داليا مبارك... «حلم العالميّة سيتحقّق قريباً جداً»

الفنانة السعودية لـ«الشرق الأوسط»: التجديد الموسيقي عنوان المرحلة

الفنانة السعودية داليا مبارك من جلسة تصوير أغنيتها الجديدة «الصدفة» (صور الفنانة)
الفنانة السعودية داليا مبارك من جلسة تصوير أغنيتها الجديدة «الصدفة» (صور الفنانة)
TT

داليا مبارك... «حلم العالميّة سيتحقّق قريباً جداً»

الفنانة السعودية داليا مبارك من جلسة تصوير أغنيتها الجديدة «الصدفة» (صور الفنانة)
الفنانة السعودية داليا مبارك من جلسة تصوير أغنيتها الجديدة «الصدفة» (صور الفنانة)

انقضت 9 سنوات على ذلك اليوم الذي قلبت فيه داليا مبارك الطاولة. كانت حينها في الـ23 من عمرها، وخارجة لتوّها من حدادٍ طويل على والدٍ زرع فيها بذرة الجرأة. «أنا اليوم غير الأمس، كفى يا عَبْرَتي، نامي»، غنّت الفنانة السعوديّة لتجمع باكورة أعمالها الموسيقية «قلبت الطاولة» ملايين المشاهدات على منصة «يوتيوب».

بين أمس داليا ويومها هذا، تجارب وتحدّيات فنية وشخصية قلبت حياتها، لكنها لم تقتلع البذرة التي زرعها الوالد. فلا بدّ من جرأة كبيرة، حتى يستطيع فنانٌ القول إنّ العالميّة هي خطوته التالية. وها هي داليا مبارك تعلن في حديثها مع «الشرق الأوسط» أنّ تحقيق حلمها بالعالميّة بات قريباً جداً.

بعد 10 سنوات في مجال الغناء تقول داليا مبارك إن حلم العالمية شارف على أن يصبح حقيقة (إنستغرام)

لا تكشف الكثير عن خطّة الطريق التي ستأخذها إلى هذا الحلم، إلّا أنها تتحدّث عن «مشاريع عدّة قيد التحضير ستكون على قدر توقّعات الجمهور». وفي الأثناء، تستكمل داليا إصدار أغاني ألبومها «11:11» واحدة تلو الأخرى. «في كل أغاني 11:11 اتّبعتُ التغيير والتجديد من الناحية الموسيقيّة»، تقول داليا.

تتكرّر كلمة «التجديد» على لسانها؛ تلفت إلى أنه العنوان العريض لحياتها ومسيرتها الفنية. ثم تضيف أنها، كسائر بنات جيلها، تحبّ «المغامرة والتجديد». وحين تسألها ما إذا كان تحفيز الوالد هو الذي منحها الثقة وحطّم التردّد، تجيب: «السند المعنوي الذي قدّمه أبي شكّل جزءاً كبيراً من التحرّر، كما أنّ دعم أمّي الدائم كان سبب استمراري وتطوّري».

في الألبوم الجديد حرصت داليا على التغيير والتجديد (إنستغرام)

اليوم، وهي في قلب حملة الترويج لألبومها، تشعر داليا بقيمة هذا الدعم العائلي. 8 أغنيات تصدر تباعاً منذ 4 أشهر، بمعدّل أغنيتَين كل شهر. إنتاجاً، تتعاون الفنانة السعودية مع شركة «وارنر ميوزك» (Warner Music Middle East). أما لحناً وكلاماً وأسلوباً، فالتنوّع هو عنوان الألبوم. تقدّم داليا الأغنية الخليجيّة، والعراقيّة، والمصريّة، واللبنانيّة ضمن قوالب عصريّة.

