«حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

لا يستطيع هذا العالم أن ينجب في خلال ألف عام أكثر من فيروز واحدة (الحلقة الثالثة)

فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)
TT

«حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)
فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

انطلقت فيروز فنياً مع دخولها الإذاعة اللبنانية في شتاء 1950. وواصلت مسيرتها بثبات خلال العام التالي، وحقّقت نجاحاً كبيراً بين عامي 1952 و1953، بعد ارتباطها بالأخوين رحباني بشكل أساسي، كما تشهد الصحافة التي رافقت هذه المسيرة. تابعت مجلة «الصياد» نشاط «الثالوث الفني المؤلف من الأخوين عاصي ومنصور رحباني والمطربة فيروز»، خلال تلك الحقبة، وامتدحت بشغف بالغ هذه المطربة التي «تملك قدرة عظيمة على تنويع الأنغام، وتؤدي اللحن الغربي بنفس القوّة والنجاح اللذين تؤدّي بها لحن (العتابا) و(أبو الزلف) والموشحات والليالي والأدوار».

أولى الحفلات بين بيروت ودمشق

توزّع هذا النشاط الفني الغزير على الإذاعة اللبنانية و«محطة الشرق الأدنى»، ولم يتخطّ هذا الإطار إلا نادراً كما يبدو. في 21 فبراير (شباط) 1952، نشرت «الصياد» خبراً قصيراً يقول: «كانت المطربة فيروز كوكب الحفلة الفنية التي أقامتها لجنة مؤازرة التسلُّح في دمشق؛ فقد استطاعت هذه الفتاة الصغيرة أن تمتلك عواطف الجمهور بأغانيها الخفيفة الراقصة». ويتّضح عند مراجعة التقارير التي رصدت هذا الحدث أن العرض كان حفلاً جماعياً من تنظيم سيدات دمشق، يهدف إلى مؤازرة حركة التسلُّح في الجيش السوري، أُقيم في قاعة سينما دمشق، برعاية رئيس الدولة فوزي سلو، ورئيس الأركان العامة للجيش السوري العقيد أديب الشيشكلي.

أعد برنامج هذا الحفل مدير الإذاعة السورية، أحمد عسة، وتطوّع للغناء فيه عدد من النجوم، منهم حليم الرومي، وسعاد محمد، وحنان، مع الفرقة السيمفونية للإذاعة السورية التي أنشأها أحمد عسة، كما أن سيدات دمشق قدّمن فيه استعراضاً راقصاً يستلهم الفن الشعبي السوري.

كتبت مجلة «الإذاعة»، في وصف إطلالة النجمة الشابة الأولى على المسرح الدمشقي: «قوبلت فيروز بعاصفة شديدة من التصفيق؛ فالجمهور كان يترقّب ظهورها على المسرح بفارغ الصبر، ليرى وجه هذه المطربة التي أحبّ صوتها على أمواج الأثير، وكانت فيروز في خوف من هذا الموقف، ولم تكن واثقة من نفسها ومن قدرتها على السيطرة على هذا الجمهور، ولكن التصفيق أعطاها شيئاً من القوة، فانطلقت تملأ جو القاعة بأغانيها المرحة وصوتها العميق العذوبة، وبين المقطع والمقطع، كان التصفيق يدوِّي لهذه المطربة التي بلغت القمة».

تذكر مجلة «الإذاعة»، في مايو (أيار)، مشاركة حيَّة أخرى للمغنية الشابة في أول سهرة أقامتها «نقابة الموسيقيين المحترفين» في بيروت، وتقول: «كانت المطربة المبدعة الآنسة فيروز كوكب السهرة بصوتها العميق الحالم، وقد حيّت الأخطل الصغير الأستاذ بشارة الخوري بقصيدة: (يا قطعة من كبدي)، التي ألفها شاعرنا الكبير لكريمته المصونة (وداد)، التي كانت بين المدعوات إلى السهرة مع والدها الشاعر الكبير».

