يمان الحاج لـ«الشرق الأوسط»: انسلاخي عن لبنان جرح لن يلتئم

أدّت أغنية «المهاجر» بحضور والدتها الفنانة فاديا طنب

يمان الحاج في مشهد من فيديو كليب الأغنية (صور الفنانة)
يمان الحاج في مشهد من فيديو كليب الأغنية (صور الفنانة)
TT

يمان الحاج لـ«الشرق الأوسط»: انسلاخي عن لبنان جرح لن يلتئم

يمان الحاج في مشهد من فيديو كليب الأغنية (صور الفنانة)
يمان الحاج في مشهد من فيديو كليب الأغنية (صور الفنانة)

تلامس الفنانة اللبنانية يمان الحاج قلوب الأمهات والشباب بعملها الجديد، أغنية «المهاجر». فيها، قاربت أحد الموضوعات الحساسة، وهو هجرة الوطن. وفيها أيضاً، تصبّ مشاعرها التي تترجم أفكار أبناء جيلها حيال هذه المسألة. تتعمّد أن تطلّ والدتها الفنانة فاديا طنب لاكتمال الأغنية، مما يتيح تلوينها بمقطع بالعربية بعدما أدّتها بالإنجليزية.

لماذا اختارت الكلمات بالإنجليزية؟ توضح لـ«الشرق الأوسط»: «كثيرون يطرحون هذا السؤال. الجواب بسيط، فلا أجيد التعبير عن مشاعري سوى بهذه اللغة. بحروفها أكتب أغنياتي، وذلك يعود أيضاً إلى أنني ترعرعت على موسيقى كلاسيكية وأغنيات غربية».

تخبرنا بأنّ فكرة الأغنية تراودها منذ مدّة طويلة، فهي عرفت الهجرة باكراً في عائلتها: «أختي غادرت لبنان، ولم أمضِ أوقاتاً طويلة معها. من ثَم، هاجر أصدقاء وأقارب. أدركتُ بعدها أنهم اتخذوا قراراهم بملء رغبتهم، وإلا لما هاجروا».

في عام 2021، هاجرت يمان الحاج بدورها إلى الإمارات: «شعرتُ بالاختناق، لا سيما أنّ الأزمات تلاحقت. جاءت الجائحة فساءت الأمور. فشعرت كأنّ الأرض تبتلعني، فهاجرت. عندها أدركتُ تعلقي بلبنان. لا أبالغ في القول إنّ هذا الانفصال جرح لن يلتئم».

تضيف أنها حتى بالعودة إلى لبنان، سيظلّ طعم الانسلاخ يرافقها. وتتحدّث عن ولادة الأغنية: «فكرتها بزغت في منتصف إحدى الليالي. كنتُ دائماً أحاول حماية نفسي، فأهرب من التفكير بلبنان وبعائلتي هناك، وأقفل أبواب مشاعري عليهما. ولكن، في تلك اللحظات، شعرتُ كأنني مُرغَمة على التحدّث مع نفسي عنهما. فوجعي كان كبيراً، لمستُه وأنا أتألم، تماماً كالهرّ الذي يلعق جرحه».

تترجم يمان الحاج في الأغنية مشاعر أبناء جيلها (صور الفنانة)

توجّعت وحيدة في غربتها، وهي تدوّن «المهاجر». فكّرت في بلدها وبكت. ولكن عند سماعها بعد كتابتها وتلحينها، افتقدت فيها شيئاً: «افتقدتُ اللمسة الشرقية، وهذا ما قاله أيضاً مقرّبون مني. ولأنّ الموضوع شخصي وينبع من تجربتي، كان لا بد أن ألوّن الأغنية بكلمات ونغمات شرقية».

من هنا، ولدت فكرة تعاونها مع والدتها فاديا طنب: «كتبتُ الأغنية بالإنجليزية، وتناقشتُ معها حولها، فطلبتُ منها حضورها، وكتب أبي الكلام بالعربية».

غنّت فاديا طنب المقطع العربي، رغم أنها تردّدت في البداية: «رأت أنّ الأغنية تمثّلني، ولم تُرد أن تفقدني هذه الخصوصية».

