فاز فيلم المخرجة التونسية كوثر بن هنية، «أربع بنات»، بجائزة «غوثام» الأميركية لأفضل فيلم تسجيلي، وهو الفيلم العربي الوحيد المُشارِك في المناسبة هذا العام، ولو أنّ النخبة المرشَّحة ضمَّت أيضاً اسماً عربياً آخر هو المنتج الفرنسي - الجزائري الأصل سعيد بن سعيد.
و«غوثام»، الاسم الخيالي الذي استخدمته مجلات وأفلام «باتمان» منذ عقود، كان أُطلق عام 1991 احتفاءً بالفيلم المستقلّ.
في بداياته، خصّصته المؤسسة المشرفة عليه، وهي «غوثام فيلم آند ميديا إنستتيوت»، للأفلام التي تُنتَج وتُصوَّر في الجزء الشمالي من الولايات المتحدة. لكن القرار اتُّخذ عام 2004 لتوسيع رقعته، فيشمل جميع الأفلام، ويضمّ أفلام دول أخرى.
حفل هذا العام حافظ على التقليد، ووزّع جوائزه من دون مضيف، وفق عادة السنوات الأخيرة. لكن أهمية المناسبة تكمن في اعتمادها مؤشّراً لموقع السينما المستقلّة، ولو ضمن هامش عريض، في رحى موسم الجوائز الحالية. على سبيل المثال، فإنّ خروج «أربع بنات» بجائزة أفضل فيلم تسجيلي، مؤشّر مهم على احتمال دخوله ترشيحات أخرى أو الفوز ببعضها. كذلك الحال بالنسبة إلى الأفلام الفائزة.
فيلم «ممرات»، من إنتاج سعيد بن سعيد، لم يفز بالجائزة الممنوحة، أفضل فيلم روائي طويل. الفائز في هذا القسم كان «حيوات ماضية» لسيلين سونغ. والأفلام المرشّحة الأخرى كانت «واقع» للينا ستار، و«حضور» لكلي شواشارد، و«ألف وواحد» للمخرجة أ. ف. روكوَل، و«ممرات» لإيرا ساكس.
قبل المضي، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ مفهوم ما هو مستقلّ إنتاجاً عن المؤسسات الكبيرة يبدو عريضاً بعض الشيء عما ينبغي. فمع أفلام من وزن «قتلة قمر الزهور» لمارتن سكورسيزي، و«ماي ديسمبر» لتود هاينز، تبدو كلمة «مستقلّ» رداءً فضفاضاً في هذه الناحية. الأمر لم يمنع دخولها بعض مسابقات الحفل. كذلك حال فيلم «باربي» من خلال ترشيح بطله الأول رايان غوسلينغ لجائزة «أفضل أداء مساند».
هذا القسم ضمَّ 10 أسماء لممثلين وممثلات ظهروا في 10 أفلام، والفائز كان تشارلز ميلتون عن «ماي ديسمبر». من بين أبرز الممثلين الآخرين الذين رُشِّحوا للجائزة، جيمي فوكس عن «استنسخوا تايرون»، وبنيلوبي كروز عن «فيراري»، وجولييت بينوش عن «طعم الأشياء».
في قسم الممثلين الأوائل، وتحت اسم «أداء قيادي بارز» (بعبارة أبسط «أفضل ممثل أو ممثلة»)، كانت أبرز المرشحين ميشيل ويليامز عن «حضور»، وجيفري رايت عن «أميركان فيكشن»، وليلي غلادستون عن «بلد مجهول»؛ وهي الفائزة بهذه الجائزة. الأخيرة كانت مبهرة في «قتلة قمر الزهور»، لكنها لم تُرشَّح عنه. على ذلك، خصّت مخرجه مارتن سكورسيزي بالشكر لمنحها فرصة طمحت إليها منذ مدّة.
الفيلم الفرنسي «تشريح سقوط»، حصد جائزتَي أفضل فيلم عالمي وأفضل سيناريو. خسرت مخرجته فرصة الاشتراك في سباق أفضل إخراج (جائزة تمنحها سيارات «كاديلاك»). المخرجة التي التقطت هذه الجائزة هي أ. ڤ. روكوَل عن «ألف ويوم».
أما الفيلم التونسي - الفرنسي «أربع بنات»، فكان واحداً من 5 أفلام شاركت في الترشيحات. فيلم كوثر بن هنية دار حول وقائع فعلية دارت في تونس عندما انطلقت أم للبحث عن ابنتيها اللتين انضمّتا إلى جماعة متطرّفة، مصرّة على إعادتهما إليها. الفيلم مزج بين التسجيلي ومَشاهد أسّست روائياً، ونُفّذت تسجيلياً مع ممثلين محترفين، بجانب شخصيات لم تقف سابقاً أمام الكاميرا.
عادةُ هذه المناسبات، تعدُّد الخطب. لكن أطولها وأكثرها إثارة للاهتمام، ما ألقاه الممثل روبرت دي نيرو الذي أصر على قراءة خطابه كاملاً متّهماً مؤسسة «أبل» التي انتجت «قتلة قمر الزهور» بحذف بعض ما جاء فيه.
هاجم دي نيرو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، قائلاً: إنه «كذب 30 ألف مرة خلال 4 سنوات رئيساً للجمهورية»، مضيفاً أنه «لا يزال يكذُب في حملاته الانتخابية». وأصاب دي نيرو حين قال: «التاريخ لم يعد تاريخاً. الحقيقة لم تعد حقيقة، والوقائع أيضاً استبدلت بأخرى». وأغار على هوليوود واصفاً إياها بأنها «ليست محمية عن هذا المرض»، مضيفاً: «الدوق جون واين قال عن المواطنين الأميركيين: (أنا لا أشعر بأننا أخطأنا في أخذ هذه البلاد العظيمة منهم. كانت ثمة أعداد كبيرة (من البيض) الذين أرادوا أرضاً جديدة، والهنود سعوا بأنانية إلى الاحتفاظ بالأرض لأنفسهم».
جاء هذا الكلام في معرض الحديث عن فيلم «قتلة قمر الزهور» الذي دار حول كيفية استغلال البيض، وهم المواطنون الأصليون للبلاد، سارقي ثرواتهم في أي سبيل وأي طريقة.