فيروز متوسطةً عاصي ومنصور الرحباني في سهرة أقامتها «نقابة الموسيقيين المحترفين» في بيروت ربيع 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

في هذا الميدان كذلك، نشرت مجلة «الإذاعة»، في أول يونيو (حزيران)، مقالاً حول مسرحية عنوانها «غابة الضوء»، قُدّمت في كلية البنات الأميركية (جونيور كوليدج)، في حضور رئيس الوزراء سامي بك الصلح وبعض الوزراء والنواب والصحافيين: «وهي أسطورية شعرية من تلحين الأخوين رحباني، اشتركت بالتمثيل والغناء فيها إلى جانب طالبات (جونيور كوليج) المطربة ذات الصوت الساحر الحالم فيروز». في المقابل، نقلت المجلة في العدد نفسه خبراً يتحدث عن تمثيلية بعنوان «طروب» مستوحاة من «أيام هارون الرشيد وفتكه بالبرامكة وضعها نقولا بسترس، ولَحَّنها جورج فرح، وغنَّتها فيروز، ومثَّلها طلاب معهد التمثيل في الكونسرفتوار الوطني». وأضافت: «التمثيل موفَّق، وقد أثبتت فيروز من جديد أنها مطربة ممتازة».

تصفيق الناس «ينرفزها»

شكّلت تلك الإطلالات الحية حالات نادرة في مسيرة فيروز الأولى، ويبدو أنها لم تتكرّر خلال الأعوام التالية؛ ففي 18 سبتمبر (أيلول)، كتبت «الصياد»: «اعتذرت المطربة فيروز عن العمل في أحد الملاهي الكبرى بعالية، رغم المرتب الجيد الذي وُضع لها، وكانت حجة المطربة أنها لا تستطيع مواجهة الجمهور كل ليلة، والتخلي عن فضيلة الخجل التي تلازمها دائماً». تتضح هذه الصورة في تعليق نشرته مجلة «الإذاعة»، تحت عنوان «فيروز قبضاية الاستوديو»، ونصّه: «سيدة الأغاني الشعبية الراقصة، تلميذة المعهد الموسيقي الوطني والمعهد الرحباني، وهي كثيراً ما تُسجّل أغانيها أثناء القيام بالبروفات، أي أنها تحفظ الأغنية وتسجلها في وجبة واحدة، وليس لديها أي مانع من أخذ دور غيرها في أي لحن كان. ومن طباعها أنها تخشى المسرح وعيون الناس، وتصفيقهم (ينرفزها) لدرجة أنها تنسى الكلام الذي يجب أن تقوله. وحدث لها مرة أنها كانت تغني (ماروشكا) في البيسين بعالية، ونسيت الكلام، وانقلبت إلى شاعرة تؤلف كلاماً موزوناً، ولكن لا معنى له. أما في استوديو الإذاعة، فهي قبضاية تسيطر على رجال التخت، وعلى رأسهم عاصي الرحباني بالذات، ولا تتلعثم أبداً لأنها لا تذيع أغنية إلا والورقة في يدها».

فيروز في ربيع عام 1953 (أرشيف محمود الزيباوي)

حقّقت فيروز نجاحاً كبيراً من خلال عملها الإذاعي مع الأخوين رحباني، وبلغ هذا النجاح ذروته مع أغنية «عتاب». كتبت «الصياد»، في الأسبوع الأخير من سبتمبر (أيلول) 1952: «بقي أن نقول إن أغنية (عتاب) التي لحَّنها عاصي الرحباني، وغنَّتها فيروز، قد أصبحت أغنية الجمهور المفضلة في البيوت والصالونات، وبدأت تهدد الأغنية الشعبية المشهورة (عاللوما اللوما)»، وهي الأغنية التي أطلقت شهرة وديع الصافي. وتحدثت «الصياد»، في مطلع عام 1953، عن بروز نتاج الأخوين رحباني، وقالت: «كان لفيروز الفضل الأكبر على هذين الفنانَين، لأنها أحسنت إبراز ألحانهما بصوتها العاطفي القوي، خصوصاً في أغنية (عتاب) التي تذوب فيها أمام الميكروفون، وتذوب معها قلوب المستمعين وعواطفهم».

حزب «الفيروزيّين»

شكّل هذا الثالوث ظاهرة فنيّة شبابية، سطعت في لبنان كما في سوريا خلال ذلك العام. في 11 فبراير (شباط)، كتبت «الصياد» تحت عنوان «الفيروزيون»: «في دمشق عدد كبير من الطلاب والشباب يسمّون أنفسهم (الفيروزيين)، وذلك نسبة إلى المطربة اللبنانية جميلة الصوت وكثيرة الخجل (فيروز). لقد أصبح اسم (فيروز) في العالم العربي على كل شفاه ولسان، بل أصبح مِن أحب الأسماء إلى قلوب الناس، خصوصاً الشباب والطلاب الذين يردّدون أغانيها باستمرار، ويتحمّسون لها وللأخوين رحباني حماستَهم لمجد وطني أو ظاهرة قومية».

