زاهو تحصد 4 جوائز «فيكتوار»... فهل تعيد مجد الأغنية الفرنسية؟

الخجولة الواعدة قد تسدّ فراغ داليدا وميراي ماتيو

العزف علّمها تحويل دموعها إلى ألحان (أ.ف.ب)
العزف علّمها تحويل دموعها إلى ألحان (أ.ف.ب)
TT

زاهو تحصد 4 جوائز «فيكتوار»... فهل تعيد مجد الأغنية الفرنسية؟

العزف علّمها تحويل دموعها إلى ألحان (أ.ف.ب)
العزف علّمها تحويل دموعها إلى ألحان (أ.ف.ب)

قبل عام، لم يسمع كثير من الفرنسيين باسمها ولم يصغوا إلى أغنياتها. وأمس، نالت زاهو دو ساغازان 4 جوائز الدورة 39 من «فيكتوار الموسيقى»، وهي جائزة سنوية تُكرّم أهم إنجازات العام في التأليف والعزف والغناء.

بهذا الحصاد، تكون الشقراء الخجولة البالغة 24 عاماً قد خرجت من الحفل الذي تابعه الملايين عبر التلفزيون، مغنّية مكرّسة تُعقد عليها الآمال لاستعادة أمجاد الأغنية الفرنسية. ومن المعروف أنّ هذه الأغنية تمرّ بأزمة، بينما يقدّم عدد من مغنّي الجيل الجديد أعمالهم بمنافِستها الإنجليزية.

من المبكر مقارنة المغنّية الواعدة بالعظيمة إديث بياف. لكن من الممكن أن تسدّ زاهو الفراغ الذي تركه رحيل داليدا، واعتزال فرانسواز هاردي، وابتعاد ميراي ماتيو. فهذه الموهبة الجديدة لم تشتهر من خلال الأغنية الشبابية الخفيفة، ولا موسيقى البوب أو الراب. إنها تقدّم أغنيات مكتوبة بنَفَس شاعري على موسيقى هادئة مشغولة جيداً، وبعيدة عن ضجيج الديسكو. وبهذا، رأى فيها النقاد امتداداً لباربارا، المغنّية الغامضة التي لم تظهر بغير الزيّ الأسود والكحل الكثيف.

زاهو التي عَبَرت من العتمة إلى الضوء (أ.ف.ب)

قدّمت زاهو بطاقة تعريفها للجمهور في الربيع الماضي من خلال أسطوانة بعنوان «سمفونية البرق»، تضمّ مجموعة أغنيات استحقت الترشُّح للجائزة في 5 حقول؛ هي «الاكتشاف النسائي»، و«الاكتشاف المسرحي»، و«الألبوم»، و«الأغنية الأصيلة»، و«الإبداع البصري والصوتي»، أي الفيديو كليب. كان نصيبها الحصول على 4 من تلك الترشيحات. أما منافستها آيا ناكامورا فنالت جائزة «مغنّية العام». وفي تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، قال رئيس اللجنة المنظِّمة للمسابقة فنسان فريريبو، إنّ «كثيرات سيبدأن تقليد زاهو، لكنها متميّزة، وقد لا تملك الأخريات مستواها».

صوتها ذو نبرة مميّزة، لكنّ الساحر فيها هو حسّها بالكلمة وأداؤها على المسرح الذي يعيد التذكير باهتزازات إديث بياف، ووقفة جاك بريل، الفنان الذي كان يغنّي بأعصابه، لا بحنجرته فحسب. ولهذا، فإنّ صفة «مغنّية أصيلة» كانت الوصف الذي كرّره النقاد.

جاءت زاهو من مدينة سانت نازير الساحلية في غرب فرنسا. والدها أوليفييه دو ساغازان، رسام ونحات ومصمّم سبق أن عمل مع المغنّية ذات الشعبية العالية ميلين فارمر. وهي واحدة من 5 شقيقات بينهن مَن هي توأمها. وبعد حصولها على الثانوية العامة، درست الإدارة وعملت في دار للمسنين يحدّها المحيط من جهة، وجبل صخري من الثانية. ورغم انتقالها إلى العاصمة، فإنّ المغنّية السائرة على درب الشهرة لا تنسى مدينتها التي تعلّمت فيها الرقص والموسيقى، وتشبّعت بالنشاط الثقافي. وقد كان العزف على البيانو طريقها للتعبير عن أحاسيسها. كانت طفلة بالغة الحساسية، وتقول إنّ العزف علّمها تحويل دموعها إلى ألحان. ولاحقاً، راحت تضع كلمات على الموسيقى التي تؤلّفها، لتصبح ملجأها في الحياة.

