اللبنانيون يمضون ليلة من العمر مع ميشال فاضل

في حفلٍ راقٍ مليء بالمفاجآت و«عاللبناني»

استهل فاضل الحفل بعزفه النشيد الوطني اللبناني (ستار سيستم)
استهل فاضل الحفل بعزفه النشيد الوطني اللبناني (ستار سيستم)
TT

اللبنانيون يمضون ليلة من العمر مع ميشال فاضل

استهل فاضل الحفل بعزفه النشيد الوطني اللبناني (ستار سيستم)
استهل فاضل الحفل بعزفه النشيد الوطني اللبناني (ستار سيستم)

أينما نظرت حولك في حفل «ليلة عاللبناني» على مسرح كازينو لبنان تطالعك ابتسامات اللبنانيين العريضة. فالموسيقي وعازف البيانو ميشال فاضل زوّد الحضور بجرعة أمل كانوا يتمنونها. فأعادهم إلى زمن الفن الأصيل.

الحفل نقشه فاضل بأنامله السحرية، فنقل الحضور من عالم مثقل بالهموم إلى آخر ينشرح الصدر له. فكان اللقاء المنتظر مع أغانٍ وموسيقى لعمالقة الفن. وشارك فيه إلى جانب فاضل فريق كورال وراقصة دبكة وعازفون أشعلوا الأجواء بعروضهم الفنية. وأضاف تفاعل فاضل مع الحضور على هذه الأمسية تألقاً، مولّداً بسرعة بينه وبين الناس علاقة عفوية استقبلوها بالتصفيق أحياناً وبالضحكات العالية أحياناً أخرى.

عزف ميشال فاضل لأكثر من 90 دقيقة (ستار سيستم)

افتتح ميشال حفله بعزفه النشيد الوطني اللبناني على البيانو. ومن بعده كرّت سبحة المعزوفات التي تضمّنها برنامجه لهذه الأمسية. فكانت مقطوعتا «أنت عمري»، و«ألف ليلة وليلة» من ريبرتوار أم كلثوم، قدمها فاضل بأسلوبه و«عاللبناني» مُكرّماً ملحنَيها محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي على طريقته. ولم يغب عمالقة الموسيقى العالميين عن هذه الأمسية، فحضر موزارت بسمفونيته التي تحمل رقم 40. ويعرفها اللبنانيون من خلال أغنية فيروز «يا أنا يا أنا». كما عزف موسيقى خاصة بالفنان الأرجنتيني العالمي راوول دي بلازيو.

الثنائي ميشيل وجوان يؤديان «كل القصايد» لمروان خوري (ستار سيستم)

اتبع فاضل الأسلوب التصاعدي في حفله فكان مع مرور الوقت يزداد حماساً. وكان لميدلاي خصه فاضل لـ«أبو الموسيقى اللبنانية» زكي ناصيف، وقعه المنتظر على الحضور. ومع «يا عاشقة الورد»، و«نقيلي أحلى زهرة» شارك الجمهور في الغناء إلى جانب فريق كورال توسّط المسرح. ومن المفاجآت التي تخلّلها الحفل إنشاد أغنية «كل القصايد» لمروان خوري. ومع الثنائي ميشال وجوانا اللذين طعّما الأغنية بمقطع بالفرنسية، عاش الحضور لحظات الفن الأنيق مردّداً معهما الآهات طرباً. فهذه الأغنية تحتلّ مكانة كبيرة عندهم على الرغم من مرور سنوات طويلة على ولادتها. كما كانت هناك إطلالة للفنان معن زكريا تركت أثرها الطيب على الحضور، الذي قدم وصلة غنائية من الفولكلور اللبناني الأصيل حازت رضا الجمهور وتصفيقاً حاراً.

وفي واحدة من الوقفات التي تحاوَر فيها فاضل مع الجمهور، أخبرهم عن نيّته بإصدار ألبوم موسيقي لحّنه له خصيصاً الفنان كاظم الساهر. وأسرّ لهم بأن هناك حتى الآن 6 معزوفات من أصل 10 باتت جاهزة. وبعدها مباشرة عزف ميدلاي من أغاني الساهر.

