أكدت دراسة حديثة أن الوحدة التي يعاني منها كبار السن في مجتمعنا في كثير من الأحيان لها تأثير سلبي على صحتهم البدنية. وأوضح باحثون من هولندا وبريطانيا خلال دراسة نشرت نتائجها، الخميس، في دورية «لانسيت هيلثي لونجيفيتي»، أن «الوحدة والعزلة الاجتماعية تجعلان كبار السن أكثر عرضة للضعف الجسدي؛ ما يزيد خطر إصابتهم بالأمراض ومنها الاكتئاب».
وتعد الوحدة والعزلة الاجتماعية لدى كبار السن من المخاطر المؤثرة على الصحة العامة، لدى عدد كبير من الأشخاص، وتعرضانهم لخطر الإصابة بالخرف وغيره من الحالات الطبية الخطيرة، وفق المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
وفي الآونة الأخيرة، هناك مزيد من الاهتمام بالآثار الضارة المحتملة للوحدة والعزلة الاجتماعية على صحة كبار السن.
وخلال الدراسة الجديدة، أراد الباحثون معرفة إلى أي مدى وصلت هذه الآثار الضارة، وما مدى تأثيرها على صحة المسنين. وقام الباحثون من جامعة أمستردام وجامعة غلاسكو بتحليل بيانات أكثر من 130 دراسة أجريت في هذا الشأن. ووجدوا أن الوحدة أدت إلى زيادة في الضعف الجسدي، ما زاد بدوره من خطر النتائج الصحية الضارة؛ مثل الاكتئاب والسقوط والتدهور المعرفي.
وكانت أبحاث سابقة، أشارت إلى أن الضعف الجسدي يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الاتصال الاجتماعي؛ ما يجعل الأشخاص أكثر عُزلة، لأنهم يصبحون أقل قدرة على الحركة. لكن الدراسة الجديدة، كشفت عن أن هذه العلاقة يمكن أن تكون عكسية أيضاً؛ إذ يمكن لانخفاض الاتصال الاجتماعي، أن يؤدي إلى الضعف الجسدي.
من جانبه، قال الباحث المشارك في الدراسة من جامعة أمستردام، إيميل هوجنديجك: «نحن نعلم أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أو الذين يفتقرون إلى الاتصالات الاجتماعية الفاعلة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والأمراض المزمنة المختلفة، لأن هذه الحالة يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على جهاز المناعة». وأضاف: «لكن الدراسة أثبتت أن الوحدة يمكن أن يكون لها أيضاً تأثير غير مباشر على الصحة، على سبيل المثال من خلال اتباع نمط حياة غير صحي، ولذلك نريد إجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الأمر في الفترة المقبلة».
ووفق الباحثين، غالباً ما يحدث ضعف الأداء الاجتماعي والجسدي في الوقت نفسه، ويضطر كبار السن الضعفاء جسدياً إلى التعامل مع انخفاض الأداء الاجتماعي والعقلي معاً، ما يزيد من صعوبة وضعهم الصحي. وخلص الفريق إلى أن الوحدة ليست مشكلة سهلة الحل، لكن هناك المزيد من المعرفة المتاحة حول التدخلات الفعالة الممكنة، بما في ذلك الأنشطة التي تدعم كبار السن لزيادة قدراتهم الاجتماعية.