هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

هل فريق ترمب منقسم بشأن إيران؟

ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)
ترمب يؤدي التحية عند نزوله من الطائرة الرئاسية «مارين ون» في نيوجيرسي السبت الماضي (أ.ف.ب)

في غضون أيام قليلة، مدَّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يده لإيران، لكنه في الوقت نفسه حذَّر طهران من أنها تتحمل مسؤولية أية هجمات يشنها الحوثيون في اليمن. وبينما شددت إدارته على ضرورة وقف البرنامج النووي الإيراني، أبدت أيضاً بعض المرونة.

لطالما اعتمد ترمب على التهديد بالقوة بوصفه أداة تفاوضية، لكن بالنسبة لإيران، يرى بعض المراقبين أن نهجه يعكس رسائل متضاربة أكثر من كونه استراتيجية واضحة، ما يعكس حالة من الجدل داخل إدارته حول كيفية التعامل مع خصم تاريخي للولايات المتحدة منذ ما يقرب من نصف قرن.

وقال دبلوماسي غربي، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «هناك تناقضات كبيرة داخل إدارة ترمب بشأن إيران، وفي النهاية، لا بد أن تصل هذه التناقضات إلى ذروتها»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

والتز وويتكوف يتحدثان للصحافيين خارج البيت الأبيض في 4 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

في 7 مارس (آذار)، أعلن ترمب أنه بعث برسالة إلى المرشد علي خامنئي، يقترح فيها محادثات بشأن البرنامج النووي المثير للجدل، لكنه في الوقت ذاته حذَّر من إمكانية اللجوء إلى العمل العسكري في حال رفضت إيران، وهو تهديد كررته إسرائيل أيضاً.

كان ترمب قد انسحب في ولايته الأولى من الاتفاق النووي لعام 2015، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما، وعاد إلى البيت الأبيض متعهّداً بإعادة استراتيجية «الضغوط القصوى» من خلال العقوبات. لكنه أشار علناً إلى أن هذا النهج جاء تحت ضغط من مستشاريه المتشددين.

من جهته، أشار ستيف ويتكوف، صديق ترمب الذي أصبح مبعوثه العالمي، إلى احتمال التوصل إلى حل وسط مع إيران. ففي مقابلة حديثة مع المعلق المحافظ تاكر كارلسون، تحدَّث ويتكوف عن إمكانية تبنّي «آلية للتحقق»، يضمن عدم سعي إيران لامتلاك سلاح نووي؛ وهو نهج يتوافق مع اتفاق أوباما الذي حظي بدعم الحلفاء الأوروبيين.

لكن مستشار الأمن القومي لترمب، مايك والتز، سارع إلى تأكيد أن الهدف الأساسي لا يزال يتمثل في «التفكيك الكامل» للبرنامج النووي الإيراني.

ورغم أن ترمب هو صاحب القرار النهائي، فإنه لم يظهر تركيزاً واضحاً على الملف الإيراني، في حين أن ويتكوف منشغل أيضاً بالمفاوضات المتعلقة بغزة وأوكرانيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الثلاثاء، إنه «لم نردّ بعد على رسالة رئيس الولايات المتحدة، والردّ قيد الإعداد، وسيتم تقديمه قريباً بالطريقة المناسبة».

وأشار عراقجي مرة أخرى إلى موقف طهران الرافض للتفاوض المباشر، في ظل استراتيجية «الضغوط القصوى والظروف الحالية التي تشهد تهديدات عسكرية وزيادة العقوبات الاقتصادية من واشنطن».

وحذَّر علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني، الولايات المتحدة من التفكير في السيناريو العسكري، قائلاً: «إذا كانت تهديدات ترمب جدية، فهو يُغامر بحياة الجنود الأميركيين». ونقلت مواقع إيرانية عن لاريجاني قوله في مقابلة صحافية: «إذا التزم ترمب بالسلام بدلاً من لغته الحالية، وأحدث تغييراً في سلوك الولايات المتحدة، فبإمكانه فتح مسار جديد مع إيران»، لكنه أضاف أن «سلوك ترمب متناقض».

ويواجه خامنئي تحدياً كبيراً في قبول التفاوض مع ترمب، خاصة في ظل تاريخه الحافل بالإجراءات العدائية تجاه طهران، بما في ذلك إصداره أمراً بتوجيه ضربة قضت على مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني عام 2020.

لكن ألكس فاتانكا، الباحث في معهد الشرق الأوسط، عبَّر عن نظرة أكثر تفاؤلاً، مشيراً إلى أن إيران قد تسعى إلى إبرام صفقة تتماشى مع أسلوب ترمب التفاوضي، مثل تقديم تنازلات اقتصادية، كشراء منتجات أميركية بعد سنوات من العقوبات.

وأضاف: «إذا تصرَّفت إيران بذكاء فقد تستغل هذه الفرصة لتُبرم صفقة جديدة، إذ لدينا رئيس أميركي لا يبدو منخرطاً بعمق في التفاصيل، بل يسعى فقط لتحقيق إنجاز سياسي يفوق ما أنجزه أوباما في 2015».

ترمب يرد على أسئلة الصحافيين خلال اجتماع في البيت الأبيض أمس الثلاثاء (إ.ب.أ)

يأتي عرض ترمب في وقت صعب بالنسبة للجمهورية الإسلامية، إذ تعرضت انتكاسات لنفوذها الإقليمي وسخط داخلي كبير بسبب الاقتصاد.

ويؤكد المحللون أن طهران مضطرة للتفاوض مع ترمب، خصوصاً بعد تراجع «محور المقاومة»؛ نتيجة تفكك حلفائها، وسقوط الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الإقليمي الرئيسي لإيران، وضربات استهدفت «حزب الله» اللبناني.

