ميادين مصرية تحتفي بالعام الجديد عبر مجسمات وأشكال فنية

جانب من زينة واحتفالات رأس السنة في مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة  (صفحة  Walk of Cairo على «فيسبوك»)
جانب من زينة واحتفالات رأس السنة في مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة (صفحة Walk of Cairo على «فيسبوك»)
TT

ميادين مصرية تحتفي بالعام الجديد عبر مجسمات وأشكال فنية

جانب من زينة واحتفالات رأس السنة في مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة  (صفحة  Walk of Cairo على «فيسبوك»)
جانب من زينة واحتفالات رأس السنة في مدينة الشيخ زايد غرب القاهرة (صفحة Walk of Cairo على «فيسبوك»)

تُثير أشجار «عيد الميلاد» الضخمة التي تُزيّن الميادين والشوارع الرئيسية في مصر، حالةً من البهجة التي يتلمس بها المارة أمنيات عام جديد أكثر هدوءاً واستقراراً.

تتلألأ الأشجار الخضراء والبيضاء، بالنجوم والكُرات الذهبية والحمراء، التي تدفع بإطلالاتها الزاهية المارة لالتقاط الصور بجوارها، ونشرها عبر صفحاتهم الشخصية وهم على مشارف العام الجديد، فيما يبدو طقساً، بات مُحبباً تشهده مصر في هذا الوقت من العام، سواء في الميادين والشوارع الكبرى في القاهرة وباقي المحافظات، لا سيما السياحية منها؛ ففي محافظة الأقصر (جنوب مصر)، يمكن مشاهدة أشجار الميلاد، وهي في أوج زينتها في مواكبة للموسم السياحي الشتوي، الذي تستضيفه المحافظة المعروفة بكونها واحدة من أبرز وجهات السياحة الأثرية في العالم.

الزينة تعلو المباني التراثية في القاهرة (صفحة دريم تورز على «فيسبوك»)

وحسب محمد أشرف، الخبير السياحي، فإن مظاهر الاحتفال برأس السنة الجديدة لها وهج خاص في محافظات السياحة الشتوية هذا العام، ويقول: «الأقصر، وشرم الشيخ، على سبيل المثال يشهدان حالة من التألق والتزيين وانتشار الأضواء الاحتفالية اللامعة في مختلف أرجائها، وكذلك في محيط الفنادق بشكل خاص، والطرق المؤدية للمعابد، لا سيما أن هذا الوقت من العام يُعدّ من أعلى مواسم السياحة المرتبط بالعطلات ووصول الوفود من مختلف دول العالم لقضاء إجازات عائلية حتى منتصف الشهر المقبل»، كما يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

وعلى جانب آخر تواكب تلك الأجواء الكرنفالية حالة موازية من الركود في شراء هدايا وزينة الميلاد، مقارنة بالأعوام السابقة، حسبما أكد تجار لـ«الشرق الأوسط»، الذين أرجعوا هذا التراجع لحالتي التضخم والغلاء، اللتين تشهدهما البلاد منذ مطلع العام الحالي، وانعكست آثارهما في ارتفاعات ملحوظة على الأسعار، وأولويات الزبائن.

جانب من زينة ميدان الكوربة في مصر (صفحة دريم تورز على «فيسبوك»)

فوفق بيانات حديثة للبنك المركزي المصري، فإن معدل التضخم الأساسي في البلاد تراجع إلى 35.9 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد تسجيله 38.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفي فقد تنوّع ظهور الزينة الاحتفالية في الميادين والشوارع المختلفة، تحديداً في شارع الكوربة الشهير بمصر الجديدة (شرق القاهرة)، المعروف بطرازه المعماري الأوروبي، وكذلك أحياء المعادي، والزمالك، المعروفة بكثرة المقاهي والمطاعم بها، ما جعل طابع عيد الميلاد يضفي عليها روحاً مُفعمة بالألق عن باقي العام، لا سيما مع كثافة أشجار عيد الميلاد، ونباتات زهرة القنصل المعروفة بـ«زهرة الميلاد» التي تنتشر بين المحال وفي الطرقات، بلونها الأحمر وأوراقها الخضراء الداكنة.

