مبانٍ جديدة بالقاهرة تحاكي الطرز الأثرية

ضمن مخطط تطوير منطقة «مجرى العيون»

واجهة فندق يحاكي الطرز المعمارية الأثرية  (وزارة الإسكان المصرية)
واجهة فندق يحاكي الطرز المعمارية الأثرية (وزارة الإسكان المصرية)
TT

مبانٍ جديدة بالقاهرة تحاكي الطرز الأثرية

واجهة فندق يحاكي الطرز المعمارية الأثرية  (وزارة الإسكان المصرية)
واجهة فندق يحاكي الطرز المعمارية الأثرية (وزارة الإسكان المصرية)

بتصميمات تحاكي الطرز المعمارية الفاطمية والمملوكية، بدأت ملامح الكثير من المباني المطورة بمنطقة سور مجرى العيون (جنوب القاهرة التاريخية) في الظهور وجذب الانتباه، إذ رأى متابعون اعتماد هذه الاستراتيجية في أعمال تطوير مباني القاهرة التاريخية «أمراً مُهماً» لاستعادة رونق القاهرة القديمة الملقبة بـ«مدينة الألف مئذنة».

وتسعى مصر للاستفادة من مقومات المنطقة الأثرية بجنوب القاهرة عبر مشروعات تطوير جديدة تتماهى مع الطابع العمراني للقاهرة القديمة، واستعرض وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، الدكتور عاصم الجزار، التصميمات الداخلية للفندق الذي يجري بناؤه في المنطقة، ويدخل في خطة التطوير التي تضم 79 عمارة سكنية، بالإضافة إلى مول تجاري إداري ترفيهي، ويعدّ «أحد أهم مشروعات التطوير بمحافظة القاهرة الذي يستهدف إعادتها إلى رونقها الحضاري»، وفق بيان أصدرته الوزارة (الأربعاء).

واجهة فندق يحاكي الطرز المعمارية الأثرية (وزارة الإسكان المصرية)

وتعليقاً على الطابع المعماري الإسلامي الذي ظهر في فندق مجرى العيون، أشار المهندس خالد صديق، الرئيس التنفيذي لصندوق التنمية الحضرية، إلى أن الصندوق «بصفته جهة مسؤولة عن التنمية الحضارية لجميع المدن يسعى لتطبيق الطابع العمراني المناسب لكل مكان»، وأوضح، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كان المكان ذا طابع إسلامي أو ينتمي للفترة الفاطمية أو المملوكية أو الخديوية نحاول تطبيق الطابع العمراني المناسب له، بحيث لا يكون هناك نفور مع البيئة حوله».

ونفّذ صندوق التنمية الحضرية (تطوير المناطق العشوائية سابقاً) التابع لرئاسة مجلس الوزراء المصري، عدداً من المشروعات في الآونة الأخيرة، من بينها تطوير منطقة «روضة السيدة»، بالإضافة إلى تنفيذ أحياء «الأسمرات، والمحروسة، وأبو السعود»، وأعلن مسؤولون سابقون بالصندوق عن العمل على تطوير 357 منطقة عشوائية، على مستوى الجمهورية، من بينها منطقة سور مجرى العيون.

وتضم القاهرة التاريخية الكثير من المباني التي تعود للعصور الفاطمية والمملوكية والخديوية، وتشتهر بطرزها المعمارية الفريدة، كما في المساجد والأسبلة والمدارس والوكالات التجارية والفنادق التراثية والقصور التي يوجد الكثير منها في منطقة الدرب الأحمر وشارع المعز التاريخي وحي الخليفة.

مصر سوف تسند إدارة الفندق إلى مجموعة عالمية (وزارة الإسكان المصرية)

ورأى الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة ومستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار سابقاً، أن مشروع التطوير الذي يتم الآن هو إحياء لسور مجرى العيون نفسه، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «استخدام طراز العمارة الإسلامية سواء الفاطمي أو المملوكي أو ما إلى ذلك من عصور تاريخية، يليق بالسور ويتسق مع قيمته التاريخية».

وفي وقت سابق، بدأت وزارة السياحة والآثار المصرية أعمال ترميم وتنظيف السور الأثري، الذي يدخل في خطة التطوير، والمعروف قديماً باسم قناطر المياه؛ حيث أنشأه السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي (توفي 1193 م) لنقل المياه من النيل إلى القلعة، وجدده السلطان الناصر محمد بن قلاوون سنة 712 هجرياً الموافق 1312م.

ولفت رئيس صندوق التنمية الحضرية إلى «الحرص على مراعاة الطابع العمراني للمكان الذي يتم تطويره، سواء في القاهرة أو في سيناء أو في مناطق بدوية أخرى»، وأوضح أن «المدن الجديدة أيضاً يتم التعامل معها وفقاً لهذا المفهوم، باستخدام طرز معمارية تتناسب مع البيئة المحيطة بها».

