«زهرة الساحل»... مدينة اكتشف السودانيون أسرارها بعد الحرب

ساحل بورتسودان من أنظف السواحل في العالم (وزارة السياحة في بورتسودان)
ساحل بورتسودان من أنظف السواحل في العالم (وزارة السياحة في بورتسودان)
TT

«زهرة الساحل»... مدينة اكتشف السودانيون أسرارها بعد الحرب

ساحل بورتسودان من أنظف السواحل في العالم (وزارة السياحة في بورتسودان)
ساحل بورتسودان من أنظف السواحل في العالم (وزارة السياحة في بورتسودان)

تشهد مدينة بورتسودان المطلة، على ساحل البحر الأحمر شرق السودان أو «زهرة الساحل» كما تحلو للسكان الأصليين تسميتها، انتعاشاً في السياحة البحرية، بعد أن استقرّ فيها آلاف الأشخاص الفارين من جحيم الحرب في العاصمة السودانية، الخرطوم.

وعقب حرب 15 أبريل (نيسان) شكّلت مدينة بورتسودان الساحلية، التي خطفت العاصمة الخرطوم بريقها لعقود مضت، منفذَ الخروج الرئيسي للسودانيين والأجانب، ليتحقق المثل الشعبي القائل: «رب ضارة نافعة» لتنتعش المدينة من جديد ضاجةً بالسكان الذين امتلأت بهم ردهات الفنادق وباحات الشقق الفندقية، وأرصفة المدينة الساحلية.

أبرز المعالم السياحية في بورتسودان هما جزيرتا سواكن وسنكاب (وزارة السياحة في بورتسودان)

يقول بدر الدين همت، يعمل في قطاع السياحة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الولاية التي عانت لعقود من ركود حاد في أحد أكبر قطاعاتها الرافدة للاقتصاد (السياحة البحرية) عادت لتسجّل أرقاماً قياسية في طلب خدمات السياحة بشقيها، البحرية والطبيعية. وتابع: «حتى في مواسم مهرجانات السياحة والتسوق لم تشهد الولاية اكتظاظاً كما نشهده الآن».

بورتسودان هي مدينة ساحلية تقع شمال شرقي السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر على ارتفاع مترين فوق سطح البحر، يسودها مناخ البحر الأبيض المتوسط، وتبعد عن العاصمة، الخرطوم، مسافة 675 كيلومتراً. وهي الميناء البحري الرئيسي للدولة.

وحسب همت، فإن ساحل بورتسودان من أنظف السواحل في العالم، ويتميّز مقارنه بالسواحل السياحية الأخرى حول العالم بنقاء مياهه، كما أنه يزخر بعديد من أنواع الشعاب المرجانية والأسماك الملونة والحيوانات البرمائية كالسلاحف البحرية، علاوة على أن (زهرة الساحل) تجذب أعداداً كبيرة من السياح، من هواة الغطس والتصوير داخل المياه. ويشير همت إلى أن أشهر المناطق السياحية في المدينة الساحلية هي: سنقنيب، وهي محمية بحرية في السودان تقع على بعد 13 ميلاً بحرياً من ميناء بورتسودان داخل المياه الإقليمية، وتزخر بتنوع حيوي بحري يتمثل في أسماك مستوطنة على مختلف أنواعها وأحجامها، وأخرى زائرة من بينها الحيتان، وتضم مستوطنات كبيرة من الشعاب المرجانية وغيرها من الكائنات البحرية النادرة، وتوجد حولها بقايا حطام سفن وإنشاءات بحرية ذات قيمة أثرية، وقد أدرجتها من قبل، لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، ضمن التراث العالمي.

وحسب همت فإن اسم «سنقنيب» مقتبس من لفظ «سنقانيي»، وهو نوع من الأشجار تنمو في وادي منطقتَي، جبيت و سنكات شرق السودان، حسب نُطق السكان الأصليين. ومن أشهر الشعاب أيضاً وفق همت، شعاب الرومي، وشعاب وينجيت، حيث يرقد حطام سفينة بحرية، وهناك 2 من الفنارات التاريخية، وعنقروش.

أكسسوارات من أصداف البحر (وزارة السياحة في بورتسودان)

وتشير التقديرات المحلية، غير الرسمية، إلى وصول نحو 1500 شخص إلى مدينة بورتسودان منذ اندلاع الحرب في العاصمة الخرطوم، جلّهم سودانيون اتخذوا المدينة ملجأ آمناً، وهناك أيضاً أجانب تم إجلاء معظمهم إلى الخارج عبر مطار بورتسودان والموانئ البحرية.

