العُلا تعزز التعاون والابتكار في معالجة التحديات الثقافية عالمياً

قمة «مستقبل الثقافة» شهدت تبادل آراء قادة الفكر والمبدعين في طبيعة خلابة

شكلت القمة منصة عالمية للنقاش وتبادل الآراء (الشرق الأوسط)
شكلت القمة منصة عالمية للنقاش وتبادل الآراء (الشرق الأوسط)
TT

العُلا تعزز التعاون والابتكار في معالجة التحديات الثقافية عالمياً

شكلت القمة منصة عالمية للنقاش وتبادل الآراء (الشرق الأوسط)
شكلت القمة منصة عالمية للنقاش وتبادل الآراء (الشرق الأوسط)

أبحرت «قمة العلا لمستقبل الثقافة» مع نخبة من العقول الثقافية العالمية في رحلة عبر الطبيعة، معزّزة التعاون والابتكار والإبداع في معالجة التّحديات التي تواجه القطاع الثقافي، وملهمة الأجيال القادمة برؤية إبداعية للتغيير الإيجابي والتقدّم المجتمعي.

وفي واحة «ديمومة»، حيث يلتقي الفن المعاصر والتراث بشكل متناغم في مساحة ساحرة من الطبيعة الخلابة تحفها أشجار النخيل وبيوت الطين وعيون المياه العذبة، حضر أكثر من 150 قائداً ثقافياً في حوار إبداعي تناول الفن والتصميم والسياسة الثقافية والموسيقى والفنون المسرحية.

راكان الطوق مساعد وزير الثقافة السعودي في جلسة حوارية (الشرق الأوسط)

وشكّلت القمة منصةً عالميةً للنقاش وتبادل الآراء بين الفنانين، وقادة الفكر، والمبدعين من جميع أنحاء العالم على مدار 3 أيام؛ لاستكشاف الابتكار والتجدد في الثقافة، والأسس الإبداعية التي تلقي نظرة على الإبداع العالمي، وحصاد الأثر عبر مناقشة كيفية تمكين المجتمعات لاستكشاف الإنتاج الثقافي العالمي وتأثيره في الثقافة المحلية.

وشهدت القمة، التي استضافتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالشراكة مع وزارة الثقافة السعودية، واختُتمت الثلاثاء، موضوعات متنوعة صُمّمت لتكون مصدر إلهام، وتثقيف، وتعزيز للإبداع عبر برنامج شامل ضمّ حلقات للنقاش، وعروضاً تفاعلية، وورش عمل، وتجارب مبتكرة.

وأكد راكان الطوق، مساعد وزير الثقافة السعودي في الكلمة الرئيسية للقمة، أن المشاركين من رواد عالميين وصناع التغيير من مختلف أنحاء المجال الثقافي، يتشاركون الإيمان بقدرة الثقافة والفنون على تنمية المجتمعات وتطويرها.

نورا الدبل المديرة التنفيذية للفنون والصناعات الإبداعية (الشرق الأوسط)

من جانبها قالت نورا الدبل، المديرة التنفيذية للفنون والصناعات الإبداعية بالهيئة، «شهدنا خلال الأيام الثلاثة الماضية حضوراً متنوعاً للمشاركين الذين اجتمعوا للتواصل والمشاركة والتعلّم من خبرات بعضهم، وذلك من خلال الحوارات والنقاشات الملهمة والتعبير الفني»، مضيفة «استلهم المشاركون من المناظر الطبيعية الجميلة لمحافظة العلا، وشاركوا في المحادثات والحوارات التي بدورها ستسهم في إعادة تعريف النظام الثقافي، وتعزيز المملكة بصفتها مركزاً للتبادل الثقافي العالمي».

من جانبه، أكد عبد الله الراشد، مدير مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، في حلقة نقاش «مستقبل المشهد الثقافي: عامل النجاح»، على ضرورة الحفاظ على مستقبل ثقافي ناجح، بينما دعا نائب الرئيس لشؤون الثقافة في الهيئة جيسون هاربورو، للنظر إلى ما هو أبعد من الأرقام ومؤشرات الأداء الرئيسية للتركيز على كيفية التعلّم وتوسيع الروابط الإنسانية المتبادلة.

المشاركون في القمة عايشوا أجواء غامرة بالإبداع (الشرق الأوسط)

واستعرض المتحدثون في حلقة نقاش «البيئة الطبيعية: التنمية الثقافية والبيئة»، العلاقة بين البنية الثقافية والبيئة، ودمج الفن مع المناظر الطبيعية. وأوضحت أكيكو ميكي المديرة الفنية الدّولية لموقع «بينيسي» للفنون في ناوشيما أن «الرحلة لموقع معيّن هي جزء من التجربة، وأخذ الوقت والتجربة شيء مهم جداً للنشاط البشري». ورأت أن السّفر المستدام يسمح للزوّار بتجربة الفن ومحيطه بالكامل.