صور تذكارية عند شجرة من أشجار عيد الميلاد في مصر (صفحة دريم تورز على «فيسبوك»)

وتتوسط شجرة كبيرة في محيط أحد مراكز الترفيه في مدينة الشيخ زايد (غرب القاهرة)، وقد كُتب عليها بالأنوار: «السلام» و«الأمل»، وصارت الشجرة محّط جذب المارة، إذ يشاركون معها أمنيات السلام والأمل.

السلام والأمل واحتفالات العام الجديد (صفحة Walk of Cairo على «فيسبوك»)

وقد عمّت حالة من الصخب في المراكز التجارية والترفيهية في «الشيخ زايد» على وجه التحديد، بداية من الأشجار التقليدية الضخمة وحتى المُجسمات كالغزلان والدِببة المُرصعة بالأنوار، وكذلك عزف بعض العازفين موسيقى مُبهجة ودق الطبول، وهم يرتدون ملابس «بابا نويل»، بما يبدو استلهاماً لاحتفالات رأس السنة الجديدة في شارع أوكسفورد بالعاصمة البريطانية لندن.

دب عملاق مُزين بأضواء السنة الجديدة (صفحة Walk of Cairo على «فيسبوك»)

تقول آية نبيل (40 عاماً) لـ«الشرق الأوسط» إن حالة البهجة التي تسود المدينة في هذا الوقت من العام، تبدو استثنائية وتدفعها لاصطحاب طفليها لمشاهدة تلك الطقوس، وكذلك القيام ببعض الأنشطة الترفيهية مثل تلوين الوجه، وشراء قبعات «بابا نويل» كذكرى لبدء عام جديد.


مقالات ذات صلة

ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية في بريطانيا مع اقتراب عيد الميلاد

الاقتصاد أشخاص يحملون أكياس التسوق يسيرون على طول شارع أكسفورد المضاء بأضواء عيد الميلاد في لندن (رويترز)

ارتفاع تضخم أسعار المواد الغذائية في بريطانيا مع اقتراب عيد الميلاد

تعرضت ميزانيات المتسوقين في المملكة المتحدة لضغوط متجددة في أكتوبر (تشرين الأول)، حيث ارتفع التضخم في أسعار المواد الغذائية للشهر الثاني على التوالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أميركا اللاتينية رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

بقرار من مادورو... فنزويلا تحتفل بـ«عيد الميلاد» في أكتوبر

أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن الاحتفالات بعيد الميلاد ستبدأ هذا العام اعتباراً من الأول من أكتوبر (تشرين الأول).

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
يوميات الشرق حلّ بيئي يُبقي الأشجار مفيدة (أ.ف.ب)

أشجار ميلاد السويديين هدايا للأسماك وبيوضها

أُلقيت في مياه أستوكهولم الجليدية عشرات من أشجار الميلاد التي تُجمَع بعد العيد، لتشكّل موطناً للأنواع المائية البرّية.

«الشرق الأوسط» ( أستوكهولم)
آسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع أقارب الجنود الروس الذين قُتلوا في أوكرانيا (رويترز)

بوتين يلتقي عائلات جنود قتلى في أوكرانيا... ويتعهد بدعم قواته

التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عائلات الجنود الروس الذين لقوا حتفهم في أوكرانيا بالتزامن مع عيد الميلاد

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق الشجرة المُراد منها إيقاظ الضمائر (الشرق الأوسط)

أدوية السرطان المفقودة «تُزيّن» شجرة المتألمين في بيروت

تختار جمعية «بربارة نصار لدعم مرضى السرطان»، زمنَ الأعياد لتُذكّر بصوت في داخل المصابين بهذا الخبيث يستعيد أشهر أشعار المتنبي: «عيد بأية حال عدتَ يا عيدُ».

فاطمة عبد الله (بيروت)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.