وفي 15 مارس (آذار)، تطرّقت «الصياد» من جديد إلى هذه الظاهرة، وقالت: «يبدو أن حزب (الفيروزيين) بدأ يتوسع ويكبر إلى درجة أنه سينافس أكبر الأحزاب السياسية في هذا البلد. فما كادت هذه المجلة تشير إلى أن أكثر الشبان السوريين بدأوا يحملون لقب الفيروزيين نسبة لإعجابهم بفيروز، حتى أخذ كثيرٌ من الشبان اللبنانيين والفتيات والسيدات يكتبون إلينا مؤيدين هذا الحزب ومعلنين انضمامهم إليه، لأن إعجابهم بفيروز لا يقل بحال من الأحوال عن إعجاب إخوانهم السوريين. بقي أن نقول إنه إذا كان حزب المطربة فيروز بدأ يكبر ويتضخم، فإن لذلك سببين: أوّلهما أن صوت هذه المطربة عميق العذوبة، موقظ للآلام النائمة في القلب والنفس، والثاني أن اللبنانيين كرهوا الأحزاب السياسية القائمة على المنفعة الخاصة وإيقاظ الفتن النائمة، وأصبحوا يبحثون بالسراج والفتيلة عن أحزاب مثل حزب فيروز توفر لهم الطمأنينة والبهجة».

فيروز في جلسة عمل بمحطة «الشرق الأدنى» عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

جذبت هذه الظاهرة سليم اللوزي يوم كان صحافياً يعمل في الميدان الفني، فكتب تحقيقاً قصيراً لمجلة «الكواكب» المصرية نُشر في يونيو (حزيران)، تحت عنوان «مطربة تهاب المجد»، واستهل هذا التحقيق بالحديث عن جمعية «الفيروزيين» التي يرأسها في بيروت سعيد فريحة ونجيب حنكش، ثم انتقل إلى منزل فيروز الذي «يقع في حي زقاق البلاط بيروت، وهو حي الطبقة العاملة في العاصمة اللبنانية»، وقال إن المطربة «اندهشت من زيارة عدسة (الكواكب) لها؛ فهي لم تعتد أضواء الصحافة وتخاف آلات التصوير كما تخاف الظهور على المسرح». فسألها: «ولماذا لا تحاولين الظهور في السينما؟»، فأجابت: «إذا كنتُ أخاف أن أظهر على المسرح؛ فما بالك في السينما؟!». تضمّن هذا التحقيق صورتين استثنائيتين لفيروز، وظهرت لاحقاً صور أخرى معاصرة التُقِطت خلال تلك الزيارة النادرة. في يونيو (حزيران) 1952، أشارت مجلة «الإذاعة» إلى ابتعاد فيروز عن الإعلام، وقالت إنها «على عداء مستمر مع المصوِّرين». وبعد مرور عام من الزمن، احتفلت «الصياد» بنشر صورة من نوع «البورتريه» لفيروز، وقالت في تعليقها إن هذا الإنجاز تمّ بعد أن «كتب قُرَّاء كثيرون يطلبون نشر صور لائقة للمطربة فيروز، لأن جميع الصور التي نُشرت لها في الماضي كانت من النوع الذي لا يشفي الغليل».

استفتاء العشق

شكَّلت فيروز ظاهرة فريدة من نوعها؛ حيث اشتهرت بـ«الاختفاء الدائم وراء الميكروفون»، كما كتبت «الصياد»، في سبتمبر (أيلول) 1953. غير أن فنها حظي بـ«شعبية طغت على الجميع، من الطبقة الأرستقراطية إلى طبقة العمال والكادحين». في ذلك الشهر كذلك، نشر وفيق العلايلي في مجلة «الإذاعة» مقالاً عنوانه «الفتاة التي مسحت جميع مطربي ومطربات الشرق العربي»، وكتب في مقدّمتها: «هذه الفتاة التي لم يمض عليها إلا سنوات معدودة، ولا يعرفها الناس إلا من وراء المذياع والمذياع فقط، دخلت في نفوس جماهير الشرق العربي، وأصبحت الحلم الذي يراود مخيلتهم في الليالي الحالمات الهادئات. هذه الفتاة التي لا يعرف أكثر الناس صورتها، وشكل وجهها، ولون عينيها، قد أصبحت الفكرة المسيطرة لكل من أحبّ الطرب والمطربين».

