زعيم الحوثيين يسوّق نفسه خليفة لنصر الله

تبنّى إطلاق 1000 صاروخ ومسيّرة ومهاجمة 193 سفينة

عناصر الحوثي خلال حشد في صنعاء عقب مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)
عناصر الحوثي خلال حشد في صنعاء عقب مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)
TT

زعيم الحوثيين يسوّق نفسه خليفة لنصر الله

عناصر الحوثي خلال حشد في صنعاء عقب مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)
عناصر الحوثي خلال حشد في صنعاء عقب مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

منذ ما بعد أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حرصت الفصائل التابعة لما يُسمّى «محور المقاومة» الذي تقوده إيران على تسويق عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن بوصفه أحد الشخصيات المؤثرة في الأحداث الجارية بالمنطقة، وبالذات فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، حتى بات الآن يقدّم نفسه خليفة للأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله الذي قُتل في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت.

وعلى الرغم من البعد الجغرافي لليمن عن فلسطين، بخلاف وجود «حزب الله» اللبناني على الحدود مع إسرائيل، فإن المحور في العراق أو لبنان الذي تدعمه طهران لم يُقدم على اتخاذ خطوات مغامرة مثلما حدث مع الحوثيين الذين استهدفوا حركة الملاحة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

عبد الملك الحوثي يختبئ في كهوف صعدة ويجنّد الآلاف من المراهقين للقتال (إعلام حوثي)

كما أن هذا المحور لم يسعَ لإبراز شخصية قيادية غير نصر الله، مثلما حرص على الدفع بزعيم الحوثيين إلى واجهة الأحداث من خلال إلقاء خطاب أسبوعي عن الهجمات التي استهدفت الملاحة، وتطورات المواجهة في قطاع غزة.

ومع أن «حزب الله» اللبناني هو الذي أشرف على تشكيل تنظيم جماعة الحوثي وتولى مهمة تدريبهم، عسكرياً وسياسياً وإعلامياً، إلى جانب تولي إدارة شأن الجماعة بأدق تفاصيلها، كان لافتاً أن نصر الله كان يظهر بشكل نادر للحديث عن تطورات المواجهة في الأراضي الفلسطينية أو عمليات الحزب التي تستهدف مواقع الجيش الإسرائيلي، بخلاف ظهور الحوثي أو البيانات العسكرية التي كانت الجماعة تبثها بصورة شبه يومية.

وعقب مقتل نصر الله وعدد من القادة العسكريين في الحزب وعدم تسمية خليفة للرجل، يسعى عبد الملك الحوثي، وفق مراقبين، إلى تقديم نفسه خليفة للأول في إطار المحور الذي تقوده إيران.

عناصر الحوثي خلال حشد في صنعاء عقب مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

ولهذا كثّف الحوثي من الخطب التي يلقيها عن تطورات الأوضاع في المنطقة، وكان آخرها بخصوص ذكرى العملية التي نفّذتها فصائل فلسطينية في غزة ضد إسرائيل قبل عام، والتي كانت سبباً في اندلاع الحرب المتواصلة؛ إذ أسهب في الحديث عما وصفه بـ«المردود الكبير لها»، كما تناول الخسائر التي ترتبت عليها في الأراضي الفلسطينية.

تعويل على إيران

تأخرت خطبة الحوثي، عصر الأحد، أكثر من 35 دقيقة عن موعدها المقرر، على غير العادة طوال العام، واستمرت لأكثر من ساعة ونصف الساعة، كرّسها لما سمّاها «بطولات (حزب الله) اللبناني»، ومهاجمة كل من لا يؤيّد وجهة النظر الإيرانية وحلفاءها تجاه الأحداث الجارية.

وطاول هجوم عبد الملك الحوثي كل من تحدّث عن حجم الخسائر التي لحقت بالمدنيين والبنية التحتية في قطاع غزة ولبنان، وقال إن «من يؤيّد إسرائيل بكلمة واحدة يصبح شريكاً معها في كل الجرائم التي ترتكبها». كما أبدى غضبه من اللوم الذي يُوجّه إلى الفصائل المسلحة، وقال إن اللوم هو «على الذين يناصرون العدو حتى بالكلمة».

مسلحون حوثيون في صنعاء يبدون تضامنهم مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وأعاد الحوثي تأكيد ما قاله المرشد الإيراني علي خامنئي بأنه «مهما ارتكبت إسرائيل من جرائم إبادة، فإن ذلك لن يغيّر المآل الحتمي الذي تتجه إليه، وهو الهاوية والزوال المحتوم».

ولم يكتفِ الحوثي بذلك، وإنما قدّم نفسه قائداً لفصائل ما يُسمّى «محور المقاومة» وقال إن جبهات الإسناد تتجه إلى التصعيد أكثر ضد إسرائيل، و«تسعى لتطوير قدراتها في التصدي للعدوان وإسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه»، ورأى أن أهم المميزات لهذه الجولة من الصراع هي «وجود جبهات للإسناد في لبنان والعراق واليمن».

ومع أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قال إن بلاده لا تمتلك سلطة على هذه الفصائل والجماعات، وأنها تتخذ قراراتها بنفسها، أكد الحوثي أن طهران «تدعم جبهات الإسناد وتقف معها، وصولاً إلى الاشتباك المباشر مع إسرائيل».

وذكر الحوثي أن إيران «كانت ولا تزال داعماً للشعب الفلسطيني ومجاهديه ومجاهدي لبنان على المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية والمالية».

