هرب آخر حيوانَي شمبانزي كانا لا يزالان يعيشان في الأَسر بكولومبيا، وهما الأنثى «تشيتا» والذكر «بانشو»، من حديقة حيوانات أوكوماري، وقُتلا على يد قوات الأمن بسبب الخطر الذي كانا يُشكّلانه على المجتمعات المجاورة. وقد أثارت هذه الحادثة احتجاجات ناشطين في حقوق الحيوان.

الانتقال إلى حيث تكون الحياة أفضل (أ.ف.ب)
الانتقال إلى حيث تكون الحياة أفضل (أ.ف.ب)

وكان «يوكو» الذي جرت تربيته والتعامل معه مثل إنسان، والمُعتاد على مشاهدة التلفزيون، يجد صعوبة في التواصل مع قرود شمبانزي أخرى، وفق مربّيه. ومع ذلك، كانت لديه علاقة وثيقة مع «تشيتا»، لدرجة أنه فقد علاقته بجنسه بعد وفاتها؛ علماً بأنّ قردة الشمبانزي تُعدُّ من الأنواع «المهدَّدة بالانقراض»، بتصنيف الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.

وقرّرت السلطات نقل «يوكو» إلى سوروكابا في البرازيل. ويأمل حراسه بأنْ يلقى قبولاً من الرئيسيات الأخرى، وأن يكون قادراً على التفاعل معها.

يقول طبيبه البيطري خافيير غيريرو: «إنه شمبانزي يُشبه البشر كثيراً في تصرفاته، ودرجة تدجينه عالية جداً. يتصرَّف مثل طفل، وهو ما ينبغي ألا يكون عليه الوضع، إذ عليه التصرّف مثل الشمبانزي».

واستحوذت المافيا الكولومبية على مختلف أنواع الحيوانات الغريبة، إما لاستخدامها على أنها حيوانات أليفة، وإما للمحافظة على حدائق الحيوانات الخاصة بها.

حُرم «يوكو» من فرصة أن يكون شمبانزي ويكبر مع عائلته (أ.ف.ب)
حُرم «يوكو» من فرصة أن يكون شمبانزي ويكبر مع عائلته (أ.ف.ب)

يحبّ «يوكو» المحروم من موئله الطبيعي، الدجاج والفاكهة الحلوة مثل الموز والمانغو والعنب. وبسبب منحه وجبات غير صحّية تسبَّبت له في مشكلات بالأسنان، لم يبقَ في فمه سوى 4 أسنان.

عُلِّم التدخين وأُلبِس قطعاً فاخرة ما تسبَّب له بمشكلات جلدية، وأفقده قسماً من فروه.

في البرّية، يعيش هذا النوع الذي يعود أصله إلى أفريقيا ما بين 40 و45 عاماً، ويمكن أن يصل إلى 60 عاماً في حال تلقّى الحيوان رعاية احترافية. ونظراً إلى عدم تواصله مع قرود شمبانزي أخرى في سنواته الأولى، طوّر «يوكو» سلوكيات وطرق تواصل مختلفة.

«يوكو» المحروم من موئله الطبيعي (رويترز)
«يوكو» المحروم من موئله الطبيعي (رويترز)

بدورها، تقول المساعدة البيطرية أليخاندرا مارين إنّ «يوكو» حُرم من فرصة أن يكون شمبانزي ويكبر مع عائلته.

ويغلق نقل الشمبانزي إلى سوروكابا، حيث يعيش أكثر من 40 من هذه الحيوانات، الفصل المؤلم من رحيل القردَيْن «تشيتا» و«بانشو». تذكُر سيلفانا رودريغيز، وهي طبيبة ودَّعت مثل مئات الزوار، القرد «يوكو»، السبت، خلف نافذة في متنزه أوكوماري البيولوجي: «بالنسبة إليَّ، أحدث الأمر شعوراً بالألم الرهيب لدرجة أنني أبكي».

ووفق منظّمة «مشروع القردة العليا» غير الحكومية الدولية، فإنّ كولومبيا تصبح بذلك أول دولة في العالم تتوقّف طواعية عن الاحتفاظ بأيٍّ من الرئيسيات الكبرى في الأَسر.

وتقول عضوة مجلس الشيوخ عن «حزب الخضر»، أندريا باديا، التي أسهمت في تسهيل إجراءات نقل القرد: «لرحيل (يوكو) رمزية عميقة. لا يوجد أي نوع من هذه الأنواع متوطّن، وليس لها مكان في البلاد».

ولا تزال تتعيَّن معرفة فرص نجاح دمج «يوكو» في البرازيل. ويأمل عالِم الأحياء الذي ينسّق رعاية الحيوان في «بيوبارك أوكوماري»، سيزار غوميز، أن يجد القرد «يوكو» في سوروكابا حيوانات شمبانزي تتوافق معه سلوكياً.

ويقول: «(يوكو) فرد وليس شمبانزي بالمعنى الدقيق. إنه حيوان يتماهى أكثر بكثير مع البشر»، مضيفاً: «على سبيل المثال، الابتسامة علامة إيجابية بالنسبة إلينا، ولكن بالنسبة إلى الشمبانزي علامة سلبية، و(يوكو) لا يفهم هذا النوع من إشارات التواصل».