جانب من جلسات القمة (الشرق الأوسط)

وركزت حلقات النقاش والجلسات الحوارية منها «مستقبل المشهد الثقافي: عامل النجاح»، و«الجغرافيا السياسية والثقافة: إيجاد مساحة للحوار»، على مشاركة المجتمع في صياغة مستقبل المشهد الثقافي، واستكشاف تأثيرها في إنشاء أسواق وشبكات جديدة للتبادل الثقافي والإبداعي والآلية التي تعزّز بها الثقافة جذور الهوية والحوار في عالمٍ متّصل.

وتناقش أيضاً الأساليب التي تُسهم في انفتاح الإنتاج الثقافي على آفاقٍ دوليةٍ في تعزيز العلاقات الدّولية، وكيفية توليد فرصٍ جديدة للتبادل الإبداعي المشترك.

جانب من رحلة استكشافية للمشاركين في أنحاء العلا (الشرق الأوسط)

وأتاحت ورش العمل الموازية فرصاً تعليمية عمليّة في موضوعات مختلفة، موفرة للمشاركين التوزع على مجموعات صغيرة تبحث التحديات والتطورات الرئيسية في موضوعات متنوعة قادتها مؤسسات ثقافية رائدة، مثل دمج «البلوكشين» في المتاحف، والتفكير بالمناظر الطبيعية بوصفها وسائل للتعبير الثقافي، وتعزيز التعاون متعدد الثقافات.

وكشفت القمة لضيوفها جزءاً من أسرار التاريخ التي تتمتّع بها المحافظة الواقعة شمال غربي السعودية، من ثقافة إنسانية وتنوع جيولوجي فريد من نوعه بتكويناته الصخرية بين الوديان الصحراوية، وعجائبه الطبيعية الشامخة فوق الكثبان الرملية بوصفها إحدى أروع الوجهات في العالم.

الفنان طارق يماني قدم موشحات عربية بأسلوب عصري (الشرق الأوسط)

واستمتع المشاركون في استكشاف مناطق العلا الثقافية والطبيعية في رحلة مليئة بالأداء والشعر والموسيقى والقصص بين وادي الفن، في تجربة غامرة بعنوان «حكايات الشبّة: تقاطعات الإبداع»، وأضاءت الفنانة عهد العمودي، أخاديد الوادي، وحوّلتها إلى صدى يردّد مواويل قديمة وأهازيج عربية. كما زار المشاركون مهرجان العلا للفنون بنسخته الثالثة، ومعرض «رمي عيني» في قاعة مرايا، وموقع الإقامة الفنية في العلا.

وشهد المشاركون أجواء غامرة بالإبداع والإلهام في «صحراء X العلا 2024» من خلال المعرض الفني «في حضرة الغياب»، الذي قدم أعمال 16 فناناً وسط المناظر الطبيعية الصحراوية، والعرض الموسيقي المتميّز الذي قدمته الفنانة السعودية بلقيس الراشد عبر العرض الأدائي «أساطير غير منقوشة»، الذي يتشابك مع موسيقى الزّفة الإيقاعية وعبق البخور، ويُرشد المشاركين نحو واحة العلا.

المشاركون في رحلة استكشافية بمعرض العلا (الشرق الأوسط)

في حين انعقدت القمة في إطار جهود الهيئة الملكية لمحافظة العلا؛ ووزارة الثقافة؛ لوضع بصمة في مستقبل الثقافة والفنون عالمياً بالتحديث والتطوير من خلال الحوار المستمر والتعاون والابتكار.

يذكر أن الهيئة والوزارة تحتفيان بدورهما بوصفهما حلقة وصل للتعاون الإبداعي والتفاعل بين الثقافات، وتُعدّ العُلا بيئة طبيعية تم تطويرها من خلال الفنون، وإحيائها من خلال الحوار بين الثقافات مع شركائها من حول العالم.


مقالات ذات صلة

«العلا» أول وجهة سياحية في الشرق الأوسط تنال الاعتماد الدولي

يوميات الشرق العلا رسّخت مكانتها كأحد أهم مواقع السياحة في السعودية (واس)

«العلا» أول وجهة سياحية في الشرق الأوسط تنال الاعتماد الدولي

نالت محافظة العلا السعودية أول اعتماد في المنطقة من المنظمة الدولية للوجهات السياحية، كشهادة على تقدمها في تحقيق رؤيتها لإعادة رسم ملامح التميز السياحي عالمياً.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق أكدت الدراسة أن سكان المنطقة كانوا أكثر استقراراً وتطوراً مما كان يُعتَقد سابقاً (واس)

أول وصف شامل للمستوطنات البشرية في شمال غربي السعودية

توصل فريق من علماء الآثار في تحقيق بحثي إلى أول وصف شامل للمستوطنات البشرية في شمال غربي المملكة خلال فترة العصر الحجري الحديث.

«الشرق الأوسط» (العُلا)
يوميات الشرق الأكاديمية تسعى لتقديم أفضل تجربة للضيوف على مستوى عالمي وبطابعٍ فريد خاصٍ بالعُلا (واس)

«أكاديمية العُلا»... مركز إقليمي للتميز في التدريب المهني السياحي

أطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العُلا، الثلاثاء، أكاديمية متخصصة هي الأولى من نوعها للتدريب لتزويد العاملين بالخطوط الأمامية في قطاع السياحة بالمهارات اللازمة.