تصف الشراكة مع «وارنر» بالناجحة، لافتة إلى أنها جلبت لها السعادة، بما أنّ الشركة العالميّة ساندتها في قرارها التجديد الموسيقي ضمن ألبوم «11:11». انعكست نتائج هذا القرار منذ أولى أغاني الألبوم، «مرة عن مليون» التي قدّمت فيها داليا الهيب هوب الخليجي على طريقتها، متعاونة غناءً وكلاماً مع مغنّي الراب الكويتي دافي، ولحناً مع علي المتروك، وإخراجاً مع آنجي جمّال.

بين «مرة عن مليون» وسابع إصدارات الألبوم أغنية «الصدفة»، لم يتبدّل الكثير على مستوى التحديث. في «الصدفة»، وهي من كلمات حيدر الأسير وألحان علي صابر، تقدّم داليا اللون العراقي بنفَس عصريّ. وتكتمل الصورة الخارجة عن المألوف من خلال الفيديو كليب الذي أخرجَه بسام الترك.

لا تمانع في تقديم الأمزجة الموسيقية كلها، من الكلاسيكي الرومانسي إلى الإيقاعي الراقص، مروراً بالأغنية الأجنبية. «ليس هناك نوع موسيقي مفضّل لديّ، بل هناك أغنية أقرب إلى قلبي، وعلى الفنان أن يؤدّي كل الأنواع وفق إحساسه»، تقول داليا.

في ثانية أغاني الألبوم «حالة نفسية»، لم تتردّد في تقديم اللون المصري الشعبي من كلمات محمد عاطف وألحان مدين. كما أنها خاضت التجربة اللبنانية للمرة الأولى في مسيرتها الموسيقية، مغنّية «قلبي صادق» من كلمات الشاعر نزار فرنسيس والمؤلّف الموسيقي ميشال فاضل.

أما فيما تبقّى من أغاني الألبوم، الخليجي والعراقي منها، فقد حافظت داليا على المزاج العصري لحناً وتوزيعاً؛ كما في أغنية «الغايب» من كلمات مشاري إبراهيم وألحان الفنان عبد العزيز الويس، و«ما فقدتك» التي تعاونت فيها مع الكاتب خالد الغامدي والملحّن سلطان خليفة، و«تشتاق روحي» ذات اللهجة العراقية وهي من كلمات محمد الجبوري وألحان علي صابر.

يكتمل ألبوم «11:11» قريباً مع صدور ثامنة أغانيه وآخرها، لينضمّ محتواه إلى رصيد داليا مبارك الموسيقي. إذا طُلب منها تقييم هذا الرصيد، تجيب بأنّ «كل أغنية صنعت فرقاً في مسيرتي، لكن لا شكّ في أنّ أغاني مثل (قلبت الطاولة)، و(ترا حقّي)، و(اللي يمشي) تركت بصمة أكثر من غيرها عند الجمهور».

غلاف ألبوم داليا مبارك الجديد «11:11» (إنستغرام)

مَن يتابع داليا عبر صفحاتها على منصات التواصل الاجتماعي، يلاحظ أنها تحاول قضاء أكبر قدر ممكن من الوقت إلى جانب ابنتَيها ليلي وجاز. تقرّ بأنّ التوفيق صعب بين واجباتها كأمّ والتزاماتها الفنية، «لكني أسعى جاهدة من أجل توفير الوقت اللازم لابنتيّ، وبمساعدة أمي وعائلتي صار الموضوع أسهل». أما في حال رغبت ابنتاها دخول مجال الفن، فتعلّق داليا: «لا أمانع أي قرار يُسعد بناتي».

داليا مبارك مع ابنتَيها ليلي وجاز في دبي (إنستغرام)

إلى جانب الإعداد لألبومها «11:11»، انشغلت داليا خلال الأشهر الماضية بمجموعة من الأغاني الوطنيّة التي خصصتها لبلدها المملكة العربية السعوديّة. تقول إنها فخورة بما وصلت إليه بلادها اليوم، وهي تحرص على المشاركة غناءً أو حضوراً في الأنشطة الفنية والثقافية التي تشهدها المملكة. كان آخرها إطلالتها ضمن فعاليّات «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» في جدّة، إضافةً إلى مشاركتها في مؤتمر «هي هب» (Hia Hub)، إذ أسعدها الحوار الذي أُجري معها، وفق تعبيرها.