«الصوت الرائد»

رأى مراقبون أن عبد الملك الحوثي سعى في خطبته الأخيرة إلى وضع نفسه بوصفه «الصوت الرائد» داخل ما يُسمّى «محور المقاومة»؛ إذ دافع عن الدور الإيراني، بحجة أن معظم الحكومات العربية غير راغبة في الانخراط في القتال.

وتعهّد زعيم الحوثيين بمواصلة الهجمات من قِبل ما يطلق عليه «محور المقاومة» وأعلن استهداف 193 سفينة مرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا «إسناداً إلى غزة» منذ عام.

الحوثيون انقلبوا على الشرعية وأذكوا نيران الطائفية في بلد عُرف بالتعايش (إعلام حوثي)

وقال الحوثي: «نحن في جبهة اليمن مستمرون في موقفنا المبدئي... لنصرة الشعب الفلسطيني ومجاهديه، وإخوتنا في لبنان، ومجاهدي (حزب الله)، ومع إيران، ومع إخوتنا في العراق، ومع كل أحرار الأمة».

وأضاف: «قواتنا استهدفت 193 سفينة» مرتبطة بـ«العدو الإسرائيلي» وأميركا وبريطانيا على مدى عام. وأضاف: «نحن في جبهة اليمن قصفنا في عملياتنا على مدى عام أكثر من 1000 صاروخ ومسيرة، وكذلك استخدمنا الزوارق في البحار».

وأعلنت الجماعة إسقاط 11 طائرة مسيرة مسلحة أميركية من نوع «إم كيو 9» خلال العام. وتوعّد زعيمها بأن «الجبهة العسكرية باليمن مستمرة مع تطوير القدرات، ونسعى لما هو أكبر».

وحول خسائر الجماعة جرّاء الغارات الأميركية - البريطانية - الإسرائيلية، قال الحوثي: «عمليات القصف الجوي والبحري للأعداء تمت بـ774 عدواناً، ونتج عنها 82 شهيداً و340 مصاباً».

وتحدّث بأن «جبهات الإسناد لغزة تتجه إلى التصعيد أكثر وأكثر ضد العدو الإسرائيلي، وتسعى لتطوير قدراتها في التصدي للعدو الإسرائيلي، وإسناد الشعب الفلسطيني ومجاهديه».


مقالات ذات صلة

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)
رياضة عربية فرحة عبد الله الحمدان بهدفه القاتل في شباك اليمن (تصوير: سعد العنزي)

خليجي 26: رغم الفوز... الأخضر باهت

حقق المنتخب السعودي الفوز على منتخب اليمن 3-2، الأربعاء، ليحصد أول ثلاث نقاط له في المجموعة الثانية بكأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) التي تستضيفها الكويت

«الشرق الأوسط» (الكويت)
العالم العربي عناصر حوثيون يحملون مجسماً لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

نفّذ الحوثيون خامس هجماتهم هذا الأسبوع باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

رفع الحوثيون حالة الجاهزية القتالية إلى أعلى مستوياتها، ودفعوا بأغلب قواتهم إلى مناطق خطوط التماس مع القوات الحكومية تحسباً لضربات إسرائيلية أكثر شدة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
TT

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

أعلن «الحوثيون» في اليمن، الأربعاء، إطلاق صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة على إسرائيل، بعد أيام على هجوم استهدف تل أبيب، أصاب 16 شخصاً.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباح اليوم، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وجاء في بيان للجيش، نشر على تطبيق «تلغرام» قرابة الساعة 4:30 صباحاً بالتوقيت المحلي (2:30 بتوقيت غرينيتش)، أنه «تم اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل دخوله الأجواء الإسرائيلية».

وأشار إلى إطلاق صفارات الإنذار «في مناطق عدة بوسط إسرائيل»، في إجراء احترازي خشية سقوط شظايا وحطام جراء عملية الاعتراض، بحسب البيان.

وكان المتحدث العسكري باسم جماعة «الحوثي» اليمنية، يحيى سريع، قال، في بيان، إن جماعته استخدمت في الهجوم «صاروخاً باليستياً (فرط صوتي) نوع فلسطين 2».

ومساء الأربعاء، أعلن سريع عن «تنفيذ عمليتين عسكريتين استهدفتا هدفين» في تل أبيب، وكذلك «المنطقة العسكرية في عسقلان»، بالطائرات المسيرة الهجومية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرة مسيّرة «سقطت في منطقة مفتوحة»، بعد دوي صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل، قرب قطاع غزة.

وكانت جماعة «الحوثي» قد أعلنت، الثلاثاء، استهداف وسط إسرائيل بصاروخ باليستي من طراز «فلسطين 2». وأفاد الجيش الإسرائيلي بدوره عن اعتراضه قبل دخوله المجال الجوي.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بدأ الحوثيون شنّ هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن، في إطار «دعم» الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تدور حرب مدمّرة بين إسرائيل و«حماس» منذ أن شنّت الحركة هجوماً غير مسبوق على الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وخلال الأشهر الماضية، تبنّى الحوثيون إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة نحو إسرائيل، التي تعلن اعتراض معظمها.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد، الاثنين، أنه أوعز إلى الجيش «تدمير البنى التحتية للحوثيين»، بعدما أطلقوا صاروخين على الأقل باتجاه الدولة العبرية الأسبوع الماضي، أسفر أحدهما عن إصابة 16 شخصاً بجروح طفيفة في تل أبيب.

وشنّت إسرائيل غارات جوية على اليمن 3 مرات خلال الأشهر الماضية، آخرها في 19 ديسمبر (كانون الأول) استهدفت مواني وبنى تحتية للطاقة في صنعاء والحديدة، وأعلن الحوثيون أن هذه الضربة أسفرت عن مقتل 9 مدنيين.