وتشير هنادي عباس، نازحة من العاصمة الخرطوم، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم لم يكتشفوا جمال بورتسودان ونظافة شواطئها قبيل الحرب التي اضطرتهم للوصول إليها طلباً للهجرة خارج البلاد. وحسب هنادي فإنها وأسرتها يمكثون في المدينة الساحلية بانتظار السفر إلى دول الجوار.

وتتابع هنادي: «لم تكن بورتسودان وجهة سياحية لنا، وحال انتهاء الحرب وعودتنا إلى منازلنا سنعود للمدينة الساحلية لنستمتع بالسياحة فيها، فنحن مثل حال كثير من السودانيين اكتشفنا سحراً براقاً، وإرثاً ساحلياً لم نستمتع بجمال مناظره الخلابة سابقاً، لكن ستكون بورتسودان أولى وجهاتنا السياحية في بلادنا عقب خروجنا من المأساة التي نعيشها الآن».

بورتسودان مدينة ساحلية تقع شمال شرقي السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر

بدوره يقول محمد صلاح، وهو مسؤول في أحد فنادق بورتسودان، لـ«الشرق الأوسط»، شهدت الفنادق منذ 17 أبريل الماضي، اكتظاظاً كثيفاً بالسكان وطالبي السكن. وتابع: «أصبح من النادر أن تجد غرفة شاغرة في فندق أو شقة فندقية»، مشيراً إلى أن الوافدين للمدينة في الأيام الأولى لم يهتموا كثيراً بالسياحة. وردّ ذلك إلى سخونة الأجواء وقتها، علاوة على الحالة النفسية التي كان يمر بها النازحون. إلا أن صلاح عاد وقال: «تشهد السياحة في المدينة حالياً انتعاشاً لم يسبق له مثيل، وذلك يعود إلى الأجواء الربيعية التي تمر بها الولاية، وتحسن الحالة النفسية للسودانيين تدريجياً».

ووفق صلاح، فإن من أبرز المعالم السياحية في بورتسودان جزيرتَي سواكن، وسنكاب، اللتين تتميزان بالأصداف البحرية، والشعاب المرجانية، والآثار البحرية، بالإضافة إلى «منتجع أركويت» في جنوب المدينة، الذي يتميّز بطقسه البارد والمعتدل على مدار العام، بجانب الشاطئ الرئيسي على ساحل البحر الأحمر، والكورنيش، الذي يضم عدداً من المحال التجارية والترفيهية.


مقالات ذات صلة

العودة إلى تنفيذ قانون الـ100 مليلتر للسوائل في جميع مطارات أوروبا

يوميات الشرق يستخدم المسافرون الآلات الحديثة في المطار (أ.ف.ب)

العودة إلى تنفيذ قانون الـ100 مليلتر للسوائل في جميع مطارات أوروبا

يواجه المسافرون عبر الجو، الذين كانوا يأملون في انتهاء عصر «مستلزمات الحمام الصغيرة»، خيبة أمل جديدة، حيث أعادت المطارات الأوروبية فرض قواعد صارمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أسرة خلال رحلة (رويترز)

10 نصائح لقضاء وقت سعيد خلال السفر

تُعد الإجازة وسيلة رائعة للهروب من مسؤولياتنا اليومية، ولكن من المهم أن نلتزم بالضوابط عند زيارة وجهات جديدة واستكشاف ثقافات مختلفة

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
سفر وسياحة اختلاف الاهتمامات والأنشطة والحركة يعكر صفو الرحلة بين الأصدقاء (رويترز)

3 علامات تحذرك من السفر مع صديقك

هناك علامات تشير إلى أنه لا ينبغي لك ولصديقك السفر معاً حتى لا تعكر صفو علاقتكما.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة الغابة السوداء مليئة بالنشاطات الرياضية في الهواء الطلق (شاترستوك)

كيف تمضي عطلة صديقة للمناخ والبيئة في ألمانيا؟

السياحة المستدامة أو السياحة التي تعنى بالمحافظة على البيئة أصبحت من بين أولويات ما يتطلع إليه العديد من السياح من جميع الجنسيات، مما دفع بالفنادق

جوسلين إيليا (لندن )
علوم «قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

«قارب أجرة» كهربائي ذاتيّ القيادة

بمرور السنوات، تحولت الممرات المائية في المناطق الحضرية، مثل الأنهار والقنوات من ممرات أساسية للسفر والتجارة، إلى مجرد عناصر ثانوية داخل هذه المناطق.