الأب فؤاد فاضل مع ابنه على المسرح (ستار سيستم)

ومن المفاجآت التي طبعت العرض ولامست القلوب عن قرب، تلك التي تمثّلت بإطلالة والد ميشال المغني والموسيقي فؤاد فاضل، وقدمه قبلها الابن شارحاً مدى أهمية مرافقة والده له في كلّ حفل يحييه. «إنه والدي، وله الفضل الأكبر في وصولي إلى هنا». وشدا الأستاذ فؤاد كما يعرفه اللبنانيون من خلال برنامج «ستار أكاديمي» بصوته الأوبرالي «أو سولي ميو». وهي من أشهر الأغاني التي كُتبت بالإيطالية في عام 1898. وعند انتهائه نادى ابنه وهو يشير إليه بيديه، تماماً كما ينادي الأب طفله، فتعانقا على المسرح تحت وابلٍ من تصفيق الجمهور الحار.

شكّلت تلك المقطوعات الجزء الأول من الحفل لينقلنا بعدها فاضل إلى نجوم مصر الراحلين. فقدّم ميدلاي لعبد الحليم حافظ، وآخر لوردة الجزائرية؛ ولم ينسَ قبلها أن يكرّم ماجدة الرومي والفنانة جوليا من خلال أغنيتَي «مطرحك بقلبي»، و«على ما يبدو». فراح الجمهور يلوّح بيديه عالياً ويردّد كلمات أغاني عالبال تحمل له كثيراً من الذكريات.

الفنان معن على المسرح (ستار سيستم)

خطفت أجواء ميشال فاضل اللبنانيين من واقعهم، فغنّوا ورقصوا وفرحوا معه، وفي ذروة تفاعلهم مع موسيقاه وُزّعت عليهم الأعلام اللبنانية خلال عزفه أغنية «راجع يتعمر لبنان»، فكان المشهد مؤثراً، وهم يلوّحون بأياديهم عالياً من دون توقف. واستمر المشهد نفسه خلال عزف «تعلا وتتعمر يا دار» للراحلة صباح. ورافق هذه الأغنية لوحات راقصة من الدبكة اللبنانية.

وقف ميشال فاضل مودّعاً الحضور معترفاً بأن الوقت مرّ بسرعة؛ فصرخ الجمهور يطالبه بأغنية لفيروز، فاعتذر منهم لأن أغاني سفيرة النجوم ممنوعٌ عزفها أو غناؤها لاحتفاظ أصحابها فقط بحقوق بثّها. فختم حفله بعزف أغنية وائل كفوري «البنت القوية» كي لا يخيب حماستهم.

ليلة من العمر التقى فيها اللبنانيون بعمالقة زمن الفن الجميل بقيادة أحد أبرز الموسيقيين في لبنان تختصر سهرة «ليلة عاللبناني». والمشهد نفسه سيتكرّر في سهرة ثانية لفاضل في 28 ديسمبر (كانون الأول). منظم هذا الحفل كان أمين أبي ياغي، صاحب شركة «ستار سيستم»، بالتعاون مع شركة «تو يو تو سي». وذكره فاضل في بداية الحفل وبأنه يقف وراء فكرة «ليلة عاللبناني» في هذا الوقت. وقال: «لقد طلبها مني أمين، ولم أتردّد بالموافقة؛ لأنّي أثق بحسّه الفني إلى آخر حد».