فيروز في محطة «الشرق الأدنى» عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

قال العلايلي إنه أجرى استفتاء مع عدد من الكُتّاب والوزراء والعائلات: «كانت النتيجة عجيبة، لأنهم كلهم يعشقون هذه المطربة عشقاً غريباً يصل في بعض الأحيان إلى حد الهوس والتعصُّب»، واستشهد برئيس «دار الأيتام الإسلامية» في بيروت، محمد علي بيهم، ونقل عنه قوله إن «فيروز قد أعادت إلى نفسي حب الطرب العربي بعد أن سئمتُ أغاني كبار المطربين والمطربات وألحانهم المائعة المتشابهة وأصواتهم التي لا تتغير. وأكثر من ذلك، لقد أصبحت أكثر العائلات في لبنان، إن لم أقل كلها، تدير أزرار الراديو ومفاتيحه باحثة عن الصوت الذهبي الذي يتردّد مع أمواج الأثير عبر الصحراء والنخيل إلى الشواطئ العربية».

وفي الختام، وجّه الكاتب التحية إلى الأخوَيْن رحباني «اللذين اكتشفا هذا الينبوع، بل هذا الكنز الفني النادر»، وقال إنهما «يسيران مع العصر؛ عصر الحركة الدائمة، ويتعمّدان ألا يُدخِلا الملل إلى نفوس المستمعين». وتمنّى منهما «أن يجعلا اللون العربي يتغلّب على اللون الأوروبي حتى يأتي الطابع الموسيقي موافقاً للبيئة التي تعيش فيها مع هذا التجديد المستحب الذي سارا به في طريق النجاح».

امتدح كثيرون من أهل العلم والفن فيروز، وجعلوا مِن صوتها صوتَهم وصوتَ بلادهم، وذلك قبل أن يُطلِق عليها سعيد عقل لقب «سفيرتنا إلى النجوم» بزمن طويل. في هذا السياق، احتفى صاحب «الصياد»، سعيد فريحة، بالنجمة الشابة، بوصفه «الفيروزي الأوّل»، وكتب مخاطباً الآنسة كثيرة الحياء في مقالة مميزة نُشرت في 22 أكتوبر (تشرين الأول): «اتقي الله من مكانتك وجلال مقامك الرفيع، ودعينا نحن عباد الله الفيروزيين ننحني أمامك محبين ومباركين. إن هذا العالم يستطيع أن ينجب في كل يوم مائة صحافي وألف رئيس وزارة، ولكن لا يستطيع أن ينجب في خلال ألف عام أكثر من فيروز واحدة».


مقالات ذات صلة

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يوميات الشرق يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات Fringe وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة خلال الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر

يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي (هيئة الترفيه)

أول مؤتمر للموسيقى العربية في الرياض يوصي بتوثيق وصون التراث الشرقي

أوصى أول مؤتمر للموسيقى العربية عُقد في الرياض بأهمية تنفيذ مشروع عربي شامل، لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية، وفق منهجيات علمية دقيقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الوتر السادس مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

كان لأغنيات الشاعر مصطفى الجارحي التي لحنها وغناها الفنان مصطفى رزق، مطرب الجاز المصري، حضور كبير في النسيج الدرامي لمسلسل «ولاد الشمس».

حمدي عابدين (القاهرة)

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
TT

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)
المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

وأوضح خبير الأرصاد الجوية في «أكيو ويذر»، برايان لادا، أن موجة صقيع ضربت المدينة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، دفعت درجات الحرارة للانخفاض بمقدار 10 درجات تحت المعدل التاريخي. وسجَّلت المدينة درجات حرارة عظمى تراوحت بين 20 و30 درجة فهرنهايت، في أبرد فترة تمرُّ بها منذ فبراير (شباط) الماضي، لسكانها البالغ عددهم نحو 430 ألف نسمة.

وفي المقابل، وعلى بُعد نحو 225 مليون ميل، رصدت مركبة «كيوريوسيتي» التابعة لـ«ناسا» درجات حرارة نهارية بلغت نحو 30 درجة فهرنهايت على سطح الكوكب الأحمر، وفق «الإندبندنت». وفي حين هبطت درجات الحرارة ليلاً في منيابوليس إلى ما بين العشرينات والمراهقات (فهرنهايت)، فإنها سجَّلت على المريخ درجات حرارة قاربت 100 درجة تحت الصفر. وقال لادا إنّ ذلك «تذكير بأنه رغم تقارب درجات الحرارة النهارية أحياناً، فإنّ الكوكب الأحمر يظلّ عالماً مختلفاً تماماً».