من إطلالة داليا مبارك الأخيرة في مؤتمر «هي هب» في الرياض (إنستغرام)

في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، اختارتها منصة «سبوتيفاي» للبثّ الموسيقي، وجهاً لقائمة EQUAL Arabia المخصصة لدعم الفنانات العربيات وتمكينهنّ عالمياً. تقول إنّ المبادرة أسعدتها وشرّفتها، خصوصاً أنها تسعى من خلال أعمالها الموسيقية، لأن تعكس صورة المرأة القويّة قولاً وفعلاً.

وعلى روزنامة داليا مبارك الحافلة، إطلالة غنائية قريبة ضمن مهرجان «ساوند ستورم» (Sound Storm) في الرياض، الذي يستضيف فنانين عرباً وعالميين، ضمن أضخم حدثٍ موسيقي تشهده المنطقة العربية.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق إد شيران يُغنّي... ويُفاجئ (فيسبوك)

إد شيران يُفاجئ 200 تلميذ... رائعة أيتها الموسيقى

ظهر المغنّي وكاتب الأغنيات البريطاني إد شيران، بشكل مفاجئ، في فعالية مهنية عن صناعة الموسيقى مُوجَّهة للتلاميذ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
TT

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

قد ينشغل اللبنانيون في زمن الحرب بأخبارها وأحوال النازحين وكيفية تأمين حاجاتهم. لكنّ قلةً منهم فكّرت بجزء من المجتمع اللبناني؛ هم الأشخاص الصمّ. فهؤلاء يفتقدون القدرة على السمع وسط حرب شرسة. لا أصوات القذائف والصواريخ، ولا الانفجارات والمسيّرات. ولا يدركون إعلانات التحذير المسبقة لمنطقة ستتعرّض للقصف. وقد تكمُن خطورة أوضاعهم في إهمال الدولة الكبير لهم. فهي، كما مراكز رسمية ومستشفيات ووسائل إعلام، لا تعيرهم الاهتمام الكافي. فتغيب لغة الإشارة التي يفهمونها، ليصبح تواصلهم مع العالم الخارجي صعباً.

من هذا المنطلق، ولدت مبادرة «مساعدة الصمّ»، فتولاها فريق من اللبنانيين على رأسهم نائلة الحارس المولودة من أب وأم يعانيان المشكلة عينها. درست لغة الإشارة وتعاملت من خلالها معهما منذ الصغر؛ الأمر الذي دفع بأصدقائها الصمّ، ملاك أرناؤوط، وهشام سلمان، وعبد الله الحكيم، للجوء إليها. معاً، نظّموا مبادرة هدفها الاعتناء بهؤلاء الأشخاص، وتقديم المساعدات المطلوبة لتجاوز المرحلة.

بلغة الإشارة يحدُث التفاهم مع الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

تقول نائلة الحارس لـ«الشرق الأوسط» إنّ القصة بدأت مع صديقتها ملاك بعد نزوح أهلها الصمّ إلى منزلها في بيروت هرباً من القصف في بلدتهم الجنوبية، فتوسّعت، من خلالهم، دائرة الاهتمام بأصدقائهم وجيرانهم. وعندما وجدت ملاك أنّ الأمر بات يستدعي فريقاً لإنجاز المهمّات، أطلقت مع هشام وعبد الله المبادرة: «اتصلوا بي لأكون جسر تواصل مع الجمعيات المهتمّة بتقديم المساعدات. هكذا كبُرت المبادرة ليصبح عدد النازحين الصمّ الذين نهتم بهم نحو 600 شخص».

لا تواصل بين الصمّ والعالم الخارجي. فهم لا يستطيعون سماع أخبار الحرب عبر وسائل الإعلام، ولا يملكون «لاب توب» ولا أدوات تكنولوجية تخوّلهم الاطّلاع عليها لحماية أنفسهم. كما أنّ لا دورات تعليمية تُنظَّم من أجلهم ليتمكّنوا من ذلك.