مقالات ذات صلة

باسكال مشعلاني لـ«الشرق الأوسط»: نحن شعب يحبّ السلام... والفنّ مسؤولية

الوتر السادس المخرج بول عقيقي لوّن مشاهد الكليب بسيارة «فولكسفاغن» قديمة صفراء (باسكال مشعلاني)

باسكال مشعلاني لـ«الشرق الأوسط»: نحن شعب يحبّ السلام... والفنّ مسؤولية

«ما حبيتش» هي الأغنية التي أصدرتها أخيراً الفنانة باسكال مشعلاني، وقد لوّنتها بلمسة تونسية تجيدها. فهي تعود للملحن والمغني التونسي علي الرياحي.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس وائل الفشني خلال مشاركته في احتفالية «100 سنة غنا» (دار الأوبرا المصرية)

وائل الفشني: الكلمة الجذابة تحسم اختياراتي الغنائية

أكد الفنان المصري وائل الفشني الذي اشتهر بتقديم الابتهالات الدينية والشعر الصوفي أن هذا اللون الغنائي له جمهور عريض في الوطن العربي

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس الفنان مصطفى قمر طرح أخيراً أغنية منفردة بعنوان «صناعة مصرية» (حسابه على «فيسبوك»)

هل اكتفى نجوم التسعينات في مصر بطرح الأغاني «السينغل»؟

حقق مطربون مصريون شهرة واسعة، خلال تسعينات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، عبر ألبوماتهم الغنائية التي كانوا يصدرونها عبر شرائط الكاسيت

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق فريق «كولدبلاي» البريطاني في جولته الموسيقية الأخيرة (إنستغرام)

ألبوم مصنوع من النفايات... «كولدبلاي» يطلق إصداره الجديد

يصدر غداً الألبوم العاشر في مسيرة «كولدبلاي»، الفريق الموسيقي الأكثر جماهيريةً حول العالم. أما ما يميّز الألبوم فإنه مصنوع من نفايات جمعت من أنهار جنوب أميركا.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق النجمة الأميركية سيلينا غوميز (أ.ب)

بعد دخولها نادي المليارديرات... كيف علّقت سيلينا غوميز؟

بعد دخولها نادي المليارديرات... كيف علّقت سيلينا غوميز؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مدينة أوروبية حجرية قديمة تصل حرارتها إلى 27 درجة مئوية في أكتوبر

«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
TT

مدينة أوروبية حجرية قديمة تصل حرارتها إلى 27 درجة مئوية في أكتوبر

«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)
«ماتيرا» الإيطالية وتُعرف باسم «مدينة الحجر» (غيتي)

عند التفكير في قضاء عطلة في إيطاليا، قد تخطر على بالك وجهات مثل روما، أو فلورنسا، أو ساحل «أمالفي» الرومانسي. ومع ذلك، ثمة جوهرة واحدة غير مُكتَشفة بإمكانها منافسة هذه الوجهات المزدحمة وهي «ماتيرا»، حسب «صحيفة ميترو» اللندنية.

تقع «ماتيرا» في إيطاليا، في منطقة بازيليكاتا، وتُعرف باسم «مدينة الحجر» بسبب شبكة كهوفها القديمة، وتعد واحدة من أقدم المدن في أوروبا. ووفقاً لبعض التقديرات، فهي ثالث أقدم مدينة في العالم.

ووصفها الروائي كارلو ليفي ذات مرة بـ«عار إيطاليا»، حيث نُفي إليها في ثلاثينات القرن العشرين، وشهد الظروف المعيشية المزرية لسكانها، الذين كان كثير منهم يعيشون في كهوف مع مواشيهم.

وأدّى الفقر المدقع والضياع الذي ميّز هذه الفترة إلى تدخل حكومي واسع النطاق وجهود لإعادة التوطين، ما جعل «ماتيرا» منسية إلى حد كبير على مدى سنوات كثيرة.

غير أن عمارتها الفريدة وتاريخها الغني ضمن لماتيرا عدم نسيانها بشكل كامل.

ومنذ ذلك الحين، شهدت المدينة تحولاً ملحوظاً، حيث تم إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1993 إلى أن تم اختيارها عاصمة الثقافة الأوروبية في عام 2019.

كما استغل صانعو الأفلام السينمائية جاذبية ماتيرا، وظهرت مناظرها الخلابة في بعض الأفلام، مثل: «لا وقت للموت» لجيمس بوند، و«آلام المسيح» لميل غيبسون.