نيت بيرغ (واشنطن)

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
TT

جهاز منزلي لقياس التوتر

التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)
التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)

طوّر باحثون من الصين والمملكة المتحدة جهازاً جديداً، للكشف عن مستويات التوتر في الدم من المنزل، وأوضح الباحثون، أن الجهاز يمكن أن يسهم في تحسين دقة وسهولة قياس مستويات التوتر، ما يجعل من الممكن مراقبة الصحة النفسية والتعامل مع التوتر بشكل أفضل، ونُشرت النتائج، الجمعة، في دورية «Talent».

ويشكّل التوتر جزءاً من حياتنا اليومية، بدءاً من متطلّبات العمل المستمرة، وصولاً إلى ضغوط الحياة اليومية، مثل توصيل الأطفال إلى المدرسة، ويمكن لتجاهُل مستويات التوتر المرتفعة أن يؤدي لمشاكل صحية ونفسية خطيرة، مثل الاكتئاب ومرض ألزهايمر، ولرصد هذه الحالة ابتكر فريق البحث الجهاز الذي يمكنه قياس مستويات هرمون الكورتيزول، وهو مؤشر حيوي للتوتر في الدم بدقة.

ويُعَد الكورتيزول من أهم الهرمونات التي تعكس مستويات التوتر، ومن ثم فإن قياسه بدقة يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في تشخيص التوتر. ويستخدم الجهاز الجديد جزيئات نانوية من أكسيد الإيريديوم، وهي جزيئات صغيرة جداً تعمل على تحسين فاعلية الجهاز، وهذه الجزيئات تغطي الأقطاب الكهربائية في الجهاز.

وأكسيد الإيريديوم مركب كيميائي يستخدم في الإلكترونيات والمحفزات الكيميائية بفضل استقراره وحساسيته العالية، ويُعدّ مثالياً لتحسين أداء أجهزة قياس الكورتيزول بفضل فاعليته في ظروف متنوعة.

ويقيس الجهاز مستويات الكورتيزول من خلال وضع عينة من الدم على الجهاز، حيث يتفاعل الكورتيزول مع الأقطاب الكهربائية المُعدّلة بالجزيئات النانوية من أكسيد الإيريديوم.

ويولد التفاعل بين الكورتيزول والجزيئات النانوية إشارات كهربائية، وهذه الإشارات تُترجَم إلى قراءة لمستويات الكورتيزول في العينة، كما يقيس الجهاز التغيرات في الإشارات الكهربائية بدقة لتحديد كمية الكورتيزول.

ووجد الباحثون أن الجهاز قادر على قياس مستويات الكورتيزول بدقة حتى عندما تكون الكميات منخفضة جداً، ما يجعله مناسباً لاستخدامه في المنزل، ويتفوق الجهاز الجديد على الأجهزة المماثلة الحالية التي غالباً ما تكون أقل حساسية ولا يمكنها قياس الكورتيزول بكفاءة في التركيزات المنخفضة.

كما يستطيع الجهاز تمييز الكورتيزول عن هرمونات مشابهة مثل التستوستيرون والبروجيستيرون، بفضل التحسينات في الأقطاب الكهربائية، بينما تواجه الأجهزة الحالية صعوبة في هذا التمييز، ما قد يؤدي إلى نتائج غير دقيقة.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة شيان جياوتونغ - ليفربول في الصين، الدكتور تشيوشن دونغ: «هذه هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها أكسيد الإيريديوم بهذه الطريقة، حيث أنتجنا جهازاً بسيطاً وقليل التكلفة لقياس الكورتيزول».

وأضاف عبر موقع «يوريك أليرت» أن الجهاز يمكنه الكشف عن جزيئات الكورتيزول بتركيز أقل بمقدار 3000 مرة من النطاق الطبيعي في الدم.

وأشار الباحثون إلى أن هذا التقدم في التكنولوجيا يعزّز الآمال في إمكانية إجراء اختبارات التوتر في المنزل بطريقة دقيقة وسهلة، ما قد يُحدِث ثورة في كيفية إدارة مستويات التوتر بشكل يومي.