وكان صندوق التنمية الحضرية قد أعلن، في وقت سابق، عن تنفيذ أعمال بقيمة 18.5 مليار جنيه تم صرف 8 مليارات منها على الأعمال المنفذة والباقي يصرف تباعاً لحين الانتهاء من كل المشروعات، وأشار الرئيس التنفيذي للصندوق إلى وجود مناطق جديدة مستحدثة مؤخراً تم إدراجها ضمن خطة العمل، وفقاً لما جاء على الموقع الرسمي للصندوق.

وأشاد الكسباني بخطوات «التطوير للمناطق العشوائية ومنحها الصبغة المعمارية التراثية»، مشيراً إلى أن «منطقة تل العقارب بالسيدة زينب التي تم تطويرها على طراز مأخوذ من العمارة الإسلامية الفاطمية، وأصبحت المنطقة راقية جداً»، مضيفاً أن «القاهرة كانت تسمى قديماً باريس الشرق، وأن هذا التطوير يجعلها على الطريق لاستعادة هذا اللقب».

اهتمام لافت بمحاكاة الطرز المعمارية التاريخية (وزارة الإسكان المصرية)

وحظيت العمارة السكنية في مدينة القاهرة منذ بداية العصر المملوكي، بتطورات لافتة، ومن أبرز سمات العمارة المملوكية، الاهتمام بواجهات الجوامع والمدارس، واستخدام القباب الضريحية وفتحات النوافذ المزينة بالزجاج المعشق، كذلك استخدام المقرنصات التي تتوج أعلى الواجهات والشرفات المسننة التي شُكلت على هيئة أوراق نباتية ثلاثية أو خماسية الأطراف.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق دهشة الذكاء الاصطناعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي «نجم» رسوم عمرها 2000 عام في بيرو

تُعدّ خطوط نازكا، التي تعود إلى 2000 عام مضت، رسوم لنباتات وحيوانات، يمكن رؤيتها فقط من السماء. وقد أُعلنت ضمن مواقع التراث العالمي لـ«يونيسكو» عام 1994.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)
يوميات الشرق إطلالة على مدينة طرابلس اللبنانية من أعلى قلعتها الأثرية (الشرق الأوسط)

«جارة القلعة» تروي حكاية طرابلس ذات الألقاب البرّاقة والواقع الباهت

لا يعرف معظم أهالي طرابلس أنها اختيرت عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، لكنهم يحفظون عنها لقب «المدينة الأفقر على حوض المتوسط».

كريستين حبيب (طرابلس)
شمال افريقيا مبنى المتحف القومي السوداني في الخرطوم (متداول)

الحكومة السودانية تقود جهوداً لاستعادة آثارها المنهوبة

الحكومة السودانية عملت على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية وتأمين 76 موقعاً وصرحاً أثرياً تاريخياً في ولايات نهر النيل والشمالية، وجزء من ولاية الخرطوم.

وجدان طلحة (بورتسودان)
يوميات الشرق من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)

السعودية... آمالٌ تُفعّلها المساعي لالتحاق مواقع بقائمة التراث العالمي

العمل قائم على تسجيل مواقع جديدة في القائمة الدولية للتراث العالمي، من أهمها دروب الحج القديمة، لا سيما درب زبيدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى تشمل الأنظمة المائية.

عمر البدوي (الرياض)

مصر تراهن على مشروع «التجلي الأعظم» في سيناء لاجتذاب السائحين

رئيس الوزراء المصري يتفقّد مشروع «التجلي الأعظم» (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري يتفقّد مشروع «التجلي الأعظم» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تراهن على مشروع «التجلي الأعظم» في سيناء لاجتذاب السائحين

رئيس الوزراء المصري يتفقّد مشروع «التجلي الأعظم» (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري يتفقّد مشروع «التجلي الأعظم» (مجلس الوزراء المصري)

تُولي مصر أهمية كبيرة بمشروع «التجلي الأعظم» في مدينة سانت كاترين (جنوب سيناء)، حيث تسابق الحكومة المصرية الزمن للانتهاء منه وافتتاحه ووضعه على الخريطة السياحية في البلاد.

وبعد مرور أقل من 3 أعوام على بدء تنفيذ المشروع الذي تفقّده رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، صباح اليوم (السبت)، رفقة عدد من الوزراء والمسؤولين، فقد أوشك على الاكتمال.

ووضعت وزارة الإسكان مخططاً متكاملاً لمشروع «التجلي الأعظم»، بهدف «إنشاء مزار روحاني على الجبال المحيطة بالوادي المقدس؛ لتكون مقصداً للسياحة الروحانية والجبلية والاستشفائية والبيئية على مستوى العالم، بجانب توفير جميع الخدمات السياحية والترفيهية للزوار، وتنمية المدينة ومحيطها، مع الحفاظ على الطابع البيئي والبصري والتراثي للطبيعة البكر»، وفق وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، شريف الشربيني.