ولكن، لماذا يكون المريخ بارداً إلى هذا الحد؟ الإجابة البديهية هي أنه في الفضاء، وهو كذلك أبعد عن الشمس من الأرض، فضلاً عن أنّ غلافه الجوّي الرقيق لا يحتفظ بالحرارة بكفاءة، وفق «ناسا».

فالأرض تدور على بُعد 93 مليون ميل من الشمس، في حين يقع المريخ على بُعد نحو 142 مليون ميل. كما أنّ غلافه الجوّي لا يُشكّل سوى نحو 1 في المائة من كثافة الغلاف الجوّي للأرض عند السطح، وفق «مرصد الأرض» التابع للوكالة. وهذا يعني أنّ درجة الحرارة على المريخ يمكن أن تنخفض إلى 225 درجة فهرنهايت تحت الصفر، وهي درجة قاتلة. فالبشر قد يتجمّدون حتى في درجات حرارة أعلى من 32 فهرنهايت، وهي درجة تجمُّد الماء. وأشار لادا إلى أنّ غياب بخار الماء في الغلاف الجوّي للمريخ يُسرّع فقدان الحرارة فور غروب الشمس.

لكن ذلك لا يعني غياب الطقس على الكوكب الأحمر. ففي بعض الجوانب، يتشابه طقس المريخ مع طقس الأرض، إذ يشهد كلاهما فصولاً ورياحاً قوية وسحباً وعواصف كهربائية. وتتكوَّن سحب المريخ على الأرجح من بلورات جليد الماء، لكنها لا تدرّ مطراً بسبب البرودة القاسية. وقال علماء «ناسا»: «إنّ الهطول على الأرجح يتّخذ شكل الصقيع. فسطح المريخ يكون عادة أبرد من الهواء، خصوصاً في الليالي الباردة الصافية، مما يجعل الهواء الملامس للسطح يبرد وتتجمَّد الرطوبة عليه». وقد رصدت مركبة «فايكينغ 2» هذا الصقيع على السطح في بعض الصباحات خلال سبعينات القرن الماضي.

وتُواصل مركبة «كيوريوسيتي» تتبُّع الطقس المريخي منذ وصولها إلى فوهة غيل عام 2012، وهي تقع في نصف الكرة الجنوبي قرب خطّ الاستواء. وفي الأول من ديسمبر (كانون الأول)، سجَّلت المركبة درجة حرارة عظمى بلغت 25 درجة فهرنهايت، بينما هبطت الصغرى إلى 96 درجة تحت الصفر.


أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
TT

أصغر تمثال في التاريخ... فنان بريطاني يصنع عملاً بحجم خلية دم

الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)
الخيال أكبر دائماً من المقاييس (ديفيد أ. ليندون)

قال فنان متخصّص في الأعمال الميكروسكوبية إنه حطَّم رقمه القياسي العالمي السابق بعد ابتكار أصغر تمثال مصنوع يدوياً في التاريخ.

ووفق «بي سي سي»، أوضح ديفيد أ. ليندون، من مدينة بورنموث في مقاطعة دورست البريطانية، أنّ عمله الأخير الذي أطلق عليه «الوجه الأصفر المبتسم» هو «غير مرئي للعين البشرية»، إذ لا تتجاوز أبعاده 11.037 ميكرون طولاً و12.330 ميكرون عرضاً.

وأشار ليندون إلى أنّ عمله الفنّي «يعيش» فوق طابع بريد من الدرجة الأولى، على نقطة دقيقة جداً موضوعة فوق صورة عين الملكة الراحلة.

ونجح العمل في تحطيم الرقم القياسي السابق للفنان نفسه لأصغر تمثال مصنوع يدوياً، وهو «قطعة الليغو».

ويُعرَف ليندون، الحاصل على 12 رقماً في «موسوعة غينيس»، بأعماله الفنّية شديدة الصغر، من بينها 3 نسخ ميكروسكوبية من لوحات فان غوخ الشهيرة، نفَّذها داخل آلية ساعة، وبيعت مقابل 90 ألف جنيه إسترليني. أما «قطعة الليغو الحمراء» فبلغت أبعادها 0.02517 ملم طولاً و0.02184 ملم عرضاً.