بتوقيع المخرج إيلي فهد، صوّرتها في لبنان، فطبعها بروحه الإبداعية التي تصفها يمان بالمميزة: «تجمعنا به نقاط مشتركة، فلدينا، نحن الثلاثة، حس مرهف في إخبار القصص، مثل أولاد يروون الحكايات من باب الفانتازيا والحلم. ولأنه يملك رؤية فنية أثق بها، اخترته بلا تردُّد. فهو ينجح دائماً في أخذي إلى مكان لا أتوقّعه».

مع والدتها فاديا طنب التي شاركتها الغناء (صور الفنانة)

لا خلاصة واحدة تختصر معاني أغنية «المهاجر»، فهي تقارب موضوعات مختلفة من حزن وحنين وعائلة، ولكنها تُعلي شأن الأمل. «في أحد المقاطع، أقول إننا مثل الطيور، نحلّق دائماً نحو مكان أفضل. نبحث عن الأمان، فالرجاء يحضر باستمرار. صحيح أننا محكومون بالهجرة، لكن القوة تلازمنا. متى ينتهي هذا الوجع؟ لا أعلم. لكني على يقين بأنّ الأمور ستحمل لنا الأفضل، فنحن شعب صامد».

تتوجّه إلى مَن يؤثر فيهم كلامها وأغنيتها بالقول: «لنعمل معاً ونتكاتف لنعيد للبنان تألّقه من جديد. بالاتحاد قوة، فكيف إن نبعت من إرادة الشباب؟».

ترغب يمان الحاج في العودة إلى لبنان، لكنها تخشى ذلك وهو مُنهَك. أما حلمها، فهو تأسيس مدرسة متخصّصة بالموسيقى (ميوزك برودكشن) في وطنها: «آمل بإنشاء مؤسّسة تُسهم في تطوير الموسيقى. فنحن نفتقد هذا النوع، إضافة إلى ورش عمل وبرامج تعليمية تصبّ في هذا الإطار».

ختاماً، تتحدّث عن علاقتها المميزة بوالدتها. تقول إنها تأثرت بها كثيراً منذ صغرها، فورثت عنها هدوءها وموهبتها: «محظوظة لأني ابنة فاديا طنب. فهي تختزل الصمود، والقلب الكبير، والاستيعاب. أشعر معها بالأمان والراحة. ساعدتني كثيراً لامتلاكها الإيجابية. كما لديها القدرة على فتح جميع الأبواب. كلمة (كلا) غير موجودة في قاموسها».


مقالات ذات صلة

عبد المجيد عبد الله أول فنان عربي في السلسلة الأولى لـ«بيلبورد العالمية»

يوميات الشرق الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله في السلسلة الأولى التي تطلقها «بيلبورد العالمية» بصفته أول فنان عربي يحظى بهذا الاعتراف العالمي الرفيع (الشرق الأوسط)

عبد المجيد عبد الله أول فنان عربي في السلسلة الأولى لـ«بيلبورد العالمية»

حقق الفنان السعودي عبد المجيد عبد الله، إنجازاً تاريخياً يُضاف إلى مسيرته الفنية الحافلة، بعد اختياره للمشاركة في السلسلة الأولى التي تطلقها «بيلبورد العالمية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أكثر من فعالية تحتفي بذكرى أم كلثوم (مشروع القاهرة عنواني)

احتفالية كبرى لاستعادة أغاني أم كلثوم في باريس

أعلن مسرح فيلهارموني دي باريس، الذي يعدّ أشهر المسارح في العاصمة الفرنسية، عن استضافة حفل غنائي لاستعادة أغاني «كوكب الشرق» أم كلثوم في الذكرى الخمسين لرحيلها.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق أنغام تطلق ألبومها الجديد «تيجي نسيب» (الشركة المنتجة)

أنغام تراهن على مواكبة الصيحات الموسيقية بألبومها الجديد

تراهن الفنانة المصرية أنغام على مواكبة أحدث الصيحات الموسيقية العالمية في ألبومها الجديد «تيجي نسيب» الذي احتفلت بإطلاقه، الأربعاء، في حفل كبير بإحدى دور العرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق ملصقات وسلع تحمل صور إلفيس بريسلي في برمنغهام ببريطانيا (إ.ب.أ)

سحر إلفيس بريسلي يتوهَّج في ذكرى ميلاده الـ90

تعمُّ الاحتفالات أرجاء بريطانيا إحياءً للذكرى الـ90 لميلاد أسطورة الغناء إلفيس بريسلي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الممثل بن أفليك وزوجته السابقة جنيفير لوبيز (رويترز)