ويرى ترمب أن تراجع القوة العسكرية الإيرانية جعلها في موقع دفاعي ضعيف؛ ما يزيد من احتمال لجوئها إلى طاولة المفاوضات، بدلاً من التصعيد العسكري.

في الأيام الأخيرة، كثّف ترمب ضرباته العسكرية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذين استهدفوا سفناً في البحر الأسود بحجة التضامن مع الفلسطينيين.

وقال ترمب إنه سيُحمل إيران مسؤولية أي هجمات تنفذها جماعة الحوثي.

وفي الأفق، يظل خيار العمل العسكري الإسرائيلي قائماً، خصوصاً بعد أن استهدفت إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية بضربات مكثفة العام الماضي.

وحذَّرت أجهزة الاستخبارات الأميركية من أن إسرائيل تدرس تنفيذ ضربات كبيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال النصف الأول من العام الحالي، مستغلّة حالة الضعف التي تمر بها إيران.

وقال بهنام بن طالبلو، الباحث في مؤسسة «الدفاع عن الديمقراطيات»، إن «التهديد العسكري الأميركي والإسرائيلي الجاد ضروري» لإجبار طهران على تقديم تنازلات حقيقية.

وأضاف: «هناك إدراك متزايد داخل الإدارة بأن طهران تُحاول كسب الوقت بالمناورات الدبلوماسية؛ لذا يجب فرض معايير صارمة إذا كان من المقرر أن يكون الحل الدبلوماسي مطروحاً بجدية».


مقالات ذات صلة

إيران: اتفقنا مع «الذرية الدولية» على تفعيل آليات الضمانات

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من مباحثات كمالوندي ووفد «الذرية الدولية» في طهران اليوم

إيران: اتفقنا مع «الذرية الدولية» على تفعيل آليات الضمانات

أعلنت المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية عن توصلها إلى تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على متابعة الآليات المتعلقة بالقضايا العالقة بين الطرفين.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
تحليل إخباري الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان في لقاء سابق بالقاهرة ديسمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

تحليل إخباري اتصالات عقب كل جولة... ماذا تنتظر مصر من مفاوضات أميركا وإيران؟

تحرص القاهرة على إجراء اتصالات مع أطراف المفاوضات الأميركية - الإيرانية الجارية برعاية عمانية عقب كل جولة تفاوض، فماذا تستهدف مصر؟

هشام المياني (القاهرة)
شؤون إقليمية علييف وبزشكيان يتحدثان خلال مؤتمر صحافي مشترك في باكو (الرئاسة الإيرانية)

«خطة استراتيجية» لتعميق التعاون بين أذربيجان وإيران

اتفق الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ونظيره الأذربيجاني إلهام علييف على وضع خطة استراتيجية شاملة، لتعزيز التعاون الثنائي، بعد سنوات من التوترات بين البلدين.

شؤون إقليمية المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي خلال مؤتمر صحافي اليوم (موقع الحكومة)

إيران تستبعد عقد لقاء على مستوى أعلى من مفاوضات عراقجي - ويتكوف

استبعدتْ طهران حدوث لقاء على مستوى أعلى من المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية مروحية إيرانية تساعد في مكافحة الحريق الذي شبّ بميناء «رجائي» بإيران (إ.ب.أ) play-circle 00:35

إيران: «الإهمال» وراء انفجار «ميناء رجائي»

أعلن وزير الداخلية الإيراني إسكندر مؤمني، الاثنين، أن الانفجار الذي وقع يوم السبت في أكبر ميناء تجاري في البلاد سببه «الإهمال» وعدم احترام الإجراءات الأمنية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

رئيس «الشاباك» الإسرائيلي يعلن اعتزامه الاستقالة في يونيو

رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)
رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)
TT

رئيس «الشاباك» الإسرائيلي يعلن اعتزامه الاستقالة في يونيو

رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)
رونين بار رئيس جهاز الشاباك يشارك في مراسم إحياء ذكرى الجنود الذين سقطوا في حروب إسرائيل وضحايا الهجمات في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل بالقدس 13 مايو 2024 (رويترز)

أعلن رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار أنه سيستقيل في يونيو (حزيران) بسبب فشل جهازه في التحذير من هجمات «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتأتي خطوة إعلان الاستقالة بمثابة تهدئة للتصعيد في صراع رئيس الجهاز مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

أعلن رونين بار، استقالته مساء الاثنين، قائلاً إنه سيتنحى رسمياً عن منصبه في 15 يونيو. وكان نتنياهو قد أقدم على إقالة بار الشهر الماضي بسبب ما وصفه بأزمة ثقة تحيط بهجمات «حماس»، وقد أثارت خطوة نتنياهو ضجة في إسرائيل.

ويتولى «الشاباك» التعامل مع التحقيقات المرتبطة بمكافحة الإرهاب، وصار محور معركة سياسية متصاعدة بين حكومة نتنياهو الائتلافية اليمينية ومجموعة من منتقديها من أعضاء بالمؤسسة الأمنية وصولاً إلى أسر الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال نتنياهو في 16 مارس (آذار) إنه فقد الثقة في بار منذ فترة طويلة، وإن الثقة في رئيس جهاز الأمن العام، الذي تشمل مهامه مكافحة الإرهاب وتأمين المسؤولين الحكوميين، تشتد في أوقات الحرب.
وأوقفت المحكمة العليا في وقت لاحق مؤقتاً مساعي الحكومة لإقالة بار الذي زعم أن نتنياهو أراد إقالته بعد رفضه تلبية طلبات شملت التجسس على المتظاهرين الإسرائيليين وتعطيل محاكمة رئيس الوزراء بتهم الفساد.
ورداً على هذه الاتهامات، اتهم نتنياهو بار بالكذب.