كي تلبّي نائلة الحارس رغبات الصمّ وتجد فرصاً لمساعدتهم، كان عليها التفكير بحلّ سريع: «لأنني أدرس لغة الإشارة والترجمة، دعوتُ من خلال منشور على حسابي الإلكتروني متطوّعين لهذه المهمّات. عدد من طلابي تجاوب، واستطعتُ معهم الانكباب على هذه القضية على أرض الواقع».

معظم الصمّ الذين تعتني بهم المبادرة في البيوت. بعضهم يلازم منزله أو يحلّ ضيفاً على أبنائه أو جيرانه.

يؤمّن فريق «مساعدة الصمّ» جميع حاجاتهم من مساعدات غذائية وصحية وغيرها. لا تواصل من المبادرة مع جهات رسمية. اعتمادها الأكبر على جمعيات خيرية تعرُض التعاون.

كل ما يستطيع الصمّ الشعور به عند حصول انفجار، هو ارتجاج الأرض بهم. «إنها إشارة مباشرة يتلقّونها، فيدركون أنّ انفجاراً أو اختراقاً لجدار الصوت حدث. ينتابهم قلق دائم لانفصالهم عمّا يجري في الخارج»، مؤكدةً أنْ لا إصابات حدثت حتى اليوم معهم، «عدا حادثة واحدة في مدينة صور، فرغم تبليغ عائلة الشخص الأصمّ بضرورة مغادرة منزلهم، أصرّوا على البقاء، فلاقوا حتفهم جميعاً».

ولدت فكرة المبادرة في ظلّ مصاعب يواجهها الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

وتشير إلى أنّ لغة الإشارة أسهل مما يظنّه بعضهم: «نحرّك أيدينا عندما نتحدّث، ولغة الاشارة تتألّف من هذه الحركات اليومية التي نؤدّيها خلال الكلام. كما أن تعلّمها يستغرق نحو 10 أسابيع في مرحلة أولى. ويمكن تطويرها وتوسيعها بشكل أفضل مع تكثيف الدروس والتمارين».

عدد الصمّ في لبنان نحو 15 ألف شخص. أما النازحون منهم، فقلّة، بينهم مَن لجأ إلى مراكز إيواء بسبب ندرة المعلومات حول هذا الموضوع. كما أنّ كثيرين منهم لا يزالون يسكنون بيوتهم في بعلبك والبقاع وبيروت.

بالنسبة إلى نائلة الحارس، يتمتّع الأشخاص الصمّ بنسبة ذكاء عالية وإحساس مرهف: «إنهم مستعدّون لبذل أي جهد لفهم ما يقوله الآخر. يقرأون ملامح الوجه وحركات الشفتين والأيدي. وإنْ كانوا لا يعرفون قواعد لغة الإشارة، فيستطيعون تدبُّر أنفسهم».

يغيب الاهتمام تماماً من مراكز وجهات رسمية بالأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم: «ينبغي أن يتوافر في المراكز الرسمية، أسوةً بالخاصة، متخصّصون بلغة الإشارة. المشكلات كثيرة في كيفية تواصلهم مع الآخر. فالممرض في مستشفى قد لا يعرف كيفية سؤالهم عن زمرة دمهم. وليس هناك مَن يساعدهم لتقديم أوراق ووثائق في دعوى قضائية. هذه الثغر وغيرها تحضُر في مراكز ودوائر رسمية».

تختم نائلة الحارس: «التحدّي في الاستمرار بمساعدة الأشخاص الصمّ. فالإعانات التي نتلقّاها اليوم بالكاد تكفينا لأيام وأسابيع. على أي جمعية أو جهة مُساعدة أخذ هؤلاء في الحسبان. فتُدمَج مساعدات الأشخاص العاديين مع مساعدات الصمّ، وبذلك نضمن استمرارهم لأطول وقت».