بعد زواج دام عامين... جينيفر لوبيز وبن أفليك يتوصّلان إلى تسوية طلاق

توصّل النجمان الأميركيان بن أفليك وجينيفر لوبيز إلى تسوية بشأن طلاقهما، بعد 5 أشهر من الانفصال الذي أنهى زواجهما الذي دام عامين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
TT

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

في ظل الجدل الذي أثير مؤخراً حول «موهبته»، احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان (13 مارس «آذار» 1925 - 19 مارس 1997)، وأصدر المهرجان بمناسبة ذلك كتاب «شكري سرحان... ابن النيل» للناقد المصري سامح فتحي، ويضم الكتاب فصولاً عدة تستعرض مسيرة الفنان منذ مولده وحتى أصبح نجماً من كبار نجوم السينما المصرية، متوقفاً عند أهم أفلامه التي وصلت إلى 161 فيلماً، بدءاً من أول أفلامه «نادية» 1949 للمخرج فطين عبد الوهاب، وحتى آخرها «الجبلاوي» 1991 للمخرج عادل الأعصر.

وكان قد أثير جدل حول انتقادات وجهها الممثل الشاب عمر متولي، نجل شقيقة عادل إمام، في برنامج يبثه عبر «يوتيوب» استضاف خلاله الممثل أحمد فتحي، تناولا خلاله سيرة الفنان الراحل شكري سرحان، حيث اتفقا على أنه «حقق نجومية أكبر من موهبته الحقيقية»؛ ما دفع أسرة الفنان الراحل لتقديم شكوى لنقابة الممثلين، حيث قدم نقيب الممثلين الفنان أشرف زكي اعتذاراً لأسرة الفنان الراحل، مهدداً كل من يتجاوز في حق الرموز الفنية بالشطب من النقابة. وفي المقابل اعتبر نقاد وفنانون الهجوم على فتحي ومتولي بمنزلة «تضييق على حرية إبداء الرأي على الأعمال الفنية ونجومها».

شكري سرحان في أحد أدواره (أرشيفية)

أعمال هادفة

ووصف المؤلف مسيرة شكري سرحان الفنية التي امتدت على مدى نصف قرن بأنها تميزت بـ«اختيار الأعمال الهادفة والجادة، وعدم الابتذال أو السقوط في حب الظهور وشهوة المال»، حيث شارك في «مئات الأدوار بالمسرح والسينما، وأمتع الملايين، وأثرى الحياة الفنية بكل ما هو مفيد وهادف».

فيما عَدّه الناقد سعد القرش في مقدمة كتاب «ابن النيل» بأنه الأكثر حظاً، وأنه من بين نجوم السينما المصرية الذي «كان الأقرب إلى الملامح النفسية والجسدية لعموم المصريين في جيله، رغم أنه لم يكن في وسامة محمود مرسي أو كمال الشناوي وعمر الشريف ورشدي أباظة، ولا يتمتع ببنية جسدية تنقله إلى الفتوات مثل فريد شوقي، حيث كان للنجوم صورة ذهنية لدى المشاهدين يشبهون أو يتشبهون بنجوم هوليوود من حيث تسريحة الشعر ولمعانه والشارب».

الناقد المصري سامح فتحي (الشرق الأوسط)

يستعرض سامح فتحي بدايات سرحان، الذي وُلد بالإسكندرية لكنه ينتمي لقرية «الغار» بمحافظة الشرقية، وكان الأوسط بين شقيقيه صلاح وسامي، وقد أثرت فيه حياة القرية، كما ذكر هو بنفسه، فقد أكد أن النشأة الدينية كانت إحدى سمات حياته منذ طفولته، فقد اعتاد على ارتياد المساجد وحفظ القرآن الكريم، وكان والده يعمل أستاذاً للغة العربية، ويحرص على أن تمضي الأسرة شهور الدراسة بالمدينة ثم تنتقل للقرية في الإجازة.

وبدأت علاقة سرحان بالفن من خلال شقيقه الأكبر صلاح، فحينما افتتحت دار سينما بالقرب من منزلهما، كان وشقيقه، حسبما روى، يتوقفان بجوارها ليستمعا لأصوات الممثلين، ويؤديان بعض الأدوار في حجرتهما حتى لا يشعر بهما والدهما، والتحق مثل شقيقه بفريق التمثيل بمدرسة الإبراهيمية، ثم التحق كلاهما بمعهد الفنون المسرحية في أول دفعة به، وكان من زملائه بالمعهد فريد شوقي وصلاح نظمي.