ويتضمّن المشروع إنشاء مركز الزوار الجديد في مدخل المدينة بموقع ميدان الوادي المقدس، بجانب إنشاء ساحة للاحتفالات الخارجية، ومبنى عرض متحفي متنوع، بالإضافة إلى مسرح، وقاعة مؤتمرات، وكافتيريا، وغرف اجتماعات في مبنى تحت الأرض؛ لعدم التأثير على البيئة الطبيعية للمنطقة.

جانب من المشروع (مجلس الوزراء المصري)

ويشمل المشروع فندقاً جبلياً يتمتع بإطلالات متعددة على دير سانت كاترين، وهضبة التجلي، ووادي الراحة، مع حديقة جبلية خلفية ذات تكوينات صخرية نادرة.

واستغلّ المشروع التجويف الكبير في الجبل بوادي الراحة لإنشاء الفندق الجبلي؛ ليضم مختلف المقومات التي تجعله فندقاً عالمياً يتمتع بإطلالات متعددة، وفق بيان مجلس الوزراء، اليوم (السبت).

وتراهن مصر على المشروع لتنشيط السياحة، فوفق مصطفى مدبولي فإن «الدولة المصرية بجميع وزاراتها وأجهزتها المعنية بذلت جهوداً كبيرة لتحويل هذه البقعة المقدسة التي شرّفها المولى -عز وجل- بالتجلي فوقها، وذلك من أجل تقديمها إلى الإنسانية وشعوب العالم أجمع، على النحو الذي يليق بها؛ تقديراً لقيمتها الروحية الفريدة التي تنبع من كونها حاضنة للأديان السماوية الثلاثة».

ويتضمّن المشروع إنشاء النُّزل البيئي الجديد «الامتداد» بمنطقة وادي الراحة، ويتكوّن من 7 مبانٍ، فضلاً عن إنشاء الحديقة الصحراوية بمحاذاة سفح الجبل، وتربط النُّزل البيئي الجديد بالفندق الجبلي وإنشاء ممشى «درب موسى»؛ ليحاكي المسار التاريخي لسيدنا موسى -عليه السلام- عبر وادي الراحة وصولاً لجبل التجلي، بالإضافة إلى تطوير «74 شاليه» بالنُّزل البيئي القائم.

ولاستيعاب الكثافة السكانية الجديدة المتوقعة في المدينة، تواصل وزارة الإسكان إنشاء الحي السكني الجديد في الزيتونة. كما يضم المشروع تطوير المنطقة السياحية، وإنشاء بازارات تجارية لدعم القاعدة الاقتصادية في المدينة.

تطوير «مطار سانت كاترين» (مجلس الوزراء المصري)

في السياق نفسه، يتضمّن المشروع تطوير منطقة وادي الدير -وهي إحدى أهم مناطق سانت كاترين- التي أُنشئ بها دير سانت كاترين الذي يظلّ مزاراً روحانياً وأثرياً على المستوى العالمي.

وتوفّر الحكومة المصرية جميع الخدمات والمرافق لإنجاح هذا المشروع الطموح، من خلال تمهيد الطرقات وتطوير «مطار سانت كاترين» لاستيعاب حركة الطيران المتوقعة والتوسعات المستقبلية للمدينة، بوصفها واجهة سياحية ودينية عالمية.

وتتضمن أعمال تطوير المطار إنشاء مبنى للركاب بسعة 600 راكب في الساعة بدلاً من 300، بجانب رفع كفاءة الممر القائم، ليكون إجمالي سعة المطار 11 طائرة.

وتهدف مصر إلى الترويج لسانت كاترين لتكون جزءاً من التجربة السياحية المتكاملة التي يقدّمها المقصد السياحي المصري، وهي: سياحة المغامرات، والسياحة الثقافية، وسياحة الاستجمام، وسياحة العائلات، بجانب جذب شرائح جديدة من السائحين في العالم من المهتمين بالسياحة الروحانية، والسياحة الاستشفائية؛ لما تتميز به المنطقة من مكانة وقيمة متفردة من حيث الموقع المتميز والمقومات السياحية والطبيعية.

«الفندق الجبلي» في سانت كاترين (مجلس الوزراء المصري)

مدينة سانت كاترين الواقعة بالقرب من منتجعات شرم الشيخ، ونويبع، ودهب، يبلغ ارتفاعها 1600 متر فوق سطح البحر، وتحيط بها جبال عدّة هي الأعلى في سيناء ومصر، مثل: سانت كاترين، وموسى، والصفصافة.

وأُعلنت سانت كاترين «محمية طبيعية» تزخر بمقومات سياحية فريدة، فضلاً عن الحياة البرية والحيوانات مثل: الغزلان والذئاب.

وتتولّى وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية تنفيذ مشروع «التجلي الأعظم» من خلال «الجهاز المركزي للتعمير»، بتكلفة إجمالية تُقدّر بنحو 4 مليارات جنيه (الدولار الأميركي يعادل 48.3 جنيه مصري).