يمكن تلخيص المعاني التي تكتبها في أنها بحث مستمر عن الحبّ. وهي قد تبدو شابة تُغوى بسهولة، لكنها تؤكد أنها لا تزال تنتظر الحب الكبير الذي لم تتعرّف إليه بعد. وهي تكتب عن شعورها بأنّ جسدها غريب عنها، وهي تحاول من خلال الموسيقى تقبُّله وحبّه. وقد لفتت الأنظار مقاطعها التي تنشرها عبر حسابها في مواقع التواصل، الأمر الذي شجّع عدداً من الفنانين على دعوتها للغناء على المسارح. وهكذا قدّمت أغنية ثنائية مع مانسفيلد تيا عام 2021، ثم مع المغنّي هيرفيه الذي ترك لها أن تسبقه بوصلة من أغنياتها على مسرح «الأولمبيا» العريق خلال تقديم عروضه. وفي أواخر 2022، حقّقت نجاحاً في حفلات في مدينة رين، قبل أن تأتيها فرصة مهمّة لمشاركة المغنّي البلجيكي الشهير سترواميي في جولة موسيقية، لكنها أُجهضت بسبب مرضه.

لم يصل صوتها أبعد من موسيقاها. وفي خريف العام الماضي تهادت عارضات «لوي فويتون» على إيقاعات زاهو. ومن خلال منصة «تيك توك»، استمع إليها 11 مليون متابع لدار الأزياء الباريسية الشهيرة، وشاهد 1.7 مليار متفرّج فيديو العرض. وبهذا، حصلت المغنّية الصاعدة على فرصة إعلامية نادرة. وهي اليوم تعمل من دون توقُّف لتنظيم جولة فنية في الخريف المقبل، خصوصاً بعد صدور أولى أسطواناتها.

لقد عَبَرت من العتمة إلى الضوء، وهي تتلقّى الدعوات من مختلف المسارح في فرنسا، حيث تُحجز المقاعد وتُباع تذاكر حفلاتها جميعها مسبقاً.


مقالات ذات صلة

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

يوميات الشرق عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت «الأوركسترا السعودية» أجمل الألحان الموسيقية في ليلة ختامية كان الإبداع عنوانها على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية بمشاركة 100 موسيقي ومؤدٍ.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الوتر السادس أحمد سعد سيطرح ألبوماً جديداً العام المقبل (حسابه على {إنستغرام})

أحمد سعد لـ«الشرق الأوسط»: ألبومي الجديد يحقق كل طموحاتي

قال الفنان المصري أحمد سعد إن خطته الغنائية للعام المقبل، تشمل عدداً كبيراً من المفاجآت الكبرى لجمهوره بعد أن عاد مجدداً لزوجته علياء بسيوني.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس الفنانة بشرى مع زوجها (حسابها على {فيسبوك})

بشرى لـ«الشرق الأوسط»: الغناء التجاري لا يناسبني

وصفت الفنانة المصرية بشرى الأغاني الرائجة حالياً بأنها «تجارية»، وقالت إن هذا النوع لا يناسبها

أحمد عدلي (القاهرة)
الوتر السادس تتشارك قسيس الغناء مع عدد من زملائها على المسرح (حسابها على {إنستغرام})

تانيا قسيس لـ«الشرق الأوسط»: أحمل معي روح لبنان ووجهه الثقافي المتوهّج

تتمسك الفنانة تانيا قسيس بحمل لبنان الجمال والثقافة في حفلاتها الغنائية، وتصرّ على نشر رسالة فنية مفعمة بالسلام والوحدة.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مبهجة ودافئة (جامعة «أبردين»)

أقدم آلة تشيللو أسكوتلندية تعزف للمرّة الأولى منذ القرن الـ18

خضعت آلة تشيللو يُعتقد أنها الأقدم من نوعها في أسكوتلندا لإعادة ترميم، ومن المقرَّر أن تعاود العزف مرّة أخرى في عرض خاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.