عثرات ونجاحات

واجه شكري سرحان عثرات في بداية طريقه الفني، حين اختاره منتج فيلم «هارب من السجن» لدور البطولة، حيث كاد يطير من الفرحة ثم قرر المخرج استبداله بالفنان فاخر فاخر، فحزن حزناً كثيراً خصوصاً بعد أن طالع خبراً بإحدى المجلات الفنية بأن الممثل الشاب شكري سرحان أثبت فشله في السينما، ما أصابه باكتئاب لفترة طويلة، لم ينقذه منه إلا خبر آخر كتبه الصحافي صلاح ذهني بمجلة «آخر ساعة»، حيث نشر صورة له وكتب أسفلها «فتى أول ينقصه مخرج»، فاتصل به المخرج حسين فوزي، ومنحه دوراً في فيلم «لهاليبو» مع نعيمة عاكف، ثم شارك في أدوار صغيرة بأفلام عدة من بينها «أفراح» و«بابا عريس».

مع سعاد حسني في أحد الأعمال (أرشيفية)

لكن الفرصة الكبرى والأهم جاءت حين اختاره المخرج يوسف شاهين لبطولة فيلمه «ابن النيل» ليكون هذا الفيلم البداية الحقيقية لشكري سرحان في السينما، وقال الفنان عن ذلك: «منحني الله هذا الشرف العظيم بأن أُمثل (ابن النيل) في هذه القصة، وفي وجود فريق قوي من الممثلين مثل يحيى شاهين ومحمود المليجي وفاتن حمامة».

وأشاد به يوسف شاهين بعد أحد المشاهد التي أداها، قائلاً له: «أنت برعت في أداء هذا المشهد مثل أعظم نجوم هوليوود، وأنا أمنحك أوسكار على ذلك».

انطلاقة كبرى

ويرى سامح فتحي مؤلف الكتاب أن فيلم «شباب امرأة» 1951 قد مثَل انطلاقة كبرى في مسيرة شكري سرحان، وكانت قد رشحته الفنانة تحية كاريوكا للمخرج صلاح أبو سيف لأداء دور «القروي الساذج إمام بلتاجي حسنين»، وقد ساعده على أداء الشخصية جذوره الريفية ليصبح الفيلم المأخوذ عن رواية الأديب أمين يوسف غراب في مقدمة الأفلام الواقعية المهمة في تاريخ السينما المصرية.

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

وتعد شخصية «سعيد مهران» بطل رواية نجيب محفوظ «اللص والكلاب» من أبرز الشخصيات التي أداها شكري سرحان، حيث كتب في مذكراته أنه حينما قرأ الرواية جذبته عبارة «خرج من السجن وفي جوفه نار»، ما يوحي بسخونة أحداثها وأنه أطلق لخياله العنان لتجسيد أحداثها التراجيدية، ومَثّل الفيلم الذي أخرجه كمال الشيخ السينما المصرية في مهرجان برلين 1964، وأشاد به النقاد الألمان الذين رأوه «فيلماً مصرياً متكاملاً يرقى إلى مستوى العالمية».

ويشير الكتاب الجديد إلى تقديم الفنان الكبير لتجارب مهمة في السينما العالمية، من بينها فيلم «ابن كليوباترا»، وسلسلة أفلام «قصة الحضارة بين العصور» للمخرج العالمي روسليني، وفيلم «أسود سيناء» مع المخرج الإيراني فريد فتح الله، كما يتوقف عند أعماله المسرحية التي برزت بشكل أكبر بعد نكسة 1967.

غلاف الكتاب الجديد (الشرق الأوسط)

وحاز شكري سرحان جوائز عدة خلال مسيرته، فقد حصل على جائزة أفضل ممثل عن أدواره في أفلام «اللص والكلاب»، و«الزوجة الثانية»، و«رد قلبي»، و«شباب امرأة»، و«ليلة القبض على فاطمة»، كما تم اختياره «أفضل ممثل في القرن العشرين» بعد تصدره قائمة «أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية» بعدد 15 فيلماً في استفتاء مهرجان القاهرة السينمائي 1996، الذي كرمه قبل عام من رحيله.