المنافسة تحتدم على أبواب «الأوسكار»

خلفيات وحقائق فوز نولان بجائزة «نقابة المخرجين»

مخرج فيلم «أوبنهايمر» كريستوفر نولان فاز بجائزة «نقابة المخرجين الأميركية» (أ.ف.ب)
مخرج فيلم «أوبنهايمر» كريستوفر نولان فاز بجائزة «نقابة المخرجين الأميركية» (أ.ف.ب)
TT

المنافسة تحتدم على أبواب «الأوسكار»

مخرج فيلم «أوبنهايمر» كريستوفر نولان فاز بجائزة «نقابة المخرجين الأميركية» (أ.ف.ب)
مخرج فيلم «أوبنهايمر» كريستوفر نولان فاز بجائزة «نقابة المخرجين الأميركية» (أ.ف.ب)

«أما الفائز بـ(أوسكار 2024) كأفضل مخرج فهو كريستوفر نولان، وذلك عن فيلمه (أوبنهايمر)...». يستطيع المرء أن يتوقع إعلان فوز المخرج نولان بهذه الكلمات في حفل «الأوسكار» بعد نحو شهر من الآن، وذلك بعد فوزه قبل يومين بجائزة «نقابة المخرجين الأميركية».

إن لم يكن بسبب قيمة الفيلم، وإن لم يكن بسبب هذه الموجة من الجوائز التي نالها فيلمه الجديد حتى الآن (265 جائزة حسب «IMDB»)، فبسبب حسبة بسيطة تظهر لنا أنه منذ إنشاء جائزة المخرجين سنة 1948 نال المخرجون الفائزون بها «الأوسكار». في الواقع، ثماني مرّات فقط في تاريخ جائزة المخرجين هذه لم ينجح المخرجون الفائزون بها في نيل «الأوسكار».

مشهد من فيلم «أوبنهايمر» للمخرج كريستوفر نولان (آي إم دي بي)

في تلك الحقبة، كان المخرجون القدامي هم من يحكمون نتائج الجائزة، وكانوا مجموعة من المخرجين المشهورين أمثال فرنك كابرا ودلمر دَڤز وجورج مارشال إلى جانب آخرين لم تُكتب لهم الشهرة على كثرة أفلامهم أمثال جورج سيدني وبروس همبرستون ونورمان توروغ.

وهي مُنحت في ذلك العام إلي هوارد هوكس عن «نهر أحمر» وفرد زنمان عن «البحث» (The Search) وأنتول ليتڤاك عن «حفرة الأفعى» وجوزف مانكوڤيتز عن «رسالة إلى ثلاث زوجات».

في عام 1970 تم تغيير النظام بحيث تُمنح هذه الجائزة لمخرج واحد فقط، ومن حينها تدلنا وثائق النقابة، أنه مرتان فقط تم ترشيح مخرج عن فيلمين في العام ذاته هما فرنسيس فورد كوبولا سنة 1974 عن «العراب 2» و«المحادثة» (وهو نال الجائزة عن «العراب 2» بالفعل)، وستيفن سودربيرغ سنة 2000 عن فيلميه «ترافيك» و«إرين بروكوڤيتش» (لم ينل الجائزة عن أي من هذين الفيلمين).

ثلاث فائزات فقط

عدد أعضاء النقابة من مخرجين عاملين في حقلي السينما والتلفزيون يبلغ نحو 19 ألف عضو، في حين يبلغ عدد أعضاء الأكاديمية 9427، ما يعني بطبيعة الحال أن عدداً محدوداً من أعضاء النقابة هم أيضاً أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية التي تمنح «الأوسكار».

على ذلك، نسبتهم كبيرة (الثانية بعد نسبة أعضاء الأكاديمية من الممثلين)، وهذا ما يفسّر أن «أوسكار» أفضل مخرج تذهب عادة للمخرج الفائز بجائزة النقابة. كما يفسّر شعور المخرج كريستوفر نولان بأنه بات على مرمى حجر من اقتناص «الأوسكار» هذا العام.

فوز نولان بهذه الجائزة، وإلى جانب أنه تمهيد لنيله «الأوسكار» كذلك، هو فوز على الذين شاركوه الترشيحات، وهم: ألكسندر باين عن «المستمرّون» (The Holdovers9) وغريتا غرويغ عن «باربي» ومارتن سكورسيزي عن «قتلة مون فلاور» ويورغوس لانتيموس عن «أشياء بائسة».

مشهد من فيلم المخرج مارتن سكورسيزي «قتلة مون فلاور» (آي إم دي بي)

الملاحظ أن «قتلة مون فلاور» نال العديد من جوائز حلقات النقاد والمؤسسات التي هي أصغر حجماً من النقابة والأكاديمية، وبعدد يفوق ما نالته غرويغ أو لانتيموس أو باين.

الفوز النسائي بهذه الجائزة كان دائماً محدوداً غالباً بسبب قلّة عدد المخرجات اللواتي وصلن إلى مرتبة الترشيحات وانخفاضه في مقابل المخرجين الرجال.

في عام 2010 فازت كاثلين بيغلو بجائزة «نقابة المخرجين الأميركية» عن فيلمها «خزانة الألم» (The Hurt) المُنتج سنة 2009، ثم مرّت عدة سنوات قبل أن تُمنح كليو زاو الجائزة عن «Nomadland» سنة 2020، ثم في العام التالي، نالتها جين كامبيون عن «قوّة الكلب».

أخيراً، هناك ثلاثة من الذين تم ترشيحهم لجائزة النقابة مرشحون، وهم: نولان وسكورسيزي ولانتيموس. ومع أن النتيجة بدأت ترتسم فإن هناك مجالاً للمفاجأة في هذا النطاق، لكنها ستكون فقط بين سكورسيزي ونولان.


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.