في مساحة بحجم ذرّة يصنع الفنان عالماً كاملاً (ديفيد أ. ليندون)

وقال الفنان: «قطعة الوجه الأصفر المبتسم تُعادل نصف حجم (قطعة الليغو الحمراء)، التي كانت بدورها أصغر بـ4 مرات من الرقم القياسي السابق». وأوضح أنّ حجم العمل الجديد يُعادل حجم خلية دم بشرية، أو جراثيم العفن، أو البكتيريا، أو بودرة التلك، أو قطرة ضباب.

ومن أعماله الأخرى مجسَّمات مجهرية لحيوانات دقيقة يصنعها داخل ثقب الإبرة، بدءاً من الحوت الأزرق وصولاً إلى فراشة الطاووس الرقيقة. وأضاف مازحاً: «ربما أكون قد فقدتُ عقلي تماماً».

ويجري تثبيت الطابع الذي يحمل «الوجه الأصفر المبتسم» على برج زجاجي داخل صندوق زجاجي مُحكَم الإغلاق. وأعرب ليندون عن امتنانه للدكتورة سارة إليوت وجاك روز من جامعة بورنموث على قياس العمل الجديد، واعتماده على هيئة رقم قياسي عالمي.


ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
TT

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

أصدر النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

وأكد دي كابريو، البالغ من العمر 51 عاماً، أن الإفراط في الظهور قد يضر بالممثل الطموح الذي يتطلع إلى النجاح في هوليوود، وفقاً لشبكة «فوكس نيوز».

وقال نجم فيلم «تايتانيك»: «أكثر ما يمكنني قوله هو إنه إذا كنت تحب هذه المهنة، إذا كنت تحب التمثيل، فعليك أن تدرك أنها أشبه بماراثون، وليست سباقاً قصيراً».

وأضاف: «هذا لا يعني أن هذه كلها خيارات مصيرية. لا تجرّبوا شيئاً تجارياً. لا تفعلوا هذا مبكراً جداً.. يتعلق الأمر بفكرة النظر إلى مسيرتكم المهنية بعد 20، 30، 40، 50 عاماً من الآن، ووضع هذه العناصر معاً لضمان استمراريتها».

وتابع: «ربما يكون الإفراط في التعرض مضراً... أعتقد، إن لم يكن هناك أي شيء، أنني كنتُ أملك حدساً مبكراً بشأن الإفراط في التعرض. صحيحٌ أن ذلك كان زمناً مختلفاً. كان زمناً شاهدتُ فيه ممثلين اختفوا عن الأنظار، ولم نكن نعرف الكثير عنهم. أما الآن، فقد اختلف الأمر كثيراً مع وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لم أتمكن من معرفة الكثير عنهم إلا ما رأيته على الشاشة».

أشار دي كابريو إلى أن الزمن تغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مشاهدة ممثلين آخرين يبنون ببطء أعمالاً قوية أثّرت على قراراته المهنية.

وشرح: «رأيتهم يبنون أعمالاً رائعة مع مرور الوقت. لم أُغمر بفيضٍ هائل من أفلامهم في عام أو عامين. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك قبول العمل عندما يُعرض عليك، ولكن الفكرة هي توزيعه، أو ربما مجرد اختيار الأفلام التي تضم شخصيات ثانوية رائعة ومثيرة للاهتمام وتترك بصمتك في هذا المجال».

اشتهر دي كابريو برفضه دوراً في فيلم «هوكس بوكس»، وهو أعلى أجر كان سيحصل عليه آنذاك. وبدلاً من ذلك، قبل دور «ما الذي يزعج جيلبرت جريب»، الذي نال عنه أول ترشيح لجائزة الأوسكار. وصرح الممثل أن نقطة التحول في مسيرته كانت فيلم «تايتانيك»، الذي مكّنه من اختيار أفلامه بنفسه.

وأوضح: «كنت محظوظاً جداً في البداية. وكما ذكرتُ مع فيلم (تايتانيك)، كانت تلك نقطة التحول الحقيقية، عندما أتيحت لي فرصة اختيار أفلامي بنفسي. ولكن حتى ذلك الحين، كنتُ أشارك في العديد من الأفلام المستقلة. كنتُ أختار الشخصية التي أجدها الأكثر إثارة للاهتمام، والتي أستمتع بها».