الوخز بالإبر في الأذن علاج آمن للاكتئاب

سيدة تخضع لجلسة بالإبر في الأذن (جامعة ساو باولو)
سيدة تخضع لجلسة بالإبر في الأذن (جامعة ساو باولو)
TT

الوخز بالإبر في الأذن علاج آمن للاكتئاب

سيدة تخضع لجلسة بالإبر في الأذن (جامعة ساو باولو)
سيدة تخضع لجلسة بالإبر في الأذن (جامعة ساو باولو)

كشفت دراسة برازيلية، أن الوخز بالإبر في الأذن آمن للمرضى الذين يعانون من الاكتئاب ويقلّل بشكل فعال من أعراض اضطراب الصحة العقلية.

وأوضح الباحثون في جامعتي ساو باولو وجنوب سانتا كاتارينا، أن منظمة الصحة العالمية أدرجت الاكتئاب من بين أمراض عدّة يمكن علاجها بالوخز بالإبر في الأذن، ونشرت النتائج، الثلاثاء، بدورية «غاما نتوورك».

ويعد الاكتئاب أحد الأسباب الرئيسية للإعاقة في جميع أنحاء العالم، وفق منظمة الصحة العالمية.

وفي البرازيل، يبلغ معدل انتشار الاكتئاب مدى الحياة 15.5 في المائة، وهو أحد أعلى المعدلات على مستوى العالم.

ومع ذلك، فإن أقل من نصف الأشخاص المتضررين على مستوى العالم يتلقون العلاج المناسب، بما في ذلك العلاج النفسي والأدوية، وذلك لأسباب منها ارتفاع تكلفة مضادات الاكتئاب وآثارها الجانبية الضارة، مثل عدم الراحة في المعدة وانخفاض الرغبة الجنسية.

ونتيجة لذلك، يتزايد الاهتمام بالخيارات غير الدوائية وبأسعار معقولة. وخلال الدراسة، استكشف الباحثون فعالية الوخز بالإبر في الأذن، وهو أسلوب صيني تُدخل فيه إبر رفيعة في نقاط على الأذن الخارجية بهدف تحفيز الأعضاء المختلفة، بما فيها الدماغ والعصب المُبهَم، وهو إجراء بسيط وسريع وغير مكلف.

وراقب الباحثون 74 مريضاً يعانون من اكتئاب معتدل لشديد، متوسط أعمارهم 29 عاماً، معظمهم من النساء.

وقُسم المشاركون لمجموعتين، تلقت الأولى 12 جلسة مدة كل منها 15 دقيقة في 6 نقاط على الأذن الخارجية، فيما تلقت الثانية جلسات بالإبر الصينية، لكن في نقاط لا ترتبط بأعراض المرض العقلي مثل الخد والوجه، خلال فترة تراوحت بين 6 أسابيع و3 أشهر.

وفي نهاية فترة المتابعة، وجد أن المجموعة 58 في المائة من المرضى في المجموعة الأولى تحسنت لديهم أعراض الاكتئاب بنسبة 50 في المائة على الأقل، مقارنة بالمجموعة الثانية. كما لاحظ الباحثون أن بعض النتائج كانت واعدة، إذ كانت نسبة المرضى الذين تماثلوا للشفاء من الاكتئاب أعلى لدى المجموعة الأولى، بعد 4 أسابيع، وزادت النسبة بعد 3 أشهر.

من جانبه، قال الباحث الرئيسي للدراسة، الدكتور دانييل موريسيو رودريغيز: «أظهرت نتائجنا تعافي ما يقرب من 60 في المائة من الاكتئاب بفضل الوخز بالإبر في الأذن، وهذا يشبه معدل الشفاء من العلاج بالأدوية».

وأضاف عبر موقع الجامعة: «علاوة على ذلك، أبلغ 46 في المائة من المشاركين في المجموعة الأولى عن توقف أعراض الاكتئاب، مقابل 13 في المائة من المجموعة الثانية. وللمقارنة تبلغ النسبة نحو 35 في المائة لدى مرضى الاكتئاب الذين يُعالجون بالأدوية».

وأشار إلى أن النتيجة الواعدة الأخرى كانت عدم وجود آثار ضارة شديدة للوخز بالإبر في الأذن، وتمثلت التأثيرات فقط في ألم خفيف بموقع وخز الإبرة، وهذا يدل على سلامة التدخل.


مقالات ذات صلة

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

يوميات الشرق كشف مسح جديد أن واحداً من كل أربعة أميركيين يمر بنوبات من الملل مع روتينه (رويترز)

كيف تحوّل روتينك اليومي إلى مصدر «للفرح والرضا»؟

يعتقد البعض أنه عليه الذهاب في إجازة باهظة، أو على الأقل الانتظار حتى انتهاء أسبوع العمل، للشعور بالسعادة والرضا الحقيقيين في الحياة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق سيدة تتسوق في أحد المتاجر قبل عطلة عيد الشكر في شيكاغو (رويترز)

لماذا يتسوّق البعض عند الشعور بالتوتر؟

في حين ينظر الكثيرون إلى التسوق بوصفه وسيلة لتخفيف التوتر أو تحسين الحالة المزاجية، دعونا نلقِ نظرة على الأبحاث الحديثة لاكتساب فهم أكثر دقة لتأثيراته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك استخدام الإنترنت قد يقلل الاكتئاب ويحسن الحالة الصحية لدى كبار السن (رويترز)

استخدام كبار السن للإنترنت يحميهم من الاكتئاب ويعزز صحتهم

قد يؤدي استخدام الإنترنت إلى تقليل الاكتئاب، وتحسين الحالة الصحية لدى الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، وفقاً لما أكدته دراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ)
يوميات الشرق ارتفاع القلق بعد وقت قصير من الاستيقاظ قد تسببه الهرمونات أو التوقعات بشأن اليوم القادم (رويترز)

الشعور بالقلق في الصباح... ما أسبابه؟ وكيف تعالج ذلك؟

تتقلب مستويات القلق لدى كثير من الأشخاص طوال اليوم. يجد بعضهم أن قلقهم يكون في أعلى مستوياته خلال ساعات الصباح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الزواج يقلل احتمالية الإصابة بالاكتئاب (رويترز)

دراسة: المتزوجون أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص غير المتزوجين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 80 في المائة مقارنة بالمتزوجين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وصلتْ إلى هاتف صاحبة السطور رسالة تعلن عودة أمسيات «مترو المدينة». كان كلُّ ما حول المتلقّية هولاً وأحزاناً، فبدا المُرسَل أشبه بشعاع. يبدأ أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، حديثه مع «الشرق الأوسط» بترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها على ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطُل هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إن توقّف النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إن تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة: «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».