«الشرق الأوسط» (العلا)
عالم الاعمال منتجع «بانيان تري العُلا» يقدم تجربة صيفية مختلفة

منتجع «بانيان تري العُلا» يقدم تجربة صيفية مختلفة

يقدم منتجع «بانيان تري العُلا» لضيوفه تجربة إقامة فاخرة وسط أجواء لا مثيل لها من الهدوء والصفاء، وذلك عبر طرح العرض الصيفي «ادفع أقل ومدد إقامتك».

«الشرق الأوسط» (العُلا)
الاقتصاد وكيل وزارة السياحة لتمكين الوجهات السياحية يستعرض الفرص الواعدة التي توفرها المملكة للمستثمرين الدوليين والمحليين في القطاع (واس)

السعودية تستعرض برنامج ممكنات الاستثمار السياحي في «مؤتمر برلين»

شاركت وزارة السياحة السعودية في المؤتمر العالمي الاستثماري في برلين، وذلك ضمن مساعيها لتعريف المستثمرين العالميين المشاركين بالفرص المتاحة في القطاع.

«الشرق الأوسط» (برلين)

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
TT

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)

طوّر باحثون من الصين والمملكة المتحدة جهازاً جديداً، للكشف عن مستويات التوتر في الدم من المنزل، وأوضح الباحثون، أن الجهاز يمكن أن يسهم في تحسين دقة وسهولة قياس مستويات التوتر، ما يجعل من الممكن مراقبة الصحة النفسية والتعامل مع التوتر بشكل أفضل، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Talent».

ويشكّل التوتر جزءاً من حياتنا اليومية، بدءاً من متطلّبات العمل المستمرة، وصولاً إلى ضغوط الحياة اليومية، مثل توصيل الأطفال إلى المدرسة، ويمكن لتجاهُل مستويات التوتر المرتفعة أن يؤدي لمشاكل صحية ونفسية خطيرة، مثل الاكتئاب ومرض ألزهايمر، ولرصد هذه الحالة ابتكر فريق البحث الجهاز الذي يمكنه قياس مستويات هرمون الكورتيزول، وهو مؤشر حيوي للتوتر في الدم بدقة.

ويُعَد الكورتيزول من أهم الهرمونات التي تعكس مستويات التوتر، ومن ثم فإن قياسه بدقة يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في تشخيص التوتر. ويستخدم الجهاز الجديد جزيئات نانوية من أكسيد الإيريديوم، وهي جزيئات صغيرة جداً تعمل على تحسين فاعلية الجهاز، وهذه الجزيئات تغطي الأقطاب الكهربائية في الجهاز.

وأكسيد الإيريديوم مركب كيميائي يستخدم في الإلكترونيات والمحفزات الكيميائية بفضل استقراره وحساسيته العالية، ويُعدّ مثالياً لتحسين أداء أجهزة قياس الكورتيزول بفضل فاعليته في ظروف متنوعة.

ويقيس الجهاز مستويات الكورتيزول من خلال وضع عينة من الدم على الجهاز، حيث يتفاعل الكورتيزول مع الأقطاب الكهربائية المُعدّلة بالجزيئات النانوية من أكسيد الإيريديوم.

ويولد التفاعل بين الكورتيزول والجزيئات النانوية إشارات كهربائية، وهذه الإشارات تُترجَم إلى قراءة لمستويات الكورتيزول في العينة، كما يقيس الجهاز التغيرات في الإشارات الكهربائية بدقة لتحديد كمية الكورتيزول.

ووجد الباحثون أن الجهاز قادر على قياس مستويات الكورتيزول بدقة حتى عندما تكون الكميات منخفضة جداً، ما يجعله مناسباً لاستخدامه في المنزل، ويتفوق الجهاز الجديد على الأجهزة المماثلة الحالية التي غالباً ما تكون أقل حساسية ولا يمكنها قياس الكورتيزول بكفاءة في التركيزات المنخفضة.

كما يستطيع الجهاز تمييز الكورتيزول عن هرمونات مشابهة مثل التستوستيرون والبروجيستيرون، بفضل التحسينات في الأقطاب الكهربائية، بينما تواجه الأجهزة الحالية صعوبة في هذا التمييز، ما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة شيان جياوتونغ - ليفربول في الصين، الدكتور تشيوشن دونغ: «هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها أكسيد الإيريديوم بهذه الطريقة، حيث أنتجنا جهازاً بسيطاً وقليل التكلفة لقياس الكورتيزول».

وأضاف عبر موقع «يوريك أليرت» أن الجهاز يمكنه الكشف عن جزيئات الكورتيزول بتركيز أقل بمقدار 3000 مرة من النطاق الطبيعي في الدم.

وأشار الباحثون إلى أن هذا التقدم في التكنولوجيا يعزّز الآمال في إمكانية إجراء اختبارات التوتر في المنزل بطريقة دقيقة وسهلة، ما قد يُحدِث ثورة في كيفية إدارة مستويات